عاجل/استدعاء مدير وأستاذ بمدرسة إعدادية للتحقيق: محكمة سوسة 2 توضح..    بداية من مساء الغد: وصول التقلّبات الجوّية الى تونس    اعتداء مهاجرين من جنوب الصحراء على أمنيين.. إدارة الحرس تكشف وتوضّح..#خبر_عاجل    سليانة: حريق يأتي على أكثر من 3 هكتارات من القمح    الرابطة الأولى: البرنامج الكامل لمواجهات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة تفادي النزول    عاجل/حادثة اعتداء تلميذة على أستاذها ب"شفرة حلاقة": معطيات وتفاصيل جديدة..    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024 الى 2ر7 بالمائة في ظل ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك    جندوبة: تعرض عائلة الى الاختناق بالغاز والحماية المدنية تتدخل    تقلبات جوية منتظرة خلال اليومين القادمين (وثيقة)    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    الحماية المدنية:15حالة وفاة و361إصابة خلال 24ساعة.    العاصمة: القبض على قاصرتين استدرجتا سائق "تاكسي" وسلبتاه أمواله    مصر تكشف حقيقة إغلاق معبر رفح..    أنس جابر تتقدم في التصنيف الجديد لللاعبات المحترفات    حركة الشعب معنية بالإنتخابات الرئاسية    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    البرلمان: النظر في تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الاطفال    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    جندوبة .. لتفادي النقص في مياه الري ..اتحاد الفلاحين يطالب بمنح تراخيص لحفر آبار عميقة دون تعطيلات    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    طولة ايطاليا : جوفنتوس يتعادل مع روما ويهدر فرصة تقليص الفارق مع المركز الثاني    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    القصرين .. بحضور وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ..يوم دراسي حول مشروع مضاعفة الطريق الوطنية عدد 13    الموت يغيب الفنّان بلقاسم بوقنّة..وزارة الشؤون الثقافية تنعى..    «الشروق» في حي السيدة المنوبية كابوس... الفقر والعنف والزطلة!    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    إسرائيل وموعظة «بيلار»    «فكر أرحب من السماء» بقلم كتّاب ((شينخوا)) ني سي يي، شي شياو منغ، شانغ جيون «شي» والثقافة الفرنسية    طقس اليوم: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    تونسي المولد و النشأة... ترك تراثا عالميا مشتركا .. مقدمة ابن خلدون على لائحة اليونسكو؟    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    اليوم: لجنة الحقوق والحرّيات تستمع لممثلي وزارة المالية    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    بصورة نادرة من طفولته.. رونالدو يهنئ والدته بعيد الأم    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديموقراطية والتنمية دعامتا تمشينا من أجل مجتمع حديث متفتح ومتسامح
حديث الرئيس بن علي إلى مجلة «لوفيغارو ماغازين»
نشر في الصباح يوم 11 - 11 - 2007

قرطاج (وات) أدلى الرئيس زين العابدين بن علي بحديث الى مجلة «لوفيغارو ماغازين» الفرنسية تناول فيه بالتحليل حصيلة العقدين الماضيين من المكاسب والانجازات ومقاربات تونس بشأن قضايا التنمية والديمقراطية وحقوق الانسان والسلام والاستقرار في العالم.
وفي ما يلي النص الكامل لحديث رئيس الدولة:
* احتفلت تونس يوم 7 نوفمبر الجاري بذكرى مرور 20 سنة على ارتقائكم الى الرئاسة: أية حصيلة ترونها لسياستكم؟
- لقد كان الوضع في تونس غداة 7 نوفمبر 1987 يبعث على الانشغال الكبير بسبب تدهور الحالة الصحية لرئيس الجمهورية وكذلك بسبب الظرف السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتأزم والذي زاده تعقيدا تنامي التيار الاصولي. وطبقا لنص الدستور واستجابة لنداء الواجب انجزت بوصفي وزيرا اول التغيير بهدف اعادة مسيرة البلاد الى الطريق الصحيح. واليوم وبعد عشرين سنة فان الحصيلة تشهد على اعمالنا.
