ماذا قال رئيس الجمهورية قيس سعيد على البنوك العمومية و الخاصة؟    قيس سعيد : المُهمّش لم يولد مهمّشا بل هو ضحيّة سياسات قامت على الإقصاء والتفقير    تهشيم وتخريب بمحطة القطار بصفاقس يثير الغضب على مواقع التواصل    فتح باب التسجيل للأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد للسنة التربوية 2025-2026    الزقزقو يطلّ علينا بموسم قياسي: 106 أطنان هذا العام!    انتبهوا: أكثر من ثلث حالات التسمم الغذائي سببها ''السلاطة المشوية والطاجين''    احتياطي النقد الأجنبي لتونس يغطي 106 أيام من التوريد    عاجل- تسهيلات جديدة للعمرة: تنجّم تسجّل وحدك دون وسيط !    استشهاد 10 فلسطينيين بينهم ثلاثة من منتظري المساعدات في قصف صهيوني على غزة..#خبر_عاجل    الرابطة الأولى: تشكيلة الملعب التونسي في مواجهة مستقبل سليمان    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الثالثة ذهابا    للتونسيين : هكذا ستكون درجات الحرارة    باردو : محاصرة مجرم خطير محل اكثر من 12 منشور تفتيش    وفاة "القاضي الرحيم" كابريو بعد أيام من ظهوره في فيديو مؤثر    تونس والأردن يعززان علاقاتهما في المجال الصحي    رغم حملات المراقبة... الإستهتار بصحة المواطن يتواصل    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزير التجهيز..    الملتقى الدولي لالعاب القوى للنخبة بالمانيا - عبد السلام العيوني يحرز المركز الثالث لسباق 800م ويحطم الرقم القياسي الوطني    اليوم .. الذكرى الخامسة لوفاة ساحر الأجيال "حمادي العقربي"    مروى بوزياني تضمن ترشحها الى نهائي الدوري الماسي لالعاب القوى في سباق 3000م موانع    رئيسة الحكومة: تونس تعتز بانتمائها الافريقي ،ورفعت شعارها عاليا بان تكون افريقيا للافارقة    تونس: جريمة بشعة تهزّ الرأي العام... اغتصاب كلبة والاعتداء عليها بسكّين!    عاجل/ حادثة اختفاء فتاة بعد خطفها من منزلها: تطورات جديدة..    عاجل/ الاعتداء على محطة القطار بهذه الجهة..أضرار مادية كبيرة..وفتح تحقيق..    عاجل/ بسبب إسرائيل: أمريكا تعاقب 4 قضاة بالمحكمة الجنائية الدولية..    وزارة الثقافة تنعى مدير التصوير والمخرج أحمد بنيس    زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب هذه السواحل..#خبر_عاجل    طقس تونس: الحرارة تصل إلى 45 درجة مع هبوب الشهيلي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى مدير التصوير والمخرج أحمد بنيس    تحذير عاجل للمقيمين في بريطانيا!    لبنان.. إصابة سبعة أشخاص جراء غارة إسرائيلية على بلدة الحوش    ليبيا.. مفاجأة قوية بانتظار "صاحب مزحة الأسد" مع عامل مصري    صيف المبدعين... الكاتبة عفاف قاسم .. كم تسلّقت أشجار اللّوز واستعذبت قطف التّين    تاريخ الخيانات السياسية (52) .. الوزير ابن مقلة    في الوطن القبلي...تحدّيات تهدّد وجود قطاع القوارص    أطعمة تُضعف الذاكرة وتُهدد صحة الدماغ... احذرها!    عاجل/ عقوبات مالية ضد هذه الأندية الرياضية    ابتكار جهاز من الماس لتتبع الخلايا السرطانية دون الحاجة إلى مواد مشعة    القصرين : قريبا إطلاق "مهرجان الشباب" في قلب المناطق المهمشة    جمعية أحباء البلفدير تنظم الليلة العالمية للخفافيش يوم 29 أوت الجاري بمنتزه البلفدير    قفصة: تكثيف حملات الرقابة الصحيّة على المنتوجات الغذائية سريعة التعفّن    بنزرت: توزيع 5 أطنان استثنائية من القهوة المعدة للاستهلاك العائلي والمهني    توننداكس يتراجع الاربعاء عند الإغلاق بنسبة 1ر0 بالمائة    حسب الحسابات الفلكية.. هذا موعد المولد النبوي الشريف في تونس    عاجل/ الحماية المدنية تحذّر من اضطراب البحر وتقدّم هذه التوصيات..    