الإدارة الفرعية للتراتيب ومراقبة المهن الصحية توجه مراسلات ل47 مصحة خاصة و186 مركزا خاصا لتصفية الدم لمخالفتهم القوانين. الترفيع في حصة تصفية الدم بالمراكز الخاصة من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتشمل تسعيرة معالجة النفايات بعد 40 سنة من الخلافات. في شهر ديسمبر من سنة2017 تمّ العثور على أكياس بلاستيكية تتضمّن أحشاء بشرية دُفنت بطريقة عشوائية في مقبرة الجلاز بالعاصمة، والبعض الآخر أُلقي بطريقة عشوائية. نُشرت أيضا بوسائل الإعلام في عدّة مناسبات أخبار مفادها العثور على نفايات طبيّة خطرة بعدّة مصبات على غرار مصبّ برج شاكير. وذات النفايات تُرفع في بعض الأحيان من طرف أعوان البلدية في شاحنات لرفع الفضلات بسبب عدم الفصل بين النفايات العادية والخطرة في بعض المؤسسات الصحيّة وعدم تعاقدها مع شركات مختصّة في رفع النفايات الطبية. ملف النفايات الناتجة عن الأنشطة الصحيّة على أهميّته وخطورته وكارثيته مازالت الخطوات لحلّه بصفة نهائية شبه بطيئة وهي مسألة محلّ استغراب من متتبعي الشأن البيئي باعتبار أن هذه المؤسسات والمشرفين عليها من أكثر الناس دراية بتبعاته البيئية والصحية على الإنسان. ورغم وعي الدولة بأهمية التصرّف في النفايات للحفاظ على بيئة سليمة منذ التسعينات بالمصادقة على عدّة اتفاقيات دوليّة وسنّ قوانين وتشريعات (انظر المؤطر )، فإنّه من المستغرب أن تكون الانطلاقة الفعليّة خاصة في ما يهمّ النفايات الخطرة الناتجة عن الأنشطة الطبية إلاّ سنة 2013 من خلال مشروع النهوض بالطرق الفنيّة والعملية المثلى للتصرّف فيها. والمثير للاستغراب أيضا أنّ إلزام المؤسسات الصحية على التعاقد مع شركات مختصّة لرفع النفايات الطبيّة لم يتمّ إلا في 6 جوان من سنة 2014 بإصدار أمر جاء في فصله السابع وجوب إحداث وحدة التصرف في النفايات لأي هيكل سواء كان عموميا أو خاصا وتعيين مسؤول على هذه الوحدة يكون إمّا طبيبا أو مهندسا أو فنيا ساميا في النظافة وفق ما أكّدته عفاف مقني سيالة مديرة عامة بالوكالة الوطنية للتصرف في النفايات ومنسقة مشروع النهوض بالطرق الفنيّة والعملية المثلى للتصرّف في النفايات ل»الصباح الأسبوعي». هذا المشروع وإن كانت قيمته قُدّرت ب10.2 مليون دولار (أي ما يُعادل 25 مليون دينار) منها مليونان وخمسمائة دولار هبة من الصندوق العالمي للبيئة، فإنّ جزءا من ميزانيته خُصّص للتقليص من انبعاثات الغازات السامة المتأتية من 3200 طنّ في السنة من نفايات الأنشطة الصحيّة الخطرة والناتجة عن الحرق العشوائي لهذه النفايات. والحال أنّ «حجم النفايات المنتجة من الأنشطة الصحية تبلغ سنويا حوالي 18 ألف طن منها 43 % خطرة أي حوالي 8 آلاف طن/سنويا تتطلب التصرف فيها طبقا للتراخيص الجاري بها العمل» وفق ما بيّنته منسقة مشروع النهوض بالطرق الفنيّة والعملية المثلى للتصرّف في النفايات عفاف مقني فيالة ل»الصباح الأسبوعي». غير أنّه في إطار البحث عن الحلول ومعالجة الإشكاليات ورواسب سنوات من التباطؤ وفي إطار هذا المشروع تم إمضاء صفقة إطارية بكلفة تفوق 6 ملايين دينار سنويا أي ما يفوق 30 مليون