قمنا على الصعيد السياسي بادخال عديد التنقيحات الهامة على نص الدستور وشجعنا على بعث عديد الاحزاب السياسية كما تولينا سن قوانين اساسية كرست الحريات العامة والفردية وكذلك حرية الصحافة دعما لروح النظام الجمهوري.
وتعد تونس اليوم تسعة احزاب سياسية منها خمسة ممثلة في البرلمان بفضل الانتخابات التعددية التي ارسيناها. وهكذا فان 20 بالمائة من اعضاء البرلمان واعضاء المجالس البلدية ينتمون الى المعارضة. وفضلا عن ذلك فان الاحزاب السياسية والمنظمات الوطنية تشارك في كل الاستشارات التي ننظمها حول الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلادنا كما انه لم يسبق للمرأة التونسية ان سجلت حضورها بالقدر الذي هي عليه اليوم.
لقد تم تعزيز مجمل الحريات العامة والفردية وتأمين حمايتها بالقانون. أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي فان مختلف المؤشرات تقوم شاهدا على عمق ما انجزناه. فمعدل النمو السنوي بلغ نسبة 5 بالمائة طيلة العشريتين الاخيرتين وسجلت القطاعات الاقتصادية الواعدة تطورا اذ تمثل اليوم 57 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وتضاعف الدخل الفردي اربع مرات منذ سنة 1987 وتراجع الدين الخارجي من 56 بالمائة الى 45 بالمائة من الدخل الوطني وانخفضت نسبة الفقر الى حدود 8ر3% الخ.
واتسعت قاعدة الطبقة الوسطى لتشمل اليوم اكثر من ثلاثة ارباع السكان كما ان اكثر من 99 بالمائة من الاطفال التونسيين اناثا وذكورا الذين يبلغون ست سنوات يرتادون المدارس.
اما مؤمل الحياة عند الولادة فيبلغ حاليا 74 سنة. ان ما ذكرناه لا يعدو كونه بعض المؤشرات ذات الدلالة اجابة عن سؤالك.
* تعد مكانة المرأة احدى نقاط قوة مقاربتكم فهل يمكنكم التطرق الى سياسة التحرير هذه وان تفسروا لنا في هذا الصدد التأخر المستمر للبلدان العربية الاسلامية الاخرى في هذا المجال؟
- بامكان كل المراقبين التوقف عند حقيقة ان المرأة التونسية قد اقتحمت اليوم كل مجالات الحياة العامة. وتكفي الاشارة الى انه بين 1999 و2004 تضاعف عدد النساء في مجلس النواب وارتفعت نسبة حضورهن من 5ر11 بالمائة الى 7ر22 بالمائة علما بان هذه النسبة لم تكن تمثل سوى 4ر7 بالمائة سنة 1994 .
كما ان حضور المرأة في المجالس البلدية قد ارتفع الى 4ر27 بالمائة من مجموع اعضاء المجالس البلدية مقابل 16 بالمائة فحسب سنة 1995 كما ان ثلث الناشطين صلب الجمعيات التي يتجاوز عددها في بلادنا ال9 الاف جمعية هم من النساء.
وتحتل المرأة نسبة 21 بالمائة من مواقع التسيير صلب الجمعيات والمنظمات الوطنية والمهنية. وفي مجال الاقتصاد والاعمال هناك في تونس اليوم اكثر من 10 الاف امرأة صاحبة مؤسسة. ونحن نعتز اليوم ان نسبة 59 بالمائة من طلبة الجامعة التونسية هم من الفتيات.
واعتقد انه لادراك حجم التقدم الذي حققناه في مسيرة النهوض باوضاع المرأة التونسية اقترح عليك مقارنة مكانتها باوضاع المرأة في بلدان اكثر تطورا من بلدنا.
* وماذا عن تأخر البلدان العربية الاسلامية الاخرى؟
- لن اسمح لنفسي بان اكون ممن يعطون دورسا للاخرين في هذا المجال. فلكل بلد خصوصياته... ولكننا نعتقد ان هنالك الكثير مما يتعين القيام به على هذا الصعيد في العالمين العربي والاسلامي بل وفي غيرهما من دول العالم.
