أكد الفصل 43 من قانون المالية لسنة 2025، على أنه يتعين على البنوك والمؤسسات المالية التصريح لدى أمين المال العام للبلاد التونسية، بالمبالغ المرصودة بالحسابات الجارية وحسابات الإيداع وحسابات الدفع وحسابات الودائع الاستثمارية وحسابات الادخار بمختلف أنواعها والحسابات لأجل والمنتجات الأخرى المماثلة وبغيرها من الحسابات المفتوحة لديها بالدينار التونسي أو بالعملة الأجنبية التي لم تجر في شأنها أي عملية أو مطالبة أو منازعة بأي عنوان كان من قبل مستحقيها مدة 15 سنة دون انقطاع. كما تتولى البنوك قبل تحويلها إلى خزينة الدولة إعلام الحريف بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وتنشر قائمة بالأسماء في أصحاب الحسابات بالرائد الرسمي للإعلانات القانونية. إجراء مستحدث على هذا الأساس، ستُحيل بداية من جويلية المقبل السلطات المالية الحسابات البنكية غير النشطة إلى خزينة الدولة، في إجراء يُعد الأول من نوعه بعد أن أُقرّ ضمن قانون المالية الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب في ديسمبر الماضي. وبموجب الفصل الذي أقرّه المجلس، ستحيل السلطات الحسابات المالية التي لم يقم أصحابها بأي عمليات مالية عليها خلال السنوات ال15 الماضية، سواء كانت حسابات ادخار أو حسابات جارية أو ودائع. كما يشمل الإجراء أيضاً أسهم البورصة وعقود التأمين على الحياة. ويثير دخول هذا الفصل حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة عدة تساؤلات فنية من قبل المواطنين، وسط سعي المختصين للحصول على المعلومات الكافية حول عدد الحسابات المعنية به، والمبالغ المتوقع إحالتها إلى خزينة الدولة. وفي هذا السياق، أوضح مقرر لجنة المالية في مجلس نواب الشعب، عصام شوشان، أنّ المجلس صادق على فصل إحالة الحسابات غير النشطة إلى خزينة الدولة، بعد إقرار الضمانات الكافية التي تتيح للمودعين أو ورثتهم أو أصحاب الحق إمكانية استرجاع أموالهم في حال التفطن إلى الحسابات المنسية. وشدد المقرر على الهدف من هذا الفصل يتمثل في توفير مصادر جديدة للخزينة وإدخال الأصول المجمدة وغير النشطة ضمن الدورة المالية، علما أنّ وزارة المالية اقترحت، في بداية مناقشة الإجراء، تحويل الحسابات التي لم تجر عليها أي عمليات خلال 10 سنوات، غير أنّ مجلس نواب الشعب طالب بتمديد الفترة إلى 15 عاماً في ظل توقعات بان لا تكون المبالغ المرجو تحصيلها كبيرة، إلا أنّ إدخالها في الدورة الاقتصادية عبر خزينة الدولة يُعد أمراً مهماً. رهانات ووضعيات مالية في المقابل، تقدّر بعض المصادر المالية عدد الحسابات البنكية المعنية بالإجراء بنحو 400 ألف حساب، علما أن الحسابات المسجلة باسم القُصّر وغير البالغين غير معنية إلا عند بلوغهم سن الرشد القانونية. ويُقدّر عدد الحسابات البنكية في البلاد بأكثر من 10 ملايين حساب، وفق بيانات البنك المركزي التونسي، حيث سجل عدد الحسابات نمواً بمعدل 1.7% خلال 5 سنوات الماضية. ويُقدّر عدد الحسابات الجارية غير المستعملة بما بين 10 و15% من مجموع الحسابات. هذا واشعرت البنوك والمؤسسات المالية الحرفاء، الذين يملكون حسابات غير نشطة، بإمكانية إحالة أرصدتهم إلى الخزينة العامة، كما تم نشر البيانات الخاصة بذلك في الرائد الرسمي، وذلك في سياق يتسم بالعمل بهذا الإجراء في دول أخرى، مثل فرنسا، التي تحيل الأرصدة إلى صندوق الودائع العمومي. كما أنّ استرجاع الأرصدة ممكن بعد الاعتراض من قبل المودعين أو ورثتهم، وذلك خلال 15 سنة من تاريخ تنفيذ قرار الإحالة. ويعد من الضروري، في هذا الإطار، تسهيل إجراءات البحث عن بيانات الأرصدة غير النشطة، من خلال إطلاق منصة متخصصة تضمن حقوق المودعين، خصوصا أنّ عملية الإحالة ستتحول إلى إجراء سنوي. في جانب اخر، توجد حسابات تعود لأشخاص لا يملكون ورثة، وتبقى أحياناً مفتوحة لسنوات بعد وفاتهم، مما يؤدي إلى تراكم الفوائض وهو ما يجعل من الاجراء الجديد إيجابيا في سياق تخفيف الأعباء المنجرة عن مسك الحسابات من جهة ويمكن من تعبئة موارد مالية للدولة حيث تعتمد البلاد في تمويل ميزانياتها لهذا العام على العائدات الجبائية الضريبية والديون الداخلية، التي تُجمع من خلال إصدار السندات والصكوك، إلى جانب التمويلات الخارجية. وتمثل العائدات الجبائية الجزء الأكبر من موارد الميزانية بقيمة تبلغ 45.2 مليار دينار. كما خفضت البلاد هذا العام من حجم القروض الداخلية لتبلغ 21.9 مليار دينار مقارنة ب23.2 مليار دينار العام الماضي، بينما سيزيد حجم القروض الخارجية إلى 6.1 مليار دينار في عام 2025، مقارنة ب3.5مليارات دينار في 2024.