الملك سلمان يوجه دعوات لقادة هؤلاء الدول    وفاة القاضي شعبان الشامي ,صاحب أول حكم بإعدام رئيس مصري سابق    نحو إعداد منصة رقمية خاصة بالترخيص للتصرف في الملك العمومي للمياه    استعدادا لانجاح موسم الاصطياف .. دعوة إلى تنظيم دوريات مشتركة متنقلة للتقليص من حالات الغرق وحماية الأرواح البشرية    مرصد سلامة المرور: ارتفاع عدد قتلى حوادث الطرقات    عيد الاضحى 2025: وزير الفلاحة يطمئن التونسيين    تطور كبير في صادرات القوارص التونسية    جمعية "آلارت" تقترح مبادلة القمح الصلب لتفادي ضياع المحصول وتدعو إلى إصلاح شامل لقطاع الحبوب    زغوان: تسجيل فائض في التفريخ الطبيعي لخلايا النحل بحوالي 12 ألف خلية جديدة خلال 3 اشهر (رئيس مجمع التنمية لمربي النحل)    قابس: الملتقى العربي للاستثمار السياحي والاقتصادي يختتم فعالياته بجملة من التوصيات    غدا.. جلسة عامة بالبرلمان للحوار مع وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية    مركز النهوض بالصادرات ينظم يومي 23 و24 جوان القادم لقاءات شراكة افريقية في 5 قطاعات خصوصية    خولة سليماني: "اليوم أشعر أنني حرة أكثر من أي وقت مضى"    التونسي نصر الدين نابي يقود كايزر شيفز نحو التتويج بكاس جنوب افريقيا    الأولمبي الباجي ضد الترجي اليوم : التوقيت    عاجل/ تقلبات جوية وأمطار بهذه المناطق بعد الظهر..    وفاة "كروان الإذاعة" عادل يوسف    المسرح الروماني بالجم يحتضن يومي 10 و 11 ماي الجاري النسخة الثامنة من مهرجان " الأيام الرومانية بالجم تيتدروس    القيروان: الدورة الثانية لمسابقة المطالعة بالوسط الريفي    مدينة العلوم بتونس تنظّم يوم الاثنين 26 ماي سهرة فلكية بعنوان السماء الرقمية : علوم البيانات والذكاء الاصطناعي""    مداهمة وكر لصنع مواد مسكرة..وهذه التفاصيل..    نابل: وزير البيئة يؤكد استكمال انجاز مشاريع محطات تطهير وتوفير الاعتمادات لمشاريع حماية الشريط الساحلي    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    النادي الافريقي ينعى المحب ومغني الراب "كافون"..    تونس تتوج بذهبية بطولة إفريقيا للفرق في التنس للفتيات دون 14 سنة وتضمن التأهل إلى مونديال التشيك    تونس: أبرز الأحداث السياسية من 4 إلى 10 ماي 2025    مواجهات حاسمة في الجولة 29 للرابطة المحترفة الأولى: لقاءات مشوّقة اليوم!    رئيس وزراء باكستان: سيذكر التاريخ كيف أسكتنا الجيش الهندي    اكتشاف أنفاق سرية تحت مبنى الكابيتول الأمريكي (فيديو)    "بلومبيرغ" : ترامب يهمّش مجلس الأمن القومي    حالة الطقس ليوم الاحد    بوتين يقترح محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول    الجمهور بصوت واحد: النجم فخر الانتماء    النجم يحتفل بالمائوية: مسيرة حافلة بالتتويجات والانجازات    كلاسيكو ناري اليوم بين برشلونة و ريال مدريد : التوقيت    في تظاهرة هي الأولى من نوعها في ولاية سوسة: «حروفية الخط العربي»من أجل تربية فنية وتعزيز الهوية    القيروان تحتلّ المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج الحبوب المرويّة    وداعا كافون    الرابطة المحترفة الثانية: (الجولة 24-الدفعة الاولى) النتائج والترتيب..    