* الاقتصاد التونسي هو في وضعية جيدة مثلما هو متداول. فما هي المحاور الكبرى لعملكم في المجال الاقتصادي وما الذي تنوون عمله ازاء منافسة البلدان الصاعدة؟
- كان رهاننا في 7 نوفمبر 1987 هو تمكين بلادنا من تجاوز الاوضاع الصعبة التي تردت فيها واصلاح اقتصادنا جذريا. ويتمثل طموحنا الراهن في تحقيق نسق نمو ارفع من اجل بلوغ مستويات تنموية اعلى. فتلك هي السبيل الوحيدة التي تمكننا من خلق ثروات جديدة وبالتالي الحفاظ على جهودنا في مجال تحسين الدخل والرقي الاجتماعي وتعزيزه. ونحن نعتزم مواصلة تعميق عملية التحديث والاصلاح حتى يتسنى لاقتصادنا مجابهة المنافسة المحتدة اكثر فاكثر في ظل الاقتصاد المعولم. ولا شك ان تقييمات المؤسسات والمنتديات ذات المصداقية الكبيرة على غرار صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنتدى دافوس التي ترتب تونس في صدارة الاقتصاديات الاكثر تنافسية على مستوى القارة الافريقية والعالم العربي وفي المرتبة 29 عالميا لتدعم قناعتنا بسلامة التمشي الذي توخيناه وتحفزنا على المضي قدما الى الامام.
لقد عملنا على تعصير منظومة التكوين المهني والتعليم العالي... ايمانا منا بان القدرة التنافسية ليست مسالة كلفة العمل فحسب بل انها تتطلب ايضا كفاءات بشرية ذات مهارات عصرية الى جانب تطوير وتحديث البنى الاساسية من اتصالات وقطاع نقل وخدمات ادارية وبنكية اكثر نجاعة.
* لقد توجت مقاومتكم للاصولية حتى الان بالنجاح. أية دروس او استنتاجات يمكن ان تقدموها الينا للغرب والشرق معا . وهل لا تزال الاصولية تمثل رغم كل شيء خطرا بالنسبة لبلدكم؟
- كانت تونس على الدوام ارضا للاسلام. اسلام متسامح منفتح على الحوار بين الاديان متعلق بقيم التعايش والتضامن والتاخي بين الانسانية جمعاء: اسلام يرفض كل اشكال التطرف والتعصب والانغلاق والعنف.
وقد عرفت بلادنا كغيرها من المجتمعات خطر التطرف الاصولي... وقد اعتمدنا للتصدي لهذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا مقاربة شاملة ومتعددة الابعاد تتصدى الى جذور الظاهرة.
وقمنا باجراء اصلاح عميق للمنظومة التربوية يكفل تحصين الشباب ضد تلك الافكار الرجعية التي يروجها الخطاب الظلامي. وانتهجنا استراتيجية تنموية محورها الانسان ترتكز على التكامل بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وتحرص على مكافحة كل اشكال الاقصاء والتهميش سواء للافراد او الفئات الاجتماعية او الجهات.
وقد تم بذل جهود ضخمة من اجل تحسين البنى الاساسية الاقتصادية للجهات والمناطق الاكثر ضعفا ومن اجل تطوير المرافق والتجهيزات والخدمات الاجتماعية الاساسية فيها مما مكننا من تحقيق نتائج ملموسة على مختلف هذه الاصعدة عززت تماسكنا الاجتماعي ومن اقامة مجتمع اكثر توازنا.
كما عمقنا المسار الديمقراطي ووسعنا دائرة المشاركة في الحياة العامة وعززنا مكاسب المرأة ودورها في المجتمع اللذين كانا محل استهداف من قبل المتطرفين والاصوليين.
وفضلا عن ذلك فقد عملنا باستمرار على اعتماد قراءة مستنيرة للنصوص الدينية وناصرنا حوار الثقافات والحضارات والاديان وجعلنا من تونس ارض الاسلام المتسامح فضاء لذاك الحوار المنشود.
ولئن توفقنا الى احتواء ظاهرة التطرف على المستوى الوطني فانها مازالت تجد اتباعا جددا في الخارج وهو ما يطرح ضرورة تعزيز التشاور والتعاون على المستوى الدولي.
