المتلوي ...تلاميذ مركز التربية المختصة للقاصرين ذهنيا يحتفل باختتام السنة الدراسية    جلسة عامة    المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية ل«الشروق» صابة الحبوب هامّة والتغيرات المناخية أثرت على نوعيتها    صمود المقاومة يعمّق أزمة الاحتلال...حل مجلس الحرب الصهيوني    جندوبة: اندلاع حريق في ضيعة فلاحية    أنس جابر لن تشارك في دورة الالعاب الاولمبية بباريس    فوز صعب لفرنسا في افتتاح مشوارها ب يورو 2024    الفيفا يوقف حمدي النقاز عن اللعب لمدة 6 أشهر    كيف سيكون طقس الثّلاثاء 18 جوان 2024؟    تفقّد وضعية الحجيج    تقودها عصابات ومهرّبون ...الكشف عن جرائم تهريب بنادق صيد    قرقنة .. وفاة حاج من منطقة العطايا بالبقاع المقدّسة    خصائص المدرسة الناجحة ...أثر تربية المرأة في تحقيق التنمية الشاملة    إحباط 59 محاولة اجتياز للحدود البحرية وانتشال جثتين    عدنان الشواشي : المنوّعات صنعت في وقت قياسيّ وغفلة ذوقيّة فيالق من أشباه "النّجوم" و"النّجيمات"    بمناسبة انتهاء عطلة العيد: وزارة الداخلية تصدر هذا البلاغ المروري    فظيع/ هلاك طفل داخل خزان مائي بهذه المنطقة..    ألمانيا: ضبط أضخم كمية كوكايين في تاريخ البلاد تصل قيمتها إلى 2.6 مليار يورو    لا يعرف موعده: انفجار ضخم في الفضاء يمكن رؤيته بالعين المجردة    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود لم تتجاوز 31،5 بالمائة    قابس: وفاة زوجين في غنُوش بسبب انفجار قارورة غاز منزلي    الفيلم التونسي "المابين" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان جنيف الدولي للأفلام الشرقية    وفاة الأنستغراموز فرح القاضي    بعد افتتاح سفارات اوكرانية في افريقيا: الرئيس الايفواري يحضر قمة السلام في سويسرا    مرام بن عزيزة تكشف أسباب وفاة فرح بالقاضي    يورو 2024.. رومانيا تكتسح اكرانيا بثلاثية    أرينا سبالينكا تَغِيبُ في أولمبياد باريس    بعد 24 عاما من زيارته الأولى.. بوتين يصل كوريا الشمالية غدا    نصائح وتوصيات وزارة الصحة لمجابهة موجة الحرارة    إستخدام الأواني المصنوعة من مادة البلاستيك يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة    تونسي يتميز في جامعة دايفس بكاليفورنيا الأمريكية    الهيئة الوطنية للمحامين تنعى المحامي الدواس الذي وافته المنية في البقاع المقدسة    سليانة.. تقدم موسم الحصاد بنسبة 45 بالمائة    القيروان : زوج يقتل زوجته بطريقة وحشية بعد ملاحقتها في الطريق العام    كأس أمم أوروبا: برنامج مواجهات اليوم والنقل التلفزي    عاجل/ الاحتلال الصهيوني يحرق قاعة المسافرين في معبر رفح البري..    تنس – انس جابر تحافظ على مركزها العاشر عالميا وتواجه الصينية وانغ في مستهل مشوارها ببطولة برلين    الحرارة تتجاوز المعدلات العادية بداية من الثلاثاء    حجاج بيت الله الحرام يستقبلون أول أيام التشريق    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الختامية..    مصرع 6 أشخاص وفقدان 30 آخرين في انهيار أرضي في الإكوادور    الإنتاج الوطني للنفط الخام يتراجع في شهر افريل بنسبة 13 بالمائة (المرصد الوطني للطاقة والمناجم)    في ظل انتشار التسممات الغذائية في فصل الصيف، مختصة في التغذية تدعو الى اعتماد سلوك غذائي سليم    بن عروس/ 18 اتصالا حول وضعيات صحية للأضاحي في أوّل أيّام عيد الأضحى..    في أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يؤدون آخر مناسك الحج    47 درجة مئوية في الظل.. الأرصاد السعودية تسجل أعلى درجة حرارة بالمشاعر المقدسة    صفاقس : "البازين بالقلاية".. عادة غذائية مقدسة غير أنها مهددة بالإندثار والعلم ينصح بتفاديها لما تسببه من أضرار صحية.    العلاقات الاندونيسية التونسية جسر تواصل من اجل ثقافة هادفة، محور ندوة بتونس العاصمة    إخصائية في التغذية: لا ضرر من استهلاك ماء الحنفية..    وزارة الصحة السعودية تصدر بيانا تحذيريا لضيوف الرحمان    تخصيص برنامج متكامل لرفع الفضلات خلال أيام العيد    الصوناد: رقم أخضر لتلقي التشكيات عن الاضطراب في الماء الصالح للشرب    أطباء يحذرون من حقن خسارة الوزن    المهدية: مؤشرات إيجابية للقطاع السياحي    «لارتيستو»: الفنان محمد السياري ل«الشروق»: الممثل في تونس يعاني ماديا... !    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عربيا وتونسيا : بين الحكم والمعارضة نسف لحقيقة المشهد العام ...


