سوسة: إنقاذ مركب صيد بحري على متنه 11 شخصا من الغرق    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    بطولة الرابطة المحترفة الثانية : حكام الجولة التاسعة عشرة    الرابطة الأولى: كلاسيكو مشوق بين النجم الساحلي والنادي الإفريقي .. وحوار واعد بين الملعب التونسي والإتحاد المنستيري    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    المنيهلة - أريانة: إصابة 5 ركاب في حادث مرور    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    أجور مساعدي الصيادلة مجمدة منذ 2022 ماالقصة ؟    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    عاجل/ منخفض جديد وعودة للتقلّبات الجويّة بداية من هذا التاريخ..    الاطاحة بعنصر خطير نفذ سلسلة من "البراكاجات"..وهذه التفاصيل..    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    جندوبة : اندلاع حريق بمنزل و الحماية المدنية تتدخل    مؤسس "باينانس" قد يواجه السجن لمدة 3 سنوات    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    الإعلان عن نتائج بحث علمي حول تيبّس ثمار الدلاع .. التفاصيل    "ألفابت" تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    قوات الاحتلال الإسرائيلية تقتحم مدينة نابلس..#خبر_عاجل    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    تواصل نقص الأدوية في الصيدليات التونسية    مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    رحلة بحرية على متنها 5500 سائح ترسو بميناء حلق الوادي    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    هذا فحوى لقاء رئيس الجمهورية بمحافظ البنك المركزي..    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي تتراجع بنسبة 3ر17 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    رئيس الجمهورية يتسلّم أوراق اعتماد سفير تونس باندونيسيا    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    عاجل: غرق مركب صيد على متنه بحّارة في المهدية..    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بن على ل"لوفيغارو"الفرنسية الديمقراطية والحرّية فى تونس واقع معيش

أدلى الرئيس التونسى زين العابدين بن على بحديث لصحيفة "لوفيغارو ماغازين" الفرنسية تمّيز بشموله لعدة قضايا محلية تونسية وإقليمية ودولية.
فتونسيا تناول الحديث بالتحليل والتقييم حصيلة العقدين الماضيين من المكاسب والإنجازات ومقاربات تونس بشأن قضايا التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
وإقليميا عرض الرئيس بن على فى حديثه للتعاون المتوسّطى ولآفاق مؤتمر السلام المرتقب ولمخاطر فشله.
أما دوليا فعرض الرئيس بن على لمخاطر الإرهاب مجدّدا الدعوة لتوحيد الجهود لمقاومتة عارضا تجربة بلاده فى اجتثاث شأفته عبر تقديم الأساليب الفكرية والاجتماعية على الوسائل الأمنية، منتقدا عدم كفاية الجهود الأممية فى هذا الباب.
وتطرّق الحديث فى آخره لبعض التفاصيل التى يكتشف المطّلع عليها رئيسا إنسانى المنزع لا يستنكف من التذكير بأصوله الاجتماعية البسيطة ما يجعله مرهف الإحساس بفقراء بلده الذين لا تتجاوز نسبتهم 8ر3% ، بل لا يتردد فى النزول إلى الشارع بمفرده والوقوف بنفسه على أوضاع مواطنيه.وفى الجرد التالى المزيد من تفاصيل الحديث:
حصيلة الأعمال شاهد على الأقوال
الحديث انطلق بسؤال عن حصيلة عشرين سنة من التغيير قاد خلالها الرئيس التونسى بلاده وطبعها بسياساته وأجاب عنه بن على مذكّرا بأن الوضع فى تونس غداة 7 نوفمبر 1987 كان "يبعث على الانشغال الكبير بسبب تدهور الحالة الصحية لرئيس الجمهورية وكذلك بسبب الظرف السياسى والاقتصادى والاجتماعى المتأزم والذى زاده تعقيدا تنامى التيار الاصولي".
"وطبقا لنص الدستور واستجابة لنداء الواجب يضيف الرئيس زين العابدين بن على انجزت بوصفى وزيرا اول التغيير بهدف اعادة مسيرة البلاد الى الطريق الصحيح. واليوم وبعد عشرين سنة فإن الحصيلة تشهد على أعمالنا".
