بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرّسالة الرّابعة: إلى العلمانيّين التّونسيّين بكلّ أطيافهم

الإمام مالك قائد الإصلاح في تونس
مبادرة إصلاح وصلح ومصالحة ضمن مرجعيّة جامعة
سلسلة في البناء:
الرّسالة الرّابعة: إلى العلمانيّين التّونسيّين بكلّ أطيافهم:
ذكرت في الحلقة السّابقة السّبب الرّئيس الذي جعلني أتّخذ أصول مالك مرجعيّة تضبط فهم جميع التّونسيّين للإسلام، بما يجنّبنا أيّ تهديد للنّسيج الاعتقادي والإجتماعيّ المتميّزة بهما تونس، ذلك أنّ ضبط النّاس على الأصول التي سنتعرّض إليها في هذه المبادرة هي تمثّل في تقديري نقطة التقاء مهمة لدى جميع التّونسيّين فهي بالتّالي مشروع حلّ لكلّ صراع قد يحصل بين النّاس في فهم الدّين الجامع، خاصّة والبلد يخشى عليها أن تكون مرشّحة للانفجار المخيف الذي نبتت فيه اليوم نظم "الطاّئفيّة". إنّ الحريصين على تجنيب البلاد كوارث الطّائفيّة لا يختلفون على إبقاء البلد سنّيّة، رافضة كلّ ما من شأنه أن يهدّد تلك الوحدة.
كما أحذّر من المشروع الإمبراطوريّ الأمريكيّ الذي ينفّذ اليوم في العراق وفي لبنان وقد أعدّ كلّ المخطّطات اللاّزمة لتفجير عناصر الخلاف من داخل المسلمين وإشعال مخطّطات الصّراع بينهم، كتأجيج الصّراع السّنّيّ الشيعي وتفعيل الخلافات المذهبيّة الفقهيّة بين المقلّدين واللاّّمذهبيّين، وتكريس خلافات السّاحة الإسلاميّة بين تجديديّ و"أصوليّ"، وتربويّ وسياسيّ، ومعتدل ومتطرف، وديمقراطيّ وسلفيّ..، زد إلى ذلك المخطّطات الإستراتيجيّة النّائمة في إشعال الصّراع بين المسلمين والنّصارى وربّما اليهود الذين عاشوا في بلدنا طيلة قرون في أمن وأمان، وتأتينا أخبار أرجو أن لا تكون ثابتة أنّ دعوات التّنصير في البلد بدأت تجد لها رواجا.
طبيعة العلمانيّين التّونسيّين:
وممّا يشكّل كذلك خطرا على نسيجنا العقائدي السّنّي المعتدل، ما يروّجه بعض الإستئصاليّين من خلال دعوتهم إلى تونسة الدّين. وهذه تقليعة عصبيّة جاهليّة في زمن" العولمة"، وعجبا لنخبة تترامى على أبواب الحداثة وتتساقط أمام عتبات العولمة ولكنّها "تُمَوْطِن" دينا عالميّا أنزل رحمة للعالمين، وقد بلغ أقاصي الأرض، فإلى الله المشتكى من علمانيّين كلّ بضاعتهم هو الطّعن في سيادة الشّريعة.
لقد ترتّب عن بدعة تونسة الدّين أنْ فصّلت السّلطة لها فهما خاصّا للإسلام، وكذلك فعلت النّخبة العلمانيّة، وإن تفاوتوا في ذلك الفهم، إلاّ أنّهم أجمعوا على حصره في أنّه شأن خاصّ، وأنّه مجموعة قيم أخلاقيّة، وهو بهذا التّعريف يجعلون الإسلام مثل النّصرانيّة تماما، حيث يحصرونه عقيدة روحيّة فرديّة.
