نشرت محكمة المحاسبات، يوم أمس الثلاثاء 10 فيفري 2021، على صفحتها الرسمية، التقرير السنوي العام الثاني والثلاثين، الذي تضمن نتائج أعمالها الرقابية للسنة القضائية 2018-2019. وتضمن التقرير نتائج 19 مهمة رقابية ميدانية شملت البرامج العمومية والأنشطة القطاعية (الباب الأول)، ومصالح الدولة والمؤسسات والمنشآت العمومية على الصعيد المركزي (الباب الثاني)، ومصالح الدولة والمنشآت العمومية على الصعيد الجهوي والجماعات المحلية (الباب الثالث). ويعتزم موقع "تونس الرقمية" نشر مقتطفات من مختلف محاور تقرير المحكمة نظرا لأهمية ما ورد فيه من معطيات تدقيقية وتوصيات. وتعلقت المهام الرقابية، بجملة المحاور ذات الصلة باهتمامات السلط العمومية وبانشغالات المواطن، على غرار تعبئة موارد الدولة، وتطوير أساليب إشرافها على بعض القطاعات، وحسن التصرف في ممتلكاتها، والرفع من أداء المرفق العمومي، فضلا عن تقييم أداء بعض المؤسسات العمومية والجماعات المحلية. وتمت الإشارة في مقدمة التقرير، الذي ورد في 879 صفحة، إلى أنه يقع اختيار المحاور بحسب ما يستجد من تغيرات بالسياسات العامة، مع التركيز على المجالات التي من شأنها أن تحدث الفارق في حياة المواطن دون إغفال الشكايات أو العرائض التي ترد على المحكمة بخصوص سوء التصرف في بعض الهيئات الخاضعة لرقابتها. كما جاء في المقدمة أنه تم الانطلاق في إعداد المذكرات الخاصة بإحالة الملفات التي تتضمن مؤاخذات متعلقة بأخطاء تصرف على الدائرة المختصة في زجر أخطاء التصرف، فضلا عن إحالة ملفات أخرى تحتوي على قرائن بخصوص تجاوزات جزائية على القضاء العدلي. وتضمن التقرير أيضا ردود الهيئات المشمولة بأعمال الرقابة لبيان وجهة نظرها وتوضيح موقفها إزاء الملاحظات والإخلالات الواردة بالتقارير. كما وأفادت المحكمة بأنه تمت مباشرة الأعمال القضائية لإصدار الأحكام المتعلقة بمراقبة تمويل الحملات الانتخابية الرئاسية السابقة لأوانها لسنة 2019 في دورتيها الأولى والثانية، والحملات الانتخابية التشريعية لسنة 2019. وفي هذا الإطار، خصص تقرير محكمة المحاسبات محورا يتعلق بالإشراف على المصحات الخاصة ومراقبتها. واتضح من خلال التقرير أن اعتماد نظام كراس الشروط المتعلق بالمؤسسات الصحية الخاصة لم يرافقه وضع إستراتيجية واضحة المعالم بخصوص إحداثها تأخذ بعين الاعتبار الأولويات والتوجهات الوطنية وتبين سبل الشراكة الممكنة بين القطاعين العام والخاص في المجال الصحي. وساهمت هذه الوضعية، وفق المحكمة، في تمركز 90% من المصحات الخاصة على الشريط الساحلي للبلاد. وبالرغم من تجاوز معدل طاقة الإشغال بأكثر من 95% من مراكز تصفية الدم ّ الخاصة نسبة 200% خلال الفترة 2014-2019 ووجود مطالب إحداث مراكز جديدة، لم يتم إحداث مراكز جديدة نتيجة لعدم مراجعة معايير إحداثها منذ سنة 2013 مما أدى إلى عدم احترام المقاييس المتعلقة باستغلال هذه المراكز و اللجوء إلى حصة تصفية يومية ثالثة دون الحصول على التراخيص المستوجبة. كما ساهم حسب ما ورد من معطيات في تقرير دائرة المحاسبات، ارتفاع طاقة الإشغال في تدنى ظروف حفظ الصحة وفي ارتفاع نسبة التعفنات الاستشفائية عبر التهاب الكبد الفيروسي صنف ج ببعض المراكز الخاصة خال سنة ،2016 خاصة في ظل محدودية الرقابة المنجزة على هذه ّ المراكز من قبل وزارة الصحة. وأدت محدودية الرقابة عند إحداث المصحات الخاصة الى القيام بأشغال توسعة وإدخال تغييرات عليها دون احترام كراس شروط وبعث مصحات لا تتطابق تصاميمها الهندسية مع الامثلة المصادق عليها من قبل الوزارة فضلا عن انتصاب عدد من المصحات داخل مناطق غير مهيئة عمرانيا لتركيز منشآت صحية. كما لم تستجب 32 مصحة عند دخولها حيز الاستغلال إلى شروط سلامة البنايات، ولم تتول 41 مصحة و36 مركز تصفية دم خاص تجديد شهادة الوقاية المسندة من قبل الديوان الوطني للحماية المدنية مما يعني ان مجموعها وهو 109 يجعل منها غير مطبقة لمواصفات السلامة والوقاية. كما عاينت فرق محكمة المحاسبات عدم مطابقة بنايات 35 مصحة للطاقة القصوى لاستيعاب البناية والمرخص فيها من قبل مصالح الحماية المدنية وهو ما يعد مخالفا لأحكام القانون عدد11 لسنة 2009 وهو ما يرفع عدد المصحات ومراكز تصفيات الدم المخالفة لقواعد السلامة الى 144. كما سجل ضعف الرقابة عند الاعلام ببداية النشاط التي تتم غالبا بتأخير قارب في بعض الأحيان سنة كاملة مما أدى إلى دخول بعض المصحات حيز الاستغلال دون الاستجابة للشروط المستوجبة. واوصت المحكمة في هذا الصدد بوضع إستراتيجية وطنية لبعث المصحات الخاصة وسن النصوص القانونية الداعمة للشراكة بين القطاع العام والخاص في هذا المجال وإحكام الرقابة عند الإحداث.