ويفصّل الرئيس بن على ذلك بقوله "قمنا على الصعيد السياسى بادخال عديد التنقيحات الهامة على نص الدستور وشجّعنا على بعث عديد الاحزاب السياسية كما تولينا سنّ قوانين أساسية كرست الحريات العامة والفردية وكذلك حرية الصحافة دعما لروح النظام الجمهوري"، موضّحا "تعد تونس اليوم تسعة احزاب سياسية منها خمسة ممثلة فى البرلمان بفضل الانتخابات التعددية التى ارسيناها.
وهكذا فإن 20 بالمائة من أعضاء البرلمان واعضاء المجالس البلدية ينتمون الى المعارضة. وفضلا عن ذلك فإن الاحزاب السياسية والمنظمات الوطنية تشارك فى كل الاستشارات التى ننظمها حول الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلادنا كما انه لم يسبق للمرأة التونسية ان سجلت حضورها بالقدر الذى هى عليه اليوم".
وعن الحريات العامة والفردية يقول الرئيس بن على بأنه تم تعزيزها وحمايتها بالقانون.
وتطرق الحديث إلى الجانبين الاقتصادى والاجتماعي، حيث قال الرئيس التونسى إن "مختلف المؤشرات تقوم شاهدا على عمق ما انجزناه.
فمعدل النمو السنوى بلغ نسبة 5 بالمائة طيلة العشريتين الاخيرتين وسجلت القطاعات الاقتصادية الواعدة تطورا اذ تمثل اليوم 57 بالمائة من الناتج الداخلى الخام وتضاعف الدخل الفردى اربع مرات منذ سنة 1987 وتراجع الدين الخارجى من 56 بالمائة الى 45 بالمائة من الدخل الوطنى وانخفضت نسبة الفقر الى حدود 8ر3% واتسعت قاعدة الطبقة الوسطى لتشمل اليوم اكثر من ثلاثة ارباع السكان كما ان اكثر من 99 بالمائة من الاطفال التونسيين إناثا وذكورا الذين يبلغون ست سنوات يرتادون المدارس. اما مؤمل الحياة عند الولادة فيبلغ حاليا 74 سنة"..
ترفّع عن إعطاء الدروس
وعن سؤال يتعلّق بمكانة المرأة وسر التميز التونسى فى المجال مقابل "التأخر المستمر للبلدان العربية الإسلامية الاخرى" كما ورد على لسان مراسل "لوفيغارو" ذاته، أجاب الرئيس زين العابدين بن على بأنه "بإمكان كل المراقبين التوقف عند حقيقة أن المرأة التونسية قد اقتحمت اليوم كل مجالات الحياة العامة.
وتكفى الاشارة الى انه بين 1999 و2004 تضاعف عدد النساء فى مجلس النواب وارتفعت نسبة حضورهن من 5ر11 بالمائة الى 7ر22 بالمائة علما بأن هذه النسبة لم تكن تمثل سوى 4ر7 بالمائة سنة 1994 ، مذكرا بأن "حضور المرأة فى المجالس البلدية قد ارتفع الى 4ر27 بالمائة من مجموع اعضاء المجالس البلدية مقابل 16 بالمائة فحسب سنة 1995 كما ان ثلث الناشطين صلب الجمعيات التى يتجاوز عددها فى بلادنا ال9 الاف جمعية هم من النساء.
وتحتل المرأة نسبة 21 بالمائة من مواقع التسيير صلب الجمعيات والمنظمات الوطنية والمهنية. وفى مجال الاقتصاد والأعمال هناك فى تونس اليوم اكثر من 10 آلاف امرأة صاحبة مؤسسة"، معربا عن اعتزازه بأن نسبة 59 بالمائة من طلبة الجامعة التونسية هم من الفتيات، مقترحا مقارنة مكانة المرأة التونسية بأوضاع المرأة فى بلدان أكثر تطورا من تونس، متحاشيا المقارنة بأوضاع المرأة فى الدول العربية والإسلامية من منطلق الترفع عن إعطاء الآخرين دروسا فى هذا المجال، "فلكل بلد خصوصياته" كما قال.
