وجه قياديون بأحزاب إسلامية مغربية انتقادات لشخصيات قيادية في حزب العدالة والتنمية بررت عدم تحالفها معها في إطار الانتخابات التشريعية المقررة في السابع من سبتمبر المقبل بصغر حجم هذه الأحزاب وثقلها مقارنة بشعبية العدالة والتنمية. وفي الوقت الذي دعا فيه محمد خليدي، رئيس حزب النهضة والفضيلة، حزب العدالة والتنمية إلى "التواضع"، وإلى التعاون من أجل "إنجاح المشروع الإسلامي"، رأى مصطفى المعتصم رئيس حزب "البديل الحضاري" أن "منطق الكثرة لا قيمة له في العمل السياسي". وفي مقابلة خاصة تنشرها "إسلام أون لاين.نت" في وقت لاحق اليوم الأحد، برر سعد الدين العثماني زعيم العدالة والتنمية عدم وجود تحالف مع القوى الإسلامية الأخرى التي تخوض الانتخابات (حزبي النهضة والفضيلة والبديل الحضاري)، بأن حزبه لا يرفض مبدأ التحالف مع قوى أخرى، خصوصا ذات التوجه الإسلامي، لكن هذه القوى "لم تطلب" التحالف مع العدالة والتنمية. كما لفت العثماني في المقابلة إلى أن حزبه تحالف مع حزب "القوات المواطنة"، وهو حزب صغير؛ وهو ما يؤكد انفتاحه على القوى الأخرى. وفي وقت سابق، صرح عبد الإله بنكيران، عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية، رئيس المجلس الوطني للحزب، بأن حزبه لا يفكر في الدخول في تحالف مع بقية الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية. وقال: "فكرة التحالف مع الأحزاب التي تشترك مع العدالة في المرجعية الإسلامية ليست مطروحة على أجندتنا؛ لأنني بصراحة لا أعرف حزبًا من هذه الأحزاب قدم برنامجا متكاملا للحكم إلا العدالة والتنمية". من جانبه، ذكر مصطفى الخلفي، أحد قيادات الحزب الشابة، أن العدالة والتنمية "آثر عدم الدخول في أي تحالفات مع بقية الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في الاستحقاق الانتخابي المقبل نظرًا للشعبية الكبيرة التي يحظى بها العدالة والتنمية في كل الدوائر الانتخابية". ورأى الخلفي: "أن مثل هذا التحالف في ظل عدم التكافؤ بين الجانبين لن يصب في مصلحة العدالة والتنمية من قريب أو بعيد". ورأى المعتصم في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" أن "هذا الموقف يعكس منطقا يتعارض مع الذي يستنكر الافتخار بوفرة المال وكثرة الأتباع والخيل المسومة والأنعام، والقرآن علمنا أنه متى توفرت النعم التي بين أيدينا -ومنها كثرة العدد- فيجب أن نذكر الله ونشكره على ما أعطانا لا أن نستعلي على الناس". واستطرد قائلا: إن منطق الكثرة لا قيمة له في العمل السياسي أمام النوايا الحسنة والإرادة القوية؛ ف"كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله"؛ "فالقضية قضية نشاط وحركة وقوة في التفكير والاقتراح والتزام بالمبدأ". وذكّر رئيس "البديل الحضاري" بأنه عقب تفجيرات 16-5-2003 بالدار البيضاء وقفت قيادات حزب "البديل الحضاري" إلى جانب العدالة والتنمية، لصد الحملة الشعواء التي شنها ضده خصومه السياسيون الذين حملوه "المسئولية المعنوية" عن انتشار التطرف بالبلاد. وشرح الناشط السياسي المغربي ذلك بقوله: "كما يعلم الجميع لدينا علاقات جيدة مع باقي التيارات السياسية، خاصة اليسارية منها، وهذا مكننا من النجاح في إقناعها بالتراجع عن كثير من مواقفها العدائية تجاه الإسلاميين، خاصة العدالة والتنمية، وذلك على الرغم من صغر حجمنا وحداثة تأسيسنا". من جانبه، قال محمد خليدي، رئيس حزب النهضة والفضيلة في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت": "إن العمل السياسي بناء على مرجعية إسلامية يعني بالضرورة الالتزام بمنظومة أخلاقية أساسها التواضع والتعاون واحترام الآخر لتحقيق المشروع الذي نهدف إليه جميعا. والرسول صلى الله عليه وسلم رسخ فينا ذلك". نداء التعاون وجدد الخليدي، الذي خرج من العدالة والتنمية وأسس بجانب أعضاء آخرين، حزب "النهضة والفضيلة" عام 2005، نداء إلى كافة الأحزاب للتعاون من أجل إنجاح أفكار المشروع الإسلامي "بعيدا عن الأحكام المسبقة". الموقف نفسه تبناه المعتصم في حديثه ل"إسلام أون لاين.نت"، حيث أكد أن حزبه "سيستمر في الاضطلاع بالدور المنوط به في التقريب بين وجهات النظر المختلفة، وسد الثغرات التي تتسبب في توتر العلاقات بين الإسلاميين وخصومهم السياسيين". وفي انتخابات 2002، حقق العدالة والتنمية نتائج كبيرة (14% من مقاعد البرلمان)، متقدما على كل الأحزاب المغربية منفردة. ويواجه مرشحو العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة منافسة قوية من مرشحي أحزاب النهضة والفضية والبديل الحضاري في عدد محدود من الدوائر. ونجحت أحزاب يسارية هي: اليسار الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة، والمؤتمر الوطني الاتحادي، في إيجاد تحالف ثلاثي بينها تدخل بموجبه هذه الانتخابات بمرشحين مشتركين، وتحت علامة انتخابية واحدة في 80 دائرة انتخابية من أصل 95 دائرة في المغرب كله. *كاتب وباحث سياسي.