فوسانة.. الإحتفاظ بمروج مخدرات    أكثر من 1.8 مليون حاج يقفون بعرفات لأداء ركن الحج الأعظم    جريمة بشعة تهز ألمانيا بالتزامن مع المباراة الافتتاحية ل'يورو 2024'    يورو2024.. سويسرا تهزم المجر بثلاثية    أول إطلالة للأميرة كايت منذ بدء علاجها من السرطان    وفاة المندوبة الجهوية للشباب والرياضة بولاية باجة بالبقاع المقدّسة    خطيب عرفات: الحج ليس مكانا للشعارات السياسية    وزارة التربية تكشف عن استراتيجية وطنية للقضاء على التشغيل الهش    النجم الساحلي يستقبل النادي الصفاقسي في غياب الجمهور    أعلى من جميع التمويلات الحالية.. تركيا ستحصل على قرض قياسي من صندوق النقد    قفصة: الإطاحة بوفاق لترويج المخدرات يقوده موظف    إقبال ضعيف على الأضاحي رغم تراجع الاسعار الطفيف بهذه الجهة    مختصون يوصون بتجنيب الأطفال مشاهدة ذبح الأضحية    المهدية: مؤشرات إيجابية للقطاع السياحي    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي الصفاقسي في مواجهة النجم الساحلي    صدور قرارين بالرائد الرسمي يضبطان الشروط الخاصة لإجراء أعمال الطب عن بعد    وصول أول رحلة للجالية التونسية في هذه الصائفة    الرابطة الثانية: مرجان طبرقة يلتحق بركب الفرق النازلة إلى الرابطة الثالثة    بداية من اليوم: تونس تلغي التأشيرة عن الايرانيين والعراقيين    بنزرت : حجز 1380 لترا من الزيت النباتي المدعم    الحرارة في تراجع يوم العيد    جمعية من أجل تونس نظيفة: 35% نسبة تثمين "جلد العيد" السنة الفارطة    ذبح الأضاحي : توصيات هامة من المصالح البيطرية    خطيب عرفة: "الحج ليس مكانا للشعارات السياسية ولا للتحزبات"    اليوم: فتح شبابيك البنوك والبريد للعموم    أكثر من مليوني حاج يقفون بعرفة لأداء ركن الحج    بشرى لمرضى السكري: علماء يبتكرون بديلا للحقن    المبدعة العربية والمواطنة في ملتقى المبدعات العربيات بسوسة    محقق أمريكي يكشف آخر التحقيقات مع صدام حسين: كانت نظراته مخيفة ... وكان رجلا صادقا !    مجموعة السّبع تؤيد مقترح بايدن بوقف إطلاق النار في غزة    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    «لارتيستو»: الفنان محمد السياري ل«الشروق»: الممثل في تونس يعاني ماديا... !    رواق الفنون ببن عروس : «تونس الذاكرة»... في معرض الفنان الفوتوغرافي عمر عبادة حرزالله    يحذر منها الأطباء: عادات غذائية سيئة في العيد!    رئيس الحكومة يجري محادثات جانبية مع عدد من الزعماء والقادة    مع تواصل المجازر الصهيونية .. وتعثر المفاوضات ... غزّة تذبح... في العيد    المواجهة تتوسّع شمالا ومخاوف الصهاينة تتزايد...صواريخ حزب الله قد تحسم الحرب    حصيلة منتدى تونس للاستثمار TIF 2024 ...أكثر من 500 مليون أورو لمشاريع البنية التحتية والتربية والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة    مع تأجيل التنفيذ... 6 أشهر سجنا لوزير أملاك الدولة الأسبق حاتم العشي    مذكّرات سياسي في «الشروق» (54) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... سفارة تونس بواشنطن واجهة للاتفاقيات المتعدّدة والمتنوّعة    رئيس الحكومة يلقي كلمة في الجلسة المخصّصة لموضوع ''افريقيا والمتوسط''    الصحة السعودية تدعو الحجاج لاستخدام المظلات للوقاية من ضربات الشمس    غدا: درجات الحرارة في إرتفاع    الرابطة 1 : التعادل يحسم الدربي الصغير بين الملعب التونسي والنادي الافريقي    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    قفصة : تواصل أشغال تهيئة وتجديد قاعة السينما والعروض بالمركب الثقافي ابن منظور    جامعة تونس المنار ضمن المراتب من 101 الى 200 لأفضل الجامعات في العالم    الرابطة 1 : نجم المتلوي ينتزع التعادل من مستقبل سليمان ويضمن بقاءه    جلسة عمل على هامش منتدى الاستثمار تبحث سبل تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال الأدوية    قرارات المكتب الجامعي البنزرتي مدرّبا للمنتخب الوطني وبن يونس مساعدا له    أنس جابر تتأهّل إلى ربع نهائي بطولة برمينغهام    تونس : عقود عمل وهمية للسفر نحو دول أجنبية    وزيرة التربية…هذا ما ينتظر المتلبسين بالغش في امتحان الباكلوريا    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    عيد الاضحى : هؤلاء ممنوعون من أكل اللحوم    الجزائر: مُسنّة تسعينية تجتاز البكالوريا    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بقلم عبد العزيز الڨاطري: نزاهة البُخَاخ في دولة سعيّد والغنّوشي والطبيب والفخفاخ