نموّ أرفع وتنمية أعلى
وتوجّه مندوب "لوفيغارو" بسؤال عن الاقتصاد التونسى وضعيته، والمحاور الكبرى للعمل فى مجاله والخطوات المزمع اتخاذها ازاء منافسة البلدان الصاعدة، أجاب عنه الرئيس بن على بأن رهان عهد السابع من نوفمبر 1987 كان تمكين البلاد من تجاوز الأوضاع الصعبة التى تردت فيها وإصلاح الاقتصاد التونسى جذريا.
أما الطموح الراهن فيتمثل وفق عبارة الرئيس بن على "فى تحقيق نسق نمو ارفع من اجل بلوغ مستويات تنموية أعلى. فتلك هى السبيل الوحيدة التى تمكننا من خلق ثروات جديدة وبالتالى الحفاظ على جهودنا فى مجال تحسين الدخل والرقى الاجتماعى وتعزيزه"، مضيفا "نحن نعتزم مواصلة تعميق عملية التحديث والاصلاح حتى يتسنى لاقتصادنا مجابهة المنافسة المحتدة اكثر فاكثر فى ظل الاقتصاد المعولم".
وعرّج الرئيس التونسى فى معرض إجابته على "تقييمات المؤسسات والمنتديات ذات المصداقية الكبيرة على غرار صندوق النقد الدولى والبنك العالمى ومنتدى دافوس التى ترتب تونس فى صدارة الاقتصاديات الأكثر تنافسية على مستوى القارة الافريقة والعالم العربى وفى المرتبة 29 عالميا"، مذكّرا بعمل بلاده "على تعصير منظومة التكوين المهنى والتعليم العالي"..
ايمانا "بأن القدرة التنافسية ليست مسألة كلفة العمل فحسب بل انها تتطلب ايضا كفاءات بشرية ذات مهارات عصرية الى جانب تطوير وتحديث البنى الأساسية من اتصالات وقطاع نقل وخدمات ادارية وبنكية اكثر نجاعة.
مقوّمات مقاربة ناجعة
وإجابة عن سؤال بخصوص المقاربة التونسية الناجحة فى مقاومة الأصولية وإمكانية الاستفادة منها شرقا وغربا، أجاب الرئيس زين العابدين بن علي: "كانت تونس على الدوام ارضا للاسلام.
اسلام متسامح منفتح على الحوار بين الاديان متعلق بقيم التعايش والتضامن والتآخى بين الانسانية جمعاء: اسلام يرفض كل اشكال التطرف والتعصب والانغلاق والعنف.وقد عرفت بلادنا كغيرها من المجتمعات خطر التطرف الاصولي..
وقد اعتمدنا للتصدى لهذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد تتصدى الى جذور الظاهرة. وقمنا بإجراء اصلاح عميق للمنظومة التربوية يكفل تحصين الشباب ضد تلك الافكار الرجعية التى يروجها الخطاب الظلامي.
وانتهجنا استراتيجية تنموية محورها الانسان ترتكز على التكامل بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وتحرص على مكافحة كل اشكال الاقصاء والتهميش سواء للافراد او الفئات الاجتماعية او الجهات"، موضحا أنّه "تمّ بذل جهود ضخمة من أجل تحسين البنى الأساسية الاقتصادية للجهات والمناطق الأكثر ضعفا ومن اجل تطوير المرافق والتجهيزات والخدمات الاجتماعية الاساسية فيها مما مكننا من تحقيق نتائج ملموسة على مختلف هذه الاصعدة عززت تماسكنا الاجتماعى ومن اقامة مجتمع اكثر توازنا.
كما عمقنا المسار الديمقراطى ووسعنا دائرة المشاركة فى الحياة العامة وعززنا مكاسب المرأة ودورها فى المجتمع اللذين كانا محل استهداف من قبل المتطرفين والاصوليين".
وعن الجانب الروحى فى مقاربة تونس لمكافحة الأصولية، أوضح الرئيس بن على "عملنا باستمرار على اعتماد قراءة مستنيرة للنصوص الدينية وناصرنا حوار الثقافات والحضارات والاديان وجعلنا من تونس ارض الاسلام المتسامح فضاء لذاك الحوار المنشود"، مستدركا "لئن توفقنا الى احتواء ظاهرة التطرف على المستوى الوطنى فانها مازالت تجد اتباعا جددا فى الخارج وهو ما يطرح ضرورة تعزيز التشاور والتعاون على المستوى الدولي".
