عاجل/ قضيّة "التآمر": إحالة 40 متّهما على الدائرة المختصّة في الإرهاب    رياض البوعزيزي: 'السلطة تدخّلت لإبطال ترشّح قائمتي التلمساني وبن تقية لانتخابات الجامعة'    الروائح الكريهة تنتشر في مستشفي قابس بسبب جثث المهاجرين    إغتصاب ومخدّرات.. الإطاحة بعصابة تستدرج الأطفال على "تيك توك"!!    عاجل : معهد الصحافة يقاطع هذه المؤسسة    رئيس الجمهورية يتسلّم دعوة للمشاركة في القمة العربية    الترجي يقرّر منع مسؤوليه ولاعبيه من التصريحات الإعلامية    هذه الأغنية التونسية تحتل المركز الثامن ضمن أفضل أغاني القرن 21    التمديد في سنّ التقاعد بالقطاع الخاص يهدف الى توحيد الأنظمة بين العام والخاص    عاجل/ إستقالة هيثم زنّاد من ادارة ديوان التجارة.. ومرصد رقابة يكشف الأسباب    شوقي الطبيب يرفع إضرابه عن الطعام    تواصل غلق معبر راس جدير واكتظاظ كبير على مستوى معبر ذهيبة وازن    البنك المركزي يعلن ادراج مؤسستين في قائمة المنخرطين في نظام المقاصة الالكترونية    تونس: مرضى السرطان يعانون من نقص الأدوية    من بينهم مساجين: تمتيع 500 تلميذ باجراءات استثنائية خلال الباكالوريا    أتلتيكو مدريد يقترب من التعاقد مع لاعب ريال مدريد سيبايوس    الرابطة الأولى: نجم المتلوي يرفع قضية عدلية ضد حكم مواجهة النادي البنزرتي    رئيس لجنة الشباب والرياضة : تعديل قانون مكافحة المنشطات ورفع العقوبة وارد جدا    عاجل/ الشرطة الأمريكية تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل أغلب الطلبة المعتصمين    مجددا بعد اسبوعين.. الأمطار تشل الحركة في الإمارات    مدنين: بحّارة جرجيس يقرّرون استئناف نشاط صيد القمبري بعد مراجعة تسعيرة البيع بالجملة    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    عبد المجيد القوبنطيني: " ماهوش وقت نتائج في النجم الساحلي .. لأن هذا الخطر يهدد الفريق " (فيديو)    وزارة التجارة تنشر حصيلة نشاط المراقبة الاقتصادية خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024    جبنيانة: الكشف عن ورشة لصنع القوارب البحرية ماالقصة ؟    صفاقس_ساقية الدائر: إخماد حريق بمصنع نجارة.    عين زغوان: حادث مرور يسفر عن وفاة مترجل وبتر ساق آخر    المغازة العامة تتألق وتزيد رقم معاملاتها ب 7.2%    وزيرة التربية: ''المقاطعة تساوي الإقتطاع...تسالني فلوس نخلّصك تتغيّب نقصّلك''    اليوم: جلسة تفاوض بين جامعة الثانوي ووزارة التربية    وزير الشؤون الاجتماعية يزف بشرى لمن يريد الحصول على قرض سكني    الحماية المدنية: 9حالة وفاة و341 إصابة خلال 24ساعة.    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    24 ألف وحدة اقتصاديّة تحدث سنويّا.. النسيج المؤسّساتي يتعزّز    الأساتذة النواب: ندعو رئيس الدولة إلى التدخل    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    الحبيب جغام ... وفاء للثقافة والمصدح    وفاة الممثل عبد الله الشاهد    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    غرفة تجّار لحوم الدواجن: هذه الجهة مسؤولة عن الترفيع في الأسعار    تونس تشهد تنظيم معرضين متخصّصين في "صناعة النفط" و"النقل واللوجستك"    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    المهرجان الدولي للثقافة والفنون دورة شاعر الشعب محمود بيرم التونسي .. من الحلم إلى الإنجاز    بطولة مدريد المفتوحة للتنس: روبليف يقصي ألكاراز    حالة الطقس ليوم الخميس 02 ماي 2024    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مايكروسوفت تكشف عن أكبر استثمار في تاريخها في ماليزيا    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    المرسى.. الاطاحة بمنحرفين يروّجان الأقراص المخدّرة    الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تقول ان الوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات لم تمتثل لتوصياتها    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص الخطاب الرئاسي بمناسبة الذكرى العشرين لحدث 7 نوفمبر
نشر في الوسط التونسية يوم 09 - 10 - 2009


رادس، في 7 نوفمبر 2007
بسم الله الرحمان الرحيم
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
بكل نخوة واعتزاز يحتفل شعبنا اليوم بمرور عشرين عاما على لحظة الإنقاذ وانطلاق مسيرة التغيير والإصلاح والبناء فجر السابع من نوفمبر 1987. عشرون عاما ارتقت فيها بلادنا إلى درجة متميزة من التقدم والازدهار، وحققت خلالها مكاسب وإنجازات كبرى، نفخر بها بين الأمم.
إن في هذا الاحتفال تأكيدا متجددا لوفائنا الدائم لشهداء التحرير ولأجيال المصلحين والرواد والمقاومين والمناضلين، بناة الاستقلال ومؤسسي الدولة الحديثة وفي مقدمتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة. وهي مناسبة نحيي فيها التونسيين والتونسيات من كل الأجيال والفئات والجهات، ونكبر التفافهم حول رسالة التغيير وخياراتنا الوطنية والمشروع الحضاري الأصيل الذي نشيد أركانه مرحلة بعد مرحلة، ولاء مطلقا لتونس، لتونس وحدها، تفانيا في خدمتها وإعلاء لرايتها.
ويسعدني بهذه المناسبة المجيدة أن أمنح "جائزة 7 نوفمبر للإبداع" للشاعر العربي الفلسطيني الكبير محمود درويش الذي نقدر إبداعه ونضاله ووفاءه لقضية شعبه ولمبادئ العدل والحرية في العالم، فقد كانت كلماته دوما تعبيرا خالص الصدق عن إرادة الشعب الفلسطيني الشقيق وكفاحه. وإذ أهنئه بهذا التكريم، فإني أحيي من خلاله كل المبدعين الفلسطينيين مقدرا لهم صمودهم ومكبرا عطاءهم الذي لم ينضب رغم صعوبة أوضاعهم.