دينار لمدة 5 خمس سنوات، بداية من سنة 2017 وتمتد حتى سنة 2022، وتُلزم المستشفيات المعنية وعددها 98 مستشفى بمعالجة 3800 طن/سنويا موزعة على 12 ولاية وهي كلّ من تونس الكبرى، سوسة، المهدية، المنستير، القيروان، صفاقس، قابس، مدنين وتطاوين، باعتبارها من أكثر الولايات المنتجة للنفايات وفيها إشكاليات إذ تبلغ كميات المنتجة بها حوالي 60 % من مجموع النفايات على الصعيد الوطني. النفايات الطبية الخطرة لا تُنتجها المستشفيات (سواء كانت محلية أو جهويّة أو جامعية) ومجامع حفظ الصحّة أو المراكز المختصّة على غرار مراكز تصفية الدم العمومية فحسب، وإنّما هنالك أيضا مؤسسات صحيّة خاصّة أخرى وهي كلّ من مصحات تصفية الدم الخاصة والمصحات الخاصة إلى جانب الصيدليات ومخابر التحاليل الطبيّة ومحلات التمريض، وهنا تكمن المعضلة الكبرى. فرغم ما تجنيه المصحات الخاصة من أرباح، فإنّه، وفق تصريح منسقة مشروع النهوض بالطرق الفنيّة والعملية المثلى للتصرّف في النفايات عفاف مقني فيالة، تبيّن خلال جلسة تنسيقيّة عُقدت بتاريخ 15 جانفي 2018 صلب الوكالة مع الغرفة النقابية للمصحات الخاصة والمصالح المعنيّة بوزارة الصحّة والوكالة لحماية المحيط أنّ من جملة 99 مصحّة خاصة 52 فقط قامت بإبرام اتفاقيات مع الشركات المرخّصة في الغرض. إلى جانب 47 مصحة خاصة لم تبرم اتفاقيات لرفع النفايات الناتجة عن الأنشطة الطبية، وهو ما قد يُعرض أصحابها إلى عقوبة سجنية تصل إلى 10 سنوات سجنا وخطيّة مالية قدرها 500 ألف دينار وفق قول سيالة منسقة المشروع، وهناك أيضا 186 مركز تصفية دم خاصا من جملة 216 لم تلتزم بالإجراءات القانونية المنصوص عليها بأمر 6 جوان 2014، ما دفع بالإدارة الفرعية للتراتيب ومراقبة المهن الصحية بتوجيه مراسلات إليها بالإضافة إلى مخابر التحاليل الطبيّة ومحلات التمريض. وتجدر الإشارة الى أنّه تمّ التعاقد مع الشركات الخاصة بالنسبة إلى 30 مركزا على 216 خلال سنة 2017 وذلك إثر الاتفاق مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حول تغيير سعر حصّة تصفية الدم والتي وقع الترفيع فيها لتشمل تسعيرة معالجة النفايات وذلك بعد 40 سنة من الخلافات. إما بالنسبة إلى الصيدليات البالغ عددها 2040 لم يتعاقد منها إلا 4% مع شركات خاصة لرفع النفايات، فقد أكّدت عفاف مقني سيالة ل»الصباح الأسبوعي» أنّه «في إطار إحكام التصّرف في النفايات الخطرة المفرزة من الصيدليات الخاصة ومنها الأدوية المنتهية الصلوحية عقدت الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات عدّة جلسات مع المجلس الوطني لهيئة الصيادلة بتونس، وتمّ تنظيم ملتقى تحسيسي قصد حثّ أصحاب الصيدليات الخاصة لعقد اتفاقيات للغرض». وأضافت محدثتنا «تمّت مراسلة الإدارة العامة للدراسات والتشريع الجبائي لتسهيل الإجراءات الجبائية في 22/11/2017 قصد التثبت من قانونية المقترح الذي نصّ على تحرير محضر من عدل منفذ عند كلّ عملية إتلاف للأدوية دون حضور مراقبي الأداءات لعدم توفرها في أغلب الأوقات بسبب التزاماتهم المهنية الأخرى غير أن الوكالة لم تتلق الردّ». واعتبرت سيالة أنّ «حسن