من برشلونة إلى تونس، استقطبت "أسطول صمود العالمي" (Global Sumud Flotilla – GSF) اهتمام العديد من وسائل الإعلام الدولية، التي وصفت تونس — وعاصمتها بشكل خاص — بأنها نقطة دعم لوجستي ورمزي لهذه المهمة. وقد قُدّم ميناء سيدي بوسعيد كمكان تجمع للطاقم والداعمين قبل استئناف الإبحار نحو غزة. الصحافة الأوروبية: استقبال «حار وشعبي» في أوروبا، أبرزت عدة وسائل إعلام حماسة الاستقبال التونسي لأسطول صمود. وأشارت البرقيات إلى أكثر من ألف شخص حاملين الأعلام الفلسطينية واللافتات، اجتمعوا في أجواء حماسية بسيدي بوسعيد قرب العاصمة لاستقبال القوارب. عناوين صحف مثل: «في تونس، ألف شخص يستقبلون الأسطول المنطلق من برشلونة نحو غزة» ركزت على الحشود المتحمسة والشخصيات المتضامنة الحاضرة. بشكل عام، اعتمدت الصحافة الأوروبية نبرة إيجابية أو وصفية، مسلّطة الضوء على الأجواء الودية وروح التضامن الشعبي. وفي فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة وغيرها، انتشرت على شبكات التواصل صور لتونسيين يغنّون ويرفعون مشاعل دخانية بألوان فلسطين. وقد شارك العديد من الشباب الأوروبيين هذه المقاطع بإعجاب، مشيدين ب«الكرم الاستثنائي» للشعب التونسي. وفي إسبانيا، حيث بدأت رحلة الأسطول، نشرت صفحات ناشطة تسجيلات لجماهير تونسية تهتف «فلسطين حرة!» في أجواء احتفالية. الصحافة الأميركية: صدى رسمي محدود، تغطية بديلة لافتة في الولاياتالمتحدة، بقيت التغطية الإعلامية التقليدية متحفظة. إذ ذكرت كبريات وسائل الإعلام الوطنية الأسطول من زاوية سياسية وإنسانية أساسًا، دون التوقف عند أجواء الاستقبال. غير أنّ الصحافة البديلة تبنّت الموضوع مسلطة الضوء تحديدًا على الطابع الاحتفالي. ونشرت تقارير عن استقبال نحو 350 ناشطًا من قبل جماهير غفيرة، معتبرة الحماس الشعبي التونسي علامة بارزة. وعلى منصات التواصل، عبّر شباب أميركيون ناشطون عن إعجابهم بالتحرك التونسي، ناشرين صورًا لتونسيين يغنون من أجل غزة مع تعليقات مثل: «تونس تقدم المثال للعالم!». الصحافة الكندية: تركيز على المبادرة، والجالية فخورة في كندا، ربطت وسائل الإعلام التقليدية الحدث بمشاركة مواطنين كنديين أو بالجانب الإنساني للمهمة. لكن الصحافة الإلكترونية وشبكات التواصل هي التي أبرزت أكثر الأجواء الإيجابية في تونس. وعبّرت الجالية العربية-المسلمة في كندا عن فخرها برؤية بلد مغاربي يستقبل الأسطول بهذا الشكل. على فيسبوك، تداول شباب من أصول تونسية أو فلسطينية مقاطع تُظهر الجماهير التونسية المبتهجة، مرفقة برسائل شكر وامتنان. الصحافة الأسترالية: تغطية خجولة وإعجاب على الشبكات في أستراليا، لم يتصدر الحدث نشرات الأخبار، لكنه ورد في بعض المراسلات الصحفية. وقد تم الاعتراف بحجم التعبئة الشعبية في تونس، رغم بقاء الموضوع ثانويًا في المشهد الإعلامي المحلي. أما على شبكات التواصل، فقد تصدرت مقاطع الغناء ورفع الأعلام، مع تعليقات من قبيل: «تضامن مدهش في تونس!» و «استقبال التونسيين لأسطول غزة يبعث القشعريرة». الصحافة العربية: حماس واسع وتغطية مؤثرة في المنطقة العربية، جاءت التغطية مكثفة ومؤثرة، حيث بثت كبرى القنوات صور الجماهير المحتشدة في ميناء تونس وهي تردد الأغاني والهتافات المؤيدة لغزة. وسلطت بعض الصحف الضوء على الدور النموذجي للمجتمع المدني التونسي والأجواء الاحتفالية التي أعادت إلى الأذهان الحشود الكبرى لثورات الربيع العربي. وعلى شبكات التواصل، انتشر وسم #شكرا_تونس، حيث عبّر آلاف الشباب العرب عن امتنانهم لتونس على دعمها. الصحافة في العالم الإسلامي: تضامن وفخر جماعي في تركيا وإيران وإندونيسيا وباكستان، ركّزت وسائل الإعلام على البعد التضامني في الاستقبال التونسي. ووُصفت الحشود في ميناء تونس بأنها تجسيد للأخوة الإسلامية. وظهرت تونس كبلد مسلم شجاع يساند «إخوانه في غزة». وعلى إنستغرام، حصدت فيديوهات وصول الأسطول إلى تونس عشرات آلاف التفاعلات والتعليقات بلغات مختلفة، تشيد ب«أصدقائنا التونسيين». الصحافة الإسرائيلية: شكوك وعداء واضح في إسرائيل، ساد خطاب نقدي لاذع. فقد وصفت الصحافة اليمينية الأسطول ب«المهزلة البائسة» واعتبرته أداة دعائية، مهاجمة الاستقبال التونسي. أما الصحف الليبرالية فذكرت الدور اللوجستي لتونس، لكنها ركزت على المخاوف الأمنية بدل الأجواء الشعبية. أغلب الشباب الإسرائيلي أبدى لامبالاة أو عداء، معتبرًا التعبئة التونسية استفزازًا. فيما اكتفت أقلية من نشطاء السلام بالإشادة بالمبادرة الإنسانية. نجاح رمزي لتونس في المحصلة، خرجت تونس رابحة من هذه المحطة على مستوى الصورة والسمعة و«القوة الناعمة» الثقافية. فخلال ثلاثة أيام من التوقف، كانت البلاد في قلب الاهتمام الإعلامي العالمي بصورة إيجابية: صورة التضامن، والضيافة، والسلام. وعلى صعيد الهوية الوطنية، عززت تونس سمعتها كشعب مضياف، ملتزم بالقضايا العادلة وفخور بثقافته الثورية. لقد شكّل توقف الأسطول في تونس مناسبة لإبراز صورة مشرقة للبلاد على الصعيد الدولي: بلد يتألق بإنسانيته وروح استقباله، ما يعزز مكانته وإشعاعه الثقافي عالميًا. تعليقات