أمّا الإسلام الذي تعرفه الشّعوب، والذي تعلّمناه في الكلّيّة الزّيتونيّة للشّريعة بين يدي علماء تونس ومن بينهم حضرة سعادة المفتي الحالي الشّيخ كمال الدّين جعيط، فهو دين وأخلاق وشعائر ونظام حياة، مادّته الأساسيّة: العقيدة إذ كلّ نشاطات الإنسان الخاصّة والعامّة الفرديّة والجماعيّة، السّريّة والعلنيّة، الرّوحيّة والمادّيّة لا بدّ أن تكون خاضعة وموجّهة من طرف الخالق، أليس من الطّبيعيّ جدّا أنّ الذي خلق هو أقدر وأعلم وأصلح للمخلوق:" أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ". 1". فالذي يقرّ بالإيمان لا بدّ أن يعترف بحقّ مولاه في حكمه، ووضع المبادئ التي ينطلق منها، والحدود التي ينتهي إليها."الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ" 2 فالإسلام على هذا الأساس هو عقيدة ونظام يشمل كافة تشريعات الحياة.
والذين ينكرون علينا أن نسلّم أمرنا لربّ العالمين خَلْقا وأَمْرا هم في الحقيقة يسلّمون لعقائد أخرى باطلة عنادا واستكبارا لأنّهم سلّموا لمبادئ وضعوها كالاشتراكيّة المادّيّة أو الحتميّة التّاريخيّة أو غير ذلك من الأصنام المنحوتة التي سمّاها القرآن: آلهة وأديانا وأربابا والتي يمكن جمعها تحت مسمّى الطّاغوت.
الإسلام هو أداة الإصلاح وليس موضوعه:
إنّ المتابعين للنّخبة الفكريّة والسّياسيّة التّونسيّة يلاحظ عليها:
أنّها نخبة علمانيّة سلطويّة متعالية على عقيدة الشّعب وقيمه، شديدة الحقد على الإسلام، شديدة الغلوّ، غير متسامحة، كثيرة التّنكّر لتضحيات التّونسيّين الذين لم ينالوا حرّيّتهم إلاّ بفضل عقيدتهم وحبّهم لوطنهم.
أنّها نخبة معقّدة شديدة التّشنّج ضدّ الحقّ الأعظم لربّنا وهو أن يعبد ولا يشرك به شيئا.
أنّها تسلّلت كتسلّل النّبتة الخبيثة في الزّمن الخطإ إلى الدّولة لتحصر وظيفتها الأساسيّة لمواجهة الإسلام سواء تمثّل معتنقوه في جماعات سياسيّة أو في أفراد غير مسيّسين أرادوا أن يلتزموا بتعاليم دينهم..
أنّها نخبة إستئصاليّة غريبة نظّرت إلى إدارة شؤون البلاد بالقمع عبر القبضة الحديديّة وأن تفرضها تحت عناوين التّعليم والثّقافة والفنّ والإعلام والقانون وبكلّ ما تملك بما في ذلك المؤسّسة الدّينيّة!
ولأنّ هؤلاء العلمانيّين ليسوا سواءا، فمنهم بحكم عقيدته الشّيوعيّة الشّموليّة الملحدة لا ترى لهم من مشروع إلاّ حقدهم على المتديّنين بالرّغم من أنّ "عقيدتهم" الباطلة قد دمدمت وصارت في متاحف التّاريخ يوم قضى عليها المجاهدون في أفغانستان. ورغم ذلك ما زلنا نسمع صيحات لهم مختنقة للصّدّ عن كلّ قيمة دينيّة ولو كانت في شكل عمل اجتماعيّ إنسانيّ، أو أخلاقيّ يحافظ على قيم الشّرف والكرامة والعزّة والأنفة والرّجولة.
أنّهم لطبيعتهم العدائيّة للدّين وأهله و لخطئهم في تحديد طبيعة الخطر وحقيقة الأزمة في البلاد، هل هي في الإسلام أم في علمانيّتهم لا يرون مانعا من مناصرة السّلطة والسّكوت على استكبارها، بل ربما التّحالف معها في خطّة شرسة تستهدف ذبح ما يسمّونه أصحاب الخطر الأصولي الدّاهم، وتجفيف منابع التّديّن، فلمّا تمّ ما اجتمعوا عليه دارت آلة الرّحي على أكثرهم، فغيّروا جلدتهم وجاؤونا بمواقف جديدة. فمنهم تحت عنوان وطنيّ وأنّ تونس لجميع التّونسيّين يعلن أنّه يحترم عقيدة التّونسيّن، وبالتّالي يرفض المساس بها كما يرفض كلّ الدّعوات التي تعادي الدّين و التّديّن.
