يستعد مجلس التعاون لدول الخليج لخطوة تاريخية تتمثل في إطلاق تأشيرة سياحية موحدة تشمل الدول الست الأعضاء. فبحلول نهاية سنة 2025، سيتمكن الزوّار الأجانب من التنقل بحرية بين المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر، الكويت، البحرين وسلطنة عمان، بفضل تأشيرة موحدة تُستوحى من نموذج فضاء شنغن الأوروبي. تأشيرة إقليمية لوجهة سياحية موحدة تحمل هذه المبادرة اسم "تأشيرة الجولات الكبرى لدول الخليج – GCC Grand Tours Visa"، وتهدف إلى تسهيل تنقّل السياح الأجانب و تعزيز مكانة المنطقة كوجهة سياحية متكاملة تجمع بين البحر و الصحراء و التاريخ و الحداثة. فلن يكون السائح مضطراً بعد الآن إلى استخراج تأشيرة دخول منفصلة لكل دولة، مما سيُقلّص من الوقت و التكاليف و المعوقات الإدارية. و بحسب الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، من المتوقع أن يدخل هذا النظام حيّز التنفيذ قبل نهاية سنة 2025، بعد استكمال الجوانب التقنية و القانونية. و قد تم اعتماد المشروع منذ سنة 2023 و يحظى بدعم جماعي من الدول الأعضاء الست و بتقدير من منظمات دولية مثل منظمة السياحة العالمية. إجراءات مبسطة و أمان رقمي ستكون التأشيرة رقمية بالكامل و متاحة عبر منصة إلكترونية موحدة، تُمكّن الزائر من تقديم طلبه في غضون دقائق معدودة. و تشمل الوثائق المطلوبة : * جواز سفر ساري المفعول * استمارة إلكترونية * إثبات إقامة أو برنامج مفصل للرحلة * تأمين صحي * إثبات للموارد المالية * تذكرة عودة أو مواصلة السفر و من المتوقع أن تتراوح مدة صلاحية التأشيرة بين 30 و90 يوماً، مع إمكانية التنقل بحرية بين الدول الست طوال فترة الإقامة. السياحة و الثقافة و اللوجستيك : منعطف استراتيجي تشمل هذه التأشيرة الرحلات السياحية، الزيارات العائلية و فئات معينة من المقيمين الأجانب في دول الخليج. و ستكون، في مرحلتها الأولى، مخصصة لرعايا الدول المصنّفة منخفضة المخاطر ، خاصة من أوروبا و أمريكا الشمالية و آسيا ، على أن يتم التوسيع لاحقاً. و تُعد المكاسب المرتقبة من هذه الخطوة عديدة ، منها : * زيادة ملحوظة في تدفقات السيّاح * تعزيز التعاون الإقليمي * تطوير برامج سياحية متعددة الوجهات لصالح وكالات السفر * ازدهار السياحة الثقافية و التراثية و قد بدأت وكالات السفر في الخليج فعلاً التحضير لإطلاق عروض متكاملة، تتيح للسائح زيارة بلدين أو ثلاثة أو حتى الدول الست ضمن رحلة واحدة. تكامل مع مشروع سكة الحديد الخليجية يُعد مشروع السكة الحديدية الخليجية، الممتد على مسافة 2.117 كيلومتراً، أحد المشاريع الهيكلية المكملة لهذه المبادرة. سيربط هذا الخط كلاً من الكويت، السعودية، البحرين، قطر، الإمارات و عُمان، عبر محطات رئيسية مثل الدمام، أبو سمرة، أبوظبي، العين و صحار. و يهدف هذا المشروع اللوجستي الطموح إلى : * تسهيل حركة الرُكّاب و البضائع * تقليص الاعتماد على الطرقات البرية * تعزيز فاعلية التأشيرة الموحدة عبر توفير تنقّل سريع و آمن و من شأن هذا التكامل بين التأشيرة الموحّدة و شبكة السكك الحديدية العابرة للحدود أن يوفر تجربة سلسة غير مسبوقة للزائر، تُعزز من السياحة المستدامة متعددة الأقطاب. رؤية إقليمية موحدة تمثّل هذه الخطوة مرحلة جديدة في مسار التكامل الإقليمي، تقوم على التعاون الأمني والسياحي والرقمي. كما تُترجم الإرادة الاستراتيجية لدول الخليج في تنويع اقتصاداتها، والانفتاح بشكل أكبر على الزوار الأجانب، وتسويق تراثها المشترك، مع الحفاظ على خصوصياتها الثقافية. و بينما يتابع العالم هذه المبادرة باهتمام، قد تصبح "تأشيرة الجولات الكبرى لدول الخليج" معياراً إقليمياً جديداً للسياحة التعاونية، ورافعة اقتصادية واعدة لما بعد عصر النفط. تعليقات