المرض الذي عانى منه ''كافون''    مغني الراب "كافون" في ذمة الله    وفاة مغني الراب التونسي "كافون" بعد صراع مع المرض    عاجل : أحمد العبيدي '' كافون'' في ذمة الله    مغني الراب احمد العبيدي المعروف ب"كافون" في ذمة الله    القصرين: أكثر من 1400 تلميذ ينتفعون بخدمات قوافل طبية حول صحة الفم والأسنان    المهدية: فتح بحث تحقيقي في شبهة سرقة تجهيزات بمستشفى الطاهر صفر    اختصاصي أمراض القلب: قلة الحركة تمثل خطراً صحياً يعادل التدخين    إصلاحات ثورية لتحسين خدمات تصفية الدم: نصوص قانونية و هذه التفاصيل    المهدية: إيقاف 3 أعوان بمستشفى الطاهر صفر بشبهة السرقة    مصر: جريمة مدفونة منذ 8 سنوات.. طفلة تفضح والدتها وتكشف مقتل والدها    باكستان تغلق مجالها الجوي بعد تصعيد عسكري مع الهند    سيدي بوزيد: قطع مؤقت ليومين للكهرباء بهذه المناطق    طقس اليوم: أمطار متفرقة والحرارة في ارتفاع طفيف    معهد البحوث الفلكية في مصر.. لا نتدخل في تحديد توقيت عيد الأضحى والأمر متروك للسعودية    الحكومة الألمانية الجديدة تواجه إرثاً من الصعوبات الاقتصادية    مجلس نواب الشعب ينعى الفقيد النائب نبيه ثابت    ملف الأسبوع: مهلكة عظيمة: لا تتتبعوا عوراتِ المسلمينَ... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار شامل مع ريم المورالي الأمينة العامة لحركة الاستقلال التونسي: “حكومة الشاهد أوصلت تونس إلى مستويات كارثية.. وحزبه الجديد انقلاب ناعم وخدمة لمشروع التمكين الإخواني”
نشر في تونس الرقمية يوم 05 - 04 - 2019

عُرفت السيدة ريم المورالي الأمينة العامة لحركة الاستقلال التونسي بسعيها في مناسبات عديدة لتقديم وجهات نظرها بخصوص عديد المسائل التي تهم الشأن العام في بلادنا..
تشخيصها للوضع عادة ما يكون مستندا إلى الأرقام والاحصائيات ممّا يسمح بتوضيح الرؤية لدى كل من يتابعها أو يقرأ كتاباتها …
وبنفس متمرّد تنتقد ريم المورالي هفوات كل من حملهم القدر ليكونوا في السلطة مهما علا شأنهم، فتجدها تكشف مخططاتهم وتفضح مغالطاتهم وتتفنّن في تعرية عجزهم وفشلهم في حسن إدارة دواليب الدولة وخدمة الوطن والمواطن..
وفي هذا السياق كان لنا هذا الحوار الشامل مع ريم المورالي:
* ما تقييمك لأداء حكومة الشاهد ؟
يتهمنا البعض إما عن جهل أو عن سوء نية، أننا متحاملون على السيد يوسف الشاهد وحكومته، وأننا نشكك دوما في نجاحاته وإنجازاته، ولأننا موضوعيون ومواقفنا هي تعبير عن الحالة التي يعيشها الوطن وتنبع من رحم الواقع الذي تعيشه تونس، وعنوان لرؤية وطنية خالصة ديدنها الواجب والولاء لتونس لا غير، فإن الأرقام كفيلة بتحديد طبيعة فترة الشاهد وحجم وهوية النتائج، وهي غيض من فيض:
بلغت نسبة الدين العام في سنة 2018 71.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 70% سنة 2017 و 61.9% سنة 2016
-عجز خيالي للميزان التجاري بنسق صاروخي منذ توليه السلطة، في حدود 19 ملياراً و49 مليون دينار (6.34 مليارات دولار) عام 2018، مقابل 15 ملياراً و590 مليون دينار (5.19 مليارات دولار) سنة 2017، و12 ملياراً و600 مليون دينار (4.02 مليارات دولار) عام 2016.