* لكن ما هي دلالات الهجمات التي قام بها شبان أصوليون في ضواحي العاصمة في جانفي الماضي؟
- ليس هناك احد بمنأى عن الارهاب. لكن من حسن الحظ ان يقظة مصالحنا الامنية قد مكنتنا من الحيلولة دون ارتكاب اعتداءات ارهابية خطيرة. فالعناصر السلفية كانت جد منظمة وقوات الامن اكتشفت ان هذه العناصر لديها خرائط موقعية لسفارتي كل من بريطانيا والولايات المتحدة بتونس. وقد حصلوا عليها من موقع «غوغل ايرث» على الانترنات وكانوا ينوون مهاجمة هذين السفارتين عندما تحين الفرصة.
* قلتم ان مشكلة الارهاب لم تعد تعنيكم بل انها مشكلة لندن وبون وباريس وواشنطن. فهل مازالت اوروبا في رأيكم قاعدة خلفية للارهابيين؟
- لقد نبهنا منذ بداية التسعينات المجموعة الدولية الى خطورة التهديد الارهابي ودعونا الى تعاون دولي لمجابهته. ونلاحظ للاسف ان الارهاب اضحى في ايامنا هذه ظاهرة دولية لا تعرف حدودا ولا يسلم بالتالي من خطرها اي بلد. وبالتوازي مع ذلك سجلنا تناميا مطردا للوعي العالمي بالخطر الذي تمثله هذه الظاهرة.
وقد تم عبر كل بلدان المعمورة اتخاذ اجراءات من اجل التوقي من هذه الافة ومكافحتها باكثر صرامة وجدية. ونحن نعبر عن ارتياحنا للقرار الذي صادقت عليه قمة برشلونة الاورومتوسطية سنة 2005 من اجل وضع مدونة سلوك في مجال مكافحة الارهاب كنا دعونا اليها بكل قوة. واملنا ان تحذو المجموعة الدولية ككل في اطار الامم المتحدة على هذا المنوال فالتعاون الدولي في هذا المجال غير كاف حتى اليوم.
ان هذا التعاون اكثر من ضرورة من اجل اجتثاث هذه الظاهرة التي يجد اصحابها ملاذا جديدا في بعض مناطق العالم اذ هي لا تتغذى من الفقر ومظاهر عدم المساواة فحسب وانما ايضا من مشاعر الاذلال والحيف وسياسة المكيالين تبقى الاشارة الى انه من الضروري مستقبلا تجنب مظاهر الخلط بين الارهاب والاسلام التي يواصل البعض الترويج لها. فالدين الاسلامي براء من عنف المتطرفين ومن الارهاب.
وان هذه الافة تتنافى والتعاليم الاسلامية السمحة التي تحض على التسامح واحترام الانسان وهي ايضا خرق خطير للقيم الانسانية وفي مقدمتها الحق في الحياة.
* بعض المثقفين ورجال السياسة يرون ان الاسلام لا يتوافق مع الديمقراطية لانه ليس هناك فيه فصل بين الدنيوي والديني. فهل يوجد خطر مواجهة بين الشرق والغرب؟
- بالرجوع الى الجزء الاخير من سؤالكم حول خطر المواجهة بين الشرق والغرب يتعين التذكير بان الاسلام هو دين تسامح يدعو الى الحوار والتفاهم بين الحضارات والثقافات والاديان. وما نرفضه هو استغلال الدين لغايات سياسية.
وكما اسلفت فانه يجب الا يتم الخلط بين الاسلام والسياسة. ان عمليات توظيف المقدس واستخدامه هي التي لا تتوافق مع الديمقراطية.
فهي تلحق الضرر بالاسلام وبالديمقراطية معا وتحمل في ذاتها بذور التوتر صلب المجتمع والنزاع والمواجهة على المستوى الدولي. وان خطر المواجهة التي اثرتها هي خطر قائم غير ان مصدرها هم المتطرفون والمتعصبون المسكونون بنوازع الحقد ودعاة الكراهية والعنف. ان التعصب والاصولية وليس الاسلام هما اللذان لا يتوافقان مع الديمقراطية.
