تعمل سلط الإشراف منذ مدة على تنفيذ استراتيجية جديدة لدعم الاستثمار من خلال رؤية جديدة ترتكز على جعل تونس وجهة فعلية للاستثمار عبر تجسيم برنامج وطني متكامل يضمن خاصة تشجيع إحداث المؤسسات وتسيير انخراطها في سلاسل القيم العالمية والرفع من القدرات الإنتاجية والتكنولوجية بما يضمن تنافسيتها داخليا وخارجيا. ترمي هذه المنظومة الجديدة للاستثمار الى الرفع من القدرات التنافسية للمؤسسات بما يضمن تموقعها داخليا وخارجيا علاوة على المحافظة على الامتيازات الحالية وتدعيمها مع الاستثمار في المعرفة وإفراد المشاريع الخصوصية في المجالات ذات الأولوية والتي تستجيب لأهداف مخططات التنمية والاستراتيجيات الاقتصادية بامتيازات استثنائية حسب طبيعة المشروع ومحدودة في الزمن. وترتكز هذه الخطة الاستثمارية الجديدة على إسناد الاستثمارات الهامة من حيث خاصة حجم الاستثمار والتشغيل والقيمة المضافة بطريقة حالة بحالة في إطار اتفاقيات تبرم بين الدولة والباعث فضلا عن تشجيع التونسيين المقيمين في الخارج على الاستثمار في تونس. مؤشرات إيجابية في هذا الإطار، تكشف بيانات مالية أنّ البلاد تمكّنت خلال الثلاثي الأول من 2025، من تعبئة استثمارات خارجية بقيمة 730.8 مليون دينار، مقابل 597.5 مليون دينار، في الفترة ذاتها من 2024، بزيادة بنسبة 26.1% ووفق البيانات نفسها، قدّرت هذه الاستثمارات، بحساب سعر صرف الدينار، ب 231.1 مليون دولار. وحسب بيانات وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، فقد توزعت هذه الاستثمارات إلى 3.6 مليون دينار، استثمارات الحافظة المالية (البورصة)، كما توزعت إلى 727.2 مليون دينار استثمارات أجنبية مباشرة، بزيادة بنسبة 2.6%، مقارنة بالفترة ذاتها من 2024، إذ قدّرت حينها ب 578.9 مليون دينار. وأفصحت معطيات الوكالة أنّ التوزيع القطاعي للاستثمارات الخارجية المباشرة أظهر أنّ قطاع الصناعات المعملية توفق في تعبئة ما قيمته 452.2 مليون دينار، إلى أواخر مارس 2025، مقابل 226.9 مليون دينار، خلال الفترة ذاتها من 2024، أي بتطور قدّرت نسبته ب 72.3%. ولم يتمكّن قطاع الفلاحة من استقطاب سوى 5.2 م د، مقابل حوالي 5 م د في السنة الماضية. وتتوقّع وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي تعبئة استثمارات أجنبية بقيمة 3400 مليون دينار في 2025 على أن تصل إلى مستوى 4000 مليون دينار في أفق 2026. استراتيجية وطنية واعدة تعددت القوانين والبرامج الخاصة بتشجيع الاستثمار في السنوات الأخيرة، غير أنه على أرض الواقع يصطدم المستثمرون بجملة من العراقيل بسبب فرض بعض القطاعات الاستثمارية استثناءات، مما يقيد الاستثمار، ما جعل عديداً من الغرف التجارية المختلطة ومنظمات الأعراف يطالبون السلطات التونسية بوجوب جعل الاستثمار في تونس حراً. ومن هذا المنطلق ترسخ استراتيجية الاستثمار التي تعتمدها حاليا سلطات الاشراف حرية المبادرة في الوجهة التونسية، ولكن لاعتبارات تتعلق بالنظام العام والسيادة يبقى المجال مفتوحاً كما في جميع دول العالم باستثناء بعض الأنشطة من خلال تحديد قائمة سلبية (محدودة) تصدر بمقتضى تراتيب خاصة. وانبنت استراتيجية الاستثمار المعتمدة على ضمانات مهمة للمستثمر الأجنبي في مقدمتها حرية امتلاك العقارات باستثناء الفلاحية، والحق في امتلاك كل الحصص والأسهم (مع احترام الأحكام الخصوصية المتعلقة ببعض الأنشطة) إضافة إلى حرية تحويل الأموال إلى الخارج دون ترخيص مسبق لكل الأموال الراجعة له بعنوان العمليات الجارية أو الأرباح بعد سداد الدفعات المستوجبة لصالح الضريبة أو التأجير.