و منهم من موقع ما يسمّونه "مبادئ الحرّيّة الاشتراكيّة وحقوق الإنسان" لا يزال يصنع الحروب من أجل ثني الإسلاميّين على أن يمارسوا العمل السّياسي تحت ظلال مرجعيّة دينيّة.
و منهم من يسمّون أنفسهم اليسار وهم فئة قليلة، ولكنّها مؤثّرة، لاستحواذها وسيطرتها على مواقع متقدّمة وحسّاسة في أجهزة الدّولة إثر ذلك "التّحالف الإستئصاليّ الأثيم" الشّهير في دولة "لا ظلم بعد اليوم". وهؤلاء لا يهدأ لهم بال إلاّ بإذكاء الحقد والقطيعة مع العقيدة، ولا يطيب لهم عيش إلاّ بإشعال الحروب بين السّلطة و الشّعب التّونسيّ المسلم. و من ثمّ تراهم يعملون مكرا باللّيل والنّهار على استئصال كلّ مظاهر التّديّن، دعك من أن ينافسهم أحد في السّلطة والثّروة أو يجتمعون في عمل ثقافيّ أو دعويّ أو سياسيّ.
ولعلّ الذي يتّفق عليه كلّ العلمانيّين واليسار أنّهم يتّهمون الإسلام أنّه مصدر تخلّف الأمّة. و أنّ الإصلاح لا بدّ أن يكون خارج الإسلام وبغير الإسلام، بحيث يستحيل أن يكون الدّين عندهم أداة للإصلاح بل يعتقدون أنّ الدّين هو موضوعه، ثمّ يقولون تحت عناوين الاجتهاد والتّجديد والإصلاح لا بدّ أن ندخل تعديلات جوهريّة على الدّين من أجل تحقيق التّطوّر وإدراك الحداثة.
وجلّ هؤلاء العلمانيّين يريدون أن تبقى السّلطة متوتّرة على الشّباب الفارّ من جحيم خطّة التّجفيف، والملتجئ إلى ربّه بالعبوديّة، ولو كانوا زاهدين في العمل السّياسيّ، و أن تمسكهم أي السّلطة بقبضة حديديّة وتنهشهم وتضيّق عليهم الخناق ولا تتركهم يتنفّسون، ممّا يجعل دولة "لا ظلم بعد اليوم" هي دائما في حالة توثّب للمعالجة الأمنيّة المتوحّشة والبائسة والفاشلة. وهؤلاء الإستئصاليّون بفعلهم الخبيث ذلك يوسّعون دوائر زراعة نيران الحقد والعداوة ضدّ السّلطة من طرف مسلمي العالم.
فالحاصل: أنّ نخبة العلمانيّة التّونسيّين واليسار منهم خاصّة متفرّدون عن غيرها من اليسار العربيّ بشدّة حقدهم الدّفين لكلّ ما هو إسلام. ومتّهمون أنّهم يسيّسون كلّ شيء ويخلّطون كلّ شيء حتّى أنّهم يقرؤون حقّ تّديّن الشّعب ضمن رؤية عقائديّة شموليّة بائسة بالية متخلّفة معتمدة على الحلول الأمنيّة اللأّإنسانيّة المرعبة. هذا فضلا عن طعنهم في الله عزّ وجلّ حين يتّهمون الخالق بالعجز حينما أحوجوه إلى سياسة الخلق، ويتنقّصون الشّريعة و يزعمون أنّ سياساتهم أفضل وأحسن من سياسة الله تعالى!!!