* عرف عنكم ايمانكم العميق. من هو في نظركم المسلم الجيد؟
- اني مؤمن واؤدي واجباتي الدينية. واذا حللتم ضيفا علي سترون انه هنالك قاعة للصلاة. إن المسلم الجيد هو اساسا الانسان الذي لا يحول ايمانه دون التفتح والتسامح.
* كانت تونس على الدوام ارض لقاء وتسامح ازاء الاجانب. رغم ذلك فانها تظل موضع انتقاد بسبب بطء مسار تحرير الحياة السياسية بها. وترتفع بعض الاصوات لتنتقد النقائص في مجال احترام حقوق الانسان والحد من حرية التعبير. كيف تردون على هذه الاصوات؟
- لقد اكدنا دوما ان المسار الديمقراطي الذي انتهجته تونس منذ 7 نوفمبر 1987 هو مسار لارجعة فيه.
واننا نجدد تاكيد ايماننا بان الديمقراطية والتنمية هما دعامتا تمشينا من اجل بناء مجتمع حديث متفتح ومتسامح تسود فيه حقوق الانسان. ان حرية الرأي والتعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات هي في بلادنا يكفلها القانون وهي واقع معيش.
لقد اتخذنا عديد الاجراءات بهدف اثراء المشهد الاعلامي وتنويعه ومزيد حماية حرية الرأي والتعبير. وفي هذا الاطار تم تعديل «مجلة الصحافة» في اربع مناسبات «1988 و1993 و2001 و2006» في اتجاه اكثر تحررا سيما عبر الغاء جريمة «ثلب النظام العام» والغاء اجراء الايداع القانوني بالنسبة لمنشورات الصحافة الاخبارية الوطنية.
وقد استهدفت هذه التعديلات تمكين الصحفيين من الاضطلاع بدورهم بكل حرية والتمتع بمناخ ملائم لممارسة انشطتهم ومن اجل جعل قطاع الاعلام فضاء للحوار وتبادل الرأي والنقاش حول المحاور والقضايا الكبرى التي تهم مستقبل البلاد والدفاع عن مكاسبها. كما تتمتع صحافة الرأي وبالخصوص تلك التابعة لاحزاب المعارضة والتي تصدر بكل حرية بمنح من قبل الدولة.
وتوجد لدينا اليوم اذاعات وقنوات تلفزية خاصة تحتضن منابر وحوارات حرة حول عديد المحاور الاجتماعية والسياسية.
وللاشارة فانه تم منذ ديسمبر 2005 تعزيز تمثيل الاحزاب السياسية المعارضة والمجتمع المدني صلب المجلس الاعلى للاتصال اثراء لوظيفته وتركيبته التعددية حتى تساهم المعارضة من خلاله في بلورة الاجراءات الملائمة التي من شانها تطوير المشهد الاعلامي في تونس.
* كيف تفسرون اذن الحديث عن تونس وكأنها دولة بوليسية؟
- يبدو ان البعض يفضل اعتماد الافكار المسبقة عوضا عن حقائق الواقع. بطبيعة الحال فان الامن يسهر على سلامة مواطنينا وزوارنا مثلما هو الحال في كافة بلدان العالم... لكن ذلك لا يجعل من هذه البلدان او من بلدنا دولة بوليسية. وفضلا عن ذلك وبحساب الساكن الواحد فانه هنالك اعوان شرطة في تونس اقل اربع مرات من سويسرا. ولم يتم البتة في تونس ايقاف شخص واحد او متابعته قضائيا من اجل ارائه كما لم يتم ايقاف او منع اي صحيفة عن الصدور منذ سنة 1987 وللعلم فاننا لن نوقع ابدا امرا يتعلق بتنفيذ الحكم في شخص محكوم عليه بالاعدام.
ان الصليب الاحمر يزور بصورة منتظمة السجون التونسية... ونحن على قناعة بانه مهما فعلنا في هذا المجال فان البعض يصر ويمعن في القول بان الخطأ يعود الينا او الى الشرطة.