:
لابد أن نقف مع اطلالة كل سنة جديدة على حقيقة أوضاعنا العربية بكثير من الموضوعية والانصاف , فبين نظرة عدمية ترى في المنجز العام مجرد دعاية حكومية سمجة وبين نظرة دعائية ترى أنه ليس بالامكان أحسن مما كان ..., بين هذين النظرتين يقف الرأي العام العربي مشدودا لواحد من الفريقين المتشابكين وهما السلطة والمعارضة .
سلاح الاعلام والسياسة لدى الفريقين قد غدى واجهة لتكريس مقولة تتهم الأنظمة بأنها "لاتصلح ولاتصلح" كما هو في الخطاب المعارض , أو لتكريس الواقع القطري والاقليمي الحالي دون نسبية أو تطوير أو طموح نحو حياة سياسية وحقوقية واعلامية وثقافية وتنموية أفضل .
خطابان سياسيان واعلاميان لم نجني من ورائهما عربيا واسلاميا الا مزيدا من الاحباط والتيئيس والانقسام الاجتماعي , اذ أن الصورة قد غدت بالنظر الى هذين النهجين الفاسدين صورة ثنائية اللون , لانرى من خلالهما أوضاعنا العامة الا عبر عدسة الأبيض والأسود التي تجاوزها الكون منذ أن شهد العالم اكتشاف الشاشة الملونة , ومنذ أن انهارت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي وصحيفة البرافدا نهاية الثمانينات مع زحف ثقافة "الغلاسنوس" و"البروستريكا" , وهيمنة اصلاحات غورباتشوف ومراجعات خلفه الراحل بوريس يلتسين .
المشهد الاعلامي والسياسي بثنائيته التعبوية المدمرة " أنت معنا أو أنت بالضرورة ضدنا " , تلخصه اليوم بالجمهورية التونسية حالة الانقسام العميقة بين السلطة والمعارضة , حيث نقف اليوم بين طرحين فيهما كثير من الاجحاف والشمولية , فبين نهج دعائي يرى في التجربة التونسية منتهى الجمال والكمال في مختلف أوجه الفعل والحياة وهي - مع الاعتراف بوجود تيار اصلاحي حاكم يقر بثغرات حقوقية وسياسية واجتماعية واعلامية ينبغي سدها - , وبين جهاز اعلامي وسياسي معارض لايرى في تونس الا زنزانات واعتقالات وتجربة للاضطهاد الأمني والسياسي والحقوقي وهو مايجانب من خلال تفحص الحقائق والأرقام مكاسب تنموية حققت تونس بموجبها ريادة افريقية ومغاربية يغفل عنها المعارضون جحودا أو قصدا في الوسائل .
التقييم المعارض وان كان سليما وصادقا في وصف عموم ومفاصل الحالة الحقوقية ووضع الحريات الخاصة والعامة الا أنه لايمكن أن يقدم تونس للعالم صحراء قاحلة أو حالة من الخراب التي تحتاج الى اعادة التأسيس الشامل , وهو مايوحي للعالم بأنه أمام رواندا جديدة أو كونغو ديمقراطية في مرحلة انتقال الحكم الى كابيلا الابن ! ...
مشهد مغالط يتنكر لمنجزات التونسيين وتضحياتهم وابداعاتهم في مختلف حقول العطاء والنهوض والمعرفة , ليجعل من تونس صورة بشعة لدى الخارج لايتلذذ برؤيتها الا المرضى والحاقدون ...
انها باختصار تقييمات فاسدة لايمكن تعميمها على الرأي العام من أجل تغيير المشهد السياسي أو الحقوقي العام من خلال تصوير البلد على أبواب ثورة القرامطة !!!
