اتهم إعلامي ومعارض تونسي بارز سلطات بلاده بالاعتداء المنهجي والمتواصل على حرية الإعلام والتعبير، و"السعي إلى حجب المعلومة عن المواطن التونسي عبر سياسة التعتيم الإعلامي"، أسلوبا في محاصرة معارضيها. واستغرب الكاتب والصحفي التونسي رشيد خشانة إقدام السلطات التونسية على مصادرة صحيفة "الموقف" المستقلة دون حتى احترام الإجراءات القانونية أو القضائية التي تسبق في الأصل الإقدام على مثل هكذا إجراء. ورجّح خشانة في تصريحات خاصة ل"قدس برس" أن يكون "سبب مصادرة الصحيفة، محاولة منع القراء من الإطلاع على خبر الإعلان عن دخول كل من الأمين العام السابق للحرب الديمقراطي التقدمي المحامي نجيب الشابي، والأمينة العامة الحالية للحزب مية الجريبي في إضراب عن الطعام، احتجاجا على الحصار المفروض على الحزب ومقره. إلى جانب مقال كتبه سجين الرأي السابق المحامي محمد عبو". وحول إقدام السلطات التونسية على مثل هذه الإجراءات في وقت تستعد فيه للاحتفال بالذكرى العشرين لوصول الرئيس زيد العابدين بن علي إلى السلطة قال خشانة "إنه في الوقت الذي كان المراقبون يتوقعون قيام السلطة بخطوات انفتاح بمناسبة الذكرى العشرين لوصول الرئيس الحالي إلى السلطة، أقدمت السلطة على مجموعة من الإجراءات التعسفية ضد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ثم حرق مكتب المحامي المعارض، عياشي الهمامي، ثم انتهت بمجموعة من الإجراءات الحصار والتضيق على الحزب الديمقراطي التقدمي، وبقية الأحزاب السياسية المستقلة". وفي إشارة إلى إضراب المحامي نجيب الشابي والأمينة العامة للحزب الديمقراطي مية الجريبي، والذي نوه إلى أنه إضراب لفت اهتمام الرأي العام الوطني والدولي، واستقطب تعاطفا غير متوقع، قال خشانة الذي يشغل عضو هيئة تحرير صحيفة الموقف المصادرة "من المفارقات أن تونس هي البلد الوحيد في العالم الذي يخاطر فيه المعارضون السياسيون ونشطاء حقوق الإنسان بحياتهم، دفاعا عن حرياتهم وحقوقهم السياسية، بسبب الحصار ومنع أي أشكال للتعبير أو الاحتجاج". وأشاد خشانة بإضراب الشابي والجريبي، وكشف أن الإضراب حقق في أيام قليلة نجاحات غير متوقعة، وشهد أمس الأحد إضرابا تضانيا شارك فيه 180 شخصية سياسية وحقوقية من داخل البلاد، و50 شخصية من المعارضين في خارج البلاد، معتبرا أن إضراب الشابي والجريبي يتجاوز أفق الحزبية الضيقة، ويسلط الضوء على أوضاع سياسية وإعلامية وحقوقية في البلاد مثيرة للقلق. هذا وكانت هيئة تحرير صحيفة "الموقف" الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي (حزب مرخص)، ذكرت في بلاغ صحفي لها أمس الأحد (23/9) أن السلطة عمدت إلى مُصادرة العدد الأخير من الصحيفة الصادر في 21 أيلول (سبتمبر) الجاري. واستغربت الصحيفة كيف أن السلطة صادرت العدد "دون اتخاذ قرار قضائي أو إداري رسمي في هذا الشأن"، إذ فوجئ مسؤولو الصحيفة "لدى الإتصال بعدد كبير من الأكشاك والمكتبات في العاصمة والأحواز وفي المدن الداخلية بعد تلقيهم نسخهم من الصحيفة من شركة التوزيع، بأن أعوان السلطة طافوا عليهم لتحذيرهم من بيعها أو حتى عرضها مع الصحف الأخرى مؤكدين أنها صحيفة ممنوعة"، وفق ما ورد في بلاغ صادر عن الصحيفة وقعه الصحفي رشيد خشانة. هذا وأفاد خشانة أن "العدد 419 من الصحيفة حمل مانشيتا تحت عنوان "للمطالبة برفع التضييقات عن الديمقراطي التقدمي: الشابي والجريبي يدخلان في إضرابا مفتوحا عن الطعام"، وهو المقال الإخباري الذي يبدو أنه أزعج السلطة لأنه يهتك الحصار الإعلامي المفروض على الإضراب. وقد اعتبرت هيئة تحرير الصحيفة أن مصادرة "الموقف" تشكل خطوة متقدمة في الحصار المضروب على حزب معارض يعمل في إطار القانون، مشيرة إلى أن "مُصادرة العدد الأخير من "الموقف"، إلى جانب الحصار المالي والإشهاري المفروض عليها وعلى صحيفة "مواطنون" أن التعددية الإعلامية التي يتبجحون بها ليست سوى أكذوبة للتسويق الخارجي"، حسب تعبير الصحيفة. هذا وحث خشانة الرأي العام الوطني والدولي على مزيد من التحرك بأشكال مختلفة للتعبير عن التضامن مع إضراب الجوع الذي يخوضه زعيمان سياسيان في تونس، من أجل المطالبة بالحريات السياسية والإعلامية، ورفع الحصار عن الحياة السياسية في البلاد.