كاتب دولة سابق : تعلية السدود لرفع طاقة إستيعابها جزء من الحل    عاجل : ليفربول يعلن رحيل هذا اللاعب نهاية الموسم    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    اليوم : زياد الهاني أمام القضاء من جديد    عميد المهندسين: أكثر من 20 مهندس يغادرون تونس يوميا    طارق مهدي يفجرها: أفارقة جنوب الصحراء "احتلوا" الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    سنتكوم: تفريغ أول حمولة مساعدات على الميناء العائم في غزة    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    منهم قيس سعيد : زعماء عرب غابوا عن قمة البحرين    عاجل : هزة أرضية تضرب ولاية بهذه الدولة العربية    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    دراسة عالمية: ارتفاع وتيرة الإساءة الأسرية للرجل    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة "كوبي "2024: التونسية روعة التليلي تتوج بطلة للعالم في دفع الجلة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    بطولة اسبانيا : برشلونة يتخطى ألميريا بثنائية وريال بيتيس يسقط في فخ التعادل أمام لاس بالماس    أخبار الترجي الرياضي ...فوضى في شبابيك التذاكر والهيئة تفتح النار على الرابطة    أخبار الملعب التونسي ..تشكيلة هجومية وآمال كبيرة في الكأس    اليوم: طقس مغيم بأغلب الجهات وتواصل ارتفاع درجات الحرارة    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    استشهد 3 فلسطينيين برصاص الجيش الصهيوني في الضفة الغربية..#خبر_عاجل    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بناء المجتمع الديموقراطي التعددي قوامه حريّة الرأي واحترام حق الاختلاف والتعبير
بقية نص خطاب رئيس الدولة في الذكرى العشرين للتحوّل
نشر في الصباح يوم 08 - 11 - 2007

ونعلن قرارنا اعتمادا على موقعنا على رأس التجمع الدستوري الديمقراطي، بأن تكون نسبة حضور المرأة في قائماته للانتخابات التشريعية والبلدية 30% على الأقل.
ونعتقد بأن هذا التمييز الإيجابي للمرأة يتناسق مع تطور مجتمعنا، ويحمل المرأة التونسية مسؤولية كبرى في الحفاظ على مكاسبها وتنميتها.
إننا نزلنا الشباب مكانة جوهرية في خياراتنا وسياساتنا وفسحنا أمامه المجال رحبا للإسهام في الحياة العامة والمشاركة في بناء المستقبل. واتخذنا من الإصغاء إليه والحوار معه منهجا ثابتا، للوقوف عند مشاغله واهتماماته والأخذ بآرائه وتصوراته في رسم المخططات ووضع المشاريع والبرامج.
وأمام التحولات التي يشهدها مجتمعنا والعالم بصورة عامة بفعل التطور الاقتصادي والتكنولوجي وتغير أساليب العمل والإنتاج وأنماط العيش والنشاط الثقافي، نأذن بتنظيم حوار شامل مع الشباب خلال سنة 2008، تشارك في فعالياته كل فئات الشباب التونسي بالداخل والخارج، ويغطي أوسع نطاق من المجالات، ويفضي إلى صياغة ميثاق شبابي حول الثوابت والخيارات الكبرى التي يعمل شبابنا من أجل تكريسها.
وإن في مقدمة تلك الثوابت حب تونس والولاء لها وحدها والتمسك بمقومات شخصيتنا الوطنية والشعور بالانتماء إلى هذا الوطن العزيز والذود عنه والوعي العميق برهانات الحاضر والمستقبل.
كما ندعو كل من يضطلع بدور في مجال التنشئة سواء في مستوى الأسرة أو في مختلف مؤسسات المجتمع وفي مقدمتهم أعضاء الأسرة التربوية والمسؤولون عن دور الثقافة وهياكل الترفيه والنوادي الرياضية، إلى مزيد الحرص على الاضطلاع بالمهمات الموكولة إليهم في تنشئة أبنائنا وبناتنا على السلوك الحضاري وأخلاقياته، ومساعدتهم على تفجير طاقاتهم الإبداعية وقدراتهم الخلاقة في كل الميادين.
ونحن نعمل باستمرار في إطار خياراتنا الكبرى وأولوياتنا الوطنية على تكثيف الاستثمار في الذكاء والمعرفة، وفي الثقافة وفي التعليم والبحث العلمي، لأنها تشكل رهانات المستقبل، ومستقبل شبابنا خاصة.