التصرف في النفايات الطبيّة خاصة منها الخطرة يتطلب الكثير من الجهد ويتطلب التنسيق المتواصل والمكثّف بين جميع الأطراف المتدخلة في الملف، ولذلك في نطاق معاضدة الإحاطة الفنيّة عبر التكوين ودعم القدرات تولّت الوكالة برمجة 10 دورات تكوينية في الغرض لفائدة 200 عون من الشرطة البيئية و40 خبيرا مراقبا عن مختلف الإدارات والوكالات المعنية بالشأن الصحي والبيئي من أجل الإشراف والمراقبة ومتابعة مسار التصرف في نفايات الأنشطة الصحية الخطرة منذ إنتاجها وصولا إلى مختلف المراحل الأخرى على غرار الفرز والتكييف والمعالجة». إيمان عبد اللطيف اتفاقات ومعطيات صادقت الدولة التونسية منذ التسعينات على عديد المعاهدات الدوليّة في المجال على غرار «اتفاقية بماكو» و»اتفاقية بازل» و»اتفاقية ستوكهولم» واتخاذ تدابير قانونية وتنظيمية وذلك أساسا عبر سنّ القانون عدد 41 لسنة 1996المؤرخ في 10جوان 1996 والمتعلّق بالنفايات وبمراقبة التصرّف فيها للوقاية منها والحدّ من إنتاجها ومن مضَارها وتثمينها عن طريق إعادة الاستعمال والتحويل. كما تمّ إحداث الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات منذ سنة 2005، تلاه قرار إحداث وحدة خاصة بمعالجة النفايات الخطرة سنة 2006 بجرادو ومركزي استقبال وخزن وتحويل بكلّ من صفاقسوقابس بطاقة معالجة سنوية تعادل 116 ألف طنّ. في تقريرها عدد30: دائرة المحاسبات تنتقد .. أوضحت دائرة المحاسبات في تقريرها السنوي العام الثلاثين الصادر في 30 جولن 2017 أنّ مشروع النهوض بالطّرق الفنيّة والعمليّة المثلى للتصرف في نفايات الأنشطة الصحيّة لم يشمل حوالي 50% من مراكز تصفية الدم العمومية مع العلم وأنّ هذه المراكز تفرز سنويا ما يفوق 883 طنا من النفايات الصحيّة الخطرة. كما أنه لم يشمل أيّا من مراكز تصفية الدم الخاصة والتي تفرز حوالي 1182 طنّا سنويا. وبيّنت الدائرة أنّه اتضح أنّ المشروع قد اقتصر على 50% من المؤسسات الصحية العمومية ذات الصبغة الجامعية والمستشفيات الجهوية والمستشفيات المحليّة ومجامع الصحة الأساسية وذلك للتصرّف في 54% من مجموع نفايات الأنشطة الصحية المفرزة. في نفس السياق، كشفت الأعمال الرقابية أنّ النفايات الصحيّة لحوالي 90 مصحّة بكميات تفوق 1230 طنّا سنويا لا تخضع للمتابعة والرقابة من قبل الوزارة المكلفة بالصحة. وتمّ الاقتصار على مراسلة هذه المصحات في سنة 2016 لتذكيرها بضرورة تطبيق المقتضيات الواردة بالنصوص القانونية ولم تدل سوى 54% منها بالاتفاقيات التي تمّ إبرامها مع مؤسسات التصرف. كما لم تشمل أية مصحة خاصة على وحدة تصرّف في النفايات الصحية خلافا لمقتضيات قرار وزير الصحة المؤرخ في 6 جوان 2016. ومن شأن هذه الوضعية أن تجعل جزءا هاما من النفايات الصحيّة الخطرة أي ما يفوق 15% من الكميات الجملية غير مشمولة بالمنظومة مما من شأنه أن يتسبب في مخاطر صحيّة وبيئية هامّة، ويعود ذلك بالأساس إلى أنّ كراس الشروط المتعلق بنشاط المصحات الخاصة لم يتضمّن شروطا تتعلّق بالتصرّف في النفايات الخاصة ولم يتضمّن شروطا تتعلق بالتصرّف في النفايات الصحيّة الناجمة عن هذا النشاط.