حقيقةُ مخطّط إرهابي
وفى موضوع ذى صلة سأل مراسل " لوفيغارو" عن دلالات الهجمات التى قام بها شبّان أصوليون فى ضواحى العاصمة التونسية فى جانفي/يناير الماضي. وأجاب الرئيس بن على بأنه "ليس هناك احد بمنأى عن الارهاب.
لكن من حسن الحظ ان يقظة مصالحنا الأمنية قد مكنتنا من الحيلولة دون ارتكاب اعتداءات ارهابية خطيرة. فالعناصر السلفية كانت جد منظمة وقوات الأمن اكتشفت ان هذه العناصر لديها خرائط موقعية لسفارتى كل من بريطانيا والولايات المتحدة بتونس. وقد حصلوا عليها من موقع "غوغل ايرث" على الانترنات وكانوا ينوون مهاجمة هذين السفارتين عندما تحين الفرصة" متابعا فى ذات السياق "نبهنا منذ بداية التسعينات المجموعة الدولية الى خطورة التهديد الارهابى ودعونا الى تعاون دولى لمجابهته. ونلاحظ للأسف ان الارهاب اضحى فى ايامنا هذه ظاهرة دولية لا تعرف حدودا ولا يسلم بالتالى من خطرها أى بلد".
وانتقد الرئيس التونسى التعاون الدولى فى مجال مكافحة الإرهاب ناعتا إياه بأنه "غير كاف حتى اليوم"، وهو فى رأيه "اكثر من ضرورة من اجل اجتثاث هذه الظاهرة التى يجد اصحابها ملاذا جديدا فى بعض مناطق العالم اذ هى لا تتغذى من الفقر ومظاهر عدم المساواة فحسب وانما ايضا من مشاعر الإذلال والحيف وسياسة المكيالين.
كما لم ينس الرئيس بن على التشديد على ضرورة "تجنّب مظاهر الخلط بين الارهاب والاسلام التى يواصل البعض الترويج لها، فالدين الاسلامى براء من عنف المتطرفين ومن الارهاب"، مذكرا "بأن الاسلام هو دين تسامح يدعو الى الحوار والتفاهم بين الحضارات والثقافات والاديان "، مجددا رفضه "استغلال الدين لغايات سياسية"، معتبرا أن "عمليات توظيف المقدس واستخدامه ..لا تتوافق مع الديمقراطية".
الحرية واقع معيش
وفى ردّه على سؤال عن انتقادٍ لتونس "بسبب بطء مسار تحرير الحياة السياسية" و"النقائص فى مجال احترام حقوق الانسان والحد من حرية التعبير"، أكد الرئيس زين العابدين بن على "أن المسار الديمقراطى الذى انتهجته تونس منذ 7 نوفمبر 1987 هو مسار لارجعة فيه"، معربا عن إيمانه بأن الديمقراطية والتنمية هما دعامتا تمشى بلاده من اجل بناء مجتمع حديث متفتح ومتسامح تسود فيه حقوق الانسان.
وان حرية الرأى والتعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات هى فى تونس يكلفها القانون "وهى واقع معيش"، ومذكّرا بعديد الاجراءات المتخذة "بهدف اثراء المشهد الاعلامى وتنويعه ومزيد حماية حرية الرأى والتعبير" منها "تعديل مجلة الصحافة فى اربع مناسبات 1988 و1993 و2001 و2006 فى اتجاه اكثر تحررا سيما عبر إلغاء جريمة ثلب النظام العام وإلغاء إجراء الايداع القانونى بالنسبة لمنشورات الصحافة الاخبارية " التونسية.
وعن ثراء المشهد الإعلامى التونسى قال بن على "توجد لدينا اليوم اذاعات وقنوات تلفزية خاصة تحتضن منابر وحوارات حرة حول عديد المحاور الاجتماعية والسياسية"، مشيرا إلى أنه "تم منذ ديسمبر 2005 تعزيز تمثيل الأحزاب السياسية المعارضة والمجتمع المدنى صلب المجلس الأعلى للاتصال اثراء لوظيفته وتركيبته التعددية حتى تساهم المعارضة من خلاله فى بلورة الاجراءات الملائمة التى من شأنها تطوير المشهد الإعلامى فى تونس".