ماذا يعيب العلمانيّون على الإسلام؟
ماذا يريد العلمانيّون التّونسيّون المكابرون وقد أكرمنا ربّنا بعقيدة صافية نقيّة فاعلة إذ ليس هناك من خير ولا عدل إلاّ وأحاطت به الشّريعة ودلّت إليه، فما جاءت إلاّ لتواجه الشّرك وتدفع الخرافة، ولتحرّر الإنسان من العبوديّة لأيّ أحد سوى خالقه. ولا تعرف الطّبقيّة وتكرهها، فهي تكرّم الإنسان مهما كان لونه أو مجتمعه، وتحترم العقل، وتدعو إلى الإتقان في العمل، وتحرّض على الاجتهاد والابتكار والإبداع والتّجمّل، وترفض التّقليد الأعمى و الخرافة والشّرك والتّعصّب، وتحرّم الظّلم والعدوان، وتدعو إلى العدل والإحسان والتّكافل والإنفاق وصلة الرّحم وحبّ المساكين، وتحمي حقوق النّبات والحيوان فضلا عن حقوق الإنسان وتحترم العهود والمواثيق، وتحمي غير المسلمين في دولته الرّاشدة، وحرّمت التّعدّي عليه، وجعلت قتله سبب حرمانه الجنّة، ودخوله النّار. وهل ثمّة قيمة للإنسان أعظم من أن جعله الله تعالى خليفته في الأرض؟؟؟
خصوصيّة عمليّة الإصلاح في بلدنا الإسلاميّ:
إذا كان من أسباب الإعراض عن شريعتنا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الجهل، أو العجز، أو الغرض الفاسد فإنّي أبيّن للعلمانيّين الذين أحاطوا بكلّ تلك الأسباب، أنّ عمليّة الإصلاح ظهرت بارتباط البشر بالدّين وأنّ أوّل المصلحين وأعظمهم على الإطلاق هم الأنبياء عليهم السّلام، حيث كلّما فسد البشر منذ بداية التّاريخ الإنسانيّ أرسل الله إليهم رسولا "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلّما هلك نبيّ خلفه نبيّ"3 ، ولقد عبّر عن ذلك صراحة نيابة عنهم عليهم الصّلاة والسّلام أحدهم قائلا:" إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"4 . لقد كانت حركة الإصلاح ولا زالت في عالمنا الإسلاميّ مرتبطة بالدّين أحبّ من أحبّ و كره من كره. ولا يُلتفت إلى الشّواذّ لأنّ الشّاذ يحفظ ولا يقاس عليه.
ولأنّ دعوى التّخلّي عن الدّين لا يمكن أن تجد لها رواجا في بلاد المسلمين، عمل العلمانيّون على دعوى إصلاح الدّين وتجديده، حتّى ينخرونه من داخله ويبدّدونه ويقضون عليه ورفعوا هذه الشّعارات: حتّى تتلاءم الشّريعة مع ظروف العصر الجديدة المتغيرة، و لكي نساير تطوّر الزّمان واللّحاق بالأمم المتقدّمة، وإدراك الفكر البشريّ الحديث، ومكاسب العصر والحداثة، واستيعاب المستجدّات، والقائمة طويلة جدّا جدّا جدّا....
