قامت القوات الإسرائيلية يوم الأربعاء 8 جانفي 2025 ، باعتقال الصحفي الفرنسي "سيلفان ميرسادييه" ومترجمه السوري محمد الفياض" في منطقة عازلة جنوبسوريا. المنطقة، التي أصبحت مؤخراً تحت سيطرة عسكرية إسرائيلية بعد انهيار نظام بشار الأسد، شهدت روايات متباينة حول ظروف الاعتقال. روايات متضاربة حول الحادثة وفقاً للجيش الإسرائيلي، تم إيقاف الرجلين قرب القوات الإسرائيلية في هذه المنطقة الحساسة، حيث "تم استجوابهما وإطلاق سراحهما مع إعادة ممتلكاتهما الشخصية". لكن الصحفي ميرسادييه قدم رواية مغايرة تماماً. فقد أكد أن الاعتقال وقع في قرية حميدية قرب القنيطرة، حيث "تم تقييد أيدينا، وتغطية أعيننا، ونقلنا إلى مقر عسكري حيث تعرضنا لسوء معاملة لأكثر من أربع ساعات". وأضاف: "تعرضنا للتهديدات والإهانات". ووفقاً لميرسادييه، صادرت القوات الإسرائيلية شريحة هاتفه وبطاقات الذاكرة الخاصة بكاميراته، إلى جانب مبلغ 200 دولار كان بحوزة مترجمه. وأوضح: "تم التخلي عنا في حقل، وما زلنا تحت الصدمة، واضطررنا للمشي لمدة 30 دقيقة للوصول إلى مأوى". سياق إقليمي متفجر يأتي هذا الاعتقال في ظل تصاعد التوتر في المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل. وبعد انهيار النظام السوري، سيطرت القوات الإسرائيلية على هذه المنطقة الاستراتيجية، ما أثار انتقادات واسعة لإسرائيل بسبب انتهاكها للمعايير الدولية. كما أضافت هذه الحادثة مزيداً من التوتر للعلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وإسرائيل، خاصةً مع غياب أي رد فعل رسمي من باريس حتى الآن. صمت فرنسي وانتقادات سياسية في حين أن الحادثة كان يمكن أن تؤدي إلى رد دبلوماسي قوي، إلا أن موقف فرنسا اتسم بالصمت، مما أثار تساؤلات. وحده السياسي جان لوك ميلانشون، زعيم حزب "فرنسا الأبية"، كان له موقف واضح. فقد كتب على منصة X: "بعد جنودنا في لبنان، نتنياهو يعتقل فرنسيين في سوريا. يجب معاقبة الكراهية المعادية للفرنسيين من قبل هؤلاء المتهمين بالإبادة." تراجع النفوذ الفرنسي دولياً تعكس هذه الحادثة مرة أخرى تراجع النفوذ السياسي الفرنسي على الساحة الدولية. ففي الماضي، كانت فرنسا بقيادة جاك شيراك ودومينيك دو فيلبان تتمتع بدبلوماسية قوية وإنسانية، تجلت في معارضتها لحرب العراق عام 2003. أما اليوم، فتبدو فرنسا وكأنها فقدت دورها القيادي وأصبحت تُرى كدولة تابعة في القرارات الدولية الكبرى. في ظل غياب رد فعل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تسلط الحادثة الضوء على ضعف الدبلوماسية الفرنسية. وفي الوقت الذي تجاهل فيه ماكرون هذه الحادثة، استغل الفرصة لمهاجمة دول إفريقية اختارت تقليص علاقاتها مع فرنسا، مما زاد من حدة الانتقادات لسياساته الخارجية.