لم تلق دعوة النائب الهولندي خيرت فيلدرز إلى حظر القرآن أصداء متجاوبة في هولندا. على العكس من ذلك أثارت دعوة فيلدرز استنكاراً واسعاً من قبل زملائه السياسيين، وكذلك من قبل صناع الرأي العام في البلاد. حتى السياسيون اليمينيون، والكتاب المنتقدون للإسلام رأوا أن فيلدرز تجاوز الحدود المعقولة. جاء أوضح رد حكومي على لسان وزيرة الإسكان والاندماج إيلا فوخلار "يجب أن يكون واضحاً تماماً أن حظر القرآن في هولندا ليس على برنامج الحكومة، ولن يكون كذلك في المستقبل أيضاً." بهذه الكلمات عبرت الوزيرة عن رأي الحكومة، واضافت إن هذه التصريحات مضرة بالعلاقات بين فئات المجتمع الهولندي، وبمكن أن توسع الهوة بين المسلمين وغير المسلمين في البلاد. ولاحظ المتابعون أن تصريحات السياسي اليميني الشعبوي، زعيم حزب من أجل الحرية (9 مقاعد في مجلس النواب من أصل 150) تزداد راديكالية مع الوقت. في الثالث عشر من فبراير هذا العام قال في لقاء صحفي أن على المسلمين أن يمزقوا نصف القرآن ويرمونه إذا كانوا راغبين في البقاء في هولندا. وهاهو يزيد من حدة دعوته السابقة تلك في رسالة مفتوحة نشرتها أمس الأربعاء صحيفة "فولكس كرانت" حيث طالب بحظر شامل للقرآن في هولندا. جاءت هذه المطالبة بعد أيام قليلة من تعرض رئيس لجنة المرتدين عن الإسلام، إحسان جامي، إلى اعتداء جسدي عنيف من قبل ثلاثة شبان مسلمين. وقارن فيلدرز في رسالته كتاب المسلمين المقدس بكتاب "ماين كامف- كفاحي" للزعيم النازي أدولف هتلر، المحظور في هولندا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية بسبب ما يتضمنه من حض على الكراهية والعنف. في الأوساط السياسية الهولندية كان هناك ما يشبه الإجماع على رفض تصريحات النائب خيرت فيلدرز. إلى جانب الوزيرة فوخلار عبّر أعضاء آخرون في الحكومة عن استيائهم من طروحات فيلدرز. وزير الخارجية مكسيم فيرهاخن اعتبر أن فيلدرز "تجاوز حدود السلوك المقبول." أما النائبة عن حزب الشعب الديمقراطي للحرية (في في دي) وهو حزب يميني ليبرالي معارض، فقالت إن فيلدرز قد بدأ يتخبط، وأوضحت "إنه يزعم الدفاع عن القيم الهولندية، لكنه في الوقت نفسه يرمي بإحداها في سلة النفايات: الحرية الدينية." من جانبه عبّر الكسندر بيختولد، زعيم حزب ديمقراطيي 66 (ليبرالي يساري معارض) عن استيائه من نجاح فيلدرز في جذب اهتمام السياسيين ووسائل الإعلام بتصريحاته الاستفزازية، وقال "لكن ما العمل؟ السكوت ليس حلاً. ربما يكون أفضل رد هو أن تكتفي بهز كتفيك استهزاءً." لم يقتصر الاستنكار على السياسيين بل جاء أيضاً من قبل ناشطين في المجتمع الهولندي. فقد تقدم محاميان، بشكل منفصل، ببلاغ إلى الشرطة ضدّ فيلدرز بتهمة التحريض على الكراهية وممارسة التمييز ضد فئة سكانية معينة. الناطقون باسم المنظمات الإسلامية في هولندا وصفوا تصريحات فيلدرز بالشعبوية والديماغوجية. ورأى رئيس لجنة الاتصال بين المسلمين والحكومة نصر نعمان أن فيلدرز يحاول دفع الشباب الهولندي إلى التطرف، لكي يشكو في ما بعد من تطرفهم. الملفت للنظر أن عبارات الاستنكار جاءت أيضاً من السياسيين اليمينيين الذين يؤيدون عادة التصريحات الحادة المناهضة للإسلام. ويرى هؤلاء أن فيلدرز أخذ يتلاعب بآرائهم ويسيء إلى مضمونها بتحويلها إلى ما يشبه الكاريكاتير.