صادقت المحكمة العليا في الولاياتالمتحدة، يوم الخميس 4 يوليو 2025، على ترحيل ثمانية مهاجرين غير نظاميين إلى جنوب السودان، رغم التحذيرات الشديدة التي أعرب عنها قضاة ومدافعون عن حقوق الإنسان. وتُجسّد هذه الخطوة تحوّلاً قضائيًا لافتًا في سياسة الهجرة، إذ تسمح بترحيل رعايا أجانب إلى دول ثالثة دون أن يُمنحوا فرصة فعالة للطعن في قرار ترحيلهم. ويتعلّق الأمر بثمانية أشخاص — اثنين من ميانمار، واثنين من كوبا، وفيتنامي، ولاوسي، ومكسيكي، وجنوب سوداني — تم ترحيلهم من الولاياتالمتحدة في مايو الماضي، واحتُجزوا في قاعدة عسكرية أميركية في جيبوتي. وكان قاضٍ فدرالي قد أوقف تنفيذ ترحيلهم النهائي، مستندًا إلى "غياب فرصة حقيقية" لهؤلاء المهاجرين للدفاع عن حقوقهم. سابقة قضائية تُكرَّس من أعلى هيئة قضائية إلا أن المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، رأت أن قرارها الصادر قبل عشرة أيام — والذي يجيز الترحيل إلى دول ثالثة — ينطبق كذلك على هذه القضية. وبناءً عليه، أبطلت قرار التعليق القضائي الذي كان يحمي الرجال الثمانية، فاتحةً بذلك الباب لترحيلهم إلى جنوب السودان، البلد المصنّف ضمن المناطق عالية الخطورة من حيث الأمن. وقد عبّر القضاة التقدميون في المحكمة، سونيا سوتومايور وكيتانجي براون جاكسون، عن معارضتهما لهذا القرار. وقالت سوتومايور: "الحكومة تريد إرسال هؤلاء الرجال الثمانية من جيبوتي إلى جنوب السودان، حيث سيتم تسليمهم إلى السلطات المحلية دون أدنى اعتبار لمخاطر التعذيب أو الموت"، مندّدة بانتهاك الضمانات الأساسية التي ينص عليها القانون الدولي. ترحيلات مبرّرة بأحكام جنائية من جهتها، دافعت السلطات الأميركية عن موقفها، مؤكدة أن جميع الأفراد الثمانية قد صدرت بحقهم أحكام في الولاياتالمتحدة لارتكابهم جرائم عنيفة، وأن بلدانهم الأصلية رفضت إعادتهم. وقد دفع هذا الوضع واشنطن إلى دراسة خيار ترحيلهم إلى جنوب السودان، من دون أن تقدّم تفاصيل بشأن آليات الحماية أو المتابعة التي سيتم اعتمادها. وقد أعادت هذه القضية فتح النقاش حول مدى قانونية الترحيل نحو دول ثالثة، خصوصًا حين لا تكون تلك الدول بلدًا أصليًا للمُرحَّلين أو دولة آمنة، وحين تكون مخاطر سوء المعاملة مؤكدة. وقد نبّهت منظمات غير حكومية وخبراء قانونيون إلى خطورة هذه السابقة التي قد تُفتح على حالات مشابهة أخرى. وهكذا، تُكرّس المحكمة العليا الأميركية، من خلال مصادقتها على هذا الترحيل، توجهًا متشدّدًا في سياسة الهجرة، ما يهدّد بإضعاف المبادئ الأساسية لحماية اللاجئين وحق اللجوء. ويبقى مصير المهاجرين الثمانية الذين رُحِّلوا من جيبوتي مجهولًا، كما أن مستقبل مبدأ "الدول الثالثة" التي قد تعتمدها الولاياتالمتحدة كوجهات لترحيل المهاجرين لا يزال يلفّه الغموض. وقد جاء هذا القرار في يوم رمزي — الرابع من يوليو، عيد الاستقلال الأميركي — ما يعكس انقسامًا عميقًا في المقاربة الأميركية لحقوق الإنسان عندما يتعلّق الأمر بغير المواطنين. تعليقات