يواجه قطاع زيت الزيتون في المغرب أزمة غير مسبوقة بسبب ندرة مياه الري، موجات الحر المتتالية، وجفاف أوراق أشجار الزيتون، مما أدى إلى انخفاض حاد في الإنتاج، خاصة في مناطق قلعة السراغنة، مراكش-آسفي، بني ملال، وصفرو. هذه الأزمة تسببت في ارتفاع أسعار زيت الزيتون إلى أكثر من 100 درهم للتر الواحد. الاتجاه نحو الأصناف الأجنبية للتعامل مع هذه الأزمة، يلجأ العديد من المزارعين إلى زراعة أصناف زيتون أجنبية أكثر إنتاجية وأكثر قدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، مثل صنفي "أربكينا" و"أربوسانا" الإسبانيين. فوائد الأصناف الأجنبية مقارنة بالمحلية – كثافة زراعة أعلى: يمكن زراعة 1200 شجرة من صنف أربكينا في الهكتار الواحد، مقارنة ب 340 شجرة فقط من صنف البيشولين المغربي. – إنتاج زيت أكبر: يمنح صنف أربكينا إنتاجية أعلى من الزيت مقارنة بالأصناف المحلية. – استهلاك أقل للمياه: على عكس البيشولين المغربي الذي يتطلب ريًّا بالغمر، يمكن لريّ أربكينا بنظام التنقيط، مما يساعد في ترشيد استهلاك المياه. تحول نحو الزراعة المكثفة يشير الخبراء إلى أن التحول نحو زراعة الأصناف الأجنبية يتم بوتيرة متسارعة، حيث يمكن زراعة 1600 إلى 2000 شجرة من أربكينا في الهكتار الواحد، بينما تثمر هذه الأشجار في السنة الثانية فقط مقارنة بأربع سنوات للأصناف المحلية. كما يتم إدخال أصناف أخرى، مثل "كورونيكي" اليونانية، نظرًا لجودتها العالية وتحملها للظروف المناخية القاسية. المخاطر المحتملة لهذا التحول رغم الفوائد الإنتاجية، فإن الاعتماد المتزايد على الأصناف الأجنبية يطرح تحديات كبيرة: 1. الاعتماد على الاستيراد: قد يؤدي التركيز على هذه الأصناف إلى تبعية المغرب لمشاتل أجنبية، مما يهدد السيادة الزراعية ويزيد من تكاليف الاستيراد. 2. تهديد الأصناف المحلية: يمكن أن يؤدي انتشار الأصناف الأجنبية إلى تراجع زراعة البيشولين المغربي المعروف بجودة زيته العالية، مما قد يؤثر على هوية زيت الزيتون المغربي في الأسواق المحلية والعالمية. 3. تأثير سلبي على التنوع البيئي: الأصناف المحلية أكثر مقاومة للأمراض والآفات المحلية، بينما قد تحتاج الأصناف الأجنبية إلى معالجات كيميائية إضافية قد تضر بالتربة والبيئة. 4. حساسية للتغيرات المناخية: رغم أن الأصناف الجديدة تتحمل الجفاف، إلا أنها تعتمد على ريّ منتظم وعالي الكفاءة، مما قد يعرض الإنتاج للخطر في حالة نقص المياه أو تعطل أنظمة الري. 5. مشاكل الجودة والتخزين: زيت أربكينا أقل استقرارًا وأقصر عمرًا من زيت البيشولين المغربي، مما قد يؤثر على صادرات المغرب من زيت الزيتون. 6. تقلبات السوق: الانتقال للأصناف الأجنبية قد يؤدي إلى زيادة الإنتاج مؤقتًا وخفض الأسعار، لكن مع احتمال حدوث تخمة في السوق قد تؤثر سلبًا على دخل المزارعين. المستقبل: بين الإنتاجية والاستدامة رغم أن صنف أربكينا موجود في المغرب منذ أكثر من 15 عامًا، إلا أن الاعتماد عليه يتزايد بسبب شح الشتلات المحلية وارتفاع إنتاجيته. لكنه يطرح تساؤلات حول مستقبل زيت الزيتون المغربي، خصوصًا مع اقتراب استضافة كأس العالم 2030، وما يتطلبه ذلك من استراتيجية زراعية مستدامة تحافظ على الجودة والتنافسية الدولية.