: تعود الكثير من القراء الأعزاء على متابعتي ضمن كتابات غلب عليها المنحى الفكري والسياسي والاعلامي , متغافلين بذلك عن هوايات واهتمامات أخرى توارت أمام نقدي الجاد للوضع العام , ولعلها فرصة كريمة كي أفشي سرا بأن لي اهتمامات جادة بالمسرح والسينما والفنون الجميلة وخاصة الموسيقى والغناء مع عشق كبير للرياضة ولاسيما الثلاثي الشهير كرة القدم وكرة اليد وكرة الطائرة ... مصافحة قصيرة صادقة أردت أن أخص بها مجموعة من الزملاء الاعلاميين في الحقل الرياضي التونسي وأخص بالذكر منهم القائمين على برنامج الأحد الرياضي , هذا البرنامج الذي أتابعه بانتظام واستمرار كما لو كنت بصدد متابعة مناظرة هامة في الشأن الوطني على واحدة من أهم شاشاتنا العربية ... وجهان مبدعان ومتألقان أخرجا التلفزيون التونسي من رتابة الحوارات الباردة التي تخضع لسلطة الرقيب , ولعل خصوصية الحقل الاعلامي الذي ينشطان فيه قد أتاحت لهما مع مهارات شخصية وعشق لامتناهي للرياضة مساحة من الحرية والابداع بصما بها واحدا من أفضل البرامج الرياضية العربية . رازي ورجاء , أو رجاء ورازي قد أتاحا لنا التعرف عن كثب على المناخ الرياضي المتألق تونسيا , حيث تشهد الأندية والمنتخبات الوطنية أوج تألقها على الصعد العربية والافريقية والقارية ... مشاكل الرياضيين وابداعاتهم وطموحاتهم نحو الاحتراف وتنافسهم في أكثر من لعبة ورياضة مع مايستجد من أزمات فنية وادارية ومادية تعصف ببعض الأندية مع تعريف منصف بنخب وكوادر وطنية تؤطر مجالا ابداعيا اخر احتضن طاقات شبابية تونسية واعدة ..., مهام لم يكن من اليسير احتضانها عبر جهد اعلامي رائد اتصف بحضور ديمقراطي غير مسبوق على الشاشة الوطنية . رجاء ورازي وجهان أفتخر بهما من منفاي بقلب أوربا الغربية , حيث أتسمر مساء كل يوم أحد أمام قناة تونس 7 من أجل متابعة حوارات مشوقة وطريفة مع السادة مختار التليلي وزبير بية وخالد حسني وعبد المجيد القوبنطيني وفوزي البنزرتي ومعز ادريس وعبد المجيد الشتالي ويوسف الزواوي وحمادي العقربي وثلة رائعة من اللاعبين والمسيرين الرياضيين ... منبر ديمقراطي رياضي نفتقد اليه في مجالات فكرية وسياسية واجتماعية على القنوات الوطنية , غير أن الثابت بالتأكيد هو قدرة التونسيين على الاضافة والابداع في حقول معرفية وانسانية شتى متى توفرت في ذلك الارادة من أطراف الفعل الاعلامي والسياسي . تحية لم أرد أن أغفل عنها في خضم اشادتي بالزميلين المتألقين رجاء ورازي , ولقد وددت توجيهها بالخصوص الى اللاعب الدولي السابق والمحلل الفني زبير بية الذي أثلج صدري أيما اثلاج حين وقف في شجاعة وجرأة وصدق معبرا عن موقف شعبي واسع وعريض تجاه قرارات المدرب الفرنسي روجيه لومير باستبعاد مجموعة من أبرز اللاعبين المبدعين عن تشكيلة المنتخب الوطني ... لومير اختار أن يعاقب تطلعات التونسيين في مشاركة مشرفة بتصفيات كأس افريقيا وكأس العالم حين قرر ابعاد زياد الجزيري وعبد الكريم النفطي وأنيس بوجلبان ومجموعة أخرى من خيرة المحترفين بأبرز الأندية العربية.., وهو ماتصدى له زبير بية في جرأة وشجاعة حين نعت مثل هذا السلوك بالعنصرية متداعيا وبشكل حر الى تسليط الضوء حول الشروط الثقيلة التي ضمنها لومير بعقد انتدابه مع الوقوف على بعض التصريحات التي قللت من هدف وطني وجمعي عام بالمشاركة في أدوار نهائية متقدمة أو المنافسة على القاب دولية يستحقها التونسيون . ...برنامج الأحد الرياضي مسيرة موفقة وناجحة ومشرفة في اعلامنا الوطني وفرصة لاخراج النخبة الرياضية التونسية الى أفق عربي ودولي رحب , وهو مرة أخرى شهادة حية على عدم قصور التونسيين تجاه موضوعات الابداع والعطاء باتجاه كل المهارات والفنون والعلوم والمعارف والتخصصات , ولعلي أختم نافذة اليوم بذكر تصريحات معبرة لأستاذي المتألق فوزي البنزرتي الذي سعدت كثيرا بالتتلمذ على يديه في الحقل الرياضي حين كان في الثمانينات مدربا لسكك الحديد الصفاقسي ,وهاهو اليوم يشرف على حظوظ أكبر الفرق والمنتخبات العربية , حيث يعلق الأستاذ البنزرتي على تألق النجم الساحلي بكاس العالم للأندية البطلة بما مفاده أن تقييمات الفلاسفة جعلت من الرياضة مقياسا حقيقيا لمعرفة مدى نهضة الشعوب وقدرتها على الاضافة للحضارة والتقدم الأممي , وهو مايعني أن مثل هذه النخبة التونسية المتألقة كرويا باليابان تجعلنا أكثر اعتزازا بالانتماء الى هذا الوطن . هذه هي تونس بروعتها وجمالها وشعبها المتحضر , فلها منا ألف تحية في سائر الحقول والميادين , أما السياسة فهي عنوان لأزمة لازلنا واثقين كل الثقة بأنها ستمر وتزول . كتبه مرسل الكسيبي* بتاريخ 16 ذو الحجة 1428 ه- 25 ديسمبر 2007 *كاتب واعلامي تونسي :