أستراليا تمنع يوتيوب للأطفال: وداعًا للخوارزميات الخطرة؟    المهدية: اللإنثين القادم إنطلاق حملة تحيين مراكز الاقتراع لفائدة الناخبين المعنيين بالتصويت على سحب الوكالة    تطاوين : وزير السياحة يؤدي زيارة ميدانية إلى ولاية تطاوين ويؤكد دعم السياحة البديلة ومتابعة المشاريع المعطلة    لجنة متابعة وضعية هضبة سيدي بوسعيد تؤكد دقة الوضع وتوصي بمعاينات فنية عاجلة    مع الشروق :الاعتراف... نصر أكتوبر الجديد    البطولة العربية لكرة السلة - المنتخب التونسي يفوز على نظيره القطري 79-72    مباريات ودية: انتصارات لكل من النادي الصفاقسي، النجم الساحلي والاتحاد المنستيري    طقس الليلة.. خلايا رعدية مع امطار بعدد من المناطق    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    بورصة تونس تحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة اداء الاسواق العربية خلال الربع الثاني من 2025    عاجل: سوبر الأحد..الترجي بغيابات مؤثرة والملعب التونسي يسترجع عناصره    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية في عدد من الولايات..    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    زغوان: حجز 735 كلغ من الأسماك الفاسدة كانت داخل براميل بلاستيكية كبيرة الحجم    عاجل/ تزايد محاولات القرصنة..ووكالة السلامة السيبرنية تحذر..    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    عاجل/ الحماية المدنية تُحذر من اضطراب البحر حتى وإن كان الطقس مشمساً..    عاجل/ توقعات بان تتجاوز درجات الحرارة المعدلات المناخية خلال فترة اوت-سبتمبر-اكتوبر 2025..وهذه التفاصيل..    18/20 وُجّه لعلوم الآثار بدل الطب... تدخل وزاري يعيد الحق لتلميذ باكالوريا    غدًا.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    الشاب بشير يمتع جماهير مهرجان سلبانة الدولي    عاجل/ زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب هذه المنطقة..    عاجل/ القبض على "بلوجر" معروفة..وهذه التفاصيل…    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط تدعو إلى سنّ ضوابط لحضور الأطفال في المهرجانات والحفلات    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة فنية حافلة    وزير التعليم العالي يتدخل وينصف التلميذ محمد العبيدي في توجيهه الجامعي    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    إيقاف حارس ميسي ومنعه من دخول الملاعب    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    جثمان متحلل بالشقة.. الشرطة تكشف لغز اختفاء عم الفنانة أنغام    بعد إيقاف مسيرتها.. أنس جابر تتفرغ للدفاع عن أطفال غزة    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    مباراة ودية: تغيير موعد مواجهة النجم الساحلي والنادي البنزرتي    البطولة العربية لكرة السلة: المنتخب الجزائري يتوج باللقب    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    عاجل : القضاء الأميركي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين: تفاصيل    الحوثي يستهدف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي    موجة شهادات مزورة تثير تداعيات سياسية في إسبانيا    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    (سنغفورة 2025 – أحمد الجوادي يتأهل إلى نهائي سباق 1500م سباحة حرة بتوقيت متميز    عرض كمان حول العالم للعازف وليد الغربي.. رحلة موسيقية تتجاوز الحدود    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    أعلام من بلادي: الشيخ بشير صفية (توزر): فقيه وأديب وشاعر درس في الجزائر وتونس    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسي والديموقراطية
نشر في الوسط التونسية يوم 08 - 09 - 2007

لاتزال ظاهرة الإسلام السياسي على تنوع حركاته و تياراته في العالمين العربي والإسلامي تشغل إهتمام الباحثين و المفكرين بسيل من القضا يا والإشكاليات التي تتصدرها إمكانية ولادة تيار إسلامي ديمقراطي مستنير و معتدل يستطيع التفاعل بإيجابية مع تحديات ومجريات الواقع المعاصر و في القلب منها المسألة الديمقراطية، و ما يتفرع عنها من أهمية الوعي بثقافة حقوق الإنسان، و دور المجتمع المدني العربي الوليد في تحقيق الديمقراطية.
لقد سادت الحياة السياسية العربية في الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي ، الرؤية الواحدية ،و منهج المواجهة اللفظية العنيفة و الرفض الإيديولوجي الحاد للرأي الآخر.فقد استبعدت القوى السياسية العربية على إختلاف مشاربها الفكرية و الإيديولوجية من برامجها السياسية و ممارساتها مفاهيم «الديمقراطية البرجوازية » أو «الديمقراطية الغربية».
وفي الواقع التاريخي العربي الذي كان يعج بالثورات الشعبية و الإنقلابات العسكرية ، لم تشكل الديمقراطية مطلبا شعبيا، و لم توجد قوى وشرائح اجتماعية منظمة و مؤثرة و معبأة ومهيأة نفسيا و إيديولوجيا لكي تطالب و تكافح من أجل تطبيق المفاهيم الليبرالية..وكان الوعي السائد لدى النخبة السياسية الصاعدة أن الديمقراطية الليبرالية مرتبطة بالهيمنة الإمبريالية الغربية.و الحال هذه ساد في البلاد العربية نموذج الدولة التسلطية التي وأدت الديمقراطية الليبرالية ، و هي لا تزال طفلة تحبو.