إن الثقافة سند للتغيير وركن أساسي في مسيرة التنمية الشاملة وتعزيز مقومات الهوية وبناء صرح الحداثة. وقد حققنا للثقافة وأهلها ومبدعيها مكاسب وإنجازات دعمت إشعاع بلادنا ومكانتها في محيطها الحضاري.
ونحن نعلن قرارنا بإحداث مجلس أعلى للثقافة يتركب من شخصيات بارزة من مختلف حقول الثقافة والفن والإبداع يسهم في بلورة الأفكار والتصورات التي تساعد على تطوير هذه القطاعات وتعزيز إشعاع بلادنا في الخارج.
إن حقول الثقافة والإبداع لا تزهر بغير الحرية. وقد حرصنا في التشريع وفي الممارسة على صون حرية الرأي والتعبير وحماية الملكية الفكرية وحقوق المؤلفين. وتعزيزا لهذا الخيار الثابت الذي اعتمدناه منذ التغيير، قررنا إلغاء الرقابة الإدارية على الكتب والمنشورات والأعمال الفنية عند الإيداع القانوني، وجعل الرقابة وإصدار قرارات المنع من النشر من أنظار القضاء وحده، مع الحفاظ على الإيداع من أجل صيانة الذاكرة الوطنية واستمرار تغذية مكتبتنا الوطنية بكل ما ينشر في بلادنا.
ونحن نأذن اليوم بتخصيص مجهود هام انطلاقا من نهاية هذا العام للارتقاء بمختلف الفضاءات الثقافية في المدن والقرى والأحياء الشعبية، وتحسين أداء دور الثقافة بإعطاء الأولوية لتأهيلها وصيانتها وتطوير برامجها وتدعيم تجهيزاتها وإطارها البشري. ونعلن قرارنا بترفيع الاعتمادات المخصصة للصيانة والتعهد والتجهيز بنسبة 10% سنويا وبرمجة انتدابات جديدة لخمسمائة من إطارات التسيير والتنشيط والتقنيين والعملة.
كما نأذن بوضع اتفاقيات شراكة بين دور الثقافة وبين المؤسسات التربوية والجامعية والجمعيات والهياكل المحلية المختلفة، وتفعيل دور المبدعين والمثقفين في كل جهات الجمهورية في تنشيطها وتأطير روادها، فلا حياة لمجتمع لا ينبض حيوية ثقافية.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
إن بناء المجتمع الديمقراطي التعددي قوامه حرية الرأي واحترام حق الاختلاف والتعبير، وثقافة سياسية راقية تحترم علوية القانون ومبادئ الجمهورية. وهو مشروعنا الذي دأبنا على التقدم به خطوة بعد أخرى منذ فجر التغيير.
وقد سبق أن أكدت أن خيار التعددية خيار لا رجعة فيه وأن الأحزاب السياسية في الحكم وفي المعارضة هي أطراف المعادلة الديمقراطية والتنافس النزيه. ولا بد لها أن تكون في مستوى من الفاعلية يخول لها الاضطلاع بأدوارها على أفضل الوجوه.
وكنا دعونا في العام الماضي، الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والحساسيات الفكرية إلى تعميق التأمل في حاضر بلادنا ومستقبلها، ومدنا بآرائها ومقترحاتها، لنستأنس بها بمناسبة احتفالاتنا بالعيد العشرين للتحول.
وإذ نشكر لهم مساهماتهم، ونقدر ما تقدموا به من آراء ومقترحات لقيت لدينا كل الاهتمام، فإننا نؤكد للجميع عزمنا الراسخ على مواصلة الارتقاء بمنظومة الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية ومزيد تطوير آلياتها وممارستها، إيمانا منا بأن تونس للجميع، يملي علينا حبها واجب الولاء لها والتضحية من أجلها ويعطي كل تونسي وتونسية حق المشاركة في بناء مصيرها.
ولما كانت الأحزاب السياسية تقوم بتأطير المواطنين وتنظيم مشاركتهم في الحياة العامة، نعلن عن مضاعفة المنحة القارة المخصصة لتمويل الأحزاب الممثلة بمجلس النواب بما يساعدها على تعزيز دورها وتكثيف نشاطها. ونعلن عن الترفيع في المنحة المخصصة لصحفها دعما لقدراتها على إبلاغ صوتها والتعريف ببرامجها و آرائها.
