تعيش الساحة الفنية التونسية حالة حداد، بعد أن فقدت اليوم الاثنين 11 أوت 2025 واحدًا من أبرز رموز المسرح والسينما والإبداع الفني، فاضل الجزيري، الذي رحل عن عمر ناهز 77 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض. مخرج ومسرحي وممثل ورؤيوي، ترك فاضل الجزيري وراءه إرثًا فنيًا ضخمًا ساهم في تشكيل المشهد الثقافي التونسي لأكثر من خمسة عقود. وقد عبّر التونسيون، الذين طالما أعجبوا بموهبته وإبداعه اللامحدود، عن تقديرهم ووفائهم لذكرى هذا الفنان الاستثنائي. إرث فني هائل وُلد فاضل الجزيري في تونس سنة 1948، وأسّس في سبعينيات القرن الماضي، إلى جانب فاضل الجعايبي وجليلة بكار، المسرح الجديد الذي شكّل منعطفًا حاسمًا في تاريخ المسرح التونسي. وفي السينما، قدّم أعمالاً بارزة مثل ثلاثون (2008) وكسوف (2016)، وشارك في أفلام أصبحت أيقونات فنية على غرار العرس وعرب. كما كان وراء عروض موسيقية باتت علامات فارقة، أبرزها عرض حضرة، الملحمة الصوفية التي تركت بصمة قوية في مهرجان قرطاج الدولي، وساهمت في حفظ وتثمين التراث الموسيقي التونسي. حلم أخير لم يكتمل أعلن خبر وفاته صديقه المقرّب، فتحي خراط، قائلاً: "للأسف، لم يتمكّن الفنان من رؤية مشروعه الأهم مكتملًا، مركز فنون جربة، الذي رغم أنه لا يزال قيد الإنجاز، فقد أصبح بالفعل مختبرًا للإبداع والابتكار الفني." انطلق العمل على هذا المركز الثقافي سنة 2022 على مساحة 7 آلاف متر مربع، ويضم مسرحًا في الهواء الطلق بسعة 3 آلاف مقعد، وكان من المقرر أن يتحول إلى قطب رئيسي للإبداع الفني في تونس وفضاءً للإشعاع الثقافي على المستوى الدولي. خسارة لتونس إلى جانب أعماله، سيظل فاضل الجزيري حاضرًا في الذاكرة كجسر بين الأصالة والمعاصرة، ورجل جمع بين الموروثات الثقافية التونسية وأشكال التعبير الفني المعاصر. رحيله يترك فراغًا كبيرًا، لكن إرثه سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة من الفنانين وعشاق الثقافة. تعليقات