يسعى الحزب الشيوعي التونسي السابق خلال مؤتمره العام الذي بدأ أعماله أمس في العاصمة، إلى التكيف مع الأوضاع الدولية والمحلية الجديدة بتغيير تسميته وتشكيل تحالف واسع يضم مستقلين، بهدف لعب دور أكبر في صفوف المعارضة. وكان الحزب الذي تأسس في مطلع الثلاثينات من القرن الماضي ضمن طليعة الأحزاب الشيوعية في العالم العربي، غير اسمه في العام 1993 إلى «حركة التجديد»، ووسع من مرجعياته الفكرية وتخلى رسمياً عن الشيوعية. وتوقع قياديون في الحزب الذي يمثله ثلاثة نواب في البرلمان، تسمية أمين عام جديد للحزب محل الأمين العام الحالي محمد حرمل الذي يقوده منذ العام 1981، تاريخ رفع الحظر عن نشاط الحزب الذي منعه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في 1963. إلا أنهم أوضحوا أن حرمل (75 عاماً) لن يغادر القيادة، ورجحوا أن يُسند إليه منصب رئيس الحزب الذي سيُستحدث في المؤتمر. لكن أحد المرشحين البارزين لمنصب الأمين العام الأستاذ الجامعي أحمد إبراهيم أكد في تصريحات أن المؤتمر سيقتصر على انتخاب قيادة موسعة تتولى لاحقاً البت في المراكز القيادية. ويرمي المؤتمر الذي يشارك في أعماله أكاديميون وناشطون حقوقيون مستقلون من اليسار إلى استبدال «التجديد» ب «حزب ديموقراطي تقدمي واسع» في إطار السعي إلى التكيف مع تراجع الحركة الشيوعية العالمية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق واستعادة دور مؤثر في الساحة المحلية. وأفاد قياديون في الحزب أن المؤتمر يهدف كذلك إلى تشكيل «قطب مُعارض واسع» لا يضم إسلاميين بين صفوفه، في إشارة إلى التباعد القائم مع الائتلاف الذي تشكل في أعقاب استضافة تونس القمة العالمية لمجتمع المعلومات في العام 2005. وكانت تيارات ليبرالية ويسارية وإسلامية انتهزت فرصة القمة لإعلان إضراب عن الطعام شاركت فيه ثماني شخصيات عامة لمدة شهر للمطالبة بعفو عام عن المعتقلين السياسيين وإطلاق الحريات. وتشكلت في أعقاب الإضراب الذي لقي صدى إعلامياً واسعاً في الخارج هيئة مشتركة ضمت ممثلين من خمسة أحزاب بينها «حركة النهضة» الإسلامية المحظورة، إضافة إلى محامين وجامعيين وإعلاميين مستقلين. وأقامت الهيئة هذا الشهر مؤتمراً لمناسبة الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية انتقدت فيه حصاد فترتي الرئيسين بورقيبة وزين العابدين بن علي، وحضت على تأسيس «جمهورية ثانية» وتأمين حرية الترشيح للانتخابات المقرر إجراؤها في العام 2009. إلا أن قياديين في «التجديد» ومستقلين يشاركون في المؤتمر الحالي انتقدوا التحالف مع «حركة النهضة» واعتبروه تهديداً ل «مكاسب الحركة التقدمية».