إنجاز تاريخي أحرز السباح التونسي أحمد الجوادى، البالغ من العمر 20 سنة، ميداليتين ذهبيتين في بطولة العالم للسباحة 2025 التي احتضنتها سنغافورة، وذلك في سباقي 800 متر و1500 متر سباحة حرة، ليُدخل تونس نادي الكبار في عالم الرياضات المائية. و سجّل الجوادى توقيتًا قدره 7 دقائق و 36 ثانية و 88 جزءًا من الثانية في سباق 800 متر، ليحقق بذلك أفضل زمن عالمي في التاريخ باستخدام بدلة قماشية، متفوقًا على البطل الأولمبي أحمد الحفناوي، الذي كان يحتفظ بالرقم القياسي الإفريقي (7 دق 37 ث). و بذلك، يلتحق الجوادى برائد المسافات الطويلة، أسامة الملولي، الذي سبق له أن سجل توقيت 7 دق 35 ث و27 ج في سنة 2009 خلال فترة البدلات التقنية (Supersuits). أداء استثنائي يرمز إلى مرحلة جديدة لم يكتفِ الجوادى بهذا التتويج، بل حصد أيضًا ذهبية سباق 1500 متر سباحة حرة، ليؤكد هيمنته على مسافات التحمل الطويلة. و يُعد هذا التتويج المزدوج الأول من نوعه في تاريخ السباحة التونسية، ويعزز القناعة بأن ما تحققه تونس لم يعد مجرد ومضات فردية، بل بداية لمسار مستدام. فإلى وقت قريب، كان يُنظر إلى أسامة الملولي كاستثناء تونسي، وأسطورة بزغت في ظروف استثنائية. ثم جاءت تتويجات أحمد الحفناوي، البطل الأولمبي في طوكيو 2020، لتُشكّل تأكيدًا لهذا المسار. أما صعود نجم الجوادى اليوم، فيؤذن ببداية عهد جديد، تُثبت فيه تونس قدرتها على صناعة الأبطال، رغم تواضع الإمكانيات والبنية التحتية. ثلاثة تونسيين ضمن أفضل أربعة في التاريخ بفضل هذه الأرقام الاستثنائية، أصبحت تونس تملك ثلاثة سباحين ضمن أفضل أربعة أزمنة في تاريخ سباق 800 متر سباحة حرة : * تشانغ لين (الصين، 7:32.12 – بدلة تقنية، 2009) * أسامة الملولي (تونس، 7:35.27 – بدلة تقنية، 2009) * أحمد الجوادى (تونس، 7:36.88 – بدلة قماشية، 2025) * أحمد الحفناوي (تونس، 7:37.00 – بدلة قماشية، 2023) و يُعدّ هذا الثلاثي التونسي سابقة تاريخية، ويعكس تحوّلًا استراتيجيًا حقيقيًا، قائمًا على الموهبة الخام، وصمود الرياضيين، وثقافة التميّز التي تنتقل من جيل إلى آخر. تونس… دولة سباحة عريقة رغم قلة الإمكانيات رغم النقص الكبير في عدد المسابح الأولمبية، وغياب مراكز وطنية رفيعة المستوى تضاهي تلك الموجودة في الدول الكبرى، تواصل تونس فرض حضورها بفضل الإرادة، وروح المثابرة و كفاءة الإطارات الفنية، سواء تلك المتكوّنة محليًا أو المهاجرة. و يؤكد إنجاز أحمد الجوادى أن تبنّي استراتيجية وطنية طموحة يمكن أن يجعل من تونس قوة ثابتة في سباقات التحمل الطويلة. و الرسالة واضحة : الموهبة التونسية موجودة و كل ما تحتاجه هو بنية تحتية تليق بها. تعليقات