أدّى سقوط صاروخ باليستي إيراني مباشرةً على ملجأ مدني محصّن في بيتاح تيكفا، شرق تل أبيب، إلى مقتل ثلاثة أشخاص، وفقًا لتقرير أولي نقلته القناة الإسرائيلية 12. الملجأ، الذي شُيّد وفقًا لأعلى المعايير، لم يصمد أمام قوة الصاروخ. و تأتي هذه الحادثة في سياق حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل، ما يثير تساؤلات جوهرية حول فعالية منظومة الحماية المدنية الإسرائيلية. ملاجئ حاضرة في كل مكان… لكنها هشّة أمام الصواريخ الباليستية منذ حرب الخليج عام 1991، يُلزم القانون الإسرائيلي بإنشاء غرف محصنة (مأماد) في جميع المساكن الجديدة. و تُبنى هذه الغرف من الخرسانة المسلحة، وتُزوَّد بأبواب و ألواح فولاذية و هي قادرة على استيعاب عائلة كاملة أثناء الإنذارات. إلى جانب ذلك، هناك غرف مأماد جماعية و ملاجئ عامّة، خصوصًا في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. غير أن هجوم بيتاح تيكفا يُعدّ نقطة تحول : إذ تشير التقارير إلى أن الصاروخ الإيراني اخترق الجدار الفاصل بين غرفتين محصنتين، ما أدى إلى انهيار مميت. هذا الخلل يسلّط الضوء على محدودية هذه المنشآت في مواجهة أسلحة باليستية من جيل جديد. 65٪ من السكان محميون… و 35٪ لا يزالون عرضة للخطر بحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن قيادة الجبهة الداخلية ، فإن 65٪ فقط من الأسر الإسرائيلية تمتلك غرفة مأماد. أما ال35٪ المتبقية و خصوصًا في المناطق الريفية و الأحياء القديمة، فإما لا تملك ملجأً محصنًا أو تضطر لقطع مسافة تتجاوز 30 ثانية للوصول إليه — و هي مدة طويلة في حال التعرض لهجوم صاروخي. و رغم أن الملاجئ أنقذت أرواحًا كثيرة في السابق ، خاصة أثناء الهجمات الصاروخية من غزة أو لبنان، إلا أن خبراء إسرائيليين يُقرّون بأن التكنولوجيا الإيرانية قد تجاوزت مرحلة جديدة من التطور. و بحسب منظمة "نجمة داوود الحمراء"، فإن فرق الإنقاذ أكّدت أن الضحايا كانوا داخل الملجأ لحظة الضربة. و قد شكّل ذلك صدمة كبيرة، نظرًا لأن غرفة المأماد تُعتبر منذ عقود آخر حصن موثوق لحماية المدنيين. رسالة نفسية بقدر ما هي عسكرية من خلال استهداف منشأة مدنية رمزية ، يبدو أن إيران تسعى إلى زعزعة معنويات السكان الإسرائيليين و النيل من ثقتهم في الدولة. و يندرج هذا النوع من العمليات ضمن حرب نفسية مدروسة بعناية، تُنفّذ بالتوازي مع المواجهات العسكرية المباشرة. و قد صرّحت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية بأن «تقييمات جارية حاليًا لتعزيز معايير الأمان و تكييف الهياكل لمواجهة التهديد الباليستي الثقيل». إجراءات جديدة قيد التنفيذ في ردّ على هذا الخلل الاستراتيجي، بدأت إسرائيل بتطبيق حزمة من الإجراءات : * تعزيز عمليات التفتيش على الملاجئ القائمة من قِبل قيادة الجبهة الداخلية * تحديث معايير البناء الخاصة بغرف المأماد الجديدة؛ * إعداد خطة لتوسيع الملاجئ العامة، خاصة في شمال البلاد المعرّض لخطر متزايد من قبل حزب الله. حادثة بيتاح تيكفا تمثل لحظة مفصلية: فالحرب باتت تطال حتى المناطق السكنية المحصنة. ولم يعد هناك خط فاصل واضح بين الجبهة العسكرية والحياة المدنية. لقد أصبحت قدرة السكان النفسية على التحمّل — التي لطالما تشكّلت عبر نظام الإنذار والملاجئ — عرضة لاختبار حقيقي.