اتخذ مقتل هشام المراوي، المواطن التونسي الذي قُتل رمياً بالرصاص يوم السبت 1 جوان بمدينة بوجي سور أرژانس في منطقة فار الفرنسية، منعطفًا قضائيًا كبيرًا. فقد وُجهت تهم إلى المشتبه به الرئيسي، كريستوف ب.، البالغ من العمر 53 عامًا، وتم إيداعه السجن بتهمة القتل العمد ذات الطابع الإرهابي ومحاولات القتل بدافع الكراهية العنصرية، وفق ما أكده الادعاء الوطني الفرنسي المختص في قضايا الإرهاب، اليوم الخميس 5 جوان. و قد اعترف المتهم بالوقائع، إلا أنه أنكر أي دافع عنصري أو إرهابي، بحسب ما أفاد به نفس المصدر ، غير أن المعطيات التي جمعتها التحقيقات، و على رأسها منشوراته العنيفة على شبكات التواصل الاجتماعي و الطابع المُسبق التخطيط للأفعال، دفعت بالنيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب إلى التدخل بشكل استثنائي. و تُعد هذه السابقة القضائية الأولى من نوعها في فرنسا بالنسبة لعملية قتل تنسب إلى تيار اليمين المتطرف العنصري. في ليلة الجريمة، أطلق كريستوف ب. النار عدة مرات على هشام المراوي من داخل سيارته، ثم وجّه سلاحه نحو منزل مجاور تقطنه عائلة تركية، مما أسفر عن إصابة أحد أفرادها. و بعد ذلك لاذ بالفرار، قبل أن يُلقى عليه القبض عند الفجر من قبل وحدة التدخل الخاصة (GIGN)، عقب نشره عدة فيديوهات ذات طابع تحريضي على موقع فايسبوك. و في هذه المقاطع، دعا المتهم الفرنسيين إلى "الاستيقاظ"، وزعم أنه "يدافع عن ألوان العلم الفرنسي"، مصرحًا بأنه "قضى على اثنين أو ثلاثة من الحثالة القريبة من منزله". و أكد الادعاء أن المعني لا يعاني من أي اضطرابات نفسية و أنه معروف بسوابقه في نشر خطابات كراهية تستهدف المسلمين و الأجانب و المؤسسات الفرنسية. و يُشكل تصنيف الجريمة ضمن خانة "الإرهاب" تحوّلًا قضائيًا نادرًا في فرنسا. فعلى عكس قضايا التطرف الجهادي، نادرًا ما تتدخل النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب في جرائم ترتكب باسم الأيديولوجيا اليمينية المتطرفة، رغم تأكيدها أنها تتعامل مع هذه القضايا "كل حالة على حدة". و يبدو أن القضاء الفرنسي يتجاوب هنا مع حجم الصدمة التي خلفتها هذه الجريمة العنصرية، سواء في فرنسا أو في تونس. و في كلمة له أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، وصف وزير الداخلية برونو روتايو عملية القتل بأنها "جريمة عنصرية، و ربما أيضًا معادية للمسلمين و قد تكون إرهابية"، مشيرًا إلى تضامنه مع الجالية التونسية في فرنسا. كما أعرب عن "ارتياحه" لتدخل النيابة المختصة بقضايا الإرهاب، معتبراً ذلك دليلًا على الوعي بخطورة تهديدات اليمين المتطرف. أما تونس، فقد عبّرت عبر وزير داخليتها خالد النوري، عن حزنها العميق و استيائها من هذا العمل الإرهابي، مطالبةً باتخاذ إجراءات صارمة. من جهتها، صرّحت حنان المراوي، شقيقة الضحية، لوكالة فرانس برس قائلة : "أريد العدالة لأخي. لقد قُتل بسبب هويته". و أكّدت أن القاتل كان معروفًا في الحي بعدائه للعرب. و وفق إحصائيات وزارة الداخلية الفرنسية ، فقد ارتفعت الاعتداءات المعادية للمسلمين بنسبة 72٪ خلال الثلاثي الأول من سنة 2025، مع تسجيل 79 حادثة. و تدق هذه الجريمة ناقوس الخطر في المجتمع الفرنسي ، كما تثير قلق التونسيين المقيمين بالخارج ، في وقت يبدو أن الكراهية العرقية ، المدفوعة بخطابات متطرفة ، باتت تتجاوز حدود الخطر. و في تونس كما في باريس، تتحول قضية هشام المراوي إلى رمز لمقاومة تطبيع العنف العنصري المتطرف.