إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    كاتب دولة سابق : تعلية السدود لرفع طاقة إستيعابها جزء من الحل    عاجل : ليفربول يعلن رحيل هذا اللاعب نهاية الموسم    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    عميد المهندسين: أكثر من 20 مهندس يغادرون تونس يوميا    طارق مهدي يفجرها: أفارقة جنوب الصحراء "احتلوا" الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    سنتكوم: تفريغ أول حمولة مساعدات على الميناء العائم في غزة    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    منهم قيس سعيد : زعماء عرب غابوا عن قمة البحرين    عاجل : هزة أرضية تضرب ولاية بهذه الدولة العربية    دراسة عالمية: ارتفاع وتيرة الإساءة الأسرية للرجل    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    اليوم : زياد الهاني أمام القضاء من جديد    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة "كوبي "2024: التونسية روعة التليلي تتوج بطلة للعالم في دفع الجلة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    بطولة اسبانيا : برشلونة يتخطى ألميريا بثنائية وريال بيتيس يسقط في فخ التعادل أمام لاس بالماس    أخبار الترجي الرياضي ...فوضى في شبابيك التذاكر والهيئة تفتح النار على الرابطة    اليوم: طقس مغيم بأغلب الجهات وتواصل ارتفاع درجات الحرارة    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    استشهد 3 فلسطينيين برصاص الجيش الصهيوني في الضفة الغربية..#خبر_عاجل    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بناء المجتمع الديموقراطي التعددي قوامه حريّة الرأي واحترام حق الاختلاف والتعبير
خطاب رئيس الدولة في الذكرى العشرين للتحوّل
نشر في الصباح يوم 08 - 11 - 2007

رادس (وات) كان الاحتفال بالذكرى العشرين للتحول حدثا وطنيا كبيرا تميز بالاجتماع الشعبي الذي أشرف عليه صباح أمس الاربعاء الرئيس زين العابدين بن علي وحضرته السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية بالقاعة المغطاة بالمدينة الرياضية 7 نوفمبر التي احتضنت تظاهرات ترحيبية برئيس الدولة شاركت فيها عديد الفرق الشبابية والموسيقية والفنية المتنوعة وفرق الخيالة التي تجسم ثراء المخزون الثقافي الوطني.
وترجل رئيس الدولة الساحة المؤدية الى القاعة المغطاة وسط الجموع الغفيرة من المواطنين والتشكيلات الشبابية ليرد على هتافاتهم وترحيبهم الحار بسيادته في أجواء احتفالية رائعة جسمت المعاني البارزة لهذه الذكرى الوطنية المجيدة ومشاعر العرفان للرئيس زين العابدين بن علي رائد مسيرة الاصلاح والتغيير.

وحيا رئيس الدولة العلم على أنغام النشيد الوطني قبل أن يستعرض تشكيلة شرفية من الجيوش الثلاثة أدت له التحية وصافح سيادة الرئيس مستقبليه أعضاء الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي والامناء العامين للاحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية وعددا من الشخصيات الوطنية وضيوف تونس في احتفالاتها بالذكرى العشرين للتغيير.

وبالقاعة المغطاة التي احتضنت اجتماعا حاشدا ضم الالاف من الاطارات والمواطنين والشباب وممثلي مختلف هياكل النسيج الجمعياتي ورجالات الفكر والثقافة والاعلام خص سيادة الرئيس وحرمه باستقبال كبير.

والقى الرئيس زين العابدين بن علي بالمناسبة خطابا اكد فيه طموحه الكبير لتونس الذي يقوم على الوفاق دعامة للاستقرار السياسي وعلى الحوار قاعدة للسلم الاجتماعي في ظل دولة القانون والمؤسسات واحترام مبادىء حقوق الانسان والمساواة والعدالة.