كما أهنئ أيضا كل من سينالهم التكريم هذا اليوم بوسام السابع من نوفمبر، مقدرا جهود كل من أسهم في دعم أركان المشروع الحضاري الذي نبنيه معا بنخوة واعتزاز.
إن بيان السابع من نوفمبر الذي توجهنا به إلى شعبنا في ذلك اليوم التاريخي، سيظل مرجعنا ورائدنا في كل ما نقوم به لأجل تونس، لأجل رفعتها وعزتها، ولأجل كل مواطن ومواطنة على أي شبر من أرضها أو خارجها. نعمل مخلصين لتحقيق طموحاتهم في حياة متطورة في كل المجالات يعمها الرفاه والسؤدد، مستمدين عزمنا من حبنا لتونس وغيرتنا عليها، والتفاني في تعزيز مكاسبها والدفاع عن مصالحها والرفع من مكانتها بين الأمم.
عشرون عاما من الإصلاح والتحديث، كان فيها إيماننا راسخا بقداسة الأمانة التاريخية التي نتحملها، وبثقة شعبنا بخياراتنا والتفافه حول توجهاتنا.
لقد كانت بلادنا قبل التغيير، بلدا من العالم الثالث بكل مقاييس التخلف المرتبطة بذلك التصنيف؛ تأزم سياسي خانق، وشروخ اجتماعية عميقة، وغياب للاستقرار والطمأنينة، وأحوال اقتصادية متدنية، ومخاطر جمة تغذيها الأطماع في الداخل والخارج...
لقد كانت الأوضاع متردية في كل الميادين ومهيأة للانفجار في كل حين.
أما اليوم، فها هي تونس بلد صاعد يتقدم بثقة واقتدار نحو المستقبل ليلتحق بركب البلدان الأكثر نماءا وازدهارا.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
إن مسيرة التنمية الشاملة التي اعتمدناها على مدى العشريتين الماضيتين، أولت التكامل بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية منزلة المبدإ الثابت والقيمة الراسخة، وأحكمت التفاعل مع الإصلاحات السياسية والتحديث الثقافي والحضاري الذي تشهده بلادنا منذ سنة 1987.
وهو ما مكن من تحقيق نسق نمو لم يعرف التراجع رغم الصعوبات المناخية، والأزمات الدولية المتتالية، والارتفاع المشط في الأسواق العالمية لأسعار المحروقات والمواد الأساسية والحبوب.
فكان معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدى العشرية الأولى في مستوى 4.3% وارتفع خلال العشرية الثانية إلى 5%. ومن المنتظر أن يسجل هذا العام نسبة 6.3%. ونحن ساعون إلى المحافظة على هذا المستوى على مدى المخطط الحالي للتنمية خدمة لأولوياتنا وأهدافنا في مختلف القطاعات وفي مقدمتها التشغيل.
ومكنت الإصلاحات التي اعتمدناها من انفتاح الاقتصاد الوطني على محيطه الدولي فتطورت الصادرات منذ التحول إلى اليوم بمعدل يفوق 12% سنويا. وتراجع عجز الميزانية ليبقى في حدود معدل 2.9% خلال العشرية الأخيرة.
كما انخفضت نسبة التداين الخارجي من الدخل الوطني من 56.2% إلى 45.6% حاليا. ومن المرتقب أن تنخفض إلى حدود 42.8% مع موفى سنة 2008. كما انخفضت نسبة خدمة الدين الخارجي من المقابيض الجارية من 26.8% سنة 1987 إلى 11.5% فقط مع نهاية هذا العام.
وقد عملنا منذ التغيير على تحسين مناخ الاستثمار وإحداث المؤسسات، وعلى تطوير البنية الأساسية في كل جهات الجمهورية. وهو ما فتح القطاعات الواعدة أمام المبادرة والاستثمار، وعزز حصة القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات بحوالي عشر نقاط.
وقد سجلت بذلك هيكلة الاقتصاد التونسي نقلة نوعية مكنته من تحقيق ارتفاع مهم في مؤشرات الاقتراب من اقتصاد الدول المتقدمة.
وإذ يمثل قطاع الخدمات حاليا 57.2% من الناتج الوطني، فإن في ذلك خير مؤشر على تلك النقلة النوعية خصوصا وقد ارتفعت مساهمة قطاع الخدمات وحده في النمو إلى 51.8% هذا العام.
وقد حرصنا في برنامجنا لتونس الغد على تعزيز هذا التحول النوعي والإسراع بنسقه حتى يكتسب الاقتصاد الوطني مقومات الحداثة التي تميز اقتصاد البلدان المتقدمة.
ولئن قطعنا أشواطا في إنجاز ذلك البرنامج حسب نسق عال تجاوز 88.8% إلى حد اليوم، بالنسبة إلى الأهداف والإجراءات التي أنجزت كليا أو تلك التي تشهد نسقا جيدا من التقدم، فإننا سنواصل دعم برامجه ومشاريعه بمبادرات جديدة.
وإذ تنتفع المؤسسات الصغرى والمتوسطة حاليا بعدة منح استثمار تتعلق بالإحداث والتوسعة والتأهيل، فإننا نعلن قرارنا بسحب نفس الامتيازات الجبائية التي تنتفع بها المؤسسات المذكورة على تلك المنح.
وسعيا إلى مزيد دفع الاستثمار في المؤسسات الصغرى والتقليص في كلفة الاستغلال والنشاط، نعلن قرارنا بإعفاء هذه المؤسسات من الأداء على التكوين المهني والمساهمة في صندوق النهوض بالمساكن لفائدة الأجراء، وذلك لمدة السنوات الثلاث الأولى ابتداء من تاريخ الدخول في طور النشاط الفعلي، بالإضافة إلى ما يتمتع به إحداث المؤسسات الصغرى حاليا من حوافز مالية في شكل منحة استثمار واعتماد مالي لاستكمال هيكلة التمويل يتم إرجاعه على عدة سنوات.
