أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، عن حزمة جديدة من الإجراءات الحمائية تُعد من بين الأكثر تشدداً خلال ولايته الثانية، مستهدفاً قطاعات استراتيجية تشمل الرقائق الإلكترونية، الأدوية، والنحاس، في خطوة تصعيدية جديدة ضمن سياسته لإعادة توطين الصناعة داخل الولاياتالمتحدة. رسوم جمركية تصل إلى 200% على الأدوية المستوردة وفي تصريحاته للصحفيين، كشف ترامب عن فرض رسوم جمركية قد تصل إلى 200% على الأدوية المستوردة، مع منح الشركات الصيدلانية الأجنبية مهلة تتراوح بين عام وعام ونصف لنقل إنتاجها إلى داخل الأراضي الأمريكية. وقال ترامب: "سنمنحهم حوالي عام للانتقال إلى هنا. بعد ذلك، سيتم فرض ضرائب باهظة على هذه الأدوية عند استيرادها، تصل إلى 200%. هذه خطوة لحماية أمننا القومي واستقلالنا الصناعي." وتأتي هذه الخطوة ضمن توجه ترامب نحو تقليص اعتماد الولاياتالمتحدة على سلاسل التوريد الخارجية، وهي مسألة كشفت هشاشتها بشكل صارخ خلال جائحة كوفيد-19، وتزايدت أهميتها في ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة. النحاس والرقائق الإلكترونية أيضاً على القائمة لم ينجُ قطاع التكنولوجيا من هذه الإجراءات الجديدة، إذ أعلن ترامب أن الرقائق الإلكترونية، التي تُعد مكوناً أساسياً في الصناعات الإلكترونية والسيارات، ستكون أيضاً مشمولة برسوم جمركية، رغم أنه لم يحدد نسبتها أو موعد دخولها حيز التنفيذ. وقال ترامب: "لقد حان الوقت لأن تُصنّع الرقائق هنا، على أرضنا"، دون تقديم تفاصيل إضافية حول الجدول الزمني. أما المفاجأة الكبرى فتمثلت في إعلان فرض رسوم جمركية فورية بنسبة 50% على واردات النحاس، وهي خطوة غير متوقعة أذهلت الأسواق من حيث سرعتها وحجمها. وأشار ترامب إلى أن هذا القرار يهدف إلى تحفيز الإنتاج المحلي لهذا المعدن الاستراتيجي المستخدم في قطاعات متعددة، منها السيارات الكهربائية، المعدات العسكرية، الشبكات الكهربائية، والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية. وقال: "النحاس عنصر أساسي في مستقبلنا الطاقي وأمننا القومي. وسننتجه هنا، لا في أماكن أخرى." رسالة واضحة للصناعة والشركاء التجاريين من خلال هذه السلسلة من الإجراءات، يوجه ترامب رسالة واضحة: إعادة توطين الصناعة الأمريكية باتت أولوية قصوى. ويبرر هذه السياسات برغبته في استعادة السيادة الاقتصادية للولايات المتحدة أمام الاعتماد المتزايد على الواردات، خصوصاً القادمة من آسيا. لكن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تصاعد التوترات التجارية مع عدد من الشركاء، فضلاً عن تعطيل سلاسل التوريد العالمية، التي تعاني أصلاً من ضغوط جيوسياسية وسياسات صناعية متضاربة بين القوى الكبرى. وفي ظل اقتراب الانتخابات النصفية، تبدو هذه الإجراءات أيضاً جزءاً من استراتيجية داخلية تهدف إلى تعزيز القاعدة الانتخابية الصناعية لترامب، من خلال الترويج لتشغيل اليد العاملة المحلية، ودعم الإنتاج الوطني، وحماية الأمن الاقتصادي. ويبقى السؤال المطروح: كيف سترد الدول المستهدفة؟ وما مدى تأثير هذه الإجراءات على أسعار الاستهلاك والتضخم داخل الولاياتالمتحدة في المدى المتوسط؟ تعليقات