في بالك الزنجبيل دواء سحري لحماية القلب    عاجل/ هذا موعد إنطلاق إعتماد تقنية ال"فار" في البطولة التونسية    احلام تغنّي ''تُراث تونسي'' في مهرجان قرطاج    راغب علامة يعلق على أزمته الأخيرة بطريقة فكاهية    انجاز طبي جديد في تونس: إنقاذ مصابة بجلطة دماغية حادة باستعمال هذه التقنية..    الصولد الصيفي: تسجيل 73 مخالفة إقتصادية منذ إنطلاقه    تصفيات مونديال 2026: الاعلان عن قائمة لاعبي المنتخب التونسي لمباراة ليبيريا يوم 29 اوت الجاري    الزهروني: إيقاف امرأة انتحلت صفة رئيسة جمعية بالخارج وتحيلت على العشرات    إسرائيل تبدأ المرحلة التمهيدية لاحتلال مدينة غزة    حادث مرور أليم يخلّف قتيلين وجريحًا في بوحجلة    تاريخ الخيانات السياسية (51) فتنة الحلاّج    صيف وضيف: د. إيمان القسنطيني: الطبيبة الفنّانة... المتعددة المواهب    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الولايات المتحدة – إيران: نصف قرن من المواجهة
نشر في تونس الرقمية يوم 22 - 06 - 2025

لا تعود جذور العلاقة العسكرية والدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران إلى الثورة الإسلامية سنة 1979 فقط، بل تمتد إلى ما قبل ذلك بكثير، وتحديدًا إلى الحرب العالمية الثانية، حيث تعددت التدخلات المباشرة وغير المباشرة، والعمليات السرية، والانقلابات المدعومة، والمواجهات العسكرية. هذه العلاقة المتقلبة ما تزال إلى اليوم تُشكّل ملامح التوازنات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
1953: الانقلاب على رئيس الوزراء مصدق بتنظيم من وكالة الاستخبارات المركزية
يُعدّ أحد أبرز فصول هذه العلاقة ما حدث سنة 1953، حين أقدم رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق على تأميم صناعة النفط، التي كانت خاضعة آنذاك للسيطرة البريطانية.
ردًا على ذلك، نظّمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عملية سرية سُمّيت "أجاكس"، نفذتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) وجهاز الاستخبارات البريطانية (MI6)، وأسفرت عن الإطاحة بمصدق.
تعززت حينها سلطة الشاه محمد رضا بهلوي، مما دشن مرحلة من التعاون الوثيق بين النظام الإيراني وواشنطن... لكنه زرع أيضًا بذور كراهية عميقة لدى الشعب الإيراني تجاه الولايات المتحدة.
1979: الثورة الإسلامية وقطيعة حادة
شهدت سنة 1979 سقوط الشاه، الذي كان يُعتبر حليفًا طيعًا للولايات المتحدة، وصعود آية الله الخميني إلى الحكم، ما أدى إلى قطيعة كاملة مع واشنطن.
وفي العام نفسه، تعرضت السفارة الأميركية في طهران لهجوم عنيف، حيث احتُجز 52 دبلوماسيًا كرهائن طيلة 444 يومًا. وقد شكّل هذا الحدث صدمة عميقة للرأي العام الأميركي، وساهم في تأزيم العلاقات الثنائية بشكل غير مسبوق.
1980: فشل عملية "مخلب النسر"
في أفريل 1980، أطلقت الولايات المتحدة عملية عسكرية سرية لتحرير الرهائن، أُطلق عليها اسم "مخلب النسر". غير أنها كانت سيئة الإعداد، وانتهت بفشل ذريع، إذ فقد 8 جنود أميركيين حياتهم في حادث تحطم مروحية بالصحراء الإيرانية.
شكلت هذه الحادثة إهانة كبيرة لواشنطن، في حين عززت من هيبة طهران في العالم الإسلامي.
