في إطار مقابلة حصرية مع موقع Tunisienumerique.com، تطرّق النائب الفرنسي أرنو لوغال، المنتخب عن حركة "فرنسا الأبيّة" في الدائرة التاسعة من إقليم فال دواز، إلى جملة من المواضيع التي تتعلّق بالعلاقات الفرنسية-المغاربية، وسياسات الهجرة، والدبلوماسية الفرنسية، وكذلك الوضع المأساوي في فلسطين. وسيتم نشر المقابلة الكاملة على عدّة أجزاء خلال الأيام المقبلة. أرنو لوغال، المعروف بنضاله ضدّ العنصرية واللامساواة والانحرافات الأمنية، يشغل أيضًا منصب كاتب لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية. وقد تميّز خلال السنوات الأخيرة بمواقفه الصريحة والحاسمة تجاه عدد من القضايا الدولية، وعلى رأسها الحرب في غزة. وفي هذا الجزء الأول، تسلط تونس الرقمية الضوء على ردوده بشأن الوضع في فلسطين، ومواقف الحكومة الفرنسية، والإعلان الأخير عن نية الرئيس إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين. س: كانت حركة "فرنسا الأبيّة" وزعيمها جان-لوك ميلانشون من أوائل من اتخذوا موقفًا واضحًا بشأن الحرب على غزة، وإسرائيل، وموقف فرنسا منها. وقد كلّف هذا الموقف بعض نواب الحزب ملاحقات إعلامية وقضائية. اليوم، بدأت الطبقة السياسية والرأي العام في الاستفاقة. كيف تعلّقون على ذلك؟ أرنو لوغال: منذ البداية، أدركنا وقلنا إن قبول خطاب "الحرب على الإرهاب" و"صراع الحضارات" يعني منح نتنياهو شيكًا على بياض. هذه المقاربة، الخاطئة والمضلّلة، فتحت الباب لكل الانتهاكات. لقد كنّا نعلم أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، المدعومة ب"دعم غير مشروط" من العواصم الغربية، ستتمادى أكثر فأكثر في المجازر. وعندما نبّهت جنوب أفريقيا، أولاً، إلى خطر الإبادة الجماعية، اعتبرنا التحذير جديًا للغاية. مع جان-لوك ميلانشون، توجّهنا في وفد رسمي إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. ولم نتوقّف عن مساءلة الحكومة الفرنسية، وعن تعبئة الرأي العام. وللأسف، جاءت تطورات الأحداث لتؤكّد صواب موقفنا. لقد تعرّضنا لهجمات عنيفة للغاية. شنّت ضدّنا حملة تشويه غير مسبوقة، اتُّهمنا فيها بالعداء للسامية، أو بالتطرّف الإسلامي، أو بأي شيء آخر، فقط لأننا نذكّر بحقيقة الاحتلال في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ولأننا نتمسّك بأولوية القانون الدولي. واليوم، للأسف، أثبتت الوقائع صحة تحذيراتنا. الجريمة أصبحت واضحة، والأزمة اتسعت لتشمل المنطقة بأكملها. أولئك الذين رفضوا الفهم قبل أشهر، أو خافوا من الكلام، أو حاولوا الموازنة بين الطرفين، اضطروا لتغيير مواقفهم. أنصار "الدعم غير المشروط" باتوا أقل عددًا وأقل غطرسة. لكن، للأسف، لا تزال الحكومة الفرنسية ترفض اتخاذ أي إجراءات ملموسة لوقف الإبادة الجارية، مثل فرض عقوبات على الحكومة الإسرائيلية. س: أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستعترف بالدولة الفلسطينية. هل تعتبرون هذا القرار كافيًا لتجاوز تردّدات الرئيس السابقة وفكّ الارتباط نهائيًا مع السياسة الدموية لإسرائيل؟ أرنو لوغال: لطالما كان إيمانويل ماكرون متخبّطًا في سياساته الدولية. وكغيره من القادة "الغربيين"، ترك الحرية لنتنياهو، في حين كان بإمكان فرنسا أن تدين بحزم، بل أن تتحرّك لوقف المجازر. لقد ذكرنا مرارًا أن هناك وسائل ضغط متاحة: حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، تعليق الاتفاقات التجارية، وغيرها. ثم، وبعد أن أدرك تغيّر اتجاه الرأي العام، بدأ ماكرون يلمّح، ثم يعلن في النهاية، أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين. إنه قرار نطالب به منذ زمن طويل. فهل يأخذ الرئيس مسافة، بعد عام ونصف من المجازر، من نتنياهو؟ جيد! هل يمنح، تحت الضغط، هذا الاعتراف الرمزي للفلسطينيين؟ جيد! نرحّب بذلك! فهذا يثبت أن النضال السياسي ليس عبثًا، وأن التحركات الشعبية تثمر. لكننا نعرف جيدًا أساليب المناورة لدى ماكرون. لذا، نحن ننتظر لنرى إن كان سيفي بوعده، وفي أي ظروف سيتم الاعتراف. الاعتراف بدولة من دون منحها الوسائل الملموسة للوجود، لا يعني شيئًا. والاعتراف بدولة مع السماح بمواصلة ذبح شعبها، هو قمة النفاق. في جميع الأحوال، هذا الاعتراف، رغم ضرورته، غير كافٍ. يجب اتخاذ إجراءات ملموسة تضمن بقاء الشعب الفلسطيني، وقيام دولة فلسطينية فعّالة. وقبل كل شيء، كما قلت سابقًا: يجب فرض حظر على بيع الأسلحة لإسرائيل، وتعليق الاتفاقات التجارية معها. تعليقات