واوضح رئيس الدولة انه لامجال اليوم في تونس للظلم والتجاوزات ولامجال لاستغلال النفوذ وللراي الواحد واللون الواحد ولا مجال للاستقالة عن المشاركة لان تونس في حاجة الى جهود ابنائها وبناتها مشيرا الى ان ذلك هو مشروع التحول لتونس الغد الذي عمل سيادته على تجسيمه على امتداد العشريتين الماضيتين والذي يريد ان تكون الذكرى 20 للتغيير منطلقا لاعطائه نفسا جديدا يستمد جذوته من بيان السابع من نوفمبر وترتكز قاعدته على الانجازات والاصلاحات غير المسبوقة التي تحققت في البلاد.

واعلن الرئيس زين العابدين بن علي في خطابه عن جملة من القرارات الهامة شملت العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وتطرق من جهة اخرى الى مرتكزات مسيرة التنمية الشاملة على مدى العشريتين الماضيتين وما قامت عليه من تكامل بين الابعاد الاقتصادية والاجتماعية مع احكام التفاعل مع الاصلاحات السياسية والتحديث الثقافي والحضاري مستعرضا ما تحقق في ظلها من انجازات ومكاسب رائدة في كل الميادين وعلى مختلف الاصعدة اخرجت تونس من الاوضاع المتردية التي كانت تعيشها قبل التغيير لتجعل منها اليوم بلدا صاعدا يتقدم بثقة واقتدار نحو المستقبل ليلتحق بركب البلدان الاكثر نماء وازدهارا.

وفيما يلي النص الكامل لخطاب الرئيس زين العابدين بن علي.


«بسم الله الرحمان الرحيم

أيّها المواطنون،

أيّتها المواطنات،

بكل نخوة واعتزاز يحتفل شعبنا اليوم بمرور عشرين عاما على لحظة الإنقاذ وانطلاق مسيرة التغيير والإصلاح والبناء فجر السابع من نوفمبر 1987. عشرون عاما ارتقت فيها بلادنا إلى درجة متميزة من التقدم والازدهار، وحققت خلالها مكاسب وإنجازات كبرى، نفخر بها بين الأمم.

إن في هذا الاحتفال تأكيدا متجددا لوفائنا الدائم لشهداء التحرير ولأجيال المصلحين والرواد والمقاومين والمناضلين، بناة الاستقلال ومؤسسي الدولة الحديثة وفي مقدمتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة. وهي مناسبة نحيي فيها التونسيين والتونسيات من كل الأجيال والفئات والجهات، ونكبر التفافهم حول رسالة التغيير وخياراتنا الوطنية والمشروع الحضاري الأصيل الذي نشيد أركانه مرحلة بعد مرحلة، ولاء مطلقا لتونس، لتونس وحدها، تفانيا في خدمتها وإعلاء لرايتها.

ويسعدني بهذه المناسبة المجيدة أن أمنح "جائزة 7 نوفمبر للإبداع" للشاعر العربي الفلسطيني الكبير محمود درويش الذي نقدر إبداعه ونضاله ووفاءه لقضية شعبه ولمبادئ العدل والحرية في العالم، فقد كانت كلماته دوما تعبيرا خالص الصدق عن إرادة الشعب الفلسطيني الشقيق وكفاحه. وإذ أهنئه بهذا التكريم، فإني أحيي من خلاله كل المبدعين الفلسطينيين مقدرا لهم صمودهم ومكبرا عطاءهم الذي لم ينضب رغم صعوبة أوضاعهم.

كما أهنئ أيضا كل من سينالهم التكريم هذا اليوم بوسام السابع من نوفمبر، مقدرا جهود كل من أسهم في دعم أركان المشروع الحضاري الذي نبنيه معا بنخوة واعتزاز.

إن بيان السابع من نوفمبر الذي توجهنا به إلى شعبنا في ذلك اليوم التاريخي، سيظل مرجعنا ورائدنا في كل ما نقوم به لأجل تونس، لأجل رفعتها وعزتها، ولأجل كل مواطن ومواطنة على أي شبر من أرضها أو خارجها. نعمل مخلصين لتحقيق طموحاتهم في حياة متطورة في كل المجالات يعمها الرفاه والسؤدد، مستمدين عزمنا من حبنا لتونس وغيرتنا عليها، والتفاني في تعزيز مكاسبها والدفاع عن مصالحها والرفع من مكانتها بين الأمم.