كما نسدي تعليماتنا بتيسير النشاط بالفضاءات العمومية بالنسبة إلى هذه الأحزاب السياسية وذلك وفقا للتراتيب الجاري بها العمل وكلما كان ذلك ممكنا.
وحرصا منا على إثراء تعددية المشهد الإعلامي الوطني، ومزيد تكريس تنوع الآراء والمواقف، نجدد الدعوة إلى تكثيف فضاءات الحوار في قنواتنا التلفزية ودعم حضور المعارضة في الملفات حول القضايا الوطنية والمستجدات العالمية.
وترسيخا لمسار تطوير مؤسسات قطاع الإعلام، نعلن قرارنا بجعل المجلس الأعلى للاتصال مؤسسة لها ذاتيتها واستقلالها المالي، وسندعم صلاحيات هذا المجلس ليتولى متابعة أداء المؤسسات الإعلامية وخصوصا منها المرئية والمسموعة، وتقويم برامجها ومضامينها، واقتراح التصورات لتطويرها بما يستجيب لخياراتنا وتوجهاتنا الوطنية، ويتماشى مع أخلاقيات المهنة الصحافية والعمل الإعلامي.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
إننا نعمل على توسيع مجال المشاركة في الشأن العام بكل الوسائل المتاحة، ولاسيما بواسطة الانتخاب الذي يعد من أهم مظاهر النضج السياسي في الأنظمة الديمقراطية.
واعتبارا للمنزلة الرفيعة التي يحظى بها الشباب في بلادنا وفي اختياراتنا وبرامجنا، نعلن اليوم قرارنا بتخفيض السن الدنيا للانتخاب من عشرين سنة إلى ثماني عشرة سنة لتمكين شباب تونس من المشاركة على أوسع نطاق في الانتخابات العامة.
وسعيا إلى تقليص عدد مكاتب الاقتراع، نعلن قرارنا بإدخال تنقيح على المجلة الانتخابية يمكن البلديات التي يساوي عدد الناخبين فيها 7000 أو أكثر، من الترفيع في عدد المسجلين منهم في المكتب الواحد من 450 إلى 600 ناخب.
وتعزيزا لمقومات الشفافية والسلامة في العمليات الانتخابية، فإننا نعتزم دعم تركيبة المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات بحضور مختصين في القانون وشخصيات وطنية مشهود لها بالاستقلالية والكفاءة.
وتبقى إرادتنا راسخة كذلك في توسيع حضور التعددية بمؤسساتنا الدستورية، ونعلن بهذه المناسبة قرارنا بمراجعة المجلة الانتخابية، بما يكفل الترفيع في عدد المقاعد المخصصة للمستوى الوطني في انتخابات أعضاء مجلس النواب إلى مستوى 25%.
ولمزيد تفعيل دور الأحزاب في هذا المجلس فإننا نحث على مراجعة أحكام نظامه الداخلي المتعلقة بالمجموعات البرلمانية قصد تيسير تكوينها وذلك بالنزول بعدد المقاعد المشترطة لتكوين مجموعة برلمانية من 10% إلى 5% فقط.
كما نعلن عزمنا على تدعيم حضور مختلف الحساسيات السياسية ضمن قائمة الشخصيات والكفاءات الوطنية المنتمية إلى مجلس المستشارين، وضمن قائمة الشخصيات والكفاءات الوطنية المنتمية إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وإذ اعتمدنا منذ تحول السابع من نوفمبر أسلوب الاستشارة الوطنية رافدا من روافد الحكم الديمقراطي، وفسحنا المجال أمام أحزاب المعارضة لعضوية عدد من المجالس العليا الاستشارية، فإننا نعلن قرارنا بمراجعة النصوص المنظمة للمجالس العليا الاستشارية لتمكين الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب من عضوية كافة هذه المجالس بما يعزز تقاليد التشاور وتبادل الآراء والأفكار بخصوص سير مختلف القطاعات وإثرائها.
