يتواصل إضراب طلبة الهندسة المفتوح منذ 6 جانفي 2015 ليشمل حاليا كل المدارس العليا للمهندسين بالجمهورية ليكون بذلك من أشرس الإضرابات الطلابية في تاريخ تونس. ويطالب أبناء الشُعب الهندسية المضربين بتحقيق مطالبهم المتمثلة أساسا في توحيد سبل الدخول لمدارس تكوين المهندسين الخاصة والعمومية من خلال فرض مناظرة وطنية على كل من يرغب في الحصول على شهادة مهندس .. بالإضافة إلى ضرورة رد الإعتبار للمؤسسات التعليمية الوطنية. كما اتّهم الطلبة المضربون الدولة بالسعي تدريجيا إلى خوصصة قطاع الهندسة من خلال فسح المجال شاسعا أمام الجامعات الخاصة التي تقوم بتدريس اختصاص الهندسة دون اعتماد للكفاءة الدراسية ودون إلزام الطلبة بالمشاركة في مناظرة وطنية كما هو معمول به في كليات ومعاهد الهندسة العمومية وهو ما يمكن أن يؤثر سلبا على حقوقهم المستقبلية في الشغل. وحسب ما أوضحه الطلبة المضربون فإن قبول طلبة قطاع الهندسة يتم عن طريق مناظرة يتم بموجبها قبول 90 بالمائة من الطلبة القادمين من المدارس التحضيرية و10 بالمائة من طلبة الاجازة في حين ان الجامعات الخاصة تقوم بقبول ملفات الطلبة بطريقة عشوائية و مناظرات وهمية. وأشار الى أن وزارة التعليم العالي تحاول تهميش المطالب الاساسية للطلبة مفيداً بان لجنة القطاع الهندسي دعت الى استشارة وطنية حول قطاع الهندسة يوم 18 من الشهر الجاري بخصوص محاولة ايجاد حلول للازمة القائمة في القطاع. ويجمع الطلبة على أن الأزمة التي يشهدها قطاع الهندسة بشكل خاص والمنظومة التعليمية في تونس بشكل عام هي بالأساس أزمة سياسة دولة تحاول التقيّد بما يمليه عليها صندوق النقد الدولي لدفعها لخوصصة التعليم ومختلف القطاعات الاقتصادية ورفع الدعم عن المواد الأساسية وتحرير السوق وحصر دور الدولة في مجرد ضمان حريات و حقوق المواطنين دون التدخل فيها. ومن جانب آخر فقد شهدت تونس في السنوات الأخيرة موجة من خوصصة المؤسسات الوطنية و إعطاء كم هائل من الرخص للجامعات الخاصة وعلى راسها الجامعات التي تدرس إختصاص الهندسة وهو ما يثير مخاوف طلبة المعاهد والكليات العمومية من إغراق سوق الشغل بحاملي شهادة مهندس مما سيؤثر سلبا على معدّل الأجور بالنسبة للمهندسين الأمر الذي سيترتب عنه بشكل حتمي تدهور مستوى الجودة والكفاءة في هذا القطاع الحسّاس الذي يشكّل أحد صمامات الأمان لمستقبل البلاد ومصيرها .وفي السياق ذاته يشتكي طلبة الهندسة من ضعف التكوين ونقص التجهيزات والمعدات اللازمة التي تتوفر في الجامعات الخاصة بشكل يرغّب الطلبة في الإلتحاق بها والتنازل عن حقهم في التعليم المجاني. وكما هو معلوم بالنسبة إلى الجميع فقد سارت الدولة التونسية منذ العشرية الأخيرة نحو خوصصة مختلف القطاعات العمومية مقابل دعم القطاعات الخاصة لوجيستيا و جبائياو إعلاميا و إداريا ليصبح المواطن اليوم مضطرا على سبيل المثال للجوء للتعليم الخاص كما أضطر سابقا إلى العلاج في العيادات و المستشفيات الخاصة… وعلى أرض الواقع فقد فشلت محاولات رأب الصدع بين الطرف الطلابي و الطرف الوزاري حيث لم تسفر جلسة المفاوضات التي انعقدت يوم الثلاثاء 10 فيفري 2014 بين الطرفين إلى أية نتائج تذكر حيث تواصلت موجة الإتهامات وتحميل المسؤولية بين الجانبين ففي حين تصر وزارة التعليم العالي على ضرورة تعليق الطلبة لإضرابهم و الإلتحاق بمقاعد الدراسة، يبدي هؤلاء تشبثا مستميتا في تحقيق مطالبهم وعلى رأسها فرض مناظرة وطنية على كل من يرغب في الحصول على شهادة مهندس .. وضرورة رد الإعتبار للمؤسسات التعليمية الوطنية. من جانبها فقد أصدرت النقابة الوطنية للمهندسين التونسيين يوم الثلاثاء 10 فيفري 2015 إعلاما بالإضراب أيام 23 و 24 و 25 فيفري الجاري نظرا لعدم اكتراث الحكومة بالمطالب التي قدمتها النقابة في عديد المناسبات. وبناء على ما تقدم فإن أزمة طلبة الهندسة أصبحت تمثل اليوم ملفا حارقا مطروحا على طاولة شهاب وزير التعليم العالي الجديد، لاسيّما أن الوضع الحالي أصبح يتّسم بجو مشحون وقابل للتصعيد في كل لحظة وهو ما يجعله لا ينتظر التأجيل ويستوجب حلولا جذرية ترضي الجميع..