نشر في تونس الرقمية يوم 23 - 06 - 2020

بعد أربع سنوات من استيلاء بن علي على السلطة، بادر بإنشاء وزارة للبيئة بداعي الحفاظ على البيئة، وعيّن المرحوم صالح الجبالي على رأسها في 11 أكتوبر1991، وقد بذل هذا الأخير جهدا كبيرا لتأسيسها وتنظيمها وبعث هياكلها وضبط طرق عملها، وقد كوفئ بعزله بعد سبعة أشهر من تعيينه، وتعويضه بمحمّد مهدي مليكة إبن أخت بن علي الذي مكث على رأسها سبع سنوات، وكان أول إنجازاته جعل خدمات التّطهير بمقابل وإدماجها ضمن فاتورة استهلاك الماء. ورغم الخدمات التي لا يمكن إنكارها لفائدة المحيط، فإنّ التّطور الهام الذي شهدته الوزارة وصلاحياتها ومجال تدخّلها في الصّناعة والفلاحة والسياحة والنقل، برّا وبحرا وجوّا، أكسبها نفوذا متزايدا ومناخا ملائما للفساد والإبتزاز.
وقد تدعّمت الوزارة بإلحاق مؤسّسات الوكالة الوطنية لحماية البيئة والمركز الدولي لتكنولوجيا البيئة بتونس والوكالة الوطنية للتصرف في النفايات ووكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي والدّيوان الوطني للتّطهير والبنك الوطني للجينات بها، وهي مؤسّسات يتجاوز حجم بعضها حجم الوزارة الأمّ ذاتها،كما شهدت ميزانيتها تطوّرا لم تشهد وزارة أخرى مثله في السنوات الأخيرة حيث مرّت من288.878 مليون دينار في 2016، إلى 1. 160.979 في 2020، أيْ أنّها تضاعفت أكثر من أربع مرّات.
وبالنّظر لخطورة هذه الوزارة من حيث سِعَةِ نفوذها ومن حيث الرّهانات المالية التي تحوم حولها، فإنّه كان من الطبيعي أن تكون محطّ أنظار كواسر الفساد والتّمعّش قبل الثّورة وبعدها، سواء كانوا من داخلها أو من المتعاملين معها، وأن يجعلوا منها غنيمة سهلة ينهشون أشلاءها من خلال الصّفقات التي تسند مقابل عمولات خارج إطار المنافسة الشريفة، بما ساهم في الإثراء غير المشروع للشركات الفاسدة ولزبانيتهم داخل الوزارة الذين يتمّ تمتيعهم بالمناسبة بالتّرقيات والتّعيينات، مقابل إقصاء المؤسّسات النّزيهة وإحالة الموظفين المستقيمين إلى الثلّاجة.
وَمَن أقربُ من إلياس الفخفاخ لإدراك الرّهانات المالية في مجال البيئة وهو وزير المالية السّابق، حيث وحال خروجه من الوزارة تمّ ربط الصّلة مع أحد أكبر المجامع المتعددة الإختصاصات في تونس والمالك للشركة "الأمان" (اسم وهمي) النّاشطة في مجال النفايات منذ 2001 (سنة بعث الوزارة) والشركة الفرنسية SERPOL التي كلّفته صحبة إطار تونسي سابق بالبنك الإفريقي للتّنمية بالقيام بالإتّصالات الّلازمة مع السلط المعنية قصد المشاركة في طلبات العروض المتعلقة باختصاصات الشركة، وتم إنجاز تركيبة مالية لتكوين شركة ثم شركة ساهمت في شركةشاركت في طلب العروض موضوع فضيحة الحال.
في الأثناء،وحال استلام المختار الهمامي لمهامّه وزيرا للشّئون المحلية والبيئة في حكومة الشّاهد، صُدِمَ بكيفية معالجة ملفات الفساد في الوزارة وخاصة تغوّل بعض الشركات ومنها شركة "الأمان" في تعاملها مع الوكالات الراجعة للوزارةبالنظر فيما يتعلق بالصفقات العمومية وخاصة منها المتعلقة بالتّصرف في النفايات وخروج مسيريها عن سيطرة الوزارة، وباختراق الشركة لدواليب الادارة والوكالة في العمق وبتشغيلها لجزء من اطارات الوزارة والوكالة لديها مباشرة او بصفة غير مباشرة،فبادر بإعلام يوسف الشاهد ووزير المالية ومحكمة المحاسبات من خلال تقرير أوّلي ببعض الملفات الجدّية والحارقة تمّ على إثره إقالة الرّئيس المدير العام لإحدى الوكالات وتكليف فريق رقابة لإجراء تدقيق على الوكالة المذكورة، ولا أحد يعلم اليوم مآل تلك المهمّة.