وفي إطار مزيد حفز المبادرة الخاصة ورفع نسق إحداث المؤسسات وتطوير الاستثمار والتشغيل بمناطق التنمية الجهوية، نعلن قرارنا بالترفيع في أسقف الاستثمارات المخول لها الانتفاع بتدخلات صندوق تطوير اللامركزية الصناعية لفائدة الباعثين الجدد والمؤسسات الصغرى والمتوسطة من 4 إلى 5 ملايين دينار، وكذلك بالرفع في أسقف منح الاستثمار لتبلغ مليون دينار بمناطق التنمية الجهوية ذات الأولوية.
وفي السياق نفسه، نأذن بالرفع من نسبة مساهمة صندوق التطوير واللامركزية الصناعية في رأس مال المؤسسات الصغرى والمتوسطة بمناطق التنمية الجهوية ذات الأولوية من 30 إلى 40% من رأس المال الأدنى.
ولما كانت الإدارة العمومية عاملا مؤثرا في دفع التنمية، فإن ذلك يحتم مزيد تفعيل الارتقاء بأدائها إلى الأفضل مركزيا وجهويا ومحليا.
واعتبارا إلى أهمية العنصر البشري في تحقيق ذلك الهدف، فإننا نأذن بالقيام باستشارة وطنية لتحديث الوظيفة العمومية ودعم قدرتها على مواكبة التحولات الجارية.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
لقد أقررنا في العام الماضي برنامجا تنفيذيا للتحرير المالي الخارجي، كان لتطبيقه أثر إيجابي على المعاملات مع الخارج بالنسبة إلى الأفراد والمؤسسات.
وإذ نتدرج بخطوات ثابتة نحو التحرير الكامل للدينار، فإننا نعلن قرارنا بالسماح للبنوك في التصرف في حدود 20% من موجوداتها بالعملة بالأسواق العالمية مع اعتماد قواعد تصرف حذر في هذا الميدان.
كما نأذن باتخاذ مجموعة إضافية من الإجراءات تفوض للبنوك تسعير آليات تغطية مخاطر الصرف وتداولها وتحديد نسبة الفائدة وتمديد آجالها.
ونحن حريصون في تمويل المخطط الحادي عشر للتنمية على دعم الادخار الوطني والموارد الذاتية. وهو ما يحتم الترفيع من نسبة الادخار من 20.5% حاليا إلى 23.5% مع نهاية المخطط.
ولمزيد تفعيل آليات السوق في هذا المجال، وضمان التناسق لأسعار الفائدة، وإدخال تنافسية أرفع بين البنوك في تعبئة الادخار، نأذن بتحرير نسبة الفائدة الموظفة على الادخار مع إقرار نسبة دنيا لهذا التأجير توازي نسبة السوق النقدية ناقص نقطتين حماية لصغار المدخرين.
وإذ نعتبر التأمين على الحياة ادخارا طويل المدى يجدر تدعيمه سواء لدوره في توفير الموارد المالية أو لمعاضدة صناديق التقاعد الوطنية، فإننا نأذن بتنقيح الإطار الجبائي الخاص به وذلك برفع سقف الطرح بعنوان منح التأمين على الحياة من 2.000 إلى 3.000 دينار سنويا. وبإدخال مزيد من المرونة عليه بتمكين المكتتبين فيه من إعادة شراء عقودهم بعد خمس سنوات شريطة تسوية وضعيتهم الجبائية ودون دفع خطايا التأخير.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
إن التشغيل أكبر رهاناتنا التنموية والاجتماعية، وقد كثفنا المبادرات والبرامج والآليات لرفع نسق إحداث مواطن الشغل والحد من البطالة.
وأمكن بفضل السياسات والبرامج التي اعتمدناها تحسين نسبة تغطية الطلبات الإضافية للشغل التي تطورت لتفوق نسبة 92% خلال المخطط العاشر بعد أن كانت في حدود 68% في بداية التغيير.
ونظرا إلى الترابط المتين بين الاستثمار والمبادرة والتشغيل، نأذن كذلك بتمكين الأشخاص الطبيعيين من تحويل حسابات ادخارهم إلى حسابات ادخار للاستثمار، دون مطالبتهم بإرجاع الامتيازات التي تحصلوا عليها بعنوان الحساب الأول.
كما نأذن بإحداث نظام للادخار من أجل الاستثمار والتشغيل على غرار نظام الادخار من أجل السكن، لتوفير الموارد المالية من جهة، وتمكين الباعثين الجدد من التمويل الذاتي من جهة أخرى.
ولما كانت سوق الشغل مفتوحة أمام الطلبات الجديدة التي ستشهد نسقا تصاعديا يفوق معدله 87 ألف سنويا حتى موفى سنة 2014، علاوة على ما سيميز هيكلة هذه الطلبات من تغير جذري بسبب ارتفاع عدد حاملي الشهادات العليا، نأذن اليوم بتنظيم استشارة وطنية واسعة خلال سنة 2008 حول التشغيل و فاقه، تأخذ في الاعتبار التحولات التي ستطرأ على الاقتصاد التونسي والتطورات التي ستلحق منظومة المهن والتقنيات.
ووعيا بالتغيرات الكبرى التي تعصف بالاقتصاد العالمي، بسبب التقلبات المناخية والارتفاع المشط لأسعار الطاقة والمواد الأساسية، فإننا سنولي خلال الفترة المقبلة كل الاهتمام لترشيد استهلاك الطاقة وتحسين نجاعتها واستعمال الطاقات المتجددة، وتوجيه الاستهلاك نحو الطاقات الأقل كلفة ودعم بعض القطاعات المرتبطة بذلك وفي مقدمتها النقل الجماعي.
ونحن ندعو التونسيين والتونسيات في كل مواقع حياتهم اليومية سواء كانوا بالمنزل، أو في أماكن العمل ولاسيما بالمؤسسات الاقتصادية، أو خلال استعمالهم لمختلف وسائل النقل، إلى توخي سلوك واع واكتساب عادات جديدة للاقتصاد في الطاقة الكهربائية وفي المحروقات، والتوجه عند الإمكان إلى البدائل القائمة على استهلاك الطاقات المتجددة، والتقنيات التي توفر التكاليف وتحد من خسائر المجموعة الوطنية، ومن الضغط الذي فات الحدود على ميزانية الدولة بسبب الدعم.