عشرون عاما من الإصلاح والتحديث، كان فيها إيماننا راسخا بقداسة الأمانة التاريخية التي نتحملها، وبثقة شعبنا بخياراتنا والتفافه حول توجهاتنا.

لقد كانت بلادنا قبل التغيير، بلدا من العالم الثالث بكل مقاييس التخلف المرتبطة بذلك التصنيف؛ تأزم سياسي خانق، وشروخ اجتماعية عميقة، وغياب للاستقرار والطمأنينة، وأحوال اقتصادية متدنية، ومخاطر جمة تغذيها الأطماع في الداخل والخارج...

لقد كانت الأوضاع متردية في كل الميادين ومهيأة للانفجار في كل حين.

أما اليوم، فها هي تونس بلد صاعد يتقدم بثقة واقتدار نحو المستقبل ليلتحق بركب البلدان الأكثر نماء وازدهارا.

أيّها المواطنون،

أيّتها المواطنات،

إن مسيرة التنمية الشاملة التي اعتمدناها على مدى العشريتين الماضيتين، أولت التكامل بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية منزلة المبدإ الثابت والقيمة الراسخة، وأحكمت التفاعل مع الإصلاحات السياسية والتحديث الثقافي والحضاري الذي تشهده بلادنا منذ سنة 1987.

وهو ما مكن من تحقيق نسق نمو لم يعرف التراجع رغم الصعوبات المناخية، والأزمات الدولية المتتالية، والارتفاع المشط في الأسواق العالمية لأسعار المحروقات والمواد الأساسية والحبوب.

فكان معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدى العشرية الأولى في مستوى 4.3% وارتفع خلال العشرية الثانية إلى 5%. ومن المنتظر أن يسجل هذا العام نسبة 6.3%. ونحن ساعون إلى المحافظة على هذا المستوى على مدى المخطط الحالي للتنمية خدمة لأولوياتنا وأهدافنا في مختلف القطاعات وفي مقدمتها التشغيل.

ومكنت الإصلاحات التي اعتمدناها من انفتاح الاقتصاد الوطني على محيطه الدولي فتطورت الصادرات منذ التحول إلى اليوم بمعدل يفوق 12% سنويا. وتراجع عجز الميزانية ليبقى في حدود معدل 2.9% خلال العشرية الأخيرة.

كما انخفضت نسبة التداين الخارجي من الدخل الوطني من 56.2% إلى 45.6% حاليا. ومن المرتقب أن تنخفض إلى حدود 42.8% مع موفى سنة 2008. كما انخفضت نسبة خدمة الدين الخارجي من المقابيض الجارية من 26.8% سنة 1987 إلى 11.5% فقط مع نهاية هذا العام.

وقد عملنا منذ التغيير على تحسين مناخ الاستثمار وإحداث المؤسسات، وعلى تطوير البنية الأساسية في كل جهات الجمهورية. وهو ما فتح القطاعات الواعدة أمام المبادرة والاستثمار، وعزز حصة القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات بحوالي عشر نقاط.

وقد سجلت بذلك هيكلة الاقتصاد التونسي نقلة نوعية مكنته من تحقيق ارتفاع مهم في مؤشرات الاقتراب من اقتصاد الدول المتقدمة.

وإذ يمثل قطاع الخدمات حاليا 57.2% من الناتج الوطني، فإن في ذلك خير مؤشر على تلك النقلة النوعية خصوصا وقد ارتفعت مساهمة قطاع الخدمات وحده في النمو إلى 51.8% هذا العام.

وقد حرصنا في برنامجنا لتونس الغد على تعزيز هذا التحول النوعي والإسراع بنسقه حتى يكتسب الاقتصاد الوطني مقومات الحداثة التي تميز اقتصاد البلدان المتقدمة.