إنّ حركة الإصلاح والتّجديد تبدأ بإزالة ما علق بفُهُوم النّخبة المتعلمنة ووعيها من تشويه و تحريف، وإقناعها أنّه لا حلّ إلاّ في الإسلام ولا إصلاح إلاّ بالإسلام، وأنّ الإسلام هو مادّة الإصلاح ولا يكون موضوعه أبدا، قال تعالى:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً"5 فلا يمكن يتصوّر عاقل بعد هذه الشّهادة الإلاهيّة أن يظلم ربّه ويجهّله ويدّعي أنّ في هذا الدّين نقصا يستدعي الكمال، ولا قصورا يستدعي الإضافة، ولا محلّية أو زمانيّة تستدعي التّطوير أو التّحوير، لأنّ الله عزّ وجلّ أكمل الدّين ظاهره وباطنه، أصوله وفروعه، فلسنا بحاجة إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير محمّد، ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجنّ، فلا حلال إلا ما أحلّه، ولا حرام إلا ما حرّمه، ولا دين إلا ما شرعه كلّ لا يتجزّأ، كلّ متكامل سواء في ما يخصّ بالتّصوّر والاعتقاد، وما يختصّ بالشّعائر والعبادات وما يختصّ بالحلال والحرام وما يختصّ بالتّنظيمات الاجتماعيّة والدّوليّة. قال تعالى:"مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ"6.. وقال:"وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَيْءٍ"7. قال القرطبيُّ: "أي ما تركنا شيئًا من أمر الدّين إلاَّ وقد دللنا عليه في القرآن، إمَّا دلالة مبيَّنة مشروحة، وإمَّا مجملة يتلقّى بيانَها من الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، أو من الإجماع، أو من القياس الذي ثبت بنصّ الكتاب، قال الله تعالى: "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَيْءٍ" . وقال: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذّكْرَ لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ" 8. وقال: "وَمَا ءاتَٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ"9. فأجمل في هذه الآية وآية النّحل ما لم ينصّ عليه ممّا لم يذكره، فصدق خبر الله بأنّه ما فرّط في الكتاب من شيءٍ إلاَّ ذكره، إمَّا تفصيلاً وإمَّا تأصيلاً، وقال: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ"10 و11. هذا وقد نفى سبحانه وتعالى العِوج والانحراف واللّبس عن كتابه فقال سبحانه: " وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ . قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ".12
يقول الأستاذ عباس العقاد رحمه الله :"إنّ تجارب التّاريخ تقرّر لنا أصالة الدّين في جميع حركات التّاريخ الكبرى، ولا تسمح لأحد أن يزعم أن العقيدة الدينية شيء تستطيع الجماعة أن تلغيه ويستطيع الفرد أن يستغنى عنه في علاقته بتلك الجماعة، أو فيما بينه وبين سريرته المطوية عمن حوله ولو كانوا أقرب الناس إليه. ويقرر لنا التاريخ أنه لم يكن قط لعامل من عوامل الحركات الإنسانية أثر أقوى وأعظم من عامل الدين، وكل ما عداه من العوامل المؤثرة في حركات الأمم فإنما تتفاوت فيه القوة بمقدار ما بينه وبين العقيدة الدينية من المشابهة في التمكن من أصالة الشعور، وبواطن السريرة".
العلمانيّون واستنساخ تجارب الغرب:
إنّ حركة الإصلاح لدى المسلمين لا يمكن فيها محاكاة الغرب لأمور عديدة منها:
أنّ الإسلام نهانا أن نقلّد غيرنا في مسائل العقائد والمناهج.
أنّ المصدرين الأساسيّين لشريعتنا: الكتاب والسّنّة الصّحيحة موثّقين توثيقا علميّا دقيقا وفق أدقّ احتياطات التّوثيق العلميّ وضوابطه، ممّا يستبعد للعاقل أن ينكر أو يشكّ في صحّتهما وانتسابهما إلى الوحي المعصوم، ولقد تعجّب القرآن الكريم من أقوام يكفرون وبينهم الكتاب والسّنّة فقال: " وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ "13، أمّا ما حصل في الغرب فإنّ عقلاءهم ومنصفوهم يقرّون بأنّ مصادرهم الدّينيّة ليست موثّقة، بل هي متعدّدة ومختلفة ومتناقضة لما أصابها من تحريف لأسباب عديدة ومختلفة.
أنّ حضارتنا لم تشهد صراعا بين الدّين والعلم، سواء كان ذلك من خلال النّصوص أو من خلال الحياة العمليّة، بعكس ما حصل في الغرب.
أنّ ما سبقنا من أديان متهيّئة لتشطيبها وتجاوزها، إمّا لطبيعة تلك العقائد الغامضة، أو لاختلال شرائعها التي تفتقد الشّمول والتّكامل، أو لتصرّف رجال دينهم المشينة، وكلّ تلك الأمور مبرّرة لمقتضى التّعديل والتّغيير والتّبديل والفسخ، بل والثّروة عليها، وهذا ما قع فعلا، وسلّمت الكنيسة للعلمانيّين في إطار صفقة. وكانت حركة إصلاحيّة في الدّين من أجل تجاوزه.