وليكن واضحا بالنسبة إلى الجميع أن كل المؤشرات تدل اليوم على أن سعر النفط سيواصل ارتفاعه، وأن هذه المادة في ذاتها ستنضب مخزوناتها العالمية بعد فترة زمنية غير طويلة. فلا بد أن يكون الوعي بذلك عميقا والاستعداد له محكما.
وستبذل الدولة خلال الفترة القادمة مجهودا إضافيا لمزيد التركيز على استغلال الطاقات المتجددة وتطوير البحث التكنولوجي والتطبيقات الاقتصادية في هذا المجال.
ونظرا إلى ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب، فقد بادرنا في الفترة الأخيرة بإجراءات تعزز قدراتنا الوطنية في قطاع الزراعات الكبرى وتحسن أداء الفلاحة التونسية وتؤهلها لتحقيق اكتفائنا الغذائي. ونحن نعول على وعي المواطن التونسي وشعوره بالمسؤولية لتفادي التبذير، وترشيد الاستهلاك نظرا إلى الارتفاع المطرد لأسعار المواد الفلاحية.
ودعما للإجراءات التي بادرنا بها لدفع إنتاج الحبوب ولتسوية مديونية قطاع الزراعات الكبرى، نعلن قرارنا بطرح 50% من الفوائض التعاقدية وكامل فوائض التأخير بالنسبة إلى ديون الفلاحين في هذا القطاع، وجدولة أصل الدين وباقي الفوائض على مدة أقصاها 51 سنة بدون تسبقة، مع تمكين الفلاحين الذين تولوا جدولة ديونهم من الانتفاع بقروض جديدة.
ولما كان تدعيم مكاسبنا في الميدان الفلاحي يرتبط كذلك بخدمات المساندة المتصلة به، ومنها الخدمات التي يوفرها قطاع التأمين، في ضمان استمرارية الاستثمارات الفلاحية ومردوديتها والمحافظة على ممتلكات الفلاح، وبعد اطلاعنا على نتائج الاستشارة الوطنية حول نظام التأمين الفلاحي التي كنا أذنا بتنظيمها منذ شهور، نعلن قرارنا بتعميم الإعفاء من الأداء الوحيد على التأمين ليشمل كافة مؤسسات التأمين في مجال تغطية المخاطر الفلاحية.
كما نأذن بالتخفيض ب 40% من التعريفات المطبقة لخطر نزول البرد والحريق الزراعي بالنسبة إلى الزراعات الكبرى والأشجار المثمرة بالمناطق الأكثر عرضة لتلك المخاطر وب 30% بالنسبة إلى خطر هلاك الماشية.
وحرصا منا على التقليص من ثار تشتت المستغلات الفلاحية وتجزئتها، نأذن بتطبيق تخفيضات تصل إلى 20% عند إقبال الفلاحين على التأمين بصفة جماعية أو عند الانخراط فرديا في عقود متجددة سنويا.
واعتمادا على دور الصندوق التونسي للتأمين التعاوني الفلاحي في هذا المجال، نأذن بتغيير الشكل القانوني لهذا الصندوق بما يمكنه من الارتقاء بخدماته وتدعيم شبكة توزيعه بكلفة أقل وبجودة تستجيب لتطلعات الفلاحين.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
لقد شهد معدل الدخل الفردي تطورا متواصلا بنسبة 7.3% سنويا منذ 1987، علاوة على تقلص نسبة الفقر إلى حدود 3.8% بفضل سياساتنا التضامنية وإحكام توجيه الدعم وبرامج الإحاطة والمساعدة إلى أكثر الفئات احتياجا. وهو ما مكن بلادنا من أن تصبح قدوة ومثالا على الصعيد العالمي في مجال التنمية الاجتماعية ومقاومة الفقر.
إننا جعلنا من تأمين مقومات الكرامة للمواطن التونسي هدفا جوهريا في سياساتنا. واعتبرنا الارتقاء بجودة الحياة، وترسيخ التنمية المستديمة خطا ثابتا في مسيرتنا. وقد ساعدنا التحكم في التوازنات المالية والاقتصادية وفي نسبة التضخم على تدعيم القدرة الشرائية للمواطن، حيث تعتبر أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في بلادنا الأقل ارتفاعا مقارنة بالبلدان المماثلة، والتي مازال متوسط الدخل ومستوى الأجور فيها دون ما هو عليه في تونس.
ولم نتخل في أي عام ورغم صعوبات بعض الفترات، عن تكريس الحوار الاجتماعي والتفاوض الدوري بشأن الأجور وظروف العمل في كل القطاعات، بما مكن من زيادة متواصلة دون انقطاع في الأجور، وتحسن مطرد لظروف العمل والإنتاج ولمسارات الارتقاء المهني لمختلف أصناف العاملين بالفكر والساعد.
ونحن نحيي بهذه المناسبة منظماتنا الوطنية وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، مقدرين دورها في ترسيخ هذا الخيار السياسي والاجتماعي وتعزيز أركان السلم الاجتماعية، وما تتحلى به قياداتها وإطاراتها من وعي بالمصلحة الوطنية وحرص على الإسهام الفاعل في مسيرة تونس نحو مزيد التقدم والازدهار.
إن مؤشرات تطور نوعية الحياة بالنسبة إلى المواطن التونسي في المدن والأرياف بلغت اليوم مستويات مرموقة نوهت بها العديد من المؤسسات والهياكل الدولية المختصة.
وقد ارتفع مؤمل الحياة عند الولادة ليبلغ حاليا 74 عاما مقابل 67 عاما سنة 1984. ومن المتوقع أن يقترب من 80 سنة مع حلول سنة 2020.
وتدخلت الدولة في نطاق عنايتها بالفئات الاجتماعية الضعيفة، بإرساء شبكة للوقاية مكنت إلى حد هذا العام من مضاعفة حجم التحويلات الاجتماعية إلى أكثر من 5 مرات أي بما يمثل 19% من الناتج المحلي الإجمالي. وهو ما يعني أن كل أسرة تونسية تنتفع حاليا بمعدل دخل شهري إضافي غير مباشر بقيمة 277 دينارا.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
لقد سبق أن أكدنا أن المرأة التونسية عنوان حداثة وضمان لأصالة شعبنا، وركن من أركان الجمهورية حيث لا يكتمل مفهوم المواطنة بدون مواطنة المرأة.