ولئن قطعنا أشواطا في إنجاز ذلك البرنامج حسب نسق عال تجاوز 88.8% إلى حد اليوم، بالنسبة إلى الأهداف والإجراءات التي أنجزت كليا أو تلك التي تشهد نسقا جيدا من التقدم، فإننا سنواصل دعم برامجه ومشاريعه بمبادرات جديدة.

وإذ تنتفع المؤسسات الصغرى والمتوسطة حاليا بعدة منح استثمار تتعلق بالإحداث والتوسعة والتأهيل، فإننا نعلن قرارنا بسحب نفس الامتيازات الجبائية التي تنتفع بها المؤسسات المذكورة على تلك المنح.

وسعيا إلى مزيد دفع الاستثمار في المؤسسات الصغرى والتقليص في كلفة الاستغلال والنشاط، نعلن قرارنا بإعفاء هذه المؤسسات من الأداء على التكوين المهني والمساهمة في صندوق النهوض بالمساكن لفائدة الأجراء، وذلك لمدة السنوات الثلاث الأولى ابتداء من تاريخ الدخول في طور النشاط الفعلي، بالإضافة إلى ما يتمتع به إحداث المؤسسات الصغرى حاليا من حوافز مالية في شكل منحة استثمار واعتماد مالي لاستكمال هيكلة التمويل يتم إرجاعه على عدة سنوات.

وفي إطار مزيد حفز المبادرة الخاصة ورفع نسق إحداث المؤسسات وتطوير الاستثمار والتشغيل بمناطق التنمية الجهوية، نعلن قرارنا بالترفيع في أسقف الاستثمارات المخول لها الانتفاع بتدخلات صندوق تطوير اللامركزية الصناعية لفائدة الباعثين الجدد والمؤسسات الصغرى والمتوسطة من 4 إلى 5 ملايين دينار، وكذلك بالرفع في أسقف منح الاستثمار لتبلغ مليون دينار بمناطق التنمية الجهوية ذات الأولوية.

وفي السياق نفسه، نأذن بالرفع من نسبة مساهمة صندوق التطوير واللامركزية الصناعية في رأس مال المؤسسات الصغرى والمتوسطة بمناطق التنمية الجهوية ذات الأولوية من 30 إلى 40% من رأس المال الأدنى.

ولما كانت الإدارة العمومية عاملا مؤثرا في دفع التنمية، فإن ذلك يحتم مزيد تفعيل الارتقاء بأدائها إلى الأفضل مركزيا وجهويا ومحليا.

واعتبارا إلى أهمية العنصر البشري في تحقيق ذلك الهدف، فإننا نأذن بالقيام باستشارة وطنية لتحديث الوظيفة العمومية ودعم قدرتها على مواكبة التحولات الجارية.

أيّها المواطنون،

أيّتها المواطنات،

لقد أقررنا في العام الماضي برنامجا تنفيذيا للتحرير المالي الخارجي، كان لتطبيقه أثر إيجابي على المعاملات مع الخارج بالنسبة إلى الأفراد والمؤسسات.

وإذ نتدرج بخطوات ثابتة نحو التحرير الكامل للدينار، فإننا نعلن قرارنا بالسماح للبنوك في التصرف في حدود 20% من موجوداتها بالعملة بالأسواق العالمية مع اعتماد قواعد تصرف حذر في هذا الميدان.

كما نأذن باتخاذ مجموعة إضافية من الإجراءات تفوض للبنوك تسعير آليات تغطية مخاطر الصرف وتداولها وتحديد نسبة الفائدة وتمديد آجالها.

ونحن حريصون في تمويل المخطط الحادي عشر للتنمية على دعم الادخار الوطني والموارد الذاتية. وهو ما يحتم الترفيع من نسبة الادخار من 20.5% حاليا إلى 23.5% مع نهاية المخطط.

