منذ عام 2000، تسجل الوقائع بألمانيا اعتناق العديد من النساء الألمانيات للدين الإسلامي، لكن هذا الاعتناق يطرح عدة أسئلة حول دواعيه و أسبابه و كذلك الصورة التي يحملها الألمانيات المسلمات عن الإسلام. فهذه الظاهرة الجديدةبألمانيا ،تستحق التوقف و الدراسة في سبيل فهمها العميق . موقع الخيمة حاولت التوقف عند هذا الموضوع عن طريق محاورة وجوه نسائية معروفة بألمانيا، و هي تلعب دورا كبيرا في الدفاع عن مصالح العرب و المسلمين في أرض الغربة. في هذه الحلقة تستضيف الخيمة السيدة إليزابيث موسوي ، من مواليد عام 1965، تعمل كموسيقية و مصورة ، واعتنقت الإسلام منذ 15 عاما . أول سؤال يتبادر إلى ذهن القارئ و المهتم، يتعلق بأسباب اعتناق الإسلام. إليزابيث مسوي صرحت لنا ،بأنها تعرفت و اعتنقت الإسلام منذ 15 عاما ،بعد ظروف نفسية شخصية عصفت بها و عمرها لا يتجاوز عشرين عاما . هذه المرحلة المتوترة ،دفعت إليزابيث إلى البحث و التأمل في الطبيعة ، و أمام منظر غروب الشمس أحست إليزابيث يوما بشعور الحب و تعرفت على أن الله قريب منها . كانت لها الرغبة في السقوط على الأرض و ممارسة الشعائر الدينية كما يقوم بها المسلمون . كل ما درسته إليزابيث من قبل عن الإسلام تجسد أمامها في تلك اللحظة . وعن رؤيتها للإسلام وعلاقة الدين بالسياسة ، قالت إليزابيث أنها "لم تكن حقيقة كائنا سياسيا . إنها ترى أن الشخص المتدين يوجه قناعته السياسية" . فالقواعد الموجودة في القرآن في رأيها ، "تسهل الحياة الشخصية . إنها مفتوحة و قابلة للتأويل . فالأشياء الدينية التي تتجاوز الوعي الأخلاقي الشخصي، يجب ألا تجد مكانها في المجال السياسي. الواقع يكشف لنا كيف يمكن استغلال الدين لممارسة السلطة . مع الأسف تعطى أهمية للقواعد أكثر من الإنسان،و هذا موجود في الممارسة السياسية التي يحركها الدين . فالعلماء هم بشر و ليسوا مستقلين عن العمل السياسي. سابقا كانت دائما هناك وضعيات و قواعد دينية يتم تأويلها لفائدة الحاكم" . إمامة المراة و الجدل المستمر ! أما عن إمامة المرأة للرجال و ما أثارته من جدال ، أكدت إليزابيث أنه "كان للنساء مكانة مهمة أيام الرسول (ص)، بل قاموا بإلقاء الخطب في المساجد ،و الآن يجب استرجاع هذه المكانة المفقودة ". و أضافت قائلة: " يجب الافتراض بأن أغلبية الرجال ناضجون ،و لا يمكن أن تزعجهم النساء اللواتي يؤدين الصلاة أمامهم ". إليزابيث تتصور أنه "في ألمانيا و في ظل أغلبية مسلمة من الأوروبيين يمكن أن يتم قبول المرأة كإمامة دون أي مشكل ". وفي نفس السياق، نجد صوتا نسائيا كثيرا ما أثار الرأي العام الألماني بمواقفه. إنها الألمانية المسلمة حليمة كراو زن التي يقترن اسمها بالباحثة و المتخصصة في ما يصطلح عليه البعض في الوسط الإسلامي ب "علم أصول الدين النسوي". . فقد صرحت ،بأن "منهجية الجدل الذي أثير حول الموضوع غير واضحة، فكل من المؤيدين والمعارضين لصلاة الجمعة التي أقيمت في نيويورك خرجوا باستنتاجات سريعة للغاية تعتمد على مأثورات أحادية – إذ أن القرآن الكريم لم يعالج هذه المسألة مباشرة – أو تعتمد على مبادئ افتراضية دون البحث الدقيق للخلفيات أو مراعاة علاقة المسألة بتلك المبادئ". فحليمة كراو زن ترى أن "مصطلح (الإمام) لا يصف رتبة وظيفية محددة ولكنه يستعمل لمعانٍ كثيرة. وترى أن تغير مفهوم الإمامة يجعل مفاهيم جميع الأمور قابلة للتفسير والتغيير. ولذلك تدعو حليمة كراوزن إلى تطبيق الاجتهاد في كثير من المجالات، كما تعتبر أن هناك كثير من النظم القانونية التي تبعد كل البعد عن روح القرآن، بينما تبدو في ظاهرها قائمة على أجزاء من النص القرآني". و عن وضعية العرب و المسلمين بألمانيا قالت لنا السيدة إليزابيث مسوي ،"أنه بعد أحداث الحادي عشر ، سجلت حالات كثيرة يضطر فيها المسلمون إلى الدفاع عن أنفسهم ، بالمقابل، أعطت أحداث الحادي عشر الفرصة من أجل الاهتمام موضوعيا وبتركيز بالإسلام . هناك اهتمام بالمسلمين الألمان لأنه يراد عامة معرفة دواعي اعتناقهم للدين الإسلامي ". على سبيل الاستخلاص : الصورة التي يقدمها الألمان المسلمين عن الإسلام تكاد تختلف عن صورة المسلمين الذين ولدوا في بيئة إسلامية ، و ذلك لعدة اعتبارات منها، المستوى التعليمي و الاجتماعي و الشروط العلمية ،وكذلك العقلية الألمانية التي تدفع بالكثير إلى المساءلة و زحزحة المقدسات التي راكمها المسلمون طيلة عقود انطلاقا من ممارساتهم الثقافية . فنظرة الألمان إلى الإسلام تتم من الخارج وفقا لخلفيات ثقافية وفكرية مغايرة. السؤال الذي يطرحه المختصون و المهتمون: هل يقدر الألمان المعتنقين للإسلام، من خلال تأويلاتهم ونظرتهم الجديدة عن الدين، تقديم صورة مغايرة من شأنها المساهمة في تحقيق القطيعة مع الصور النمطية السائدة ؟