واليوم أصبحت الشراكة بين المرأة والرجل واقعا ملموسا راسخا بالنص والممارسة في الأسرة والمجتمع والوسط الاقتصادي والثقافي والحياة السياسية. وهو ما تؤكده كل المؤشرات الكمية والنوعية، التي تجعل بلادنا في صدارة دول العالم في هذا المجال.
وقد اقترب حضور المرأة في الحياة الاقتصادية من ثلث الناشطين، دون اعتبار المرأة العاملة في القطاعات غير المهيكلة.
وإذ نعتبر المرأة التونسية اليوم نموذجا يحتذى في محيطها الإقليمي والدولي بفضل ما تمارسه من حقوق وما تنعم به من مكاسب، نحن حريصون على صونها ودعمها في الحياة العامة خاصة، فإننا ندعو الأحزاب السياسية إلى العمل على الترفيع من نسبة حضور المرأة في القائمات التي ستقدمها للانتخابات التشريعية والبلدية، بما يكرس خيارنا الوطني في تعزيز حضور المرأة في المؤسسات الدستورية.
ونعلن قرارنا اعتمادا على موقعنا على رأس التجمع الدستوري الديمقراطي، بأن تكون نسبة حضور المرأة في قائماته للانتخابات التشريعية والبلدية 30% على الأقل.
ونعتقد بأن هذا التمييز الإيجابي للمرأة يتناسق مع تطور مجتمعنا، ويحمل المرأة التونسية مسؤولية كبرى في الحفاظ على مكاسبها وتنميتها.
إننا نزلنا الشباب مكانة جوهرية في خياراتنا وسياساتنا وفسحنا أمامه المجال رحبا للإسهام في الحياة العامة والمشاركة في بناء المستقبل. واتخذنا من الإصغاء إليه والحوار معه منهجا ثابتا، للوقوف عند مشاغله واهتماماته والأخذ بآرائه وتصوراته في رسم المخططات ووضع المشاريع والبرامج.
وأمام التحولات التي يشهدها مجتمعنا والعالم بصورة عامة بفعل التطور الاقتصادي والتكنولوجي وتغير أساليب العمل والإنتاج وأنماط العيش والنشاط الثقافي، نأذن بتنظيم حوار شامل مع الشباب خلال سنة 2008، تشارك في فعالياته كل فئات الشباب التونسي بالداخل والخارج، ويغطي أوسع نطاق من المجالات، ويفضي إلى صياغة ميثاق شبابي حول الثوابت والخيارات الكبرى التي يعمل شبابنا من أجل تكريسها.
وإن في مقدمة تلك الثوابت حب تونس والولاء لها وحدها والتمسك بمقومات شخصيتنا الوطنية والشعور بالانتماء إلى هذا الوطن العزيز والذود عنه والوعي العميق برهانات الحاضر والمستقبل.
كما ندعو كل من يضطلع بدور في مجال التنشئة سواء في مستوى الأسرة أو في مختلف مؤسسات المجتمع وفي مقدمتهم أعضاء الأسرة التربوية والمسؤولون عن دور الثقافة وهياكل الترفيه والنوادي الرياضية، إلى مزيد الحرص على الاضطلاع بالمهمات الموكولة إليهم في تنشئة أبنائنا وبناتنا على السلوك الحضاري وأخلاقياته، ومساعدتهم على تفجير طاقاتهم الإبداعية وقدراتهم الخلاقة في كل الميادين.
ونحن نعمل باستمرار في إطار خياراتنا الكبرى وأولوياتنا الوطنية على تكثيف الاستثمار في الذكاء والمعرفة، وفي الثقافة وفي التعليم والبحث العلمي، لأنها تشكل رهانات المستقبل، ومستقبل شبابنا خاصة.
إن الثقافة سند للتغيير وركن أساسي في مسيرة التنمية الشاملة وتعزيز مقومات الهوية وبناء صرح الحداثة. وقد حققنا للثقافة وأهلها ومبدعيها مكاسب وإنجازات دعمت إشعاع بلادنا ومكانتها في محيطها الحضاري.
ونحن نعلن قرارنا بإحداث مجلس أعلى للثقافة يتركب من شخصيات بارزة من مختلف حقول الثقافة والفن والإبداع يسهم في بلورة الأفكار والتصورات التي تساعد على تطوير هذه القطاعات وتعزيز إشعاع بلادنا في الخارج.
إن حقول الثقافة والإبداع لا تزهر بغير الحرية. وقد حرصنا في التشريع وفي الممارسة على صون حرية الرأي والتعبير وحماية الملكية الفكرية وحقوق المؤلفين. وتعزيزا لهذا الخيار الثابت الذي اعتمدناه منذ التغيير، قررنا إلغاء الرقابة الإدارية على الكتب والمنشورات والأعمال الفنية عند الإيداع القانوني، وجعل الرقابة وإصدار قرارات المنع من النشر من أنظار القضاء وحده، مع الحفاظ على الإيداع من أجل صيانة الذاكرة الوطنية واستمرار تغذية مكتبتنا الوطنية بكل ما ينشر في بلادنا.
ونحن نأذن اليوم بتخصيص مجهود هام انطلاقا من نهاية هذا العام للارتقاء بمختلف الفضاءات الثقافية في المدن والقرى والأحياء الشعبية، وتحسين أداء دور الثقافة بإعطاء الأولوية لتأهيلها وصيانتها وتطوير برامجها وتدعيم تجهيزاتها وإطارها البشري. ونعلن قرارنا بترفيع الاعتمادات المخصصة للصيانة والتعهد والتجهيز بنسبة 10% سنويا وبرمجة انتدابات جديدة لخمسمائة من إطارات التسيير والتنشيط والتقنيين والعملة.
كما نأذن بوضع اتفاقيات شراكة بين دور الثقافة وبين المؤسسات التربوية والجامعية والجمعيات والهياكل المحلية المختلفة، وتفعيل دور المبدعين والمثقفين في كل جهات الجمهورية في تنشيطها وتأطير روادها، فلا حياة لمجتمع لا ينبض حيوية ثقافية.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
إن بناء المجتمع الديمقراطي التعددي قوامه حرية الرأي واحترام حق الاختلاف والتعبير، وثقافة سياسية راقية تحترم علوية القانون ومبادئ الجمهورية. وهو مشروعنا الذي دأبنا على التقدم به خطوة بعد أخرى منذ فجر التغيير.
