انتقد تقرير دولي ليونيسيف الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في المغرب، وانعكاساتها السلبية على حياة الأطفال ومستقبلهم. وذكر التقرير أرقاما مفزعة لتردي الأوضاع الاقتصادية وتراجع معدلات الدراسة في أوساط الأطفال بسبب نقص الموارد المالية. وكشف تقرير لمنظمة رعاية الأمومة والطفولة التابعة للأمم المتحدة (يونيسيف) عن وضع الأطفال في العالم أن مدينة الدارالبيضاء وحدها تحتضن 22 ألف خادمة تقل أعمارهن عن 18 سنة. كما أن التقرير، الذي يعطيه مراقبون عنوان الرواية الشهيرة لفيكتور هوغو "البؤساء"، رسم لوحة تدعو إلى المزيد من القلق على أطفال المغرب الذين يعانون من نظام صحي هش يجعل خمسة أطفال من كل 100 يموتون سنويا قبل أن يبلغوا خمس سنوات. ومن نجا من الموت بسبب البرد وسوء التغذية وعدم وجود مرافق صحية يجد نفسه في سوق الشغل الذي لا يرحم قبل أن يبلغ من العمر 14 سنة، حيث أن تقرير يونيسيف يشير إلى أن 640 ألف طفل دون هذا السن يلجون إلى سوق الشغل، و87 في المائة من أطفال الوسط القروي لا يدرسون لكنهم يعملون. وحسب آخر تصريح لوزير التربية والتعليم المغربي يبدو أن الأطفال المغاربة ينقطعون عن الدراسة في وقت مبكر حيث يتسرب من الأقسام الابتدائية سنويا 218568 خارج أسوار المدارس. وحسب الأرقام الرسمية فإنه من بين 10 تلاميذ يتم تسجيلهم في السنة الأولى من التعليم الابتدائي، لا يصل إلا اثنين منهم إلى البكالوريا أو الثانوية العامة. ولا تتوقف متاعب الطفولة المغربية عند هذا الحد، حيث أنه حسب تقرير يونيسيف فإن 90 في المائة من مدمني المخدرات أعمارهم أقل من 25 سنة، كما أن 70 في المائة منهم يرتمون في أحضان المخدرات ما بين 15 و18 سنة. ويذكر التقرير حالة خادمة تدعى "هنية" غاية في المعاناة، ف"هنية" طفلة مغربية في العاشرة من عمرها لم تلمس أي لعبة من قبل ولم تمسك بإحدى صديقاتها في لعبة "حابا" المعروفة وسط الأطفال، ولم تحتضن دمية في يوم من الأيام لأنها ببساطة تشتغل وتتحمل بعضا من أعباء أسرتها التي تنتظر راتبها الشهري الهزيل بعد كل ثلاثة أشهر في أعماق الصحراء بضواحي مدينة الراشدية. ويبدو أن هوس الهجرة والهروب في اتجاه الشمال طال الأطفال أيضا، حيث استقبلت إيطاليا خلال عام واحد 6329 قاصرا مغربيا دون رفيق، بينما استقبلت إسبانيا 2032 طفلا توزعوا على عدد من المراكز الإسبانية حسب نفس التقرير الدولي المهتم بالطفولة. ولا ينكر المسؤولون في الرباط أن التعليم العام يمر بأسوأ مراحله ويعاني من تدهور خطير لا تستفيد منه إلا المدارس الخصوصية التي انتشرت بكثرة في كل الأحياء لتفتح أبوابها لأبناء الطبقات المتوسطة الدخل فيما لا يجد أبناء الفقراء إلا المدارس العمومية التي أصبحت مرتعا لانتشار المخدرات وتدهور المستوى التعليمي بسبب العجز الشديد في الأطر التربوية وفي المناهج الدراسية. وأقر وزير التربية الوطنية أن التعليم العام سجل خصائص في عدد المدرسين مع مطلع الموسم الدراسي الحالي بلغ 2900 مدرس، فيما بلغت الخصائص في عدد الأطر الإدارية هذه السنة في التعليم الابتدائي وحده 15640 مؤطرا إداريا وتربويا. وحسب العرض الذي قدمه وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي حول مشروع ميزانية 2008 في البرلمان فإن العجز الحاصل في الاعتمادات المخصصة للقطاع تتراكم مقارنة مع الاعتمادات اللازمة لتوفير حد أدنى من الشروط الإصلاح حيث نجد أنه خلال سنة 2007 الاعتمادات التي احتاجها التعليم العمومي لرأب بعض صدعه هي 2400 مليون درهم، في حين أن الاعتمادات التي خصصت له من خلال الميزانية العامة هي 1832 مليون درهم مما مثل عجزا قدره 568 مليون درهم.