يرى المحللون ان الرئيس التركي الجديد عبد الله غول يبدأ ولايته الرئاسية الاربعاء في وضع حرج ما بين دعاة العلمانية الذين يتهمونه بالسعي لفرض الاسلام في مؤسسات الدولة، وانصاره المحافظين الذين يطالبون بمزيد من الحقوق الدينية. وكان الجنرالات الذين يعتبرون انفسهم مؤتمنين على النظام العلماني عبروا الثلاثاء عن اعتراضهم على وصول اسلامي سابق الى الرئاسة بمقاطعة حفل اداء اليمين بعد ساعات قليلة على انتخاب الرئيس. وتلت هذه الاشارة غير المسبوقة تحذيرا صدر عن رئيس هيئة الاركان الجنرال يشار بويوكانين عشية الانتخابات وندد فيه ب"بؤر الشر التي تسعى بانتظام الى قضم بنية البلاد العلمانية" مؤكدا ان "القوات المسلحة (..) لن تتساهل اطلاقا". وكتب الصحافي فكرت بيلا في افتتاحية في صحيفة "ملييت" الليبرالية ان "ثمة مؤشرات تفيد بان اجواء المواجهة لا تزال قائمة" معتبرا ان "غول يعي المشكلات وسيسعى لحلها". ورأى الخبير السياسي حكمت اوزدمير انه "اذا لم تؤخذ التحذيرات ولا سيما الصادرة منها عن العسكريين على محمل الجد، فان العواقب ستكون وخيمة (..) على السلطة السياسية ان تنظر في اجراءات تهدف الى تبديد الشبهات". واطاح الجيش التركي اربع حكومات في نصف القرن الماضي وادى آخر تدخل عسكري عام 1997 الى استقالة اول حكومة اسلامية في تاريخ تركيا كان غول من اعضائها. كما قاطع مراسم اداء اليمين نواب حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي) الذي يتقدم المدافعين عن العلمانية وكان عطل في الربيع الفائت انتخاب غول عبر مقاطعة عملية الاقتراع، فضلا عن عدد من الشخصيات البارزة في الادارة التركية. ويعتبر منتقدو حزب العدالة والتنمية الذي كان غول من اعضائه حتى وصوله الى الرئاسة، ان هذا الحزب المنبثق عن التيار الاسلامي يسعى الى فرض الدين في مؤسسات الدولة ويشتبه بان وصول غول الى الرئاسة سيسمح له بتعطيل عمل العديد من مؤسسات الرقابة على الاداء الحكومي. وقام غول ببوادر توفيقية فتعهد فور انتخابه الالتزام بمبدأ الفصل بين الدين والدولة ولم تحضر مراسم التنصيب زوجته خير النساء المحجبة وقد شكل حجابها نقطة خلاف رئيسية مع دعاة العولمة الذين يرون في الحجاب رمزا للاسلام السياسي. غير ان غول اشار في خطاب تنصيبه الى ان العلمانية هي ايضا "نموذج يضمن الحرية لمختلف انماط الحياة"، في اشارة ضمنية الى شكاوى الاوساط المحافظة بشأن تشدد النظام العلماني حيالها. وينتقد الاتراك الملتزمون دينيا حظر الحجاب في الجامعات وفي الادارة ويرون في ذلك نيلا من حرية المعتقد والحق في التعليم. وكتبت اشلي ايديناتسباس في صحيفة "صباح" الواسعة الانتشار ان احتجاج "صقور" العلمانية على ارتداء السيدة الاولى الحجاب كان بمثابة "اهانة" لجميع المحجبات. واعتبرت انه "يجب الشروع الان في عملية تطبيع بشأن مسألة الحجاب لاسقاط التهميش الذي يطاول 50% من نساء تركيا اللواتي اخترن وضع الحجاب". ورأى روسن شاكر في افتتاحية صحيفة "وطن" الشعبية ان غول قد يرضخ لضغوط العسكريين الاسلاميين الذين يطالبونه بالمجاهرة بالتزام ديني. وكتب ان "شرائح المجتمع التي ايدت غول قد تكون لديها تطلعات مختلفة (..) وقد يكون بعض المحافظين من بينهم تحركهم رغبة في الانتقام ويرون في القصر الرئاسي موقعا مناسبا لارتفاع الصوت الاسلامي".