وقد سبق أن أكدت أن خيار التعددية خيار لا رجعة فيه وأن الأحزاب السياسية في الحكم وفي المعارضة هي أطراف المعادلة الديمقراطية والتنافس النزيه. ولا بد لها أن تكون في مستوى من الفاعلية يخول لها الاضطلاع بأدوارها على أفضل الوجوه.
وكنا دعونا في العام الماضي، الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والحساسيات الفكرية إلى تعميق التأمل في حاضر بلادنا ومستقبلها، ومدنا بآرائها ومقترحاتها، لنستأنس بها بمناسبة احتفالاتنا بالعيد العشرين للتحول.
وإذ نشكر لهم مساهماتهم، ونقدر ما تقدموا به من راء ومقترحات لقيت لدينا كل الاهتمام، فإننا نؤكد للجميع عزمنا الراسخ على مواصلة الارتقاء بمنظومة الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية ومزيد تطوير لياتها وممارستها، إيمانا منا بأن تونس للجميع، يملي علينا حبها واجب الولاء لها والتضحية من أجلها ويعطي كل تونسي وتونسية حق المشاركة في بناء مصيرها.
ولما كانت الأحزاب السياسية تقوم بتأطير المواطنين وتنظيم مشاركتهم في الحياة العامة، نعلن عن مضاعفة المنحة القارة المخصصة لتمويل الأحزاب الممثلة بمجلس النواب بما يساعدها على تعزيز دورها وتكثيف نشاطها. ونعلن عن الترفيع في المنحة المخصصة لصحفها دعما لقدراتها على إبلاغ صوتها والتعريف ببرامجها و رائها.
كما نسدي تعليماتنا بتيسير النشاط بالفضاءات العمومية بالنسبة إلى هذه الأحزاب السياسية وذلك وفقا للتراتيب الجاري بها العمل وكلما كان ذلك ممكنا.
وحرصا منا على إثراء تعددية المشهد الإعلامي الوطني، ومزيد تكريس تنوع الآراء والمواقف، نجدد الدعوة إلى تكثيف فضاءات الحوار في قنواتنا التلفزية ودعم حضور المعارضة في الملفات حول القضايا الوطنية والمستجدات العالمية.
وترسيخا لمسار تطوير مؤسسات قطاع الإعلام، نعلن قرارنا بجعل المجلس الأعلى للاتصال مؤسسة لها ذاتيتها واستقلالها المالي، وسندعم صلاحيات هذا المجلس ليتولى متابعة أداء المؤسسات الإعلامية وخصوصا منها المرئية والمسموعة، وتقويم برامجها ومضامينها، واقتراح التصورات لتطويرها بما يستجيب لخياراتنا وتوجهاتنا الوطنية، ويتماشى مع أخلاقيات المهنة الصحافية والعمل الإعلامي.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
إننا نعمل على توسيع مجال المشاركة في الشأن العام بكل الوسائل المتاحة، ولاسيما بواسطة الانتخاب الذي يعد من أهم مظاهر النضج السياسي في الأنظمة الديمقراطية.
واعتبارا للمنزلة الرفيعة التي يحظى بها الشباب في بلادنا وفي اختياراتنا وبرامجنا، نعلن اليوم قرارنا بتخفيض السن الدنيا للانتخاب من عشرين سنة إلى ثماني عشرة سنة لتمكين شباب تونس من المشاركة على أوسع نطاق في الانتخابات العامة.
وسعيا إلى تقليص عدد مكاتب الاقتراع، نعلن قرارنا بإدخال تنقيح على المجلة الانتخابية يمكن البلديات التي يساوي عدد الناخبين فيها 7000 أو أكثر، من الترفيع في عدد المسجلين منهم في المكتب الواحد من 450 إلى 600 ناخب.
وتعزيزا لمقومات الشفافية والسلامة في العمليات الانتخابية، فإننا نعتزم دعم تركيبة المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات بحضور مختصين في القانون وشخصيات وطنية مشهود لها بالاستقلالية والكفاءة.
وتبقى إرادتنا راسخة كذلك في توسيع حضور التعددية بمؤسساتنا الدستورية، ونعلن بهذه المناسبة قرارنا بمراجعة المجلة الانتخابية، بما يكفل الترفيع في عدد المقاعد المخصصة للمستوى الوطني في انتخابات أعضاء مجلس النواب إلى مستوى 25%.
ولمزيد تفعيل دور الأحزاب في هذا المجلس فإننا نحث على مراجعة أحكام نظامه الداخلي المتعلقة بالمجموعات البرلمانية قصد تيسير تكوينها وذلك بالنزول بعدد المقاعد المشترطة لتكوين مجموعة برلمانية من 10% إلى 5% فقط.
كما نعلن عزمنا على تدعيم حضور مختلف الحساسيات السياسية ضمن قائمة الشخصيات والكفاءات الوطنية المنتمية إلى مجلس المستشارين، وضمن قائمة الشخصيات والكفاءات الوطنية المنتمية إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وإذ اعتمدنا منذ تحول السابع من نوفمبر أسلوب الاستشارة الوطنية رافدا من روافد الحكم الديمقراطي، وفسحنا المجال أمام أحزاب المعارضة لعضوية عدد من المجالس العليا الاستشارية، فإننا نعلن قرارنا بمراجعة النصوص المنظمة للمجالس العليا الاستشارية لتمكين الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب من عضوية كافة هذه المجالس بما يعزز تقاليد التشاور وتبادل الآراء والأفكار بخصوص سير مختلف القطاعات وإثرائها.