ونعلن في مجال دعم الديمقراطية ودفع المسار التعددي عن قرارنا بتنقيح المجلة الانتخابية في اتجاه النزول بالسقف المحدد لعدد المقاعد بالنسبة إلى القائمة الواحدة بكيفية لا تسمح لأية قائمة بأن تتحصل على أكثر من 75% من المقاعد بالمجالس البلدية مهما كان عدد الأصوات التي تحصلت عليها.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
لقد أدرجنا في الدستور أسس حماية حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وترابطها، وأكدنا احترام حرمة الأفراد وكرامتهم. وفي ذلك الإطار يخضع الاحتفاظ وجوبا للرقابة القضائية ولا يتم الإيقاف التحفظي إلا بإذن قضائي. وتكريسا لهذه المبادئ والقيم وتواصلا مع الإصلاحات التي أرسيناها منذ الأيام الأولى للتحول، نأذن اليوم بإعداد مشروع قانون يدعم الضمانات القضائية في فترة الاحتفاظ وذلك بإلزام الجهة القضائية بتعليل قرار التمديد في آجال الاحتفاظ حتى يقع تفادي كل تمديد آلي في هذه الآجال.
كما سيتضمن مشروع القانون إلزام قاضي التحقيق بتعليل قرار إيقاف ذي الشبهة تحفظيا تأكيدا للصبغة الاستثنائية للإيقاف التحفظي.
وقد عرفت المنظومة الجزائية تطورا لضمان الترابط بين العقوبة والإصلاح من خلال إرساء عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة، وإحداث خطة قاضي تنفيذ العقوبات. والواقع يبين أن عقوبة السجن لا تؤدي بالضرورة وظيفتها الردعية بالنسبة إلى المخالفات والجنح البسيطة، لذلك نأذن اليوم بمزيد تطوير هذه المنظومة لتوسيع مجال العقوبة البديلة للسجن بإقرار عقوبة التعويض الجزائي، بحيث يصبح بإمكان المحكمة بالنسبة إلى المخالفات والجنح البسيطة التي تستدعي عقوبة بالسجن قصيرة المدة، أن تلزم المحكوم عليه بأداء تعويض للمتضرر من الجريمة أو برفع الضرر الناجم عنها في أجل تحدده له على أن تقر السجن إذا لم يحصل التعويض في ذلك الأجل.
وقد تبين لنا من خلال متابعة وضعيات بعض المواطنين أن العديد منهم ومن الشباب خاصة يلاقون صعوبة في الحصول على الشغل نظرا للمدة المشترطة لاسترداد الحقوق. لذلك نأذن بإعداد مشروع قانون يراجع شروط استرداد الحقوق وذلك بالتخفيض في المدة المشترطة للحصول على قرار باسترداد الحقوق أو لاسترداد الحقوق بحكم القانون. ونأذن أيضا بإحداث منظومة إعلامية متطورة تربط بين المحاكم والقباضات ومصلحة السجل العدلي، بما يمكن من تحيين بطاقة السوابق في أسرع وقت والحصول على استرداد الحقوق بمجرد توفر الشروط القانونية، وذلك حتى نوفر للذين سبق أن زلت بهم القدم إمكانية الحصول على الشغل في أيسر الظروف ونحفظهم من الرجوع مجددا إلى الانحراف.
لقد حرصنا دوما على رعاية حقوق الطفل وتوفير ظروف تربيته السليمة والمتوازنة ووضعنا الآليات الكفيلة بوقايته من الانحراف.
وسعيا إلى مزيد حماية حقوق الأطفال الرضع من التأثيرات السلبية التي يمكن أن تنشأ من تواجدهم مع أمهاتهم المحكوم عليهن بالسجن، نأذن اليوم بإعداد مشروع قانون يحجر إقامة الأطفال مع أمهاتهم السجينات ويقر إحداث فضاءات خاصة لرعاية الأم الجانحة وإيوائها عندما تكون حاملا أو مرضعة، وذلك طيلة فترة الحمل والرضاعة، على أن تكمل قضاء عقوبتها بمؤسسات السجون والإصلاح العادية المعدة للنسوة عند انتهاء تلك الفترة.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
لقد تمكنا منذ التحول من رسم سياسة خارجية أهلت بلادنا لمسايرة التطورات العالمية ولحماية مصالحنا وتعزيز حضور تونس وإشعاعها بين الأمم، ثوابتنا في ذلك احترام مقومات السيادة الوطنية ومبادئ الشرعية الدولية. ولم تدخر تونس جهدا للإسهام في خدمة السلم والأمن الدوليين وفي إشاعة قيم الاعتدال والحوار والتضامن في علاقاتها مع سائر بلدان العالم.