* يقال ايضا ان حقوق الانسان تتعرض للانتهاكات بصورة مستمرة في تونس.
- هذا غير صحيح. فالنهوض بثقافة حقوق الانسان يعد احدى اولوياتنا. ويمكننا التاكيد اليوم على ان احترام حقوق الانسان واقع يومي معيش غير انه وكما هو الحال في كل بلدان العالم فانه هنالك دوما المزيد الذي يتعين انجازه في هذا الميدان.
* تلاقي الولايات المتحدة صعوبات في السيطرة على حالة الفوضى الكبيرة التي تسببت فيها في العراق وهي حالة تغذي مشاعر الغضب في العالم العربي. كيف يمكن النظر الى سياسة جورج بوش الخارجية واية انعكاسات يمكننا توقعها؟
- ان موقفنا في ما يتعلق بالعراق يظل ثابتا يجب بذل كل الجهد لوضع حد للعنف الذي يمزق هذا البلد وتيسير الحوار السياسي والمصالحة الوطنية وصيانة وحدة هذا البلد وسلامته الترابية وتمكين الشعب العراقي من التفرغ لجهود اعادة الاعمار والتنمية. وان تواصل هذه الوضعية في العراق من شانه ان يهدد لا فقط سلامة هذا البلد وانما كذلك الاستقرار في كامل المنطقة.
* وماذا عن الشرق الاوسط؟
- ان الجهود المبذولة حاليا من قبل الادارة الامريكية من اجل تنشيط مسار السلام في الشرق الاوسط لجديرة بان تحظى بالتشجيع.
ومؤتمر السلام المرتقب والذي ندعمه يجب ان يفضي الى مقترحات ملموسة والى تمش عادل يكفل احياء الامل في سلام عادل ودائم. وان فشل هذا المؤتمر ستترتب عنه محاذير واخطار جد كبيرة على المنطقة.
ونحن لعلى التزامنا بدعم السلام ولن ندخر اي جهد من اجل تقديم المساندة الفاعلة لكل المبادرات الدولية بما في ذلك مبادرات الولايات المتحدة الرامية الى ارساء السلام والامن في المنطقة وفي العالم.
* كيف هي العلاقات بين فرنسا وتونس خاصة مع مجيء رئيس جديد في فرنسا ولم هذا الاختلاف في اللهجة بين طبقة سياسية متفهمة وصحافة فرنسية شديدة الانتقاد؟
- العلاقات التونسية الفرنسية علاقات نموذجية. وتعاوننا الثنائي كثيف ومتعدد الاشكال وهو يتطور بصورة مرضية. ان فرنسا هي في نفس الوقت حريفنا الاول واول مزود لنا. كما انها اول بلد من حيث الاستثمارات الاجنبية المباشرة ما عدا الطاقة والممول الاوروبي الاساسي. وتستقبل فرنسا فضلا عن ذلك العدد الاكبر من مواطنينا المقيمين بالمهجر.
وقد التزمنا مع الرئيس نيكولا ساركوزي بالعمل على مزيد تطوير تعاوننا وفتح افاق جديدة امامه بما يتيح جني مزايا متبادلة من مختلف الفرص وعلى ملاءمة تعاوننا مع اولويات تونس التنموية الجديدة مثلما هي مسطرة ضمن مخططنا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
اما بشان ملاحظتكم حول اختلاف اللهجة بين الطبقة السياسية الفرنسية وبعض الصحف فاني اود ان اذكر بان الحوار بين الطبقة السياسية الفرنسية وتونس عريق وعمليات التبادل بين الجانبين ثرية وايجابية ومكنت دوما من الحفاظ على الطابع الاستثنائي للعلاقات التونسية الفرنسية.
ومجمل الصحافة الفرنسية قدرت دوما حق قدرها انجازات تونس ومكاسبها المتعددة وذلك بالاستناد الى معاينات ومعطيات وتحاليل موضوعية. وفي ما تبقى فاننا لم نرفض مطلقا النقد عندما يكون مبررا وغير متشنج. وعلى العكس من ذلك فان ما نرفضه هو التجني وعمليات التشويه التي يريد البعض ان يرى من خلالها واقع تونس.
