كشفت صحيفة "أكسيوس" الأمريكية، في تقرير حصري، أن إسرائيل قد تلجأ إلى تنفيذ عملية برية من نوع "كومندوس" ضد الموقع النووي الإيراني شديد التحصين في فوردو، في حال رفضت الولاياتالمتحدة شنّ ضربة جوية هناك. و يمثل هذا الخيار الجذري تحولًا استراتيجيًا في الطريقة التي قد تعتمدها إسرائيل لمواجهة التهديد النووي الإيراني. فوردو: موقع محصن داخل الجبل في صميم القلق الدولي يُعدّ الموقع النووي في فوردو، الواقع داخل جبل جنوب العاصمة طهران، من بين أكثر المواقع تحصينًا في البرنامج النووي الإيراني. وقد شُيّد على عمق يتجاوز 80 مترًا تحت الأرض، في قاعدة عسكرية سابقة تم تحويلها لهذا الغرض، ما يجعله شديد الصعوبة من حيث التدمير، حتى باستخدام أقوى الأسلحة المتاحة. و بحسب "أكسيوس"، فإن إدارة ترامب تدرس مدى قدرة أقوى القنابل الأمريكية – قنابل "موب" (Massive Ordnance Penetrator) البالغ وزنها 16 طنًا – على تحييد هذا الموقع فعلًا. علمًا بأن هذه القنابل لا يمكن إسقاطها إلا من خلال القاذفات الاستراتيجية B-2 Spirit، التي لا تملكها سوى الولاياتالمتحدة. ترامب متردد، وإسرائيل تستعد في تصريح حديث، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "نحن الوحيدون القادرون على فعل ذلك، لكن لا يعني ذلك أنني سأفعل". تصريح أثار استنفارًا فوريًا في إسرائيل. و بحسب مصادر قريبة من الإدارة الأمريكية، فإن إسرائيل بدأت فعليًا في دراسة خيار تنفيذ عملية برية، رغم ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر عالية. الهدف من هذه العملية هو التسلل إلى موقع فوردو عبر قوات خاصة وتدمير البنية التحتية الحساسة من الداخل. وللتذكير، سبق للجيش الإسرائيلي أن نفذ عملية مماثلة في سبتمبر الماضي ضد مصنع صواريخ تحت الأرض في سوريا. و نقل تقرير "أكسيوس" عن مسؤول أمريكي قوله إن إسرائيل أبلغت البيت الأبيض بأنه "حتى لو لم تكن لدينا قنابل قادرة على اختراق الجبل، يمكننا أن نفعل ذلك بواسطة رجالنا". و يعيد هذا السيناريو إلى الأذهان قدرات الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عمليات سرية دقيقة، لاسيما من خلال وحدة "سييريت متكال" المتخصصة في المهام شديدة الخطورة خارج البلاد. هل تتجه المنطقة نحو حرب في الظل؟ يُعيد الحديث عن عملية إسرائيلية برية فتح باب المخاوف من تصعيد إقليمي واسع. ففي حين كان ترامب يفكر، حتى وقت قريب، في دعم إسرائيل من خلال ضربات جوية على المنشآت النووية الإيرانية، فإن القرار النهائي لم يُتخذ بعد. من جهته، حذّر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، من أن "أي مشاركة عسكرية مباشرة من قبل الولاياتالمتحدة ستؤدي إلى أضرار لا يمكن تداركها لواشنطن". إسرائيل معزولة؟ تنفيذ عملية برية ضد فوردو – الذي يُعد من أكثر المواقع تحصينًا في العالم – يُمثّل تحديًا تقنيًا وبشريًا ودبلوماسيًا بالغ الخطورة. وإذا أقدمت إسرائيل على هذه الخطوة دون تغطية جوية أمريكية، فإنها تجازف بتكبّد خسائر جسيمة والتورط في حرب طويلة الأمد. أما على الصعيد الدبلوماسي، فإن أي تحرك أحادي الجانب من إسرائيل قد يطلق سلسلة من الأحداث الخارجة عن السيطرة، مع ما يرافق ذلك من تداعيات إقليمية، من أبرزها احتمال تعبئة حلفاء إيران كحزب الله والميليشيات المنتشرة في العراق. و لا يُستبعد أيضًا أن تكون هذه التسريبات عبر "أكسيوس" وسيلة ضغط من إسرائيل على واشنطن، بهدف انتزاع موافقة ضمنية أو دعم لوجستي سري. و هكذا، يبدو أن العد التنازلي الاستراتيجي حول فوردو قد بدأ. فبينما لا تزال واشنطن مترددة، تُظهر إسرائيل استعدادًا للمضي قدمًا منفردة، في سبيل الحفاظ على عقيدتها الأمنية النووية. و إذا ما تم تبني الخيار العسكري، فقد تدخل منطقة الشرق الأوسط مرحلة غير مسبوقة من المواجهة المباشرة بين قوى إقليمية و عالمية.