تواصل الصناعات التقليدية التونسية تأكيد مكانتها كقطاع اقتصادي حيوي، حيث تجاوزت صادراتها حاجز 160 مليون دينار في عام 2024 وفق الإحصائيات الرسمية. هذا الأداء المتميز يعكس القدرات الكامنة للحرفيين التونسيين وإبداعاتهم التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، في وقت تستهدف فيه سلط الاشراف الوصول إلى 500 مليون دينار من عائدات التصدير بحلول 2026. شهدت فترة الرابع إلى الرابع عشر من سبتمبر 2025 حدثاً استثنائياً للصناعات التقليدية التونسية، حيث احتضن معهد العالم العربي بباريس معرض "الصناعات التقليدية التونسية، تراث متحرك" ضمن فعاليات أسبوع باريس للتصميم. ونظمت منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية هذا المعرض من خلال مشروع "تونس المبدعة" بالشراكة مع الديوان الوطني للصناعات التقليدية، ليشكل نافذة دولية للإبداع التونسي المعاصر. كما قدم سبعة مصممين تونسيين مجموعات قيمة تعيد رونق المهارات التراثية في سياق مستحدث. منذ 2019، يعمل مشروع "تونس المبدعة" الذي تنفذه منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية في إطار البرنامج الأوروبي "تونس وجهتنا" على تقريب عالمي التصميم والحرف التقليدية. ويحظى المشروع بدعم الاتحاد الأوروبي في تونس والوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي، ويهدف إلى تعزيز الابتكار مع الحفاظ على المهارات التقليدية. وشارك المشروع في طاولة مستديرة دولية حول الاقتصاد الإبداعي في العالم العربي، مؤكداً أن الحرف التقليدية تمثل محرك ابتكار وتنمية مستدامة. هذا وتعتمد استراتيجية الترويج الدولي للصناعات التقليدية التونسية على محاور متعددة تشمل المشاركة في المعارض العالمية وتطوير المنصات الرقمية ومرافقة الحرفيين لدمجهم في دوائر التوزيع والتجارة الإلكترونية. كما تركز على دعم الابتكار والتصميم المعاصر لربط التقليدي بالحداثة، بينما تسهل مبادرات مثل السوق المتنقل للصناعات التقليدية الوصول إلى الأسواق المحلية والدولية. ويبرز القطاع التونسي للصناعات التقليدية كنموذج يحتذى به في الجمع بين الحفاظ على الهوية الثقافية والتطلع نحو المستقبل، حيث يمتلك الحرفيون التونسيون خبرة في أكثر من مئة حرفة تشمل الفخار والسجاد والجلود والشاشية. هذا التنوع، إلى جانب دور السياحة في التثمين والفرص التي توفرها الخطوط البحرية، يضع القطاع في موقع متميز لتحقيق الأهداف الطموحة المرسومة للسنوات القادمة. يشار الى ان الصناعات التقليدية في تونس تعد من أهم القطاعات المساهمة في التنمية الشاملة للبلاد حيث أنها تلعب دورا فعالا في الدورة التنموية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي , فضلا عن مساهمتها في دعم الهوية الوطنية و الابداع الفني . ويتميز القطاع بنقاط قوة تتمثل خصوصا في ثراء التراث الوطني وتجذر المنتوج في الجهات وتعدد الكفاءات والمهارات وتنوعها مع سهولة الادماج في سوق الشغل بتكلفة متواضعة بالإضافة الى توفر أسواق محلية وسياحية ودولية واعدة . ويشغل قطاع الصناعات التقليدية حوالي 300 ألف حرفي أي ما يمثل حوالي 11% من السكان الناشطين ( 85% منهم نساء) ويساهم بحوالي 4% من الناتج القومي الخام و2,5 % من الصادرات كما يساهم في انشاء 5000 فرصة عمل سنويا . وتضم قائمة أنشطة الصناعات التقليدية عدة حرف تحمل هوية متجذرة ومترسخة في القيم و التقاليد وموجهة نحو الجودة والابتكار لتعطي منتوجات واعمال فنية رائعة. تعليقات