يشهد مسلسل شدّ الحبال بين واشنطنوبكين حول تطبيق تيك توك تطوراً جديداً. فقد أكدت البيت الأبيض، السبت، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الصين بشأن مستقبل التطبيق في الولاياتالمتحدة ينصّ على هيمنة أميركية شبه كاملة على إدارته. وبحسب المتحدثة باسم الحكومة، كارولاين ليفيت، سيشغل الأميركيون ستة من أصل سبعة مقاعد في مجلس الإدارة المكلّف بالإشراف على عمليات تيك توك في أميركا. هيمنة أميركية على المنصة هذا الإعلان يعكس رغبة إدارة الرئيس دونالد ترامب في إخضاع شبكة التواصل الاجتماعي الصينية لرقابة مباشرة، في ظل أجواء من التوتر التجاري وانعدام الثقة الاستراتيجي. صفقة بمليارات الدولارات وراء إعادة هيكلة الحوكمة تكمن أيضاً رهانات مالية ضخمة. فقد كشف وول ستريت جورنال أن الاتفاق يتضمن رسوماً تصل إلى مليارات الدولارات، يدفعها المستثمرون الأميركيون إلى الحكومة الفدرالية مقابل الموافقة على الصفقة. وكان الرئيس ترامب قد أعلن، الثلاثاء الماضي، توصله إلى اتفاق مع بكين لإعادة إطلاق أنشطة تيك توك في الولاياتالمتحدة عبر ائتلاف من المستثمرين الأميركيين. وتشمل الأسماء المطروحة أوراكل وصناديق الاستثمار سيلفر ليك وأندريسن هوروفيتز. موقف بكين فيما تحتفي واشنطن بسيطرتها على زمام الأمور، تبقى بكين متمسكة بموقفها. فقد شددت وزارة التجارة الصينية، في بيان لها، على أن الصين «تحترم إرادة الشركة» و«ترحّب بالمفاوضات التجارية»، شرط أن تتم بما يتماشى مع القوانين وتخدم توازن المصالح. لكن خلف هذه العبارات الدبلوماسية تبقى الأسئلة قائمة: ما حجم الملكية التي ستحتفظ بها الصين في تيك توك؟ وما هامش السيطرة الذي ستقبل بالتنازل عنه؟ والأهم، ما المكاسب السياسية والاقتصادية التي ستجنيها من هذا التفاهم مع واشنطن؟ رهان استراتيجي وجيوسياسي يُعتبر تيك توك، الذي يضم 170 مليون مستخدم في الولاياتالمتحدة، في صلب منافسة اقتصادية كبرى. فبالنسبة لواشنطن، السيطرة على التطبيق لا تعني فقط حماية بياناتها ونفوذها الثقافي، بل أيضاً وضع أسس جديدة لتوازن القوة مع الصين. وتُنظر إلى هذه الصفقة على أنها خطوة أولى نحو تنازلات متبادلة في ملفات حساسة أخرى، من تجارة فول الصويا إلى تنظيم قطاع الطيران. ففي مدريد، كان قد طُرح اتفاق-إطار وُصف بأنه «مفيد للطرفين»، مع تعهّد بكين بدراسة شروط التصدير وحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بتيك توك. في الوقت الراهن، تمضي أكبر قوتين عالميتين بحذر، كل منهما تسعى لحماية مصالحها دون إغلاق الباب أمام تسويات استراتيجية محتملة. تعليقات