وثيقة قرطاج عملية مغالطة وتحيل على التونسيين حاورته: أروى الكعلي - يحتل التيار الديمقراطي مراتب متقدمة في مختلف استطلاعات الرأي وتحظى قياداته بنسبة رضا مرتفعة لدى التونسيين في هذه الاستطلاعات، مؤسس التيار محمد عبو يوضح دلالات ذلك بالنسبة إلى الحزب كما يبرز مواقفه من الحكومة التي يعتبرها فاشلة ولا يدعو إلى تغييرها.. ومن رئيس الحكومة والأحزاب التي يعكر صفو المنافسة معها حضور المال السياسي.. حول هذه المسائل وغيرها كان لنا مع محمد عبو الحوار التالي: ● تعتبرون أن هنالك فشلا لحق بالحكومة ولكنكم في نفس الوقت لا تدعون لتغييرها، كيف يمكن الإبقاء على حكومة ترون أنها فاشلة؟ بداية لننطلق من المشكل.. تعرفين أنه منذ سنوات خاصة مع وصول نداء تونس للحكم، بدأ التشكيك في نجاعة النظام الدستوري من قبيل أن النظام شبه البرلماني ليس نظاما ضامنا للاستقرار.. وبدأت المقارنات بالنظام الرئاسي ..من يقول هذا الكلام نجيبه بأن المشكل ليس في النظام الدستوري هنالك أنظمة برلمانية ناجحة وأخرى رئاسية ناجحة المشكلة في الشعوب وفي النخب.. والتغيير بالمنطق الموجود حاليا في تونس، يعني أنه لن تبقى أية حكومة أكثر من شهرين..ومشكل الفشل هو أن هنالك جانبا يتعلق بالمجتمع -هذا يجب أن نقوله- والأكثر من ذلك حكومات فاشلة بالنظر لارتباطاتها ومصالحها مع أصحاب النفوذ وبالنظر إلى عدم الكفاءة أيضا.. وعندما نضغط عبر الشارع من سيغير الحكومة؟ هل الشارع هو الذي سيغير الحكومة؟ الأغلبية البرلمانية هي التي ستغير الحكومة.. ولسنا نحن من انتخبها نحن ضدها ..وهذه الأغلبية لن تأتي إلا بسيئ إلى أسوأ وقلنا ذلك عند تغيير الحبيب الصيد..قلنا إنهم سيأتون بأسوأ منه والحقيقة أننا لم نخطئ والأرقام أسوأ في عهد الشاهد مقارنة بالحبيب الصيد..وطبعا بعد الشاهد الذي ينوون تغييره سيأتون بمن هو أسوأ .. لأن المعيار في اختيار رئيس الحكومة هو أن يكون مطيعا وهذه هي الأغلبية التي اختارها التونسيون. ماذا نفعل؟ ننقلب على الديمقراطية؟ نحن لن ننقلب على الديمقراطية..يجب أن تكون لدينا أغلبية لنغير الفاشلين ونحن لسنا أغلبية.. ● بالنسبة إليكم، ما هي أهم الأخطاء التي ترتكبها الحكومة حاليا؟ أهم شيء أنها لم تفهم الإشكال الرئيسي في تونس وهو حالة التسيب وغياب قيمة العمل وعدم الثقة في الدولة وعدم الإيمان أصلا بأن الثورة يمكن أن تحقق شيئا.. هنالك أزمة ثقة موجودة بشكل عام ومناخ أعمال سيئ جدا مقارنة بالمغرب و بدول افريقية أخرى وهنالك مناخ عام متأزم.. دور الحكومة هو أن تفهم هذه الإشكالية وتبحث عن أجوبة ..والأجوبة واضحة :فرض القوانين على الجميع بدل أن نستمع إلى أنه تم القبض على هذا وليس ذاك وهذا تمت محاكمته وهذا لم تتم..