* كيف تنظرون الى الاتحاد المتوسطي؟
- كانت تونس من اوائل البلدان التي عبرت عن دعمها المبدئي لمبادرة الرئيس ساركوزي المتعلقة ببعث اتحاد متوسطي. وقد دعت منذ الاعلان عن المشروع الى مشاورات معمقة بين مختلف الشركاء بهدف بلورة اهداف هذا الاتحاد وسبل تجسيده.
وتعتقد تونس التي تعد احد البلدان المؤسسة لمسار برشلونة ولحوار 5 زائد 5 الذي احتضنت قمته الاولى في ديسمبر 2003 ان بعث هيكل اندماج اقليمي جديد في المتوسط ليس من شانه سوى تعزيز التقارب بين بلدان حوض البحر الابيض المتوسط وتهيئة الارضية للنهوض بتعاون يعود بالنفع على كافة الاطراف ويغطي محاور ذات اولوية بالنسبة لمجمل بلدان المنطقة.
ونحن نعتقد ان الاتحاد المتوسطي سيكون مدعوا الى الاسهام في دفع مسار الشراكة الاورومتوسطية عبر العمل على تأمين التفاعل بين الاليات الاورومتوسطية القائمة حاليا.
واننا لعلى يقين بان نجاح وغاية هذا المشروع يجب ان ياخذا بعين الاعتبار المبادئ الاساسية لشراكة متوازنة ومتضامنة بين ضفتي المتوسط.
وهذا من شأنه ان يحد من التفاوت التنموي وان يرسي حوارا ثقافياوحضاريا ويكفل تبادلا بشريا حقيقيا يمكن من تعميق التفاهم المشترك بين شعوب المنطقة. كما ان من شأن ذلك ان يسهم في تعزيز السلم والامن والاستقرار في حوض المتوسط.
* هل تدركون ان جزءا من التونسيين يعانون بصورة كبيرة من الفقر؟
- لقد تم انجاز الكثير في هذا المجال منذ التغيير وسبق ان اشرنا الى ان نسبة الفقر في تونس اليوم لا تتجاوز 3 فاصل 8 في المائة. وعليه فان هنالك اليوم القليل من التونسيين ممن يوجدون تحت خط الفقر.
إننا لا نسمح البتة بان يظل مواطن واحد ضحية الفاقة والخصاصة.
ونحن ندرك جيدا ما يعنيه الفقر لقد كنا في منزلنا 11 اخا واختا وقد عانيت شخصيا من الحرمان. وكنت اقطع يوميا للذهاب الى المدرسة عشرة كيلومترات ذهابا وايابا على القدمين او على متن دراجة صيفا وشتاء.
فلا مجال اذن البتة لمؤاخذتي بأني لا احس بمعاناة التونسيين الاكثر فقرا.
* هل صحيح انكم تذهبون الى المدينة في السيارة مثل عاهل الاردن الملك عبد الله من اجل الاطلاع على حقائق الاوضاع؟
- اني ممن يحبون الاتصال المباشر بالمواطنين... وفي بعض الاحيان اقود سيارتي لوحدي او مرفوقا بأسرتي... بما يثير قلق اعوان الحراسة الشخصية الخاصة بي... اسجل بعض الملاحظات على كنش.
وهناك دوما متابعة لما اسجله خلال زياراتي الميدانية.
* خلال عشرين سنة من الحكم... هل هنالك شيء تأسفون عليه؟
- لقد انجزنا الكثير من اجل ارساء اسس حياة سياسية تعددية. غير اننا كنا نأمل بروز معارضة بناءة واكثر حيوية... ولكن للاسف لم تكن الحال كذلك دوما.
بعض الصحف لا تتردد في مهاجمتي بصورة صريحة مع تشكيها (ويا للمفارقة) من نقص حرية التعبير... والشعار الوحيد للبعض يتمثل في «المزيد من الديمقراطية والتداول» لكن التداول لا يعني «غادر موقعك كي اجلس مكانك». إن المعارضة من وجهة نظرنا تعني قبل كل شيء صياغة برامج وبدائل ذات مصداقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.