وبوضوح ردّ الرئيس زين العابدين بن على عن سؤال حول ادّعاء البعض بأن تونس "دولة بوليسية" بأن "البعض يفضّل اعتماد الافكار المسبقة عوضا عن حقائق الواقع"، مضيفا "بطبيعة الحال فإن الامن يسهر على سلامة مواطنينا وزوارنا مثلما هو الحال فى كافة بلدان العالم..
لكن ذلك لا يجعل من هذه البلدان او من بلدنا دولة بوليسية. وفضلا عن ذلك وبحساب الساكن الواحد فإن هنالك اعوان شرطة فى تونس اقل اربع مرات من سويسرا. ولم يتم البتة فى تونس ايقاف شخص واحد او متابعته قضائيا من اجل آرائه كما لم يتم إيقاف او منع أى صحيفة عن الصدور منذ سنة 1987 " ، "وللعلم يضيف الرئيس بن على جازما لن نوقع ابدا امرا يتعلق بتنفيذ الحكم فى شخص محكوم عليه بالإعدام".
ونفى الرئيس زين العابدين بن على أن تكون حقوق الانسان فى بلده تتعرّض لأى انتهاكات، قائلا "هذا غير صحيح. فالنهوض بثقافة حقوق الانسان يعد احدى اولوياتنا. ويمكننا التأكيد اليوم على ان احترام حقوق الانسان واقع يومى معيش غير انه وكما هو الحال فى كل بلدان العالم فإنه هنالك دوما المزيد الذى يتعين انجازه فى هذا الميدان".
خطر على استقرار المنطقة
خروجا عن الشأن التونسى طرح مندوب " لوفيغارو" سؤالا على الرئيس بن على تعلّق بالوضع فى العراق وكيف يمكن النظر الى سياسة جورج بوش الخارجية وأية انعكاسات يمكن توقّعها، أجاب عنه الرئيس التونسى بأن موقف بلاده "فى ما يتعلق بالعراق يظل ثابتا ويجب بذل كل الجهد لوضع حدّ للعنف الذى يمزق هذا البلد وتيسير الحوار السياسى والمصالحة الوطنية وصيانة وحدة هذا البلد وسلامته الترابية وتمكين الشعب العراقى من التفرغ لجهود اعادة الإعمار والتنمية"، ذاهبا إلى أن "تواصل هذه الوضعية فى العراق من شأنه ان يهدد لا فقط سلامة هذا البلد وانما كذلك الاستقرار فى كامل المنطقة".
وعن الوضع فى الشرق الاوسط عامة رأى الرئيس بن علي" ان الجهود المبذولة حاليا من قبل الإدارة الامريكية من أجل تنشيط مسار السلام فى الشرق الاوسط جديرة بأن تحظى بالتشجيع"، مصرّحا بدعم بلاده لمؤتمر السلام المرتقب".."والذى يجب ان يفضى الى مقترحات ملموسة والى تمش عادل يكفل احياء الامل فى سلام عادل ودائم"، محذّرا من أن "فشل هذا المؤتمر ستترتب عنه محاذير واخطار جد كبيرة على المنطقة"
فرصة للحدّ من الفوارق
وإجابة عن سؤال يخص العلاقات بين فرنسا وتونس خاصة مع مجيء رئيس جديد فى فرنسا، نعت الرئيس بن على العلاقات التونسية الفرنسية بالنموذجية، والتعاون الثنائى بين البلدين بال"كثيف ومتعدد الأشكال وهو يتطور بصورة مرضية"، مشيرا إلى أن فرنسا هى فى نفس الوقت الحريف الاول لبلاده واول مزود لها. "كما انها اول بلد من حيث الاستثمارات الاجنبية المباشرة ما عدا الطاقة والممول الاوروبى الاساسي"..
وأعلن الرئيس التونسى عن التزام مشترك مع الرئيس نيكولا ساركوزى بالعمل على مزيد تطوير التعاون وفتح آفاق جديدة امامه بما يتيح جنى مزايا متبادلة من مختلف الفرص وعلى ملاءمة التعاون مع اولويات تونس التنموية الجديدة مثلما هى مسطرة ضمن المخطط التونسى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أما عن موقف تونس من فكرة الاتحاد المتوسطي، فذكّر الرئيس زين العابدين بن على بأن بلاده "كانت من اوائل البلدان التى عبرت عن دعمها المبدئى لمبادرة الرئيس ساركوزى المتعلقة ببعث اتحاد متوسطي.