-تواصل إرتفاع نسبة التضخم لتتجاوز 7.5% نهاية سنة 2018 بعد أن كانت 6.4 % في موفى 2017 و 4.2 في موفى 2016 و 4.1 % في نهاية 2015
-تواصل تآكل سعر صرف الدينار التونسي ليفقد 32% منذ سنة 2017
– تواصل إرتفاع نسبة البطالة لتبلغ أعلى مستوياتها وتسجل لأوّل مرة 15.4 % و 35 % في أوساط حاملي الشهائد العليا
-تراجع حجم الاستثمار الخارجي إلى 50 %رغم كل المغالطات
– تآكل احتياطيات البلاد من العملة الصعبة لتصل إلى مستويات كارثيّة غير مسبوقة
– إدراج تونس في القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لغسيل الأموال و تمويل الإرهاب و هذا على عكس ما يروج له انعكاسات جد سلبية على مناخ الاعمال و على صورة تونس في الخارج و على واقع اقتصادها الحالي
– تواصل تراجع مستوى عيش التّونسي بنسبة 40 % في الأربع سنوات الأخيرة، وتقلص النفقات الغذائية بنسبة 26%
– مليون و700 ألف فقير في تونس، 60% من الأسر التّونسيّة مثقلة بالدّيون ، علما وان 50% من القروض موجهة الى الاستهلاك وذلك في غياب الادخار العائلي.
– بلغ عدد التونسيين الذين يعانون سوء التغذية 600 ألف أشخاصا في سنة 2018 أي ما يعادل 4.9 بالمائة من مجموع سكان تونس، حسب دراسة نشرها المعهد الوطني للاستهلاك.
– إفلاس الصناديق الإجتماعية وعجز الحكومة عن القيام بالإصلاحات اللّازمة والحفاظ على مستحقّات نحو 900 ألف متقاعد وتعمّد إخفاء الأسباب الحقيقيّة لتحقيق عجز قياسي بلغت قيمته 1.9 مليار دينار (791 مليون دولار)، وفق البيانات الرسمية، ويحتاج 41% من المتقاعدين التونسيين إلى المساعدات العائلية لتأمين نفقاتهم المعيشية.
– أزمة غير مسبوقة شهدها قطاع الدواء، نتيجة تآكل المخزون الإستراتيجي، بشكل وضع حياة آلاف المرضى في خطر، حاولت الحكومة التّعتيم عليها لكن تفاقم الوضع إلى أن أصبح يشغل الرأي العام في تونس ويُحرجها، إذ بلغ عجز الصيدليّة المركزية 800 مليون دينار تعهّد الشاهد بتوفير 500 مليون دينار حتى توفي بإلتزاماتها لكنه ظل حبرا على ورق كالعادة، ويؤكد أهل الإختصاص فقدان 300 نوع من الأدوية لجميع الأمراض حتى الخطيرة والمزمنة منها . ولعل فاجعة الوفاة الجماعية للرضع منذ أيام قليلة أحد أبرز العناوين لسجل إنجازات حكومات الشاهد
– ارتفاع مديونية المستشفيات والتي بلغت العام الماضي ما يعادل 500 مليون دينار (نحو 207 ملايين دولار)
– ارتفاع معدل الجريمة بنسبة 20.9 %، إذ تمّت إثارة 106 آلاف قضية خلال النصف الأول من سنة 2018 مقابل 88 ألف قضية خلال النصف الأول من سنة 2017، يذكر أنّ سنة 2017 سجّلت 107 ألف قضية مقابل 99 ألف قضية فقط عام 2016 ،كما شهدت جرائم القتل ارتفاعا بنسبة 46 % خلال السداسي الأول من العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من سنة 2017 ، أمّا جرائم العنف فقد ارتفعت أيضا بنسبة 12%،
– 3811 مهاجرا تونسيا غير نظامي وصلوا الى ايطاليا منذ بداية سنة 2018 والى حدود آخر شهر أوت المنقضي مقابل 1721 وصلوا في نفس الفترة من السنة الماضية، يذكر أن الذين وقع احباط عملية تجاوزهم انطلاقا من تونس بلغ 6369 الى غاية اوت 2018 مقابل 3178 خلال نفس الفترة من سنة 2017
– تواصل نزيف هجرة الأدمغة في تونس لتسجل سنة 2018 أعلى الأرقام ولتبلغ قرابة ال15 ألف كفاءة مختصة ممن غادروا البلاد.