أمّا الإسلام فلا يحتاج إلى عمل إصلاحيّ فيه ولا يقبل التّغيير أو التّعديل أو نقل التّجارب الدّينيّة للآخرين وفرضها علينا لتلك الأسباب التي أشرت إليها آنفا ولطبيعة الإسلام نفسه الكامل التّام المعتدل المرن، وإذا تقرّر ذلك، فلا يمكن لمسلم جادّ أن يغيّر الشّريعة مهما كانت الأحوال ومهما كانت الظّروف. قال الإمام الشّاطبي:" فلذلك لا تجد فيها بعد كمالها نسخا، ولا تخصيصا لعمومها، ولا تقييدا لإطلاقها، ولا رفعا لحكم من أحكامها، لا بحسب عموم المكلّفين، ولا بحسب خصوص بعضهم، ولا بحسب زمان دون زمان ولا حال دون حال، بل ما أثبت سببا فهو سبب أبدا لا يرتفع، وما كان شرطا فهو أبدا شرط، وما كان واجبا فهو واجب أبدا أو مندوبا فمندوب، وهكذا جميع الأحكام، فلا زوال لها ولا تبدّل، ولو فرض بقاء التّكليف إلى غير نهاية لكانت أحكامها كذلك "14.
الغربيّون يقرّون بواجب العقيدة في الإصلاح والبناء والتّنمية:
لقد شهد زعماء الغرب أنفسهم بفشل عزل العقيدة عن الحياة واعترفوا أنّ العقيدة لا بدّ منها في كلّ عمل إصلاحيّ، ولقد تفطّنوا إلى أنّ القوة المادّيّة محتاجة إلى القوّة المعنوية، كما أقرّوا أنّ التّقدّم المدني والتّكنولوجيّ لا يمكن أن يكون بديلاً عن التّقدّم الرّوحي والخلقيّ. والشّهادات على هذا الأمر عديدة لا تكاد تحصى، وتكفي هذه الشّهادات القليلة من زعامات الغرب اللّيبرالي والشّيوعي. فقد كتب جورباتشوف الرّوسي في برسترويكا :"مهمّتنا الرّئيسيّة اليوم هي أن نرفع من روح الفرد ونحترم عالمه الدّاخليّ ونعطيه قوّة معنويّة ونحن نسعى لأن نجعل كلّ قدرات المجتمع الفكريّة وكلّ إمكانيّاته الثّقافية تعمل من أجل تشكيل شخص نشط اجتماعيّاً وغنيّ روحيّاً ومستقيم وحيّ الضّمير". وكتب الأمريكي ريتشارد نكسون قبل وفاته في آخر كتبه المسمّى " ما بعد الإسلام":"الإسلام الأصوليّ عقيدة قويّة لأنّه يستجيب لحاجات الرّوح، والعلمانيّة في الغرب لا تستطيع أن تغالبه، وكذلك العلمانيّة في العالم الإسلاميّ. إنّ حقيقة أنّنا أغنى وأقوى دولة في التّاريخ لا تكفي، العامل الحاسم هو قوّة الأفكار العظيمة".
وقال السّياسيّ الأمريكيّ جون فوستر دلاس:" إنّ الأمر لا يتعلّق بالمادّيات فنحن نمتلك أكبر إنتاج عالميّ في المادّيات ولكنّنا بحاجة إلى إيمان قويّ وصلب وفاعل ومن دون هذا الإيمان سيكون كلّ ما نملك قليلاً".
قلت: فإذا أقرّ هؤلاء بهذه الحقائق التي يعلمها أولادنا الصّغار، فلماذا لا يعتزّ علمانيّو العرب بما عندهم من عقيدة جامعة، ورسالة غالبة وشريعة خالدة، وينتهون عن الأوهام؟
سقوط الإيديوليجيّات، والدّين هو الحتميّة الوحيدة الباقية المؤهّل للإصلاح:
لقد صار الدّين الإسلامي إحدى القوى الأساسيّة المحرّكة للوجود السّياسيّ في العالم، فمتى يفيق السّكارى بالأوهام في وطننا الإسلاميّ الكبير، لماذا لا يقرأ هؤلاء قراءة واعية لواقعهم، ويستشرفون استشرافا مشرقا لمستقبلهم..