اننا نسعى بلاشك الى ايقاف حالة النزيف الحقوقي أو حالة الانغلاق السياسي مع استجماع شروط الاصلاح الديمقراطي لكن ليس بأساليب التلبيس أو اشاعة حالة التيئيس والاحباط من خلال تشكيك التونسيين في تاريخهم وعراقتهم وحضارتهم وقدراتهم العلمية والتنموية...
قد يخولني موقعي كاعلامي وسياسي مستقل رؤية الأمور بكثير من التجرد والموضوعية وهو مايغيب عادة عن التقييمات المتحزبة التي لاترى الأمور الا بعدسة الاخر الحزبي , اذ كثيرا مايكل المتحزبون رؤية الأمور وتقييماتها للزعيم أو القائد أو الى من هم في مقام النخبة التنظيمية التي تخفي المعلومات والأرقام وقواعد البيانات عن الرأي العام من أجل توفير مبررات المساندة المطلقة أو المعارضة المطلقة بين الجماهير ...
نقف اليوم تونسيا أمام فريقين فاشلين في ادارة العمل الاعلامي من خلال الترويج لمنطق الدعاية أو منطق التشويه الذي يغيب الصورة المتوازنة عن الجمهور , فبين جهاز اعلامي سلطوي يريد أن يروج للمنجزات دون حديث عن النقائص والاخلالات والخروقات في حق الحريات والتنمية السياسية , وبين فريق معارض لاهم له من خلال اليات العمل الاعلامي الا قنص العورات وتضخيمها وفضح الخروقات وتوظيفها في اطار علاقة مرضية لاتهدف الى الاصلاح والتطوير بقدر ماأنها تهدف الى اغتنام الفرص وقنص المواقع السياسية حتى ولو كان ذلك على حساب الوطن والمواطن ...!
الاعلام المعتمد غالبا لدى الفريقين هو اعلام البروبغندا , التي تقوم بالدعاية لواحد من الفريقين دون النظر الى نسبية التجربة الانسانية وعدم اكتمالية الفعل البشري , أو نحن بعبارة أهل الاختصاص أمام اعلام تونسي موجه يذكرنا بحقبة الاعلام لدى المعسكر الشرقي أو باذاعة الشرق الأوسط أو صوت القاهرة أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أو حتى بنمط اخر من الاعلام الموجه هدف الى تعميم منطق نهاية التاريخ وهيمنة أسطورة فوكوياما المتراجع عنها لاحقا تحت سطوة ثراء العولمة وتعدد الثقافات وتنوع الخصوصيات ...
المشهد ببساطة وانصاف :
بدون الخوض في شروط النهضة فلسفيا , فان الساحة العربية والاسلامية لاتحتاج اليوم الى أنبياء جدد , فقد مضى عهد الأنبياء والرسل عليهم أطيب الصلاة والتسليم . بل انها تحتاج الى قيادات وطنية وقطرية فكرية وسياسية صادقة مع ربها ثم مع شعوبها, حين تصارح الجمهور في غير تقزيم أو تضخيم بحقيقة الأوضاع بعيدا عن البروبغندا أو المغالطة أو المزايدة أو منطق التشفي والانتقام .
الاعلام أمانة عظيمة أمام رب العالمين ثم أمام شعوبنا ومن ثمة فلابد أن يكون أقرب الى ملامسة حقيقة أوضاعنا دون اشاعة منطق اليأس أو ومنطق الغش من خلال الحديث عن درجات بلوغ الاكتمال , وهو ماننشده اليوم من قنواتنا التلفزية ومن اذاعاتنا المحلية والوطنية والقومية ومن صحفنا الموقرة ومن شبكاتنا الاعلامية الاليكترونية ومن وسائل الاتصال عموما في علاقتها بالجماهير المستهدفة .
الاعلام ينبغي أن يكون عين الحاكم الصادقة على وضع المحكوم وعين المحكوم المنصفة على الظروف والاكراهات التي يمر بها الحاكم , مع التحذير من مخاطر الظلم أو الجور في مسالك الحكم, بعيدا عن تحويل وسائل الاعلام الى أدوات لجلد الذات أو ضرب المكتسبات الوطنية أو تحويلها لأدوات لصنع الصنمية وتكريس منطق "أعل هبل" في زمن دولة القانون والمؤسسات .

كتبه مرسل الكسيبي* بتاريخ 1 جانفي 2008- 22 ذو الحجة 1428 ه .
*رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية :
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.