تونس تحتل المرتبة ال 96 من بين 157 بلدا حسب مؤشر رأس المال البشري الذي يعتمده البنك الدولي لقياس نتائج رأس المال البشري المتعلقة بالإنتاجية مثل بقاء الطفل على قيد الحياة، وإعداد الأطفال مبكرا للنجاح، وتعلّم الطلاب، وصحة البالغين، وبحسب مؤشر رأس المال البشري فهي تحتل المرتبة 113 من حيث جودة التعليم خاصة وأن هناك 100 ألف تلميذ ينقطعون سنويا عن الدراسة.
والقائمة تطول لسرد نجاحات السيد رئيس الحكومة وفريقه الوزاري وحزامه السياسي ، وهي ليست بحاجة لخبراء ومحللين، بل بإمكان التونسي البسيط أن يعددها ليكشف عن حجم المعاناة ووطأتها عليه
* من المألوف في عالم السياسة أن الأحزاب هي من تؤسس الحكومات، إلا أن الأمر في تونس اختلف، حيث أسس الشاهد وبعض وزراء حكومته حزب تحيا تونس ؟ ماهو تعليقك على الطريقة التي نشأ بها هذا الحزب ؟ وكيف تستشرفين مستقبله ؟
هي تتويج لعملية إنقلابية ناعمة بأدوات “ديمقراطية هجينة”، عملية إنقلابية على خيارات الناخبين وتسخير لموارد ومؤسسات الدولة لخدمة أغراض فردية وفئوية، كتل برلمانية تتشكل و أخرى تختفي حسب طبيعة موازين القوى دوليا وإقليميا ، خدمة لمشروع التمكين الإخواني وتفكيك البنى التي قامت عليها وشكلتها دولة الإستقلال.
و هي عملية مصادرة للعملية الإنتخابية برمتها وتتويج لفشل ما أطلق عليه إصطلاحا بالإنتقال الديمقراطي وإفراغ العملية السياسية من حدودها الأخلاقية والقيمية الدنيا، ومصادرة لرمزية عبارة “تحيا تونس” التي تربت عليها أجيال وأجيال ، عملية سطو ناعمة على كتل وخيارات ناخبين وعلى موروث لغوي وحضاري مرتبط بالهوية والوطنية التونسية الصرفة.
مستقبل حزب الشاهد مرتبط بحسابات حركة النهضة ومدى قدرة راشد الغنوشي على المحافظة على هامش المناورة المتاح له محليا وإقليميا وحصيلة أسهم الشاهد وتوليفته الحزبية مع نهاية المضاربة التي يجريها المرشد في بورصة الأحزاب والمتسابقين للفوز بمناصب وغنائم السلطة. وهو أيضا مرتبط في مدى نجاح الشاهد في تقديم الترضيات والتنازلات لجميع الأطراف وخدمة أكثرمن مشروع لأطراف جعلت من تونس حلبة لصراعاتها هو بالنهاية حزب دمى متحركة تتدعمه اللوبيات ، عندما تنقطع خيوطه بالسلطة ومراكز القوى يسقط ويختفي ويصيبه الشلل
* حزب نداء تونس تشكّل من أجل الحد من تغوّل النهضة وبنى حملته الانتخابية على معاداتها، حسب رأيك هل يمكن لحزب نداء تونس التموقع من جديد ارتكازا على هذا الموقف الأولي خاصة بعد تحالفه مع حركة النهضة إثر الانتخابات؟
حزب نداء تونس فقد مصداقيته لدى غالبية الناخبين الذين راهنوا عليه وأعتبروه قادرا على إيقاف عملية الأخونة وإسقاط الدولة التونسية، وإفتقد للشخصية الرمزية والزعاماتية منذ إبتعاد رئيس الجمهورية وفق ما هو ملزم به دستوريا، لكن يبقى للحركة القدرة على إعادة التموقع في المشهد السياسي ولكن ليس بنفس الزخم والحجم في حال تم ترتيب البيت الداخلي والحسم نهائيا في طبيعة التحالفات والخيارات والتخلي عن طابع الشخصنة في تحديد المواقف وضبط التوجهات.