ومنذ إنتصار الثورة المحافظة في الغرب مع مجيء تاتشر وريغان ، تبدل المناخ العالمي ، و أصبحت الديمقراطية بمفهومها الليبرالي إيديولوجية مهيمنة و مطلبًا شعبيًا جارفاً لايمكن الوقوف بوجهه ورفضه. ولم تسلم المنطقة العربية من شظايا هذه الإيديولوجيا التي استعمرت المخيلة الإنسانية منذ سقوط جدار برلين و انهيار المعسكر الإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفياتي.
وفيما شهدت المنطقة العربية نهاية الحرب الإيديولوجية بين الأحزاب و الحركات الإسلامية و اليسارية ، حيث أن اعتناق فضاء الديمقراطية تطلب من التيارين الإسلامي واليساري إنهاء تحفظ كل منهما على مشاركة التيار الآخر في اللعبة السياسية والإعتراف العلني و الصريح بحقه المشروع في المنافسة السلمية من أجل الوصول إلى سدة الحكم ،رفضت الدول التسلطية العربية خيار الديمقراطية التعددية ، و التخلي عن امتيازاتها و مصالحها التي يؤمنها لهااحتكار السلطة .
لاشك أن التعددية السياسية تكسر إحتكار النظم التسلطية العربية للدولة و المجتمع ، وتفسح في المجال للإسلاميين لإنهاء عزلتهم و إقامتهم الجبرية، و تمنحهم فرصًا ذهبية للعب دور فاعل في الحياة السياسية العربية.و في ظل إنقلاب ميزان القوى لمصلحة الإسلاميين ، أصبحوا هؤلاء أكثر تقبلا للتعددية السياسية والإنتخابات العامة، بالرغم من إستمرار تحفظهم على مفاهيم الديمقراطية الغربية. كما إن نجاحات الإسلاميين المحدودة ناجم عن كونهم الفريق الأساسي الذي يصارع النظم الإستبدادية الضعيفة المشروعية في العالم العربي.
و إذا كان الإسلاميون بدؤوا جديا في تحديد مواقفهم المعقدة من قضية الديمقراطية ،فإن هذا التعاطي الإيجابي لا يعني أن الإسلاميين أصبحوا ديمقراطيين أو تخلوا عن تحفظاتهم العديدة عن بعض المفاهيم في الديمقراطية الغربية.فالتيار الإسلامي الأصولي الذي فرض نفسه أفقيا و عموديا في العالم العربي، لا يزال متحفظا على الديمقراطية كمشروع سياسي متكامل ، و إن اختلفت مستويات التحفظ على هذا المشروع .
وبينما يعتمد النهج الديمقراطي على اعتبار الدستور الذي تراضت عليه الأمة مرجعا نهائيا لشؤون الحكم و علاقات الحاكم بالمحكوم، و علاقات المحكومين بعضهم ببعض وحتى طريقة تغيير الدستور وتعديله يحتكم فيها إلى الدستور نفسه، يرى الإسلاميون الأصوليون على إختلاف تياراتهم السلفية أن المرجعية في قضايا الأمة و الدولة للدين متمثلة في النص الشرعي مفسرا ومنزلا على الواقع على منهج السلف الصالح.لكن التيارات السلفية تفرق بين مبدأ المرجعية المطلقة للدستور و مبدأ القبول بصياغة دستور حيث يوجد من بين التيارات السلفية من يقبل بمبدأ صياغة دستور ويرفضونها آخرون.
إن مرتكزات النهج الديمقراطي تقوم على ما يلي: إعطاء الشعب حق التشريع وصياغة القوانين والأحكام من خلال المؤسسات المنتخبة ومن خلال الإستفتاءات الشعبية.بينما يجمع الأصوليون على أن الذي يملك حق تفسير النصوص وتنزيلها على الواقع هم العلماء المؤهلون. كما يرى الأصوليون أن منظومة الحريات في النهج الديمقراطي مرفوضة قطعا في بعدها الفكري، لأن الحرية بهذا المعنى تتضمن حرية الكفر و الإلحاد أو ممارسة ماحرمته الشريعة.
إن الصورة التي يقدمها الإسلاميون الأصوليون عن الديمقراطية تعكس الأزمة العامة التي يعاني منها الإسلام و الفكر الإسلامي المعاصر، و هي أزمة مرت بها المسيحية في مواجهتها للتحديات التي طرحتها الديمقراطية الليبرالية و العلمانية. فالتحدي المركزي الذي يواجهه الفكر الإسلامي هو مفهوم التعددية بمظاهرها المختلفة الفكرية و الدينية و السياسية والثقافية و اللغوية و العرقية. ولايزال الفكر الإسلامي بشكل عام يتبنى الموقف التقليدي المبني على ميراث المدارس الفقهية والأصولية ، و هذا ما يفسر المكانة المركزية التي يوليها الفكر السلفي للشريعة.
غير أنه إلى جانب التيار السلفي المهيمن في العالم العربي ، هناك التيار الإسلامي المستنير الذي يقوده الفيلسوف الإسلامي راشد الغنوشي، و الذي بلور الأطروحات الإسلامية الجديدة حول الديمقراطية وعلى صعيد الفكر السياسي ينتقد الغنوشي تصرف بعض الإسلاميين الذين في ممارساتهم يخلقون إشكالية مع الديمقراطية ، رغم أنهم عانوا من عدم توافر الديمقراطية ، «لذا وجب محاربة هذا الاستبداد الذي جعل أعداء الإسلام ينظرون للإسلام كأنه حكم سلطوي يحقر الجماهير، فأين لهذا الإرث الإستبدادي أن يكون مصدرًا للحق، ومصدرًا للشرعية. فالحاكمية للشعب، وحاكمية الله تمر عبر الشعب « .
المستقبل - الاربعاء 5 أيلول 2007- العدد 2724 - رأي و فكر - صفحة 19


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.