لا يزال النفاذ إلى الإنترنت المحمول يشكل رهانًا أساسيًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في القارة الإفريقية. فعلى الرغم من توصيات الأممالمتحدة الرامية إلى إرساء تعريفة دنيا لجعل الإنترنت أكثر إتاحة، لم تعتمد هذا الإجراء سوى خمسة عشر دولة إفريقية، مما يترك غالبية بلدان القارة عرضة لتكاليف مرتفعة تحدّ من الاتصال و تعيق الإدماج الرقمي. المبادرة وطموحاتها تجاه إفريقيا دعت منظمة الأممالمتحدة، عبر وكالاتها المتخصصة، إلى اعتماد تعريفة دنيا للإنترنت المحمول لا تتجاوز 2% من متوسط الدخل الشهري. و تهدف هذه التوصية إلى ضمان نفاذ منصف إلى العالم الرقمي، الذي يُعد محركًا للنمو والابتكار. غير أن تنفيذ هذه التعريفة لا يزال محدودًا، إذ تحافظ معظم الدول الإفريقية على أسعار تتجاوز هذا السقف، وهو ما يبطئ وتيرة تبني الإنترنت على نطاق واسع في القارة. تداعيات التسعيرة المرتفعة إن غياب تعميم لتعريفة الحد الأدنى يخلّف آثارًا ملموسة على الاقتصاد الرقمي الإفريقي. فالأسعار المرتفعة للإنترنت المحمول تمثل عائقًا أمام الفئات ذات الدخل المحدود، مما يعمّق الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والريفية. وتنعكس هذه الوضعية سلبًا على فرص النفاذ إلى التعليم عن بعد والخدمات المالية الرقمية والمعلومة، ما يحدّ من الإمكانات التي تتيحها التحولات الرقمية. التفاوت الإقليمي في مستوى الاتصال يسلط التفاوت بين الدول التي اعتمدت تعريفة الحد الأدنى وتلك التي لا تزال تتأخر في تنفيذها الضوء على تباين السياسات العمومية في مجال الاتصال. فبعض الدول، خصوصًا في شرق وجنوب إفريقيا، أحرزت تقدمًا ملحوظًا، في حين لا تزال أخرى عاجزة عن مواءمة تشريعاتها مع المعايير الدولية. وتُبطئ هذه التجزئة من وتيرة الاندماج الرقمي للقارة، وتعرقل بروز سوق إفريقي موحد في المجال الرقمي. يبقى تعميم اعتماد تعريفة دنيا للإنترنت المحمول هدفًا ضروريًا لتعزيز الإدماج الرقمي في إفريقيا. فتناغم السياسات التسعيرية والإرادة السياسية سيكونان عاملين حاسمين لتمكين جميع المواطنين الأفارقة من الاستفادة الكاملة من مزايا الرقمنة والمساهمة في نمو القارة الاقتصادي.