ولمزيد تفعيل آليات السوق في هذا المجال، وضمان التناسق لأسعار الفائدة، وإدخال تنافسية أرفع بين البنوك في تعبئة الادخار، نأذن بتحرير نسبة الفائدة الموظفة على الادخار مع إقرار نسبة دنيا لهذا التأجير توازي نسبة السوق النقدية ناقص نقطتين حماية لصغار المدخرين.

وإذ نعتبر التأمين على الحياة ادخارا طويل المدى يجدر تدعيمه سواء لدوره في توفير الموارد المالية أو لمعاضدة صناديق التقاعد الوطنية، فإننا نأذن بتنقيح الإطار الجبائي الخاص به وذلك برفع سقف الطرح بعنوان منح التأمين على الحياة من 2.000 إلى 3.000 دينار سنويا. وبإدخال مزيد من المرونة عليه بتمكين المكتتبين فيه من إعادة شراء عقودهم بعد خمس سنوات شريطة تسوية وضعيتهم الجبائية ودون دفع خطايا التأخير.

أيّها المواطنون،

أيّتها المواطنات،

إن التشغيل أكبر رهاناتنا التنموية والاجتماعية، وقد كثفنا المبادرات والبرامج والآليات لرفع نسق إحداث مواطن الشغل والحد من البطالة.

وأمكن بفضل السياسات والبرامج التي اعتمدناها تحسين نسبة تغطية الطلبات الإضافية للشغل التي تطورت لتفوق نسبة 92% خلال المخطط العاشر بعد أن كانت في حدود 68% في بداية التغيير.

ونظرا إلى الترابط المتين بين الاستثمار والمبادرة والتشغيل، نأذن كذلك بتمكين الأشخاص الطبيعيين من تحويل حسابات ادخارهم إلى حسابات ادخار للاستثمار، دون مطالبتهم بإرجاع الامتيازات التي تحصلوا عليها بعنوان الحساب الأول.

كما نأذن بإحداث نظام للادخار من أجل الاستثمار والتشغيل على غرار نظام الادخار من أجل السكن، لتوفير الموارد المالية من جهة، وتمكين الباعثين الجدد من التمويل الذاتي من جهة أخرى.

ولما كانت سوق الشغل مفتوحة أمام الطلبات الجديدة التي ستشهد نسقا تصاعديا يفوق معدله 87 ألف سنويا حتى موفى سنة 2014، علاوة على ما سيميز هيكلة هذه الطلبات من تغير جذري بسبب ارتفاع عدد حاملي الشهادات العليا، نأذن اليوم بتنظيم استشارة وطنية واسعة خلال سنة 2008 حول التشغيل وآفاقه، تأخذ في الاعتبار التحولات التي ستطرأ على الاقتصاد التونسي والتطورات التي ستلحق منظومة المهن والتقنيات.

ووعيا بالتغيرات الكبرى التي تعصف بالاقتصاد العالمي، بسبب التقلبات المناخية والارتفاع المشط لأسعار الطاقة والمواد الأساسية، فإننا سنولي خلال الفترة المقبلة كل الاهتمام لترشيد استهلاك الطاقة وتحسين نجاعتها واستعمال الطاقات المتجددة، وتوجيه الاستهلاك نحو الطاقات الأقل كلفة ودعم بعض القطاعات المرتبطة بذلك وفي مقدمتها النقل الجماعي.

ونحن ندعو التونسيين والتونسيات في كل مواقع حياتهم اليومية سواء كانوا بالمنزل، أو في أماكن العمل ولاسيما بالمؤسسات الاقتصادية، أو خلال استعمالهم لمختلف وسائل النقل، إلى توخي سلوك واع واكتساب عادات جديدة للاقتصاد في الطاقة الكهربائية وفي المحروقات، والتوجه عند الإمكان إلى البدائل القائمة على استهلاك الطاقات المتجددة، والتقنيات التي توفر التكاليف وتحد من خسائر المجموعة الوطنية، ومن الضغط الذي فات الحدود على ميزانية الدولة بسبب الدعم.