الحكومة متورطة في الحقيقة في حماية الفاسدين والكثير من الفاسدين حولها وهم بصدد حمايتها ● ولكن رئيس الحكومة يتحدث عن أن التضييق على الفاسدين جعلهم يتجهون نحو دعم التخريب والعنف في الأحداث الأخيرة.. وهذا من وجهة نظره نتيجة حرب الحكومة على الفساد.. - أنا لا أستبعد أن الفاسدين ساهموا في تأجيج الأوضاع في بعض الأماكن.. لكن ليست لدي معلومات حقيقة في هذا الخصوص. صحيح أن رئيس الحكومة قام بإيقاف بعض الفاسدين بل نحن أيدناه بداية ولكن نحن لا نتحدث عن حملة بل أكثر من ذلك عن فرض القوانين. مناخ الأعمال بشكل عام سيء جدا وقد استمعنا إليه بعد الاحتجاجات يتحدث عن سبع نقاط تتعلق بإصلاحات إدارية وتغيير مناخ الأعمال هذا جيد ولكن يجب تنفيذها ولكن لم يتحدث عن تبسيط الإجراءات في أهم الوزارات..تبسيط الإجراءات من أهم النقاط..إذا لم يتحسن مناخ الأعمال وما لم تتركز الشفافية لن يتغير وضع تونس ..عندما تضرب بيد من حديد على الفاسدين دون تمييز بين هذا وذاك عندما تطبق القانون على الجميع فهذا يخلق نوعا من الثقة في الدولة لدى عموم التونسيين ويردع الفاسدين.. ● تحدثت منذ أشهر عن أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد انتهى سياسيا، ماذا تقصد بذلك؟ - انتهى سياسيا بمعنى أنه لم يواصل حملته ضد الفساد ..استثمر صورة الحرب على الفساد ثم تراجع واختبأ.. وقال لا أقصد حملة بل إجراءات عادية لمقاومة الفساد.. ...تبحث عن صورة ايجابية وصورة البطل ثم تتراجع لأن هنالك حسابات.. طبعا تنتهي لأن في ذلك تحيلا على التونسيين ما معنى يريد أن يغير إذا أراد غدا أن يترشح إذا أراد أن يصبح رئيسا كيف سيقابل التونسيين؟ بكذبة الحرب على الفساد حتى القبض على شفيق جراية لم تتم بتهمة فساد وحوكم أساسا على قضايا أمن الدولة ..ما نقوله هو أنه يجب أن يواصل هذه الحرب إلى آخرها.. ومشكلة السيد يوسف الشاهد هي قلة خبرته ..الدولة أكبر منه.. هذا ما فهمناه ..ولكن عندما تشجع وأراد أن يفتح ملفات ..تقدم قليلا ثم توقف من الطبيعي أن نقول له اذا كان ينوي بناء مستقبل سياسي عليه أن يحقق أمرا لتونس.. ● هنالك أحزاب تعود وأحزاب تغادر وثيقة قرطاج آخرها مشروع تونس، هل تعتبرون أن ذلك مؤشر على فشل وثيقة قرطاج؟ في التيار حافظنا على موقفنا منذ إطلاق وثيقة قرطاج.. قلنا للتونسيين أنهم يقومون بعملية تحيل جديدة..الحبيب الصيد قال لهم «لا» في بعض المسائل والقوانين والتسميات فانزعجوا منه وقرروا تنحيته..وأتوا بيوسف الشاهد على اعتبار أنه الشخص الذي يستمع أكثر لكلام الرئيس هذا هو السبب وكان الإخراج في شكل وثيقة قرطاج..أنا لا أستطيع أن أكون جزءا من هذا التحيل..كانت عملية مغالطة للتونسيين في صائفة 2016 للتخلص من الحبيب الصيد واليوم لا يمكنني أن أدخل في هذا السيناريو وأقول أن الوثيقة انتهت بخروج محسن مرزوق..إذا قرر الالتحاق بالوثيقة أوالخروج منها هذا لا يغير شيئا في أصل العملية ككل الذي وضحته.. ● هل تعتبرون أن مختلف هذه التحركات الحزبية ومراجعة النداء موقفه من التحالف مع النهضة، تندرج في حملة انتخابية؟ - طبعا لها علاقة فقط بالانتخابات.. نداء تونس بنى حملته في 2014 على مواجهة حركة النهضة باعتباره بديلا لها ومن ثمة صدم ناخبيه عندما حكم مع النهضة.. ونحن كنا نتوقع ذلك..واليوم فهم النداء أنه سيخسر في الانتخابات البلدية القادمة وخاصة في التشريعية والرئاسية.. والحل بالنسبة إليه نظرا إلى تخوفاتهم من توجهات الناخبين ومن حصولهم على التمويل من رؤوس الأموال لأن رؤوس الأموال التي مولت في 2014 ليست كلها من ستمولهم اليوم، أولا لأن هنالك ضغطا على الامارات وهذا الكلام على مسؤوليتي من الرأي العام .. الشارع التونسي أصبح على خلفية الأزمة مع الامارات يتحدث عن تمويل الامارات لنداء تونس.. كنا قلة ممن تحدث عن ذلك في السابق والرسالة وصلت إلى دول أخرى غير الإمارات ..تمويل الأحزاب السياسية خط أحمر وأنا أعتقد أنه قد وصلت هذه الرسالة السياسية إلى الكثيرين من دول العالم ..وهذه رسالة إلى نداء تونس.. الامارات ستتخوف كثيرا من دعم الحزب أو غيره من الأحزاب والأحزاب الأخرى التي تراهن على دول أخرى فإن الشارع التونسي بدأ يتفطن إلى أن هنالك أموالا تدخل من الخارج ..ونهاية أي حزب غدا أن تثبت عليهم هذه الجريمة.. ومن يرتكبونها مكانهم في السجن ،لا أن يحكموا تونس.. الأمر الثاني هو أنهم لم يوفوا بوعودهم لأصحاب المؤسسات في 2014 الذين وعدوهم بتسوية وضعيتهم بتمرير قانون المصالحة.. فقد تمت المصادقة فقط على المصالحة للإداريين..وبالتالي هنالك حالة قلق في نداء تونس..الحل بالنسبة إليهم هو العودة إلى منهجهم القديم بالقول هؤلاء رجعيون ونحن حداثيون وهو نفس رهان مشروع تونس.. ● هل لديكم ما يثبت حصول نداء تونس على تمويلات من الامارات؟ - لا .. ولكننا نستمع إلى حديث بهذا الخصوص بالنسبة إلى النداء سمعنا الكثير من أطراف في السلطة والأجهزة من 2014 في الكواليس تتحدث عن ذلك.. هم أنفسهم يتحدثون عن ذلك ونحن تصلنا العديد من المعلومات فعندما يتصارعون فيما بينهم يتحدثون عن حصولهم على تمويلات من الامارات.. ● كثيرون يعتبرون أن وضع هيئة الانتخابات اليوم مخالف لما كانت عليه في 2011 و2014، هل لديكم ثقة في الهيئة؟ في تصوري -والاحتياط واجب- لن يتغير وضع الهيئة كثيرا مقارنة بالوضع في 2014، المشكلة في 2014 لم تكن فقط الهيئة كانت هنالك امكانيات الهيئة الضعيفة وكانت هنالك أجهزة أخرى في الدولة عليها أن تطبق القانون ولم تقم بذلك.. في المنظومة ككل هنالك إشكال في مراقبة المال السياسي... المشكل ليس فقط في الهيئة وحتى نكون صادقين لا أرى أن الوضع سيكون أسوأ بكثير من 2014، وأشك في أن تكون هنالك إمكانية في تدليس النتائج ولكن التلاعب يحدث في القدرة على السيطرة على الرأي العام عبر وسائل الإعلام وشراء ذمم المهمشين .. اذا دخل المال السياسي ومول الفاسدون الأحزاب فالشعب يمكنه أن يقوم بردة فعل يمكن أن تصل إلى رفض نتائج الانتخابات وهنا يمكن أن نصل إلى الفوضى وأنا لا أرى أن المشكل هو أساسا الهيئة بل المنظومة ككل.. لذلك أقول للأحزاب التي تعودت على الحكم والتي تتخوف غدا من مغادرته فلنلتزم بالقوانين.. ● تحتلون مراتب متقدمة في استطلاعات الرأي سواء في نسبة الرضا أو نوايا التصويت، هل تعتبرون أنكم بذلك تدخلون الاستحقاقات الانتخابية القادمة بأريحية؟ - بالنسبة إلى نتائج سبر الآراء نحن ملتزمون بعدم التعليق عليها.. ندرسها داخليا ولا نعلق عليها لسبب بسيط نظرا لغياب أي هيكل يراقب مراكز سبر الآراء فنحن نطالب بقانون ينظم نشاطها.. وقد اقترحنا مشروع قانون قدمناه منذ أكثر من سنة لتنظيم عمليات سبر الآراء ونرى أنه قانون عادل جدا وفيه الكثير من النجاعة حتى نتمكن من أن نصدق هذه النتائج أو يكون لها الحد الأدنى من المصداقية من الناحية التقنية ومن ناحية النزاهة .. ● وهل تعتبرون أنه من المنطقي وجود نداء تونس في المراتب الأولى في استطلاعات الرأي؟ - أنا أستغرب وجوده في المرتبة الأولى..من قال نعم سأصوت لنداء تونس عن أي نداء يتحدث؟ أستغرب فقط.. ● وما هي حظوظكم في الاستحقاقات الانتخابية؟ - نعتقد وبقطع النظر عن نتائج الاستطلاعات أن لدينا حظوظا .إلى اي مدى يمكن أن تصل حظوظنا؟ هذا مرتبط بعملنا ومرتبط بأننا نتنافس مع بقية الأحزاب على قدم المساواة ..فلا يمكن لحزب منافس أن يحصل على أموال من الخارج ونحن حدود تمويلنا 75 ألف دينار في السنة والذي يتأتى في جزء من الانخراطات.. في خصوص اعداد المنخرطين وفي انتظار ارسال المكاتب للاستمارات الخاصة ب 2017 فإن العدد الجملي للمنخرطين هو 5957 وعدد المنخرطين الجدد والمجددين في سنة 2017 يصل إلى 2680 منخرطا. هذا المبلغ هو الحد الأدنى لتسيير حزب ونتمنى أن يكون أكبر بفضل أبناء الحزب ..ولكن نجد أنفسنا ننافس أحزابا تحصل على المليارات من الخارج. بالنسبة إلى الانتخابات البلدية لن نكون موجودين في كل الدوائر. وفي التشريعية والرئاسية الأمر مرتبط بالضرورة بحجم عملنا ولكن أيضا بما سيقوم به منافسونا إذا عادوا إلى ممارستهم السابقة في 2014. ● إذا حل التيار الديمقراطي أولا في 2019، هل تعتبرون أنفسكم جاهزين للحكم؟ نحن جاهزون للحكم لأننا نعتقد أننا نفهم الاشكالية الحقيقية في تونس، تونس يغيب عنها الكثير من القيم من بينها قيمة العمل وهنالك حالة من التسيب ودورنا أن نقطع مع هذه الحالة وفي نفس الوقت أن نسمح بأكبر قدر من الحريات ونعتقد أن هذه المعادلة قابلة للتطبيق اضافة إلى تحسين مناخ الأعمال فلا توجد ديمقراطية في العالم متخلفة. الديمقراطيات غير متخلفة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي نحن استثناء لأننا مازلنا في البداية... ولا يعني أن يكون الحزب في السلطة أن كل الوزراء يجب أن يكونوا من هذا الحزب .يمكنه أن يتحالف مع أحزاب أخرى ويأتي بوزراء من النزهاء والكفاءات..