* حسب بعض المحللين لا يمكن النجاح في الانتخابات القادمة دون التحالف مع حركة النهضة. هل تشاطرين هذا الرأي ؟
لو عكست لأصبت، لا يمكن لحركة النهضة أن تنجح وتستمر في السلطة وفي تنفيذ مشروعها الدخيل دون التحالف مع واجهات مما يعرف بالعائلة الحداثية أو الدستورية التجمعية وغيرها من التسميات.
حركة النهضة في ظل إنحسار رقعة إنتشار تنظيم الإخوان إقليميا وفشله في تنفيذ مخططات تقسيم المنطقة وتركيز بديل قروسطي للأنظمة التي نشأت من رحم حركات التحرر والكفاح ضد الإستعمار، اختارت التكيف مع الواقع بإيجاد غلاف ديمقراطي مزعوم تحت مسميات التوافق والتجربة الديمقراطية الناشئة والتعايش والديمقراطية التشاركية، يقيها تحمل المسؤولية والمحاسبة الدولية والإقليمية لما إقترفته داخليا وخارجيا.
حركة النهضة تخشى المساءلة خاصة مع تعدد الملفات وحجم الخراب الذي تورطت فيه منذ توليها السلطة، وهي بحاجة للتسويق لنفسها خارجيا كحركة معتدلة وديمقراطية تتعايش مع الآخر ضمن أطر المؤسسات و القوانين والدستور ولها قاعدة جماهيرية كبيرة لا يمكن إلغاؤها وهي ضمانة للإستقرار وصوت الإتزان والحكمة. وهو ما لا يمكن لها إنجازه إذا لم تجد أو بالأحرى لم توجد الحليف الحداثي
* حسب اخر استطلاعات الرأي تعتبر عيبر موسي منافسا سياسيا جديا في الانتخابات القادمة . كيف تفسرين هذه الشعبية وهل يمثل هذا الحزب خطرا على مكاسب الثورة؟
التجمعيون كانوا ولا يزالون رقما صعبا في المعادلة السياسية وهم الأكثر خبرة وتجربة ولهم عقود من الممارسة الميدانية والحضور الجغرافي والبشري، عملية الإقصاء والتشويه والترهيب التي تعرضوا لها من الطبيعي أن تثير فيهم الرغبة في التنظم والتشكل في إطار أحزاب وحركات تعبر عنهم وعن الضيم الذي لحق بهم، كما أن سنوات حكم الترويكا وتنكر النداء لناخبيه وتغول حركة النهضة وتزايد تهديداتها لكياني الدولة والمجتمع ، خلقت تطلعات معينية لدى طيف كبير من الناخبين تستجيب لخطابات شعبوية بعينها. تبقى عمليات سبر الآراء محل أخذ ورد وغير ذات مصداقية تقف وراءها سياسة ممنهجة لتشكيل وتوجيه الرأي العام والتسليم لا إراديا بأمر واقع حددته شركات سبر الآراء قد يفتقر بعضها للحد الأدنى من المؤهلات والحرفية.
يبقى من المفيد تحديد ماهية مكاسب الثورة التي أصبحت منذ زمن بعيد مثارا للسخرية والتندر لدى المواطن التونسي.
* حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ، حزب التكتل، نداء تونس، وغيرها من الأحزاب .. تحالفت مع النهضة ثم تفككت وتراجعت شعبيتها كيف تستقرئين هذه المسألة ؟
هي أحزاب بنت دعاياتها الإنتخابية إما على رفض التحالف مع حركة النهضة أو معاداتها الصريحة، وإستقطبت بذلك جمهورا عريضا من الناخبين، لكنها سرعان ما تنكرت لوعودها وإرتمت في فلك الإخوان وقدمت التنازلات المخجلة والمهينة ، وهو ما عرضها لفقدان شعبيتها ثم تلاشيها.
الناخب عموما والتونسي خصوصا لا يغفر الخيانة وطبيعي أن يعاقب في أي محطة إنتخابية من تحيلوا عليه وسمسروا بصوته وخانوا ثقته في المحطة التي سبقتها.