وليكن واضحا بالنسبة إلى الجميع أن كل المؤشرات تدل اليوم على أن سعر النفط سيواصل ارتفاعه، وأن هذه المادة في ذاتها ستنضب مخزوناتها العالمية بعد فترة زمنية غير طويلة. فلا بد أن يكون الوعي بذلك عميقا والاستعداد له محكما.

وستبذل الدولة خلال الفترة القادمة مجهودا إضافيا لمزيد التركيز على استغلال الطاقات المتجددة وتطوير البحث التكنولوجي والتطبيقات الاقتصادية في هذا المجال.

ونظرا إلى ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب، فقد بادرنا في الفترة الأخيرة بإجراءات تعزز قدراتنا الوطنية في قطاع الزراعات الكبرى وتحسن أداء الفلاحة التونسية وتؤهلها لتحقيق اكتفائنا الغذائي. ونحن نعول على وعي المواطن التونسي وشعوره بالمسؤولية لتفادي التبذير، وترشيد الاستهلاك نظرا إلى الارتفاع المطرد لأسعار المواد الفلاحية.

ودعما للإجراءات التي بادرنا بها لدفع إنتاج الحبوب ولتسوية مديونية قطاع الزراعات الكبرى، نعلن قرارنا بطرح 50% من الفوائض التعاقدية وكامل فوائض التأخير بالنسبة إلى ديون الفلاحين في هذا القطاع، وجدولة أصل الدين وباقي الفوائض على مدة أقصاها 15 سنة بدون تسبقة، مع تمكين الفلاحين الذين تولوا جدولة ديونهم من الانتفاع بقروض جديدة.

ولما كان تدعيم مكاسبنا في الميدان الفلاحي يرتبط كذلك بخدمات المساندة المتصلة به، ومنها الخدمات التي يوفرها قطاع التأمين، في ضمان استمرارية الاستثمارات الفلاحية ومردوديتها والمحافظة على ممتلكات الفلاح، وبعد اطلاعنا على نتائج الاستشارة الوطنية حول نظام التأمين الفلاحي التي كنا أذنا بتنظيمها منذ شهور، نعلن قرارنا بتعميم الإعفاء من الأداء الوحيد على التأمين ليشمل كافة مؤسسات التأمين في مجال تغطية المخاطر الفلاحية.

كما نأذن بالتخفيض ب40% من التعريفات المطبقة لخطر نزول البرد والحريق الزراعي بالنسبة إلى الزراعات الكبرى والأشجار المثمرة بالمناطق الأكثر عرضة لتلك المخاطر وب30% بالنسبة إلى خطر هلاك الماشية.

وحرصا منا على التقليص من آثار تشتت المستغلات الفلاحية وتجزئتها، نأذن بتطبيق تخفيضات تصل إلى 20% عند إقبال الفلاحين على التأمين بصفة جماعية أو عند الانخراط فرديا في عقود متجددة سنويا.

واعتمادا على دور الصندوق التونسي للتأمين التعاوني الفلاحي في هذا المجال، نأذن بتغيير الشكل القانوني لهذا الصندوق بما يمكنه من الارتقاء بخدماته وتدعيم شبكة توزيعه بكلفة أقل وبجودة تستجيب لتطلعات الفلاحين.

أيّها المواطنون،

أيّتها المواطنات،

لقد شهد معدل الدخل الفردي تطورا متواصلا بنسبة 7.3% سنويا منذ 1987، علاوة على تقلص نسبة الفقر إلى حدود 3.8% بفضل سياساتنا التضامنية وإحكام توجيه الدعم وبرامج الإحاطة والمساعدة إلى أكثر الفئات احتياجا. وهو ما مكن بلادنا من أن تصبح قدوة ومثالا على الصعيد العالمي في مجال التنمية الاجتماعية ومقاومة الفقر.

