بات لبنان من دون رئيس للجمهورية اثر مغادرة الرئيس اميل لحود القصر الجمهوري منتصف ليل الجمعة بعدما كلف الجيش قبل ساعات من انتهاء ولايته الدستورية حفظ الامن، وهو اعلان اعتبرت الحكومة ان "لا قيمة له" مشددة على انها مستمرة في ممارسة صلاحياتها. وقد فشل مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس قبل انتهاء ولاية لحود حليف دمشق مع ارجاء جلسة كانت مقررة الجمعة الى الثلاثين من تشرين الثاني/نوفمبر. واقيمت للحود مراسم وداع رسمية في قصر بعبدا شمال شرق بيروت شاركت فيها ثلة من الحرس الجمهوري ادت له التحية العسكرية وعزفت النشيد الوطني قبل ان يقوم لحود باستعراضها. وقبل خروجه من المبنى قام لحود بوداع كبار الموظفين في القصر الرئاسي الذي امضى تسع سنوات فيه. وقبل ركوب سيارته لمغادرة باحة القصر الجمهوري قال لحود للصحافيين "بعدي يجب ان يأتي رئيس توافقي قوي بكل معنى الكلمة" مؤكدا ان عدم حصول ذلك باسرع وقت ممكن "سيكون ثمنه غاليا على لبنان". واضاف "في لبنان ديموقراطية توافقية تقتضي انتخاب رئيس بنصاب الثلثين (من البرلمان) والا فالعوض بسلامتكم". وجدد التأكيد على ان الحكومة التي يرئسها فؤاد السنيورة وتتمتع بدعم الغرب ودول عربية هي "لا ميثاقية ولا دستورية مهما قالت الولاياتالمتحدة وفرنسا وكل دول العالم". وقد غادر لحود الذي انتخب رئيسا العام 1998 بدون ان يتم اختيار خلف له. فقد فشل المجلس النيابي مجددا الجمعة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وارجئت جلسة الانتخاب الى الجمعة المقبل اي بعد اسبوع على فراغ سدة الرئاسة بسبب عدم التوافق بين الاكثرية والمعارضة على مرشح توافقي لهذا المنصب. وقبل اربع ساعات من مغادرته قصر بعبدا كلف لحود الجيش صلاحية حفظ الامن في جميع الاراضي اللبنانية ووضع جميع القوى المسلحة تحت تصرفه" لان هناك "توافرا وتحققا لأخطار حالة الطوارىء"، وذلك اعتبارا من 24 تشرين الثاني/نوفمبر اول ايام الفراغ في سدة الرئاسة. واوضح مصدر مقرب من القصر الجمهوري ان قرار لحود يعني ان "للجيش الحق في اتخاذ الخطوات التي يراها مناسبة لحفظ الامن" بعد انتهاء ولاية الرئيس في ضوء عدم انتخاب رئيس جديد، مثل منع التجول او اي تدابير اخرى... وقال مسؤول امني رفيع المستوى ان "قرار لحود يعني اعلان حال طوارىء لا يملك الحق باعلانها". واعتبرت الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة ان الاجراء "يفتقر الى السند الدستوري والقانوني" مؤكدة في بيان صادر عن رئاسة الوزراء انها "ما تزال مستمرة في تحمل مسؤولياتها وتمارس صلاحياتها كاملة". وينص الدستور على انه "في حال خلو سدة الرئاسة لاي علة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء". وكان مصدر في مكتب رئيس الحكومة اكد "ان البيان الذي صدر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية لا قيمة وليست له اي صفة دستورية، وكأنه لم يصدر". واوضح "ان اي قرار باعلان حالة الطوارىء وتكليف الجيش يصدر حسب الدستور عن مجلس الوزراء". واكد الخبير في القانون الدستوري شفيق المصري ان "الاعلان" الصادر عن لحود "لا يستقيم دستوريا" لانه في الشكل يحتاج الى مرسوم والى موافقة مجلس الوزراء. وقال المصري "تعطي المادة 65 من الدستور مجلس الوزراء صلاحية اعلان حالة الطوارىء والغائها على ان يكون ذلك بموافقة ثلثي اعضائه". واضاف "صحيح ان رئيس الجمهورية هو القائد الاعلى للقوات المسلحة لكن قرارا من هذا النوع يجب اعلانه بمرسوم وبموافقة الحكومة واطلاع مجلس الدفاع الاعلى وهذه كلها عناصر غير متوافرة في اعلان الرئيس لحود الذي لا يستقيم دستوريا". ويعتبر لحود الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة "فاقدة للشرعية" منذ ان استقال منها ستة وزراء في تشرين الثاني/نوفمبر 2006 بينهم كل الوزراء الشيعة، وقد رفض كل قراراتها منذ ذلك الحين. ويستند في ذلك الى ان غياب طائفة بكاملها عن الحكومة يناقض ميثاق العيش المشترك الذي ينص عليه الدستور. وينص الدستور اللبناني في حال فراغ سدة الرئاسة على نقل صلاحيات الرئيس الى الحكومة مجتمعة. وكانت الامانة العامة لمجلس النواب اعلنت ارجاء الجلسة "لمزيد من التشاور وتوصلا الى توافق على انتخاب رئيس للجمهورية". واعلنت الاكثرية بعد ارجاء الجلسة انها تحتفظ لنفسها بحق عقد جلسة لانتخاب الرئيس من دون دعوة من رئيس المجلس النيابي بعد انقضاء المهلة الدستورية، بينما اكدت المعارضة ان مثل هذا الاجراء سيكون "هرطقة دستورية". وفي واشنطن دعت الولاياتالمتحدة الجمعة كل الاطراف اللبنانيين الى المحافظة على الهدوء و"تعزيز امن المواطنين اللبنانيين". واسف الامين العام للامم المتحدة بان كي مون لقرار ارجاء جلسة انتخاب الرئيس داعيا الاطراف الى الحفاظ على الهدوء والعمل على التوصل الى حل وسط، كما افاد مكتبه الاعلامي في بيان. وقد احتفل مئات من الاشخاص قبيل منتصف ليل الجمعة بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية اميل لحود حليف دمشق في احد احياء بيروت. واوضح مراسل صحفي ان مئات من مناصري رئيس تيار المستقبل سعد الحريري تجمعوا في منطقة طريق الجديدة، احد الاحياء السكنية ذات الغالبية السنية في العاصمة اللبنانية، وهم يلوحون برايات تيار المستقبل ويرددون هتافات منها "الله، حريري، طريق الجديدة". وعقد الشبان حلقات الدبكة فيما قامت النساء بتوزيع الورود. وعند انتصاف الليل اطلقت الاسهم النارية في سماء المنطقة. وقال مازن حمود الذي شارك في الاحتفالات "نحتفل بانتهاء ولاية لحود لانها الاسوأ في تاريخ لبنان". واضاف "كل الشهداء سقطوا خلال ولايته واولهم رفيق الحريري" رئيس الحكومة السابق الذي اغتيل في شباط/فبراير العام 2005 وما تلاه من اغتيال شخصيات مناهضة لسوريا.