فلقد أفاق العملاق من جديد وعاد الدّين ليكون أهمّ عامل محرّك للشّعوب، وصارت العقيدة هي أقوى سلاح مقاومة يواجه إمبراطوريّات العلوّ والشّرّ والإجرام والإفساد، وأضحى الإسلام يتبوّأ مكانته الطّبيعيّة مرّة ثانية، بعد المحاولات البائسة التي قامت بها الإيديولوجيات العلمانية والملحدة لفسخه من القلوب، وترحيله من المجتمعات، وإحلال المادّية وعبادة القوّة، وتأليه العقل مكانه، وهي المحاولات التي باءت كلّها بالفشل، وذهبت إلى غير رجعة.
إنّ علماء التّحليل السّياسيّ يسلّمون و يعلنون في نقد صريح للحضارة الغربيّة في أمور ثلاثة وهي:
1 أنّ العالم اليوم سيتخلّص من الإيديوليجيّات السّياسيّة لفشلها الحقيقيّ وأنّ الديمقراطية لم تستطع حتّى هذه اللّحظة أن تؤصّل إطارها الفكريّ المتكامل، أمّا الماركسية والشيوعية فقد اختلطت كل منهما بالأخرى وانتهت بدورها بدرجة أو بأخرى بأن تعلن عن إفلاسها.
2 أنّ "إفلاس الإيديولوجيّات اللاّدينيّة يقابله من جانب آخر تأكيد مستمرّ وثابت على أهمّيّة العامل المعنويّ في الوجود السّياسي، وإزاء فشل هذه الإيديولوجيات القائمة ما كان يستطيع الفرد إلاّ أن يتّجه إلى الأديان، وإذا كانت الدّولة لا تزال تتمسّك بتلك الأكذوبة الكبرى التي قدّمتها إلينا الثّورة الفرنسيّة بما أسمته بمبدأ "اللاّدينيّة" فقد بات واضحاً أنّ هناك هوّة سحيقة بين الدّولة بمفاهيمها التّقليديّة والفرد أو المواطن بأحاسيسه ومشاعره الرّوحيّة، هذه الهوّة لا يمكن تخطّيها إلاّ من منطلق العودة إلى المفاهيم الدّينيّة أيضاً على مستوى الجماعة السياسية".
3 أنّ كلّ من له خبرة في التّحليل السّياسي الدّوليّ يعلم بأنّ الفاتيكان يمثّل اليوم إحدى القوى الضّاغطة الدّوليّة التي تكاد تسيطر على جميع مسارات التّعامل في النّطاق العالمي، وهي لا تقتصر على أن تؤدّي وظيفتها الضّاغطة في الدّول الكاثوليكية بل إنّها تتسرّب من خلال مسالك متعدّدة. فالصّهيونية في حقيقة الأمر لا تجد قوّة حقيقيّة تساندها سوى النّفوذ الكهنوتيّ بمعنى القوّة الدينيّة المنبعثة من ذلك الموقع والتي تتعاطف معها قوى الكنيسة في جميع أجزاء العالم.
والنّاظر إلى تطوّرات الأحداث اليوم يلحظ سيطرة اليمين المحافظ ذي التّوجّهات الدّينيّة على أمريكا وتحالفه مع أصحاب القرار، وصعوده الواضح في أوروبا. ودقّ طبول الحرب" المقدّسة" التي يقودها بوش الإبن بتوجيه إلاهيّ. إذن فالدّين حقيقة كبرى في حياة الإنسان، والمحرّك الأكبر لمجريات حياته.