إننا جعلنا من تأمين مقومات الكرامة للمواطن التونسي هدفا جوهريا في سياساتنا. واعتبرنا الارتقاء بجودة الحياة، وترسيخ التنمية المستديمة خطا ثابتا في مسيرتنا. وقد ساعدنا التحكم في التوازنات المالية والاقتصادية وفي نسبة التضخم على تدعيم القدرة الشرائية للمواطن، حيث تعتبر أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في بلادنا الأقل ارتفاعا مقارنة بالبلدان المماثلة، والتي مازال متوسط الدخل ومستوى الأجور فيها دون ما هو عليه في تونس.

ولم نتخل في أي عام ورغم صعوبات بعض الفترات، عن تكريس الحوار الاجتماعي والتفاوض الدوري بشأن الأجور وظروف العمل في كل القطاعات، بما مكن من زيادة متواصلة دون انقطاع في الأجور، وتحسن مطرد لظروف العمل والإنتاج ولمسارات الارتقاء المهني لمختلف أصناف العاملين بالفكر والساعد.

ونحن نحيي بهذه المناسبة منظماتنا الوطنية وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، مقدرين دورها في ترسيخ هذا الخيار السياسي والاجتماعي وتعزيز أركان السلم الاجتماعية، وما تتحلى به قياداتها وإطاراتها من وعي بالمصلحة الوطنية وحرص على الإسهام الفاعل في مسيرة تونس نحو مزيد التقدم والازدهار.

إن مؤشرات تطور نوعية الحياة بالنسبة إلى المواطن التونسي في المدن والأرياف بلغت اليوم مستويات مرموقة نوهت بها العديد من المؤسسات والهياكل الدولية المختصة.

وقد ارتفع مؤمل الحياة عند الولادة ليبلغ حاليا 74 عاما مقابل 67 عاما سنة 1984. ومن المتوقع أن يقترب من 80 سنة مع حلول سنة 2020.

وتدخلت الدولة في نطاق عنايتها بالفئات الاجتماعية الضعيفة، بإرساء شبكة للوقاية مكنت إلى حد هذا العام من مضاعفة حجم التحويلات الاجتماعية إلى أكثر من 5 مرات أي بما يمثل 19% من الناتج المحلي الإجمالي. وهو ما يعني أن كل أسرة تونسية تنتفع حاليا بمعدل دخل شهري إضافي غير مباشر بقيمة 277 دينارا.

أيّها المواطنون،

أيّتها المواطنات،

لقد سبق أن أكدنا أن المرأة التونسية عنوان حداثة وضمان لأصالة شعبنا، وركن من أركان الجمهورية حيث لا يكتمل مفهوم المواطنة بدون مواطنة المرأة.

واليوم أصبحت الشراكة بين المرأة والرجل واقعا ملموسا راسخا بالنص والممارسة في الأسرة والمجتمع والوسط الاقتصادي والثقافي والحياة السياسية. وهو ما تؤكده كل المؤشرات الكمية والنوعية، التي تجعل بلادنا في صدارة دول العالم في هذا المجال.

وقد اقترب حضور المرأة في الحياة الاقتصادية من ثلث الناشطين، دون اعتبار المرأة العاملة في القطاعات غير المهيكلة.

وإذ نعتبر المرأة التونسية اليوم نموذجا يحتذى في محيطها الإقليمي والدولي بفضل ما تمارسه من حقوق وما تنعم به من مكاسب، نحن حريصون على صونها ودعمها في الحياة العامة خاصة، فإننا ندعو الأحزاب السياسية إلى العمل على الترفيع من نسبة حضور المرأة في القائمات التي ستقدمها للانتخابات التشريعية والبلدية، بما يكرس خيارنا الوطني في تعزيز حضور المرأة في المؤسسات الدستورية.

SPAN lang=AR-SA dir=rtl style="FONT-SIZE: 12pt; FONT-FAMILY: 'Arabic Transparent'; mso-ascii-font-family: 'Times New Roman'; mso-farea


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.