واعتمدت المجموعة الدولية العديد من المبادرات التونسية على غرار تبنيها سنة 2002 اقتراحنا بإنشاء صندوق عالمي للتضامن لمكافحة الفقر، وتبنيها سنة 2003 اقتراحنا الداعي إلى جعل الرياضة أداة لنشر التربية والصحة والتنمية والسلام في العالم، ودعمها لتنظيم القمة العالمية حول مجتمع المعلومات التي احتضنتها تونس سنة 2005.
وكان لبلادنا دور فاعل في تركيز مقومات الأمن والاستقرار والتعاون في محيطها الإقليمي العربي والإفريقي والمتوسطي، من خلال استضافة عديد المؤتمرات والقمم الناجحة مثل القمة الإفريقية سنة 1994 وقمة 5 زايد 5 سنة 2003، والقمة العربية سنة 2004 التي شكلت محطة بارزة في مسيرة التطوير والتحديث بالمنطقة العربية.
وإننا حريصون على مواصلة الاضطلاع بمسؤولياتنا إزاء التحديات القائمة في العالم ومن بينها انخرام التوازن البيئي، إذ تستعد تونس خلال هذا الشهر لاحتضان الندوة الدولية حول "التضامن الدولي من أجل حماية إفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط من تأثيرات التغيرات المناخية".
كما أننا لا ندخر جهدا للإسهام في معالجة القضايا الدولية المستعصية مثل ظاهرة الإرهاب، وكنا سباقين إلى التحذير منها وإلى الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة للوقوف على الأسباب والعوامل المغذية لها ولوضع مدونة سلوك دولية لمكافحة الإرهاب تلتزم بها كل الأطراف.
وانطلاقا من مبدئنا الثابت إزاء القضية الفلسطينية باعتبارها قضيتنا الأولى، عملنا دوما على نصرتها في مختلف المحافل الإقليمية والدولية. وساهمنا في دعم كل الجهود الرامية إلى تمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من استعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط.
وإننا نأمل أن يتوفق المؤتمر الدولي للسلام المزمع عقده قريبا في التطرق إلى جميع القضايا الجوهرية وفي التوصل إلى تحقيق نتائج ملموسة تمهد إلى تسوية تعزز مقومات الأمن والاستقرار لكافة شعوب المنطقة.
وإننا نجدد الدعوة إزاء التحديات الجسيمة التي تواجهها منطقتنا العربية، إلى تكاتف الجهود الإقليمية والدولية من أجل وضع حد لتردي الأوضاع الأمنية والإنسانية في العراق ومساعدة الشعب العراقي الشقيق على تحقيق الوفاق الوطني والتفرغ لإعادة إعمار بلاده في كنف الوحدة والاستقرار.
كما نأمل أن يتجاوز الشعب اللبناني الشقيق الظروف الصعبة التي يواجهها بما يجنبه ويلات الفتنة ويمكنه من الحفاظ على وحدته الوطنية.
واقتناعا منا بأن اتحاد المغرب العربي خيار استراتيجي لا محيد عنه، فقد عملنا منذ تحول السابع من نوفمبر بمعية أشقائنا قادة الدول المغاربية على بناء صرحه وتركيز مؤسساته تجسيدا لتطلعات شعوبه.
ونحن ندعو اليوم إلى مضاعفة الجهود والمساعي من أجل تجاوز الصعوبات الظرفية التي تحول دون تقدم المسيرة المغاربية وتفعيل دور المؤسسات المغاربية بما يحقق مستويات أعلى من التعاون والاندماج.
كما عملت تونس منذ تحول السابع من نوفمبر على تطوير علاقات الأخوة والتعاون مع الدول العربية الشقيقة وتفعيل العمل العربي المشترك وتحديث هياكله ومؤسساته.
وانطلاقا من الأهمية الإستراتيجية التي نوليها لعلاقات تونس مع أوروبا، عملنا على تطوير علاقات التعاون مع دول هذا الفضاء وإرساء شراكة بناءة مع الاتحاد الأوروبي في إطار الاحترام المتبادل. ونحن نستعد للدخول معه مطلع سنة 2008 في منطقة تبادل حر كأول بلد متوسطي يبلغ هذا المستوى المتقدم من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
كما إننا حريصون على دعم مختلف أطر التعاون الأوروبي المتوسطي. وفي هذا السياق نجدد ترحيبنا بمبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الداعية إلى إنشاء اتحاد متوسطي واستعدادنا للإسهام في صياغة مضمونه وتحديد أهدافه.