* من بين مقومات قوة الدول في العالم، استقلالية قراراتها و سيادتها وهيبتها في الداخل والخارج، كيف تشخصين هذا الوضع في تونس ؟
بات من الواضح والجلي أن تونس فقدت الكثير من مقومات سيادتها واستقلالية قرارها منذ التغيير السريالي الذي كان بالأساس ضمن برنامج دولي لتفكيك بنى دول الإستقلال وإحلال حركات الإسلام السياسي مكانها وإطلاق العنان لديناميكية الفوضى الخلاقة وإحداث تغييرات جغرافية وسكانية وحضارية بأبعادها الثقافية والإقتصادية والإجتماعية والعقائدية.
ولاء الإخوان للجماعة وعدم إعترافهم بالوطن ككيان وهوية وتاريخ ، جعلت من تونس في فترة الترويكا في تبعية مطلقة لمحور بعينه وأعادت أنماطا تاريخية لهيمنة دول بعينها، وألقت بظلالها على الديبلوماسية والعلاقات الخارجية ، أمر لم يكن حكرا على الفرع المحلي وحده، بل إنساقت وراءه أطراف سياسية أخرى بحكم تحول البلاد لمسرح لصراعات المصالح والنفوذ بين الدول والمجموعات الجغرافية والإقتصادية الكبرى.
أصبحت الدولة رهينة مصالح وأهواء مجموعات وأشخاص في فترة ما، لدرجة أن المرشد بات مطلق الصلاحيات والسلطة رغم فقدانه للصفة الدستورية المؤهلة، وبات للسفراء سلطات تذكر بقناصل القرن التاسع عشرة والمقيمون العامون.
إرهاب متعدد الأوجه وجماعات مسلحة ومهربون وفاسدون تجرؤوا على الدولة ومؤسساتها ولولا إستبسال المؤسستين الأمنية والعسكرية في الدفاع عن الوطن وحرماته لحدث ما يتجاوز القدرةعلى التخيل، ومع ذلك فإن التقصير السياسي وتعدد الولاءات لدى التوليفات السياسوية والتراخي لدى صناع القرار طيلة الفترة الماضية من شأنه إرساء حالة من قبول الإرهاب والفساد وإمكانية التعايش معهما.
ثم إن إستمرار التدمير الممنهج للإقتصاد التونسي وإرتهان البلاد ومستقبلها لإرادات الدائينين تحت ضغط مديونية عملت الحكومات الديمقراطية على الرفع منها دوما من شأنه أن يعيق كل محاولات إسترجاع البعض من السيادة والقرار المستقل.
* بعض المحللين والسياسيين اعتبر أن تنظيم انتخابات نزيهة وذات مصداقية مشروط بغلق ملف اغتيال الشهيدين بالعيد والبراهمي و فك ملابسات الجهاز السري للنهضة، ما موقفك من هذا الموضوع ؟
إنها مسألة مبدئية و لا يمكن أن تجري إنتخابات تتوفر فيها الحدود الدنيا من النزاهة والشفافية والمصداقية والبلاد تحت خطر التلاشي والسقوط وفيها تنظيمات سرية وكيانات موازية مورطة في الإرهاب والإغتيالات وتملك إمكانيات غير محدودة العدد والعدة. ما هي الضمانة لنزاهة العملية الإنتخابية والدولة مخترقة وغير قادرة على تحديد طبيعة الأخطار والتهديدات؟
ما هو حجم الإختراقات وتغلغل التنظيم السري للنهضة في السلطة والدولة والمؤسسات؟ حركة رغم ممارستها المباشرة للسلطة طيلة ثماني سنوات ولا تزال تملك تنظيما سريا كشفت تحقيقات رسمية ومحاضر بحث عن وجوده، ومورطة إقليميا ودوليا في أكثر من ملف خطير لا يمكن أن تكون خصما سياسيا ولا شريكا في الحكم، نحن أمام صراع وجود بين شعب ودولة ووطن من جهة وجماعة باطنية وحلفائها من الإنتهازيين والمرتزقة من جهة أخرى
ستكون إنتخابات صورية ومحسومة النتائج،لأنها ستجري تحت تهديد جماعة وفاق إجرامي
* ارتفعت شعبية يوسف الشاهد بمجرد إطلاقه لحملة مكافحة الفساد والفاسدين، ماهو تقييمك لهذه الحملة ؟
شعبية مزعومة مثلها مثل حربه على الفساد، عمليات سبر الآراء لا تخضع لمعايير النزاهة والشفافية وأغلبها تأتي في سياق التعمية والدعاية الإنتخابية والإيحائية لشخص السيد رئيس الحكومة وتوليفته الحزبية كخيار الواقع والضرورة رغم فشله الذريع في إنجاز شئ يذكر غير إطلاق يد حركة النهضة لتفعل ما تريد بالدولة ومؤسساتها.
