ترودي كنين كتبته إليزابيث دي باكر ترجمة: شيماء علي دور رعاية الأطفال يبدو أن الأمهات الغربيات يتفوقن على قريناتهن الهولنديات من ناحية الجمع بين العمل والحياة الإجتماعية؛ فعلى الرغم من وجود مؤسسات كثيرة في هولندا توفر الرعاية اليومية للصغار، لمساعدة الأمهات على مزاولة حياتهن العملية حتى بعد الإنجاب، إلا أن الكثير من النساء المتعلمات وذوات الخبرة يفضلن اختيار وظائف نصف الوقت؛ حيث يردن تعليق حياتهن المهنية؛ لأجل غير مسمى - عندما يكون الأطفال في سن صغيرة. وتقول "فيلمين دي هان"، وهي أم لأربعة أطفال، فيما اختارت نمط العمل الخاص بها بعناية شديدة؛ لكي لا تؤثر على أطفالها تقول: "بالنسبة لي فإنه من المهم جدًّا أن أراهم يكبرون أمام عيني، وهذا غير ممكن عندما يكونون في دار رعاية يومية". وتعمل "دي هان" ممرضة في وحدة تخفيف الآلام لمدة 16 ساعة أسبوعيًّا؛ حيث تعمل فقط في النوبات المسائية، وأحيانا في العطلات الأسبوعية. وعندما تذهب للعمل، يتدبر الأب، الذي يعمل ممرضا أيضا كل الوقت، أمر الأطفال ويوليهم الرعاية. وتقول "فيلمين": إن "دور رعاية الأطفال في هولندا جيدة بدرجة كافية، لكن هناك الكثير من الأطفال، وبالنسبة للقائمين على الرعاية، فهي بالنسبة لهم مجرد مهنة أولا وأخيرا؛ لذا فلا يستطيعون تقديم الحب لأطفالي؛ ذلك الذي بوسعي أن أعطيهم إياه". تحويل مسار إن ما قامت به "فيلمين" من تحويل مسار عملها من العمل للاهتمام بالصغار، هو في أغلب الأحوال نفس الطريقة التي تتعامل بها أغلب النساء الهولنديات في هذا الموضوع. وقد أفادت إحدى المطبوعات التي صدرت أخيرا عن مكتب التخطيط الاجتماعي والثقافي في هولندا - حول الأمهات ودور الرعاية اليومية والعمل أفادت بأنه، في أغلب الأحوال، تعمل الأمهات الهولنديات حوالي 20 ساعة أسبوعيًّا، وهذا يعني أن يقضي الصغير حوالي يومين فقط في دار الرعاية اليومية، وهي أقصى فترة يمكن أن يقضيها الصغير أسبوعيًّا في دار الرعاية، وذلك كما يعتقد أغلب الآباء والأمهات الهولنديين. "ترودي كنين" أستاذة العلوم الاجتماعية في جامعة أوترخت، أخذت في دراسة السبب وراء اختيار الأمهات الهولنديات أن يتأخرن عن أغلب النساء الأوروبيات في النواحي العملية، فيما توفق النساء في باقي أنحاء أوروبا بين العمل طوال الوقت والحياة الأسرية. "في عام 1980، عندما أردات النساء الهولنديات أن يقتحمن سوق العمل، لم يكن هناك دور رعاية يومية، فلم يكن مناسبًا للمرأة أن تعمل بينما يكون لديها أطفال صغار، فيما كان هناك آنذاك كساد اقتصادي. وفي الوقت الذي وافقت فيه الأطراف الاجتماعية (حيث عملت الاتحادات الحكومية والمنظمات العمالية معا في نموذج للإجماع السياسي الهولندي) على تجميد الرواتب، طالبت الاتحادات في المقابل بتوفير فرص عمل لجزءا من الوقت وماذا فعلت النساء؟ اخترن وظائف نصف الوقت. والآن وبعد مرور 20 عامًا أصبح الجمع بين وظائف نصف الوقت والحياة الأسرية هو الحل الأمثل لأغلب الأمهات". أمومة مرتاحة "فيلمن"؛ التي تعترف بحبها لعملها كممرضة، ورفضها فقدان ثانية واحدة دون مشاهدة أطفالها يكبرون أمامها، تضيف قائلة: "حياتي، كما هي في هذه اللحظة، تهدف إلى العمل من أجل مصلحتي، فأنا الآن أم مرتاحة". وتوافق الأستاذة "كنين" على ذلك قائلاً: "على المدى القصير، يكون ذلك الأسلوب هو الأفضل على الصعيدين العملي والأسري"، إلا أنها ترى أيضا بعض المشكلات المحتملة، سواء للنساء أنفسهن أو للدولة. "إذا ما حدث شيء ما، كالطلاق أو أي شيء آخر، تكون قد فقدت السيدة بالفعل ميزة كبرى مقابل النساء اللاتي يعملن كل الوقت. وفي السنوات القادمة، تحتاج البلاد ببساطة للمزيد من النساء في سوق العمل". إلا أنه في تلك اللحظة، لا تريد الأمهات الهولنديات إرهاق أنفسهن بالعمل لساعات أطول؛ لأنهن سعيدات بالفعل بالعمل نصف الوقت، فلا توجد لديهن حاجة مادية مثل قريناتهن اللائي يعملن في وظائف طوال الوقت، كما يرى هؤلاء أن مؤسسات رعاية الطفل اختيارًا ثانيًا غير مفضل لهن. ولا ينتاب "ترودي كينين" الدهشة، وتضيف: "إن دور الرعاية اليومية لا تتمتع بشعبية كبيرة في هولندا، كما هو الحال في الدول الإسكندنافية؛ حيث يرونها هنا بمثابة حل للأمهات اللاتي يريدن العمل؛ لذلك فما نحتاجه هو أن تقوم الحكومة بصقل صورة دور الرعاية والتأكيد على دورها الإيجابي في حياة الأطفال، لذلك فعلى الحكومة توظيف طاقم عمل جيد وذي مستوى مرتفع في تلك الدور، ومن ثم تصبح دور الرعاية شيئا رائعا للصغار؛ لأنها بذلك ستتحول لتكون اللبنة الأولى في حياة الأطفال.. يليها تعليم جيد لشبابنا في هذا البلد". تقرير من اعداد راديو هولندا الدولي