أما على الصعيد الإفريقي، فقد حرصنا دوما على تطوير قاعدة التعاون مع مختلف الدول الإفريقية والإسهام بفاعلية في استكمال تركيز مؤسسات الاتحاد الإفريقي وتفعيل دوره في إرساء مقومات الأمن والاستقرار والتنمية بقارتنا.
كما حرصنا من جهة أخرى على تفعيل علاقاتنا المتميزة مع أصدقائنا في مختلف أنحاء العالم وفي مقدمتهم دول القارتين الأمريكية والآسيوية.
أيّها المواطنون،
أيّتها المواطنات،
إن طموحنا لتونس طموح كبير، يغذيه تاريخنا العريق وتلاقح الحضارات على هذه الأرض الطيبة التي أنجبت القائد حنبعل والقديس سانت أوغستان والإمام سحنون والعلامة ابن خلدون والمصلح خير الدين والزعيم الحبيب بورقيبة، هذه الأرض التي منها انتشر الدين الإسلامي فعم ربوع المغرب العربي الكبير وجنوب الصحراء والأندلس وتخوم أوروبا.
إن طموحنا لتونس طموح لا يحد، يستمد جذوره من حركة الإصلاح التي ظهرت في القرن التاسع عشر ونادت بالحكم المقيد بالقانون والتي انبثق عنها عهد الأمان سنة 1857، وهو أول ميثاق لحقوق الإنسان وأول دستور مكتوب في العالم العربي.
إن طموحنا لتونس طموح كبير، تغذيه مآثر الحركة الوطنية التي تمتد جذورها إلى حركة الشباب التونسي، والتي أنجبت رجالا بررة وزعماء أفذاذا كتبوا صفحات خالدة في تاريخ بلادنا المجيد.
إن طموحنا لتونس طموح كبير، يستند إلى بيان السابع من نوفمبر، وإلى القيم الخالدة التي جبل عليها شعبنا، قيم التسامح والتضامن والتآزر والتآخي.
فلا مجال للإقصاء والتهميش ولا مجال لبقاء أي كان، متخلفا عن مسيرة النماء والتقدم، كما لا مجال لأن تبقى منطقة واحدة ببلادنا معزولة عن حركية التنمية في الريف كانت أو في المدينة، وفي الشمال كانت أو في الجنوب؛ فالجمهورية التونسية وحدة جغرافية متماسكة تجمع بين كل التونسيين والتونسيات في نسيج متين من التمازج والتكامل والتوافق والتآزر قل نظيره شرقا وغربا. ومن حق كل أبناء تونس وبناتها، أن يشاركوا في دعم حاضر بلادهم وبناء مستقبلها وأن ينعموا بخيراتها ويجنوا ثمار نموها وازدهارها.
إن طموحنا لتونس طموح كبير، يقوم على الوفاق دعامة للاستقرار السياسي، وعلى الحوار قاعدة للسلم الاجتماعي، في ظل دولة القانون والمؤسسات واحترام مبادئ حقوق الإنسان، وتكريس قيم الحرية والمساواة والعدالة. وسيبقى القانون الفيصل بين الجميع، فلا مجال للظلم والتجاوزات ولا مجال لاستغلال النفوذ. كما أنه لا مجال للرأي الواحد والفكر الواحد واللون الواحد، ولا مجال للاستقالة عن المشاركة لأن تونس في حاجة إلى جهود كل أبنائها وبناتها.
ذلك هو مشروع التحول، المشروع الذي أردناه من أجل تونس ولتونس الغد، هذا المشروع الذي عملنا على تجسيمه معا على امتداد العشريتين الماضيتين والذي أردنا أن تكون الذكرى العشرون للتغيير منطلقا لإعطائه نفسا جديدا، نفسا يستمد جذوته من بيان السابع من نوفمبر، وترتكز قاعدته على الإنجازات والإصلاحات غير المسبوقة التي تحققت في بلادنا.
عاشت تونس عزيزة منيعة أبد الدهر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.