ونعلن في مجال دعم الديمقراطية ودفع المسار التعددي عن قرارنا بتنقيح المجلة الانتخابية في اتجاه النزول بالسقف المحدد لعدد المقاعد بالنسبة إلى القائمة الواحدة بكيفية لا تسمح لأي قائمة بأن تتحصل على أكثر من 75% من المقاعد بالمجالس البلدية مهما كان عدد الأصوات التي تحصلت عليها.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
لقد أدرجنا في الدستور أسس حماية حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وترابطها، وأكدنا احترام حرمة الأفراد وكرامتهم. وفي ذلك الإطار يخضع الاحتفاظ وجوبا للرقابة القضائية ولا يتم الإيقاف التحفظي إلا بإذن قضائي. وتكريسا لهذه المبادئ والقيم وتواصلا مع الإصلاحات التي أرسيناها منذ الأيام الأولى للتحول، نأذن اليوم بإعداد مشروع قانون يدعم الضمانات القضائية في فترة الاحتفاظ وذلك بإلزام الجهة القضائية بتعليل قرار التمديد في جال الاحتفاظ حتى يقع تفادي كل تمديد لي في هذه الآجال.
كما سيتضمن مشروع القانون إلزام قاضي التحقيق بتعليل قرار إيقاف ذي الشبهة تحفظيا تأكيدا للصبغة الاستثنائية للإيقاف التحفظي.
وقد عرفت المنظومة الجزائية تطورا لضمان الترابط بين العقوبة والإصلاح من خلال إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة، وإحداث خطة قاضي تنفيذ العقوبات. والواقع يبين أن عقوبة السجن لا تؤدي بالضرورة وظيفتها الردعية بالنسبة إلى المخالفات والجنح البسيطة، لذلك نأذن اليوم بمزيد تطوير هذه المنظومة لتوسيع مجال العقوبة البديلة للسجن بإقرار عقوبة التعويض الجزائي، بحيث يصبح بإمكان المحكمة بالنسبة إلى المخالفات والجنح البسيطة التي تستدعي عقوبة بالسجن قصيرة المدة، أن تلزم المحكوم عليه بأداء تعويض للمتضرر من الجريمة أو برفع الضرر الناجم عنها في أجل تحدده له على أن تقر السجن إذا لم يحصل التعويض في ذلك الأجل.
وقد تبين لنا من خلال متابعة وضعيات بعض المواطنين أن العديد منهم ومن الشباب خاصة يلاقون صعوبة في الحصول على الشغل نظرا للمدة المشترطة لاسترداد الحقوق. لذلك نأذن بإعداد مشروع قانون يراجع شروط استرداد الحقوق وذلك بالتخفيض في المدة المشترطة للحصول على قرار باسترداد الحقوق أو لاسترداد الحقوق بحكم القانون. ونأذن أيضا بإحداث منظومة إعلامية متطورة تربط بين المحاكم والقباضات ومصلحة السجل العدلي، بما يمكن من تحيين بطاقة السوابق في أسرع وقت والحصول على استرداد الحقوق بمجرد توفر الشروط القانونية، وذلك حتى نوفر للذين سبق أن زلت بهم القدم إمكانية الحصول على الشغل في أيسر الظروف ونحفظهم من الرجوع مجددا إلى الانحراف.
لقد حرصنا دوما على رعاية حقوق الطفل وتوفير ظروف تربيته السليمة والمتوازنة ووضعنا الآليات الكفيلة بوقايته من الانحراف.
وسعيا إلى مزيد حماية حقوق الأطفال الرضع من التأثيرات السلبية التي يمكن أن تنشأ من تواجدهم مع أمهاتهم المحكوم عليهن بالسجن، نأذن اليوم بإعداد مشروع قانون يحجر إقامة الأطفال مع أمهاتهم السجينات ويقر إحداث فضاءات خاصة لرعاية الأم الجانحة وإيوائها عندما تكون حاملا أو مرضعة، وذلك طيلة فترة الحمل والرضاعة، على أن تكمل قضاء عقوبتها بمؤسسات السجون والإصلاح العادية المعدة للنسوة عند انتهاء تلك الفترة.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
لقد تمكنا منذ التحول من رسم سياسة خارجية أهلت بلادنا لمسايرة التطورات العالمية ولحماية مصالحنا وتعزيز حضور تونس وإشعاعها بين الأمم. ثوابتنا في ذلك احترام مقومات السيادة الوطنية ومبادئ الشرعية الدولية. ولم تدخر تونس جهدا للإسهام في خدمة السلم والأمن الدوليين وفي إشاعة قيم الاعتدال والحوار والتضامن في علاقاتها مع سائر بلدان العالم.
واعتمدت المجموعة الدولية العديد من المبادرات التونسية على غرار تبنيها سنة 2002 اقتراحنا بإنشاء صندوق عالمي للتضامن لمكافحة الفقر، وتبنيها سنة 2003 اقتراحنا الداعي إلى جعل الرياضة أداة لنشر التربية والصحة والتنمية والسلام في العالم، ودعمها لتنظيم القمة العالمية حول مجتمع المعلومات التي احتضنتها تونس سنة 2005.
وكان لبلادنا دور فاعل في تركيز مقومات الأمن والاستقرار والتعاون في محيطها الإقليمي العربي والإفريقي والمتوسطي، من خلال استضافة عديد المؤتمرات والقمم الناجحة مثل القمة الإفريقية سنة 1994 وقمة 5 زايد 5 سنة 2003، والقمة العربية سنة 2004 التي شكلت محطة بارزة في مسيرة التطوير والتحديث بالمنطقة العربية.
وإننا حريصون على مواصلة الاضطلاع بمسؤولياتنا إزاء التحديات القائمة في العالم ومن بينها انخرام التوازن البيئي، إذ تستعد تونس خلال هذا الشهر لاحتضان الندوة الدولية حول "التضامن الدولي من أجل حماية إفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط من تأثيرات التغيرات المناخية".
كما أننا لا ندخر جهدا للإسهام في معالجة القضايا الدولية المستعصية مثل ظاهرة الإرهاب، وكنا سباقين إلى التحذير منها وإلى الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة للوقوف على الأسباب والعوامل المغذية لها ولوضع مدونة سلوك دولية لمكافحة الإرهاب تلتزم بها كل الأطراف.
وانطلاقا من مبدئنا الثابت إزاء القضية الفلسطينية باعتبارها قضيتنا الأولى، عملنا دوما على نصرتها في مختلف المحافل الإقليمية والدولية. وساهمنا في دعم كل الجهود الرامية إلى تمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من استعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط.
وإننا نأمل أن يتوفق المؤتمر الدولي للسلام المزمع عقده قريبا في التطرق إلى جميع القضايا الجوهرية وفي التوصل إلى تحقيق نتائج ملموسة تمهد إلى تسوية تعزز مقومات الأمن والاستقرار لكافة شعوب المنطقة.
