كشف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن خطة جديدة يوم 23 أكتوبر لحفز سياسات الحكومة حتى يتسنى لها كبح جماح العنف وإشراك شباب الأمة في المجتمع. فخلال حديثه في عدد من الاجتماعات وورشات العمل أعرب بوتفليقة عن بالغ قلقه إزاء نزعة الشباب الذي تجرع مرارة الغضب إلى اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية والإرهاب. وقال "إن عدد منفذي العمليات الانتحارية التفجيرية مثل الذين هاجموا العاصمة والأخضرية وباتنة ودلس قد يتضاعف إذا لم نأخذ هذه المسألة على محمل الجد". وقال الرئيس إن وهن الإحساس بالانتماء للوطن وفقدان الهوية والروح الثقافية وانحلال القيم الاجتماعية الجوهرية وغياب الأمل من أجل التحسن كلها تُشير إلى حالة من التفسخ الوطني على نطاق واسع. وتُعتبر الخطة الجديدة محاولة لإقامة حملة موازية للحملة العسكرية المتواصلة لاستئصال الشبكات الإرهابية بحملة فكرية وروحية أكثر وقائية لمكافحة المشكلة. ولتحقيق هذا الغرض، طلب الرئيس إلى حكومته تقييم الأسباب التي تدفع الشباب إلى الالتحاق بالجماعات الإرهابية ومقاتلة ما تبذله هذه الشبكات من تجنيد بإشاعة مشاعر الحقد والعنف والإرهاب. ديباجة الوثيقة تستعرض الخطة الجديدة لمكافحة العنف حيث ذكرت: "لقد أدت الحالة المؤثرة في العالم الإسلامي مع ما يجري من أحداث في المرحلة الراهنة في أفغانستان وفلسطين وبوجه خاص في العراق، إلى ازدياد مشاعر الاستياء التي تُفضي إلى انعدام الثقة والحقد على السلطة". وورد في البيان أن الحركات المتشددة تستغل هذا الاستياء عن طريق "إثارة أحلام لدى الشباب بالبطولة الانتحارية التي ستُدخلهم في زعمها إلى الجنة". وأعرب بوتفليقة عن رغبته في أن يتحقق إنشاء مؤسسة دينية عليا على غرار جامع الأزهر في مصر بهدف صياغة الآراء الدينية الصحيحة التي تتماشى مع التعاليم الإسلامية السمحة. وقد تدخلت الحكومة سابقا من أجل حجب انتشار التيار الراديكالي في المؤسسات الدينية في البلد. فالخطة الجديدة تشير إلى هذا الغرض حيث تسعى إلى الشروع في ذلك عن طريق "تطهير المساجد من الانتهازيين". ونصت أيضا على عقوبات أشد قساوة في حق الأئمة الذين يتخلفون عن التعاون معها أو يرفضون ذلك بحيث سيتم استبدالهم "بنُخبة تتوفر فيها معايير الكفاءة والاستعداد لتبوء المثل الأعلى للشباب، قادرة على تبليغ رسالة الإسلام [و] معالجة عمليات التشبع بالأفكار الإيدلويوجية والتحريض على الحقد". وخلال انعقاد ورشات العمل، شدد الخبراء على أهمية توسيع دور المساجد في حياة الشباب. وطبقا للخطة ستكون المساجد بمثابة منتدى هام لتلقين مبادئ المواطنة عبر دروس يقدمها الأئمة بمساعدة من الحكومة والمؤسسات الاجتماعية. وزير الشؤون الدينية الجزائري أبو عبد الله غلام الله قال لمغاربية إن المساجد لم تقم بواجبها في المعركة ضد الإرهاب. وعزا ذلك إلى نقص التمويل سواء للمساجد أو لوزارته ككل. وأوضح "للأسف المساجد لم تحصل أبدا على ما يكفي من التمويل. كيف يُمكن للمرء أن يتوقع إدخال مئات الشباب إلى مسجد له إمامين فقط؟". المدارس الإسلامية أو ما يعرف محليا "الزوايا" والقادة بالمفهوم التقليدي كزُعماء القبائل و"التجمُعات" أو لجان الأعيان التي توجد بشكل كبير في المناطق الريفية، ستُدعى هي الأخرى إلى الاضطلاع بدور قيادي في البرنامج الجديد. إذ يُتوقع أن يُعطي ما يتمتعون به داخل مجتمعاتهم المحلية من احترام وتقدير كبيرين المصداقية لجهودهم. وقالت الحكومة أيضا إن البطالة "تُغذي مشاعر الحقد والعنف" وإنها صاغت استراتيجية جديدة للتعامل مع مسألة التوظيف "من أجل تحقيق طموحات الشباب". وذكرت دراسة أجرتها وزارة الشباب والرياضة في الأسبوع الماضي أن 60.8% من الشباب الجزائريين يشعرون بالشك إزاء مستقبلهم وأن 33% قالوا إن لهم حظوظا أوفر للعثور على عمل في أرض المهجر أكثر من بلدهم الأم. وبالإضافة إلى ذلك، لا يزاول أي من الشباب بنسبة 58.2% من المُستجوبين في الاستطلاع أي رياضة و10% منهم فقط ينتمون لأندية رياضية.