وقد دعت منذ الإعلان عن المشروع الى مشاورات معمقة بين مختلف الشركاء بهدف بلورة اهداف هذا الاتحاد وسبل تجسيده"، مضيفا أن "تونس التى تُعدّ أحد البلدان المؤسسة لمسار برشلونة ولحوار 5 زائد 5 الذى احتضنت قمّته الاولى فى ديسمبر 2003 تعتقد أن بعث هيكل اندماج اقليمى جديد فى المتوسط ليس من شأنه سوى تعزيز التقارب بين بلدان حوض البحر الابيض المتوسط وتهيئة الأرضية للنهوض بتعاون يعود بالنفع على كافة الاطراف ويغطى محاور ذات اولوية بالنسبة لمجمل بلدان المنطقة"، معربا عن اعتقاده بأن "الاتحاد المتوسطى سيكون مدعوا الى الاسهام فى دفع مسار الشراكة الاورومتوسطية عبر العمل على تأمين التفاعل بين الآليات الاورومتوسطية القائمة حاليا، وعن يقينه بأن "نجاح وغاية هذا المشروع يجب ان يأخذا بعين الاعتبار المبادئ الاساسية لشراكة متوازنة ومتضامنة بين ضفتى المتوسط .
وهذا من شأنه ان يحد من التفاوت التنموى وان يرسى حوارا ثقافيا وحضاريا ويكفل تبادلا بشريا حقيقيا يمكّن من تعميق التفاهم المشترك بين شعوب المنطقة. كما ان من شأن ذلك ان يسهم فى تعزيز السلم والامن والاستقرار فى حوض المتوسط".
مع المواطن وجدانا ومكانا
وعن جهود بلاده فى محاصرة الفقر فى حدوده الدنيا، قال الرئيس التونسى زين العابدين بن على "لقد تم إنجاز الكثير فى هذا المجال منذ التغيير وسبق ان أشرنا الى أن نسبة الفقر فى تونس اليوم لا تتجاوز 3ر8 فى المائة.
وعليه فإن هنالك اليوم القليل من التونسيين ممن يوجدون تحت خط الفقر"، مضيفا قوله "إننا لا نسمح البتة بأن يظل مواطن واحد ضحية الفاقة والخصاصة.
ونحن ندرك جيدا ما يعنيه الفقر"، موضحا "لقد كنا فى منزلنا 11 أخا وأختا وقد عانيت شخصيا من الحرمان. وكنت اقطع يوميا للذهاب الى المدرسة عشرة كيلومترات ذهابا وايابا على القدمين او على متن دراجة صيفا وشتاء ،فلا مجال اذن البتة لمؤاخذتى بأنى لا احس بمعاناة التونسيين الاكثر فقرا".
ويسأل مندوب "لوفيغارو" الرئيس بن على إن كان حقا يذهب الى المدينة فى السيارة من أجل الاطلاع على حقائق الاوضاع؟، فيجيب "إننى ممن يحبون الاتصال المباشر بالمواطنين.. وفى بعض الاحيان اقود سيارتى لوحدى او مرفوقا بأسرتي.. بما يثير قلق أعوان الحراسة الشخصية الخاصة بي.. اسجل بعض الملاحظات على كنش.. وهناك دوما متابعة لما اسجله خلال زياراتى الميدانية".
ويختم بسؤاله إن كان هنالك شيء يأسف عليه خلال عشرين سنة من الحكم، فيجيبه "لقد أنجزنا الكثير من أجل إرساء أسس حياة سياسية تعددية، غير اننا كنا نأمل بروز معارضة بنّاءة وأكثر حيوية... ولكن للأسف لم تكن الحال كذلك دوما"، مضيفا "بعض الصحف لا تتردد فى مهاجمتى بصورة صريحة مع تشكيها ويا للمفارقة من نقص حرية التعبير.. والشعار الوحيد للبعض يتمثل فى المزيد من الديمقراطية والتداول لكن التداول لا يعنى غادر موقعك كى اجلس مكانك.. إن المعارضة من وجهة نظرنا تعنى قبل كل شيء صياغة برامج وبدائل ذات مصداقية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.