وإننا نجدد الدعوة إزاء التحديات الجسيمة التي تواجهها منطقتنا العربية، إلى تكاتف الجهود الإقليمية والدولية من أجل وضع حد لتردي الأوضاع الأمنية والإنسانية في العراق ومساعدة الشعب العراقي الشقيق على تحقيق الوفاق الوطني والتفرغ لإعادة إعمار بلاده في كنف الوحدة والاستقرار.
كما نأمل أن يتجاوز الشعب اللبناني الشقيق الظروف الصعبة التي يواجهها بما يجنبه ويلات الفتنة ويمكنه من الحفاظ على وحدته الوطنية.
واقتناعا منا بأن اتحاد المغرب العربي خيار استراتيجي لا محيد عنه، فقد عملنا منذ تحول السابع من نوفمبر بمعية أشقائنا قادة الدول المغاربية على بناء صرحه وتركيز مؤسساته تجسيدا لتطلعات شعوبه.
ونحن ندعو اليوم إلى مضاعفة الجهود والمساعي من أجل تجاوز الصعوبات الظرفية التي تحول دون تقدم المسيرة المغاربية وتفعيل دور المؤسسات المغاربية بما يحقق مستويات أعلى من التعاون والاندماج.
كما عملت تونس منذ تحول السابع من نوفمبر على تطوير علاقات الأخوة والتعاون مع الدول العربية الشقيقة وتفعيل العمل العربي المشترك وتحديث هياكله ومؤسساته.
وانطلاقا من الأهمية الإستراتيجية التي نوليها لعلاقات تونس مع أوروبا، عملنا على تطوير علاقات التعاون مع دول هذا الفضاء وإرساء شراكة بناءة مع الاتحاد الأوروبي في إطار الاحترام المتبادل. ونحن نستعد للدخول معه مطلع سنة 2008 في منطقة تبادل حر كأول بلد متوسطي يبلغ هذا المستوى المتقدم من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
كما إننا حريصون على دعم مختلف أطر التعاون الأوروبي المتوسطي. وفي هذا السياق نجدد ترحيبنا بمبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الداعية إلى إنشاء اتحاد متوسطي واستعدادنا للإسهام في صياغة مضمونه وتحديد أهدافه.
أما على الصعيد الإفريقي، فقد حرصنا دوما على تطوير قاعدة التعاون مع مختلف الدول الإفريقية والإسهام بفاعلية في استكمال تركيز مؤسسات الاتحاد الإفريقي وتفعيل دوره في إرساء مقومات الأمن والاستقرار والتنمية بقارتنا.
كما حرصنا من جهة أخرى على تفعيل علاقاتنا المتميزة مع أصدقائنا في مختلف أنحاء العالم وفي مقدمتهم دول القارتين الأمريكية والآسيوية.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
إن طموحنا لتونس طموح كبير، يغذيه تاريخنا العريق وتلاقح الحضارات على هذه الأرض الطيبة التي أنجبت القائد حنبعل والقديس سانت أوغستان والإمام سحنون والعلامة ابن خلدون والمصلح خير الدين والزعيم الحبيب بورقيبة، هذه الأرض التي منها انتشر الدين الإسلامي فعم ربوع المغرب العربي الكبير وجنوب الصحراء والأندلس وتخوم أوروبا.
إن طموحنا لتونس طموح لا يحد، يستمد جذوره من حركة الإصلاح التي ظهرت في القرن التاسع عشر ونادت بالحكم المقيد بالقانون والتي انبثق عنها عهد الأمان سنة 1857، وهو أول ميثاق لحقوق الإنسان وأول دستور مكتوب في العالم العربي.
إن طموحنا لتونس طموح كبير، تغذيه مآثر الحركة الوطنية التي تمتد جذورها إلى حركة الشباب التونسي، والتي أنجبت رجالا بررة وزعماء أفذاذا كتبوا صفحات خالدة في تاريخ بلادنا المجيد.
إن طموحنا لتونس طموح كبير، يستند إلى بيان السابع من نوفمبر، وإلى القيم الخالدة التي جبل عليها شعبنا، قيم التسامح والتضامن والتآزر والتآخي.
فلا مجال للإقصاء والتهميش ولا مجال لبقاء أي كان، متخلفا عن مسيرة النماء والتقدم، كما لا مجال لأن تبقى منطقة واحدة ببلادنا معزولة عن حركية التنمية في الريف كانت أو في المدينة، وفي الشمال كانت أو في الجنوب؛ فالجمهورية التونسية وحدة جغرافية متماسكة تجمع بين كل التونسيين والتونسيات في نسيج متين من التمازج والتكامل والتوافق والتآزر قل نظيره شرقا وغربا. ومن حق كل أبناء تونس وبناتها، أن يشاركوا في دعم حاضر بلادهم وبناء مستقبلها وأن ينعموا بخيراتها ويجنوا ثمار نموها وازدهارها.
إن طموحنا لتونس طموح كبير، يقوم على الوفاق دعامة للاستقرار السياسي، وعلى الحوار قاعدة للسلم الاجتماعي، في ظل دولة القانون والمؤسسات واحترام مبادئ حقوق الإنسان، وتكريس قيم الحرية والمساواة والعدالة. وسيبقى القانون الفيصل بين الجميع، فلا مجال للظلم والتجاوزات ولا مجال لاستغلال النفوذ. كما أنه لا مجال للرأي الواحد والفكر الواحد واللون الواحد، ولا مجال للاستقالة عن المشاركة لأن تونس في حاجة إلى جهود كل أبنائها وبناتها.
ذلك هو مشروع التحول، المشروع الذي أردناه من أجل تونس ولتونس الغد، هذا المشروع الذي عملنا على تجسيمه معا على امتداد العشريتين الماضيتين والذي أردنا أن تكون الذكرى العشرون للتغيير منطلقا لإعطائه نفسا جديدا، نفسا يستمد جذوته من بيان السابع من نوفمبر، وترتكز قاعدته على الإنجازات والإصلاحات غير المسبوقة التي تحققت في بلادنا.
عاشت تونس عزيزة منيعة أبد الدهر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.