1988: إسقاط طائرة مدنية إيرانية من قبل الولايات المتحدة
في 3 جويلية 1988، أطلق الطراد الأميركي "يو إس إس فينسنس" صاروخًا عن طريق الخطأ أسقط طائرة ركاب إيرانية مدنية تابعة للخطوط الجوية الإيرانية (رحلة رقم 655)، ما أدى إلى مقتل 290 مدنيًا، بينهم 66 طفلًا.
رغم أن الولايات المتحدة تحدثت عن "خطأ في التعرف"، إلا أن إيران اعتبرت ذلك عملاً متعمدًا. ولم تقدم واشنطن أي اعتذار رسمي، مما زاد في تعميق التوتر.
منذ 2000: حروب بالوكالة وعقوبات اقتصادية
تحولت المواجهة العسكرية بين الطرفين إلى صراع غير مباشر:
* في العراق، غالبًا ما وجد الطرفان نفسيهما في مواجهة غير مباشرة عبر ميليشيات شيعية وفصائل مدعومة من طهران.
* في الخليج، تكررت المناورات البحرية، خصوصًا في مضيق هرمز، الممر الحيوي لإمدادات النفط العالمية.
* كما حلت العقوبات الاقتصادية تدريجيًا محل المواجهة العسكرية، إذ تفرض الولايات المتحدة منذ سنوات حصارًا اقتصاديًا صارمًا على طهران، يستهدف بشكل خاص قطاع النفط والبرنامج النووي الإيراني.
2020: اغتيال الجنرال قاسم سليماني
في 3 جانفي 2020، نفّذ طائرة أميركية دون طيار غارة قرب مطار بغداد، أسفرت عن مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" وأحد أبرز رموز النفوذ الإيراني الإقليمي.
وقد أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصيًا بهذه العملية، التي هزّت الرأي العام العالمي، وكادت تشعل حربًا مفتوحة بين البلدين.
2025: تصعيد خطير؟
منذ ماي 2025، عادت التوترات إلى ذروتها على خلفية تصاعد المواجهات بين إسرائيل وإيران. وقد تدخلت الولايات المتحدة، الحليف التاريخي لتل أبيب، بشكل مباشر، عبر تنفيذ ضربات على منشآت نووية إيرانية (فوردو، نطنز، أصفهان).
وردًا على ذلك، توعدت طهران بالانتقام، مما أثار المخاوف من اندلاع حرب إقليمية شاملة، بل وربما مواجهة مباشرة بين القوتين.
توازن هشّ بين المواجهة والردع
تتميّز العلاقة العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران بسلسلة من الاستفزازات، والعمليات السرية، وعروض القوة، دون أن تصل إلى حرب تقليدية شاملة. ويُفسَّر هذا الواقع بعدة عوامل:
* الردع المتبادل: تمتلك إيران قدرات باليستية وشبكة حلفاء إقليميين (مثل حزب الله وميليشيات شيعية) قادرة على تهديد مصالح واشنطن. أما الولايات المتحدة، فهي تتمتع بتفوق عسكري ساحق.
* العامل النووي: احتمال امتلاك إيران لسلاح نووي يدفع واشنطن إلى إبقاء الضغط قائمًا، مع تفادي حرب شاملة قد تُخلّ بالتوازن العالمي.
* التنافس الإقليمي: تخشى دول حليفة للولايات المتحدة، مثل إسرائيل والسعودية والإمارات، من تصاعد النفوذ الإيراني، مما يعقّد المعادلات ويدفع واشنطن للتدخل غير المباشر.
* تصاعد نفوذ الصين وروسيا: حيث تقدّم هاتان القوتان دعمًا دبلوماسيًا وتقنيًا لإيران، ما يُعيق التحرّك العسكري الأميركي.
بعد أكثر من 70 سنة على أول تدخل لها في إيران، لا تزال الولايات المتحدة تواجه نظامًا لم تنجح يومًا في إخضاعه.
ومع استمرار الاستفزازات، يدرك الطرفان أن كلفة الحرب المفتوحة ستكون باهظة. ويبقى الخيار الدبلوماسي، رغم تهميشه، الطريق الوحيد لتحقيق استقرار دائم في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.