ليست معركة الدفاع عن قداسة المصحف أقل شأنا من أحزابنا وجمعياتنا وفضائنا السياسي المتسم بالانغلاق ومحاولات الخنق والوأد البطيء,ولذلك عزمت هذه المرة على الغاء تهنئة كنت أنوي التقدم بها الى الاخوان في حركة النهضة في ذكرى مرور خمسة وعشرين سنة على الاعلان عن تأسيس حركة الاتجاه الاسلامي سابقا والنهضة حاليا,وليس ذلك سوى عتابا على تقصير جد ملحوظ من حزب سبق أن ناضلت فيه على مدار عشرين سنة وهي الفترة التي شكلت أكثر من نصف عمري الذي لايتجاوز السادسة والثلاثين...لقد حز في قلبي أن يبادر البعض من شباب تونس المناضل باطلاق مبادرة نداء سلمي وعالمي من أجل الذود عن عظمة كتاب الله تعالى وقداسته فاذا بي أفاجأ بعد مرور يومين على اطلاق هذا النداء بغياب امضاءات أبرز الأسماء النهضوية وهو ماعنى لدي بأن اليوبيل الفضي للنهضة قد شغلها حدثا عن واقعة تدنيس كتاب الله تعالى في سجن برج الرومي بجهة بنزرتالتونسية! أتمنى أن يكون هذا الأمر مجرد خطأ وغفلة فيبادر الاخوان في النهضة التونسية الى تصحيح الأمر بالمسارعة الى الانخراط في هذا النداء المدني والسلمي للذود عن أقدس المقدسات الاسلامية بعد أن بلغ الأمر ببعض النافذين في نظام "الكربجة" الى تجاوز كل الحدود المعقولة واللامعقولة في التعامل مع التونسيين والتونسيات. قضية الاعتداء على المصحف الشريف في زنزانات برج الرومي المقززة والبئيسة ليست أيضا شأنا يخص التيار الاسلامي في تونس وانما هي اختبار حقيقي لمن يتشدق بالدفاع عن الهوية والعروبة والاسلام كما الحرية والديمقراطية...,فاذا كان البعض من الفاعلين السياسيين في تونس يتجند مستعملا تحالفاته الدولية من أجل تعرية السلطة في ملف الحريات المقدسة,فانه أولى به وأحرى أن يتحرك من باب الحفاظ على مصداقيته للذود عن القران الذي ركل بلاهة وخسة ودناءة ومبالغة في الاجرام بسجن برج الرومي. تصوروا أن هذه الحادثة المشؤومة وقعت في مصر الكنانة أو في المغرب الأقصى أو الجزائر أو أي بلد عربي أو اسلامي اخر غير تونس فماذا كان يحدث من تحركات جماهيرية عارمة جابت مدن وشوارع هذه الأمصار والدول؟! لو حدث هذا في بلد مثل مصر على سبيل المثال هل يصبح بعدها من معنى لليوبيل الذهبي لتيار الاخوان المسلمين في مصر والذين مضى على تأسيس حزبهم مايقرب عن قرن!!!...لو سكت الاخوان في مصر عن هذا الموضوع في القاهرة والاسكندرية ومرسى مطروح وبور سعيد لتحولوا الى نسي منسي ولهب علماء الأزهر الى الالتفاف على الجماهير المصرية في حركة احتجاجية تاريخية ولانبعث أصحاب المدونات الأليكترونية وأنصار عمرو خالد الذين يعدون في مصر بمئات الالاف والملايين من أجل تصحيح الأمور والتأسيس ليوبيل ذهبي حقيقي يجعل مبارك يتنادى على رؤوس الملأ الى مبنى الاذاعة والتلفزيون وربما الى صحن الأزهر مرفوقا بأشهر قيادات الحزب الوطني وأبرز جنرالات الجيش من أجل الاعتذار العلني للجماهير المصرية وللأمة الاسلامية... هل تسكت كفاية البطلة في مصر على مثل هذا الجرم,أو قضاة مصر الأشاوس أو صحفيوهم أو محاموهم أو طلابهم أو حتى تيار الاخوان المسلمين أو سعد الدين ابراهيم مدير مركز بن خلدون الأغر عن مثل هذه الجريمة الأخلاقية!؟ رحم الله الشيخ عبد الرحمن خليف علامة تونس المناضل هل كان يسكت عن محنة القران في تونس,ورحم الله تعالى الشيخ مبروك الزرن وسحنون الجوهري والشيخ النيفر والشيخ لخوة هل كانوا يصمتون على هذه الاهانة لكتاب الله تعالى في بلد عقبة بن نافع وأبي زمعة البلوي والصحابة المطهرين والتابعين الصالحين ممن كانوا يقدمون الشرائع والمقدسات على اليوبيلات الفضية والذهبية التي تصبح لاغية المعنى بعد ركل كتاب الله تعالى في واحد من أسقط وأتعس سجون تونس... أشهد الله رب العالمين بأنني قد بلغت فاللهم فاشهد!,فهذه أحزابنا وجمعياتنا ومجتمعاتنا المدنية وهؤلاء صحفيونا ومحامونا وقضاتنا ومثقفونا يتقاعسون في معركة يمكن أن تكون مفتاحا الى اعادة الاعتبار لحرمة المجتمع والحريات والدمقرطة ومن ثم كل القيم والمثل في وجه غطرسة الدولة وعربدة بعض أنذالها ممن ركلوا المصحف المطهر... هنيئا للوسط التونسية وكل محرريها الذين كتبوا عن الموضوع وهنيئا للأخ والزميل العزيز لطفي الحاجي بتغطيته لهذا الخبر غير المسبوق في تاريخ الجمهورية التونسية...هنيئا للزميل العزيز سليم بوخذير وهنيئا للزميل الفاضل كمال بن يونس وهنيئا للزميل صالح عطية الذين تنادوا الى جعل الخبر على رأس اهتماماتهم الصحفية والاعلامية وهنيئا الى شيخ المناضلين علي بن سالم الذي لم يقعده مرض القلب وعملية القسطرة عن تلبية نداء الحرية والقران الكريم وهنيئا للأستاذ مختار الطريفي والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بهذا السبق النضالي ...وأسفا شديدا على من شغله الحزب عن قداسة كلام الله رب العالمين! *مرسل الكسيبي : [email protected]