تواجه إفريقيا تراكماً مقلقاً للنفايات الإلكترونية و هي ظاهرة تطرح تحديات بيئية كبرى و في الوقت ذاته تفتح آفاقاً غير متوقعة أمام الاقتصاد المحلي. و يُسلّط هذا التناقض الضوء على تعقيد إدارة النفايات الإلكترونية في القارة، حيث تتقاطع الضرورة البيئية مع فرص التنمية. تلوّث يتسع نطاقه تحوّلت القارة الإفريقية إلى وجهة مفضّلة للنفايات الإلكترونية، القادمة أساساً من الدول المتقدمة. وتُنتج هذه التدفقات الهائلة تلوثاً ساماً يصعب التحكم فيه، ما ينعكس سلباً على صحة السكان ونوعية التربة والمياه. و يُدار جزء كبير من هذه النفايات بطريقة غير رسمية وفي ظروف هشّة، ما يعرّض العاملين لمواد خطرة ويزيد من المخاطر الصحية والبيئية. سوق غير نظامية نشطة و رغم هذه المخاطر، يشكل التعامل مع النفايات الإلكترونية مصدر دخل لعدد كبير من المجتمعات المحلية. إذ يتيح التدوير الحرفي استخلاص مواد ثمينة مثل الذهب والنحاس والألمنيوم، تُغذي شبكات الاقتصاد المحلي. و رغم غياب التنظيم، توفّر هذه الأنشطة فرص عمل وتسهم في شكل من أشكال الاقتصاد الدائري، إلا أنها تبقى عرضة للهشاشة في ظل غياب الأطر القانونية والتقنيات المناسبة. نحو إدارة أكثر استدامة و أمام هذه الوضعية المزدوجة، بدأت تظهر مبادرات تهدف إلى تأطير وتحسين إدارة النفايات الإلكترونية في إفريقيا. وتعمل برامج التوعية، والشراكات الدولية، ومشاريع تدوير صناعية على الحد من الأثر البيئي وتعزيز القيمة الكامنة في هذه النفايات. ويمكن أن يسهم تطوير قطاع رسمي في التوفيق بين حماية البيئة وتحفيز الاقتصاد. تتجاوز قضية النفايات الإلكترونية في إفريقيا مجرد كونها مشكلة تلوّث، فهي ظاهرة معقدة تتداخل فيها الضرورات البيئية مع الحاجات الاجتماعية والاقتصادية. وإيجاد توازن بين هذين البعدين يُعدّ أمراً أساسياً لتحويل ما يُنظر إليه عادة كعبء إلى مصدر للابتكار والنمو المستدام.