تشهد موسيقى الانشاد الديني والطرق الصوفية المتطورة والمنتشرة منذ القدم في تونس ازدهارا خاصا خلال شهر رمضان باعتبارها احد الروافد البارزة للتراث الموسيقي التونسي والحافظة للذاكرة الثقافية والفنية والروحانية. وتتميز العديد من سهرات شهر رمضان بإقامة حلقات الانشاد الديني والمدائح والاذكار الدينية من قبل ابرز فرق الموسيقى الصوفية في المساجد وزوايا ومقامات الاولياء الصالحين الموجودة في المدن والقرى التونسية وابرزها جامعتا الزيتونة والقيروان. ومن الزوايا ومقامات الاولياء الصالحين التاريخية التي تشهد حلقات كبيرة واحيانا مهرجانات بكاملها مقام سيدي بلحسن الشاذلي وسيدي محرز وسيدي بولبابة الانصاري في مدينة قابس وسيدي بوعلي في واحة نفطة. ويحتل هؤلاء الاولياء مكانة خاصة في الذاكرة الثقافية والروحانية للتونسيين لاسيما ان عددا منهم يعتبرون شيوخ طرق اسهموا في اثراء المدونة الموسيقية الصوفية التونسية التي استلهم منها مؤلفو المالوف والموشحات والأزجال التى تؤديها فرق معروفة مثل فرقة الشيخ بودية وفرقة "الربايبية" بقيادة الشيخ مصطفى بن رمضان. واطلق على هذه الفرقة البارزة للانشاد "الربايبية" لان هذا الانشاد يصاحب بآلتين ايقاعيتين وآلة نغمية هي "الرباب" قديما ومن هنا جاءت تسمية الربايبية التي أطلقت سابقا على الفرق الموسيقية النسائية التي كانت تمارس في الزوايا شكلا من أشكال الانشاد. وشهدت هذه الممارسة الموسيقية تطورا مع مرور الزمن حيث استعيض عن الرباب بالكمنجة ولم تعد فرق الربايبية حكرا على النساء بل اصبح الفنان الشيخ مصطفى بن رمضان من بين آخر المحافظين على هذه التقاليد لاسيما انه تتلمذ على يد نخبة من أبرز المختصين في هذا اللون الموسيقى الصوفي في تونس على غرار علي بوقرة واحمد ريدان. وشاركت هذه الفرقة بعروض متميزة في المهرجانات والتظاهرات الثقافية والموسيقية التي تقام خلال شهر رمضان الكريم وتحظى بقبول ملحوظ لدى شرائح واسعة من التونسيين على غرار مهرجان سيدى بولبابة الانصاري ومهرجان موسيقات الذي يحتضنه مركز الموسيقى العربية والمتوسطية. ومن ابرز تظاهرات الموسيقى الصوفية خلال شهر رمضان ايضا مهرجان الموسيقى الروحية الذي تقيمه جمعية الابداع الموسيقي برئاسة الخبير التونسي الدكتور لطفي المرايحي.