التغيّرات الاجتماعية حقيقة تعرفها جميع المجتمعات اليوم نتيجة عوامل عديدة قد يطول شرحها ويبقى السّؤال المركزي والمحوري كيفية التعامل مع هذه التغيرات الطارئة على النمط المعيشي وعلى العادات والتقاليد والقيم والثوابت الاجتماعية التي كانت في السابق تسمى بهذا المصطلح غير أنها اليوم لم تعد كذلك لدى البعض بل لدى فئة لا بأس بها من المجتمع. مؤسسة الزواج أو فعل الزواج في حدّ ذاته وإقدام الشباب عليه يمرّ اليوم بمتغيّرات هامّة تؤكدها الإحصائيات الرسميّة الخاصة بنسب العزوبة. وتشير المعطيات في هذا الإطار إلى تأخّر سنّ الزواج بالنسبة للفتاة والفتى على حدّ السواء فأصبح معدل زواج الفتاة في حدود 29 و30 سنة فما فوق وتصل إلى 35 سنة فما فوق للرّجل. وأصبحنا اليوم أيضا نتحدّث عن عنوسة النّساء والرّجال في ظلّ وجود عدد هام يختار العزوبية مدى الحياة أو تفرض عليه نتيجة عوامل مادية واجتماعية معيّنة. هذه التحوّلات الاجتماعية نبّه الأخصّائيون الاجتماعيون إلى انعكاساتها السلبيّة وتأثيرها على بعض المجالات الأخرى الصحيّة والنفسية والمجتمعيّة. وفي عديد النّدوات التي نظمها ديوان المرأة والأسرة والعمران البشري وتناولت موضوع الزواج وتأخّر سنّ الزواج والعزوبية في المجتمع تمت الإشارة إلى التحدّيات الناجمة عن هذه المواضيع المذكورة على غرار تأثيرها السّلبي على نسب الخصوبة في المجتمع والمشاكل الصحيّة الأخرى المرتبطة بالولادات إلى جانب التأثيرات المحتملة في تنامي ظاهرة الحمل والولادة خارج إطار الزّواج. * دراسة في الغرض وفي إطار متابعة هذه التحوّلات علمنا أن وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنّين تعتزم إنجاز دراسة حول الحمل والولادة خارج إطار الزواج بهدف جمع المعطيات الكمية والنوعية حول الفئات المعنية بهذه الوضعية واستغلالها لإرساء نظام موحّد بين مختلف المتدخّلين في مجالات التوعية والتثقيف والوقاية من الحمل خارج إطار الزواج وكذلك لتحسين خدمات الإحاطة النفسية والتوجيه الاجتماعي لفائدة الأمهات العازبات والعمل على تمكينهن من دخل مالي بما يخول لهن الاعتماد على الذات والقيام بواجباتهن تجاه أبنائهن. وفي انتظار ما ستسفر عنه الدراسة من نتائج حول مدى انتشار ظاهرة الحمل والولادة خارج إطار الزواج في مجتمعنا نشير إلى أنّ بعض الإحصائيات المتعلّقة بمؤسسة مندوب حماية الطفولة التي تبين أن مندوبو حماية الطفولة قاموا خلال السنة الفارطة بتعهّد 933 طفلا مولودا خارج إطار الزواج وهو ما يمثّل 74% من مجموع الأطفال الفاقدي السّند العائلي المتعهّد بهم سنة 2006. وتجدر الإشارة إلى أنّ مندوب حماية الطفولة هو أحد الأطراف المتدخلة لفائدة هذه الشريحة من الأطفال إذ يتمّ إشعاره من طرف اللجنة الجهوية لإثبات النسب كلما تجدّ ولادة خارج إطار الزواج تتطلّب اتخاذ تدبير اتفاقي مع الأم يتم بمقتضاه إيداع الطفل مؤقّتا بالمعهد الوطني لرعاية الطفولة أو بإحدى وحدات العيش. ولا ينحصر تدخل مندوب حماية الطفولة لفائدة الأطفال المولودون خارج إطار الزواج في الايداع المؤقّت وإنّما يتعدّاه ليشمل العمل مع الأم العزباء وأسرتها قصد إقناع الأم باسترجاع طفلها، كما يقوم مندوب حماية الطفولة بالإجراءات القانونية لتمكين الأطفال المهملين والمولودين خارج إطار الزواج من حقهم في الهوية.