عشية تدفّق الحشود الكبرى في ما يُعرف ب"النفرة الكبرى"، أدّى وزير الشؤون الدينية و رئيس البعثة التونسية الرسمية للحج، أحمد بوحلي، مساء الجمعة زيارة تفقدية إلى مخيمات الحجيج التونسيين بمنًى في المملكة العربية السعودية. و قد كانت هذه الجولة التي تكتسي طابعًا رمزيًا ولوجستيًا بالغًا، فرصة لتقييم ظروف الإيواء و التأطير خلال المرحلة الأهم والأكثر كثافة من مناسك الحج. و قد رافق الوزير في هذه الزيارة كل من سفير تونس بالرياض، والقنصل العام بجدة، والرئيس المدير العام للشركة الوطنية للخدمات والإقامات، فضلًا عن ممثلين عن رئاسة الجمهورية و وزارة الشؤون الدينية. و تخلّلت الجولة زيارات إلى عدد من الخيام و حوارات مباشرة مع المشرفين الميدانيين و الحجيج أنفسهم. لوجستيات مُحكمة و رسالة روحية تركّزت هذه الزيارة التفقدية على تقييم جاهزية الترتيبات اللوجستية و ظروف العيش داخل الخيام، وتعبئة الفرق المرافقة والطبية، إلى جانب نوعية التواصل الإنساني و الروحي مع الحجيج. و قد شدّد الوزير على ضرورة التحلي بالصبر و التقوى و روح الأخوة في مواجهة تحديات الحرارة المرتفعة و الاكتظاظ الشديد داخل فضاء منى الذي يخضع لقيود قانونية صارمة من حيث المساحة و هي معاناة تشترك فيها كل البعثات الدولية. و في أجواء من الخشوع، ذكّر أحمد بوحلي بأهمية تكثيف الأنشطة الدينية في هذه المرحلة المفصلية ، مؤكّدًا أنّ الحج ليس مجرّد طقس تعبّدي بل هو أيضًا تمرين على التضامن الإنساني. متابعة طبية وتقنية معزّزة و من أبرز المستجدات التي لاقت ترحيبًا هذا العام، تجربة ساعة ذكية تحمل اسم "طمّن وطمّنهم"، تتيح متابعة شخصية للحجيج الذين يستوجبون رعاية خاصة، سواء من كبار السن أو المرضى أو مَن تتطلّب حالتهم متابعة دقيقة. و قد اعتُبرت هذه الابتكار وسيلة فعّالة لتعزيز السلامة وراحة البال، سواء بالنسبة للفرق المؤطرة أو لعائلات الحجيج في تونس. وقد أكدت البعثة الصحية التونسية، المنتشرة في مختلف الخيام، جاهزيتها الكاملة، حيث لم يُسجل إلى حدّ الآن أي حادث خطير أو حالة اختفاء. وقد تمّت معالجة بعض الإشكالات البسيطة، مثل حالات التيه بين الخيام المتجاورة أو تأخيرات طفيفة في أداء المناسك، بسرعة من قِبل فريق متنقّل مختص في إرشاد الحجيج وتوجيههم. و أشاد الوزير بحُسن التنسيق بين فرق التأطير وغرف الأزمات وغرفة العمليات المركزية التي تتابع بشكل فوري كل الحوادث أو الطلبات العاجلة. وهو ما يسمح باتخاذ قرارات سريعة وفعّالة، تضمن احترام التوقيت الديني دون المساس بأمن الحجيج أو راحتهم. تسيير يُحتذى به و نموذج يُقدّم تجسّد هذه الزيارة الميدانية حرص الدولة التونسية على تأمين تأطير بشري وروحي ولوجستي عالي الجودة لحجيجها، رغم تعقيدات الوضع الميداني من حيث الكثافة البشرية والحرارة الشديدة. و يعكس إدماج الأدوات الرقمية المناسبة و تعزيز التواصل المباشر و روح الإصغاء التي يدافع عنها الوزير تحوّلًا في المقاربة نحو النجاعة و القرب. و في وقت يستقطب فيه الحج سنويًا ما يقارب مليوني حاج من مختلف أنحاء العالم، يمكن أن يُشكّل النموذج التونسي في منى مرجعًا لبلدان أخرى توفّق بين عراقة الشعائر و تحديث الخدمات العمومية. و يُكرّس موسم حج 2025 بذلك الخبرة التونسية في تنظيم التظاهرات ذات البعد الروحي و اللوجستي العالي الحساسية.