تظل المساواة بين الجنسين قضية محورية في مسار تنمية القارة الإفريقية. و وفقاً لأحدث تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) الصادر سنة 2025، تبرز بعض الدول الإفريقية بتقدمها اللافت في مجال تحقيق التكافؤ بين الرجال والنساء، في حين لا تزال دول أخرى تعاني من فجوات واسعة في هذا المجال. ويعتمد هذا التصنيف على معايير متعددة، من بينها الوصول إلى التعليم، والمشاركة الاقتصادية، والانخراط السياسي، مما يعكس تباينات واضحة في ديناميكيات التقدم داخل القارة. رواندا، في الصدارة على المستوى القاري تتبوأ رواندا مجدداً صدارة الدول الإفريقية الأكثر تقدماً في مجال المساواة بين الجنسين، حيث جاءت في المرتبة السادسة عالمياً وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي. و يُعزى هذا الأداء الاستثنائي إلى التمثيل النسائي الكبير في البرلمان، إلى جانب سياسات طموحة تهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة والاقتصادية. وقد نجحت البلاد في إرساء إصلاحات هيكلية ضمنت للنساء فرصاً متكافئة في التعليم والعمل، مع مواجهة أشكال التمييز القائمة بفعالية. نماذج يُحتذى بها تأتي كل من جنوب إفريقيا وناميبيا بعد رواندا ضمن قائمة الدول الإفريقية الأفضل تصنيفاً. فقد استطاعت جنوب إفريقيا، بفضل إطارها التشريعي المتين والمبادرات الحكومية المستمرة، تحسين تمثيل النساء في مواقع القيادة وفي القطاعات الاقتصادية الحيوية. أما ناميبيا، فتميزت بسياسات تعليمية شاملة والتزام ملحوظ بتحقيق المساواة في الأجور. وتعكس هذه النجاحات وجود إرادة سياسية واضحة، إلى جانب انخراط فاعل من قبل المجتمع المدني في هذه القضايا. فجوات لا تزال قائمة عبر القارة رغم هذه الإنجازات، لا تزال العديد من الدول الإفريقية متأخرة بشكل كبير في هذا المجال. وتظل الفوارق جلية في ما يتعلق بالوصول إلى التعليم، والمشاركة في سوق العمل، والتمثيل السياسي. كما تشكل العوائق الثقافية والاجتماعية، إضافة إلى النزاعات والصعوبات الاقتصادية، تحديات كبيرة أمام تقدم المساواة في عدة مناطق. و يؤكد تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي على ضرورة التحرك المشترك لتسريع الإصلاحات المطلوبة وضمان تكافؤ الفرص للجميع دون استثناء. و تشير نسخة 2025 من تصنيف المنتدى إلى أن المساواة بين الجنسين ليست مجرد مسألة عدالة اجتماعية، بل تُعد عاملاً حاسماً لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الشامل في إفريقيا. وتُجسّد تجارب رواندا وجنوب إفريقيا وناميبيا قدرة القارة على الابتكار والتقدم، مع التشديد على أهمية مواصلة الجهود لسد الفجوات القائمة.