رغم تطرّق وسائل الإعلام للموضوع على نطاق واسع، لكن دون أية ردود فعل تذكر .. فالسلطات المعنية لم تكلّف نفسها عناء معالجة موضوع غياب تمثيل تونس ديبلوماسيا في بعض دول العالم. ويستمر الأمر منذ عهد وزير الخارجية السابق عثمان الجرندي حيث يتواصل إلى حد الآن غياب السلك الديبلوماسي التونسي في برن بسويسرا والجزائر العاصمة وباريس (اليونسكو)، إلى جانب القنصلية العامة لتونس في ميلانو .. وهو ما يحيل على أن الدبلوماسية التونسية أصبحت مجردة فجأة من المهارات أو مفتقدة إلى حد بعيد للدبلوماسيين المحترفين..ليبقى السؤال عن سبب تواصل هذا الشغور في هذه المناصب حتى الآن قائما ؟ الجلي في الأمر أن كل الفرضيات تتقاطع في كل الجوانب لتؤكد كلها أن الإشكال يعود بالاساس إلى الأسباب التالية: المواجهة بين رئاستي الحكومة و الجمهورية للظفر بالقصبة و قصر قرطاج أصبحت على قدم وساق، والجميع يسعى أن يكون له موطأ قدم في التعامل السياسي التونسيي مع الخارج وينصّب أتباعه خدمة لمصالحه، وهو ما أدى إلى عدم وجود حل وسط مما تسبّب في تأخير هذه التعيينات. كذلك يفسّر هذا الوضع بعدم اهتمام السلطة التنفيذية، التي تتخبّط حاليا في عديد الملفات الأخرى الأكثر إلحاحا، وهي بالتأكيد تنتظر الوقت المناسب و الفرصة السانحة لتحكم قبضتها على هذا الملف. في السياق ذاته يبرر هذا الشغور بأن وزير الشؤون الخارجية والرئاسة يفضلان أن يأخذا وقتهما إلى غاية توفّر جميع الظروف الملائمة لوضع الرجل المناسب، في الوقت المناسب وفي المكان المناسب وانتظار موعد الحركة السنوية لللسفراء والقناصل التي تتمّ عادة في فصل الصيف، للبدء في إجراءات الموافقة على التعيينات دفعة واحدة وبشكل نهائي. ولكن ما يدحض كل هذه الفرضيات، يحملنا إلى تفسير آخر مغاير، وهو أن السلطة التنفيذية تسعى إلى إطالة موعد التعيينات حتى تنضج الفكرة، وتتوضّح الأمور بشأن المرشحين لتشكيل السلك الديبلوماسي، لتصبح فرضية جلب أطراف سياسية أو حزبية مهمتها إزعاج من هم على رأس السلك الديبلوماسي لإزاحتهم خصوصا وأن عشرات المناصب الشاغرة حاليا تعتبر غير كافية لتكوين "الثقل الديبلوماسي" المطلوب. في أي حال، لتجنب إثارة الشكوك، والشائعات والمعلومات الخاطئة وردود الفعل الأخرى، فإن وزارة الشؤون الخارجية هي المسؤولة عن تواصل هذه الضبابية والتعتيم حول تأخر التعيينات الديبلوماسية وهي مطالبة بتوضيح الأمر للشعب. فهل نكون بهذا طلبنا الكثير ؟