في الأثناء أيضا فشلت حكومة الجملي في الحصول على تزكية مجلس نواب الشّعب، وبدل أن يقوم رئيس الجمهوريةبتكليف الشخصية التي يراها هو الأقدر من أجل تكوين حكومة بعد إجراء مشاورات مع الأحزاب والإئتلافات والكتل النيابية كما يقتضيه الدّستور، تولّى مراسلتهم كتابيا ليقترحوا عليه الأسماء التي يرونها هم الأقدر، مهدرا بذلك فرصة تاريخية ليكتب اسمه بحروف من ذهب في تاريخ تونس بإجبار المجلس سيّء الإنتخاب على المصادقة على حكومة الرّئيس إذا أراد تجنيب نفسه الحلّ وإعادة الإنتخابات، وقام بتعيين الفخفاخ الذي يجرّ وراءه طنجرة تضارب مصالح من العيار الثّقيل، مرتكبا بذلك خطأ مهنيا جسيما، لأنّه محمول على من يتولّى تكليف أيّ مسئول التحرّي في خُلُوّه من كل الشبهات.
في الأثناء أيضا كان الغنوشي والتنظيم على علم أكيد بتلك الطنجرة ولم يعترضوا على التكليف بسببها، بالعكس، خرج البحيري على قناة حنبعل في خضم المفاوضات حول تركيبة الحكومة وتوزيع المناصب داخلها مصرّحا بعلمه بوجود وضعية تضارب المصالح داخل الحكومة المقترحة دون ذكر المعنيين بها رغم إلحاح الصحفية عليه ليلتها، في غمزة واضحة للفخفاخ بأن ينصاع لرغبات النهضة أو يتم فضحه، بل وصل بهم الأمر للتغاضي على فصل وزارة البيئة عن الشئون المحلية حتّى لا تقع تحت سلطة لطفي زيتون، كل ذلك ليسهل ابتزازه، مبرهنين بذلك مرّة أخرى أنهم جماعة لا يسودون إلّا في مناخ فساد يتقاسمونه مع شركائهم في الحكم، وقد جاراهم الفخفاخ في ذلك وهو العالم بالتّأكيد بما يجرّونه من طناجر كفيلة بتجهيز أكبر المطاعم، وفي اليوم الموعود منحوه أصواتهم.
وفي الأثناء كذلك، كان شوقي الطبيب، ولا أقول الهيئة، على علم هو الآخر بوضعية تضارب المصالح بموجب تصريح الشاهد ولم يحرك ساكنا إلّا بعد إفشاء الأمر من طرف النّائب ياسين العيّاري الذي أخرج لنا الفضيحة كما يُخرِج السّاحر الأرنب من طربوشه، رغم أنّنا نعلم أنه لم ينزل عليه الوحي بها، وتواطأ الطبيب مع الفخفاخ باعتراف هذا الأخير على إصدار مرسوم يتم بموجبه فسخ وضعية تضارب المصالح وذلك بتقديم تفسير على المقاس للفصل 20 من قانون التصريح بالمكاسب والمصالح ملائم لذلك. كيف لا وقد هدّد الفخفاخ سابقا بإصدار مرسوم يشرّع لفساد وزيره للصّناعة الذي أسند صفقة الكمّامات لنائب شعب بالهاتف؟
وفي الأثناء أيضا صوّتت حركة الشعب عضو الإئتلاف الحكومي بنعم للّلائحة التي تقدم بها الحزب الدستوري الحر لإدانة التدخل التركي في ليبيا ما اعتبرته النهضة خيانة تستوجب الطّرد والتعويض بقلب تونس الذي كان الغنوشي صنّفه كحزب فاسد، ولم يكن من الممكن حمل الفخفاخ على هذا الطرد عدا بابتزازه بهذا الملف مجددا.
وما حدث يوم الأربعاء في المجلس خلال جلسة سماعه بمناسبة مرور مائة يوم على تولّي حكومته من لغط وشطحات ليس إلّا مسرحية سيّئة الإخراج يعلم أغلبية الفاعلين فيها فصولها ولا تنطلي إلّا على الشعب المسكين المغلوب على أمره، وفي هذا الإطار يتنزّل صلف الفخفاخ وغروره خلال مساءلته من طرف النّواب، وقوله لهم تلك العبارة الوضيعة التي يندى لها جبين أي منحر ف حق عام: يبطى شوية. لكن يبدو أن الهبطة ستكون سريعة بالنسبة له، أما البقية فهابطون بطبعهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.