لقد فشلت الماركسيّة في تحقيق نبوءة ماركس في انتهاء المجتمعات إلى شيوعيّة كاملة وفق جبريّة صارمة أطلق عليها الحتميّة التّاريخيّة، وعلى الجانب الآخر تسير الدّيمقراطية العقائديّة الغربيّة على المنوال ذاته، رغم تنظير بعض مفكّريها لفكرة نهاية التّاريخ وانتصار النّموذج اللّيبرالي الغربيّ وتفوّق الكنيسة كما فعل فرنسيس فوكوياما في كتابه المشهور "نهاية التاريخ " وهو التّنظير المشبع بغطرسة القوّة والنابع من الغرور والشعور بالتّفوّق اللّذين يتملكان العقليّة الغربيّة الآن، وهي التي ستردي بهم إلى نهايات فرعون وهامان وقارون والنّمرود و هولاكو وهتلر وشارون. هذه هي الحقيقة التي يجب أن يسلّم بها الاستئصاليّون في تونس وان يتعقّلوا في مواجهة تديّن شعبنا المسلم، كما يجب عليهم أن يعترفوا أنّهم انهزموا يوم قرّروا استئصال التّديّن، وما العودة المحمودة العارمة هذه الأعوام إلاّ دليل على أنّ السّحر انقلب على السّاحر وعلى أنّ المكر نزل على رؤوسهم، قال تعالى:" قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ "15. وقال:"وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ "16,
إنّي أريد أن أسمّن الكلمة السّواء التي تجمع بين جميع التّونسيّين وأن نتمسّك بها جميعا، وأدعو السّلطة خاصّة أن لا تستمع إلى الإستئصاليّين الذين يخلّطون في التّعامل مع الملفّ الإسلاميّ، لأنّ الخلط في هذا الملفّ من المحارق العظيمة التي تسيء إلى السّمعة. ولقد سعدتُ بقراءة نصّ منذ يومين لرجل تونسيّ معروف وهو عضو في الحزب الحاكم، الدّكتور عبد السّلام المسدّي، وهو يعلن هذه الحقيقة أنّ "عصرنا يشهد عودة قويّة للمقدّس وأن هذه العودة تنشد التّوازن حيال شطط المنزع المادّي الذي غمر الإنسان المعاصَر مالا وسلوكا وقيما... فكلّ المرجعيّات القيمية تمرّ بانقلابات جذرية، ناهيك أنّ كثيرا من الفلاسفة وهم يصوغون رؤاهم الاستشرافيّة يقولون بأنّ هذا القرن الجديد سيكون قرن "المقدّس".
فيا ليت السّلطة تتعقّل وتستمع إلى مثل هذه النّداءات الصّادرة من داخلها والتي أحسبها لا تريد إلاّ الخير والسّلامة للبلاد والعباد.
فالحاصل لا بدّ من الإقرار بأنّ خطط اليسار في بوار، وأنّها لم تجلب للبلاد والعباد إلاّ الخراب والدّمار والعار، كما يجب أن نقرّر حقيقة أنّ الدّين هو الذي يتقدّم ويزحف في هذا العصر لكي ينقذ البشريّة من أزماتها، وهو الذي يجب أن يسود حياة البشريّة من جديد، ويأخذ بأيديهم من مستنقع الزّيغ والضّلال ومتاهات الإلحاد وبشاعتها وشقاء الماديّة وضنكها، وهكذا يجب أن تفهم الصّحوة الجديدة في تونس ضمن مسار تاريخيّ يزحف نحو الدّين.
فإذا أقررنا بهذه الحقائق فأيّ دين يحمل الرّسالة الصّحيحة المحقّقة لأهداف الإنسان في هذه الحياة وما بعد الموت؟؟؟
يتبع إن شاء الله تعالى
خَمِيس بن علي الماجري
1 الأعراف 54
2 الشّعراء 78
3 أخرجه البخاري ومسلم.
4 هود 88
5 المائدة: من الآية3
6 الأنعام: 38
7 النّحل:89.
8 النّحل:44.
9 الحشر:7.
10 المائدة:3.
11 تفسير القرطبي 6/420.
12 الزّمر:27-28.
13 آل عمران 101
14 الموافقات 1 / 78 79 .
15 النّحل 26.
16 يوسف 21.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.