الكل يعلم أن حكومة الشاهد جندت كل الوسائل والأساليب لبسط سيطرتها على قطاعات ومؤسسات إعلامية بعينها إما بالترغيب أو بالترهيب مستغلة بذلك موارد وأجهزة الدولة وعلاقاتها الخارجية، لعل أبرزها الهبة البريطانية محل بحث وتحقيقات مجلس العموم البريطاني والتي وظفت للدعاية لحكومة الشاهد وشخصه.
حربه المزعومة على الفساد ليست سوى عملية ذر للرماد على الأعين، حرب إنتقائية إستغلها لتصفية الخصوم وكسب ولاءات من لديهم شبهات الفساد ولكسب ود حركة النهضة عبر تبييضها وتنقية سجل حكم الترويكا وما يتبعه
لماذا صمت الشاهد و فريقه الحكومي طيلة هذه المدة عن تنامي و تغول الفساد و المفسدين خاصة و البعض منهم يقاسمون أطراف حكومته و حزامها السياسي الإنتماء و الولاء و القيادة و الشراكة و صناعة القرار؟
لماذا كانت حملته على الفساد إنتقائية إشهارية، تخبر بالمرحلية و تبشر بالأسماء قبل الإجراء؟
لماذا لم يبادر بمكافحة الفساد منذ اليوم الأول لتوليه و قد تهدد و توعد في خطاب الوقوف؟
لماذا لم يبدأ بالتحقيق في شبهات الفساد التي تحوم حول عديد الأسماء في حكومته من وزراء و مستشارين و كتاب دولة، ألم يكن من باب أولى و الأكثر جدية أن يعفيهم من مهامهم لدرء الشبهات و إضفاء مصداقية على سياساته؟؟؟
لماذا توقف الفساد في أجندته عند ما تضمنته تقارير لجنة المرحوم بن عمر من أسماء و معطيات، ماذا عن الفترة التي تلتها و قد شهدنا فسادا خارج السيطرة
و فاسدين يتباهون على رؤوس الأشهاد في الإعلام بفسادهم، و ثروات خيالية تكونت من العدم لدى احزاب و سياسيين و افراد عائلاتهم؟؟؟
بون شاسع بين الفانتازيا و بين الواقع، وفرق كبير بين بطولة تصنعها النتائج و الإنجازات و بين بطولات وهمية صيغت على عجلة لأبطال من ورق!!!
* هل سيشارك حزبكم حركة الاستقلال التونسي في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة ؟
من البديهي أننا سنخوض غمار الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة وفق برنامج عمل الحركة وأهدافها التي أنشأت من أجلها، لكن يجب الإنتباه لما أشرنا إليه سابقا في غياب ضمانات حقيقية لإجراء إنتخابات ديمقراطية حقيقية وحرة ونزيهة وشفافة، إن التسابق المحموم على الظفر بغنائم ما تبقى من السلطة تجعلهم مستعدين لجميع أنواع التسويات والصفقات على حساب إستحقاقات المرحلة الحرجة والكارثية التي تعيشها تونس اليوم وضد مصالح الوطن والشعب. وهو ما يتعارض مع أدبيات ومبادئ حركة الإستقلال التونسي، لقد كرسنا جهودنا كحزب وطني جمهوري لوضع برنامج إنقاذ إقتصادي وإجتماعي على المديين القصير والمتوسط لكي تسترجع تونس عنفوانها والمكانة التي تليق بها من جديد على قاعدة الإعتماد على الذات والولاء لتونس وحدها والإستعداد للتضحية من أجلها وفق ما يقتضيه شرف الإنتماء والواجب، وبالمناسبة نحيي جميع مناضلينا ومناضلاتنا وكل الوطنيين والوطنيات في